نرفعُ أعطر باقات التهنئة والتبريكات إلى مقام سيدنا ومولانا صاحب العصر والزمان ( أرواحنا له الفداء ) والمراجع العظام والأمة الإسلامية بذكرى مولد الإمام أبي محمد الحسن بن علي المجتبى ( عليه السلام ) .
قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم : { وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين } .
في هذه الليلة المباركة ، ليلة النصف من شهر رمضان المبارك ، ليلة ميلاد سيدنا ومولانا أبي محمد الحسن بن علي الزكي ، وليد هذا البيت الطاهر الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، وفي أيام شهر رمضان نجتمع ونحتفل بهذه الذكرى ..... نتبادل التبريكات والتهاني في ولادة هذا الوليد الطاهر المبارك ، الذي كُتب عليه منذ بداية حياته أنْ يكون مظلوماً في حياته ، ومظلوماً بعد وفاته .
فقد ظُلم الإمام الحسن (عليه السلام) بعد الصلح من أتباعه ومواليه حيث يدخل عليه بعض مواليه ، فيقول له : ( السلام عليك يا مذل المؤمنين ) ..... والإمام الحسن (عليه السلام) هو معز المؤمنين وحافظهم ، وضحى بكل وجوده وحياته من أجل الإسلام والمسلمين .
ثم نجد مظلوميته (عليه السلام) بعد وفاته ; فعندما يذهب الزائر في أيام الحج ويقف على قبره (عليه السلام) يتقطع قلبه ، وتأخذه العَبْرة بمجرد مشاهدة المنظر الذي يراه من خلال هذه الأحجار المتناثرة ، وكأنّه كُتب على هذا الوليد أنْ يكون مظلوماً منذ بداية حياته ، فلنرَ بأي شيء كانت ظلامته ؟
في الواقع لا يوجد هناك أي تفسير لظلامة الإمام الحسن (عليه السلام) إلاّ قضية الإسلام ، فالإمام الحسن (عليه السلام) عاش من أجل قضية واحدة ، وهي قضية الإسلام والدفاع عنه وعن هذه الجماعة الصالحة المتمثلة بشيعة أهل البيت (عليهم السلام) .
فقد جاء الإمام الحسن (عليه السلام) إلى الحكم في وضع سياسي مختلف ، لأنّ أصحابه كانوا ينقسمون ـ كما يذكر التأريخ ـ إلى أربعة أقسام رئيسية وأساسية ، وهي :
القسم الأوّل : وهم أولئك الموالين الخُلّص ، أمثال حجر بن عدي وقيس بن سعد بن عبادة وسليمان بن صرد الخزاعي .
القسم الثاني : وهو ما يعبر عنه في التأريخ بالمحكّمة ، أي أولئك الذين قبلوا بالتحكيم ورضوا به ، أمثال أبي موسى الأشعري .
القسم الثالث : وهم الخوارج الذين رفضوا التحكيم ، ووقفوا منه موقفاً مضاداً ، لا من أول الأمر وإنّما بعد التحكيم .
القسم الرابع : وهم القسم الأعظم من هؤلاء الناس ، وهم الرعاع من الناس الذين كانوا يشتركون في العمليات الحربية ويستهدفون من وراء ذلك الغنائم .
ولو كان الإمام الحسن (عليه السلام) يفكر من موقع ذاتي وشخصي ، أو يفتش عن شؤونه وأوضاعه الخاصة ووجاهته لكان من المفروض أنْ يمتنع عن استلام الخلافة ، عندما تسير الخلافة إلى هذا المصير ، وهذا واضح من خلال رؤيته لمجمل الأوضاع التي كان يعيشها الناس، ولكن مع ذلك قال الإمام الحسن (عليه السلام) : إنّه يجب أنْ نقاتل معاوية .
وكان (عليه السلام) يسمع الهمس الذي يدور حوله من كل مكان ، همس أولئك الذين هم على استعداد لأنْ يسلموه لمعاوية حتى من الأشخاص القريبين من موقع الإمام الحسن (عليه السلام) ، والذين كانوا مسؤولين عن حمايته وحراسته .
ومع ذلك خطب الإمام الحسن (عليه السلام) في الأنبار وتحدث مع الناس ، وحاول أنْ يجربهم فكانت التجربة مأساوية قاسية ، لأنّه بعد الخطاب بلا فاصل هجم الناس على الإمام الحسن (عليه السلام) وسحبوا البساط من تحته ، ونزعوا رداءه وحاولوا أنْ يسلبوا سلاحه .
وقد اختار الإمام الحسن (عليه السلام) عبيد الله بن العباس قائداً للجيش لأنه إنسان له موقع وشرف ، وكان والياً لأمير المؤمنين (عليه السلام) في اليمن ، وإذا بعبيد الله بن عباس يقبض مبلغاً كبيراً من المال ويتسلل ليلاً إلى معاوية ، ويصبح الجيش يريد أنْ يصلي صلاة الصبح ، فلا يجدوا القائد الذي يصلي بهم .
لقد كانت الأوضاع السياسية تجري بهذا الشكل ، والإمام الحسن (عليه السلام) كان يعرفها ، ووجد أمامه خيارين ، فإما أنْ يختار الاستمرار في القتال ، أو يختار الهدنة ، ولو اختار الخيار الأول ( القتال ) فسوف ينتج له عن ذلك أمران :
الأوّل : أنْ يُقتل كل أصحاب الإمام علي (عليه السلام) ، فهؤلاء يُبادون ويُقتلون قتلا عاماً ، بحجة أنّ هؤلاء خالفوا التحكيم ، وهم قتلة عثمان ، وهم متمردون عصاة بغاة ، إلى غير ذلك من العناوين التي يمكن أنْ يتحجج بها معاوية ، وبذلك تُباد هذه الجماعة الصالحة بكاملها .
الثاني : وهو أنْ يؤسر الإمام الحسن (عليه السلام) ، فإما أنْ يقتل هو وأهل بيته (عليهم السلام) ، أو يقول له معاوية : اذهب فأنت طليق ، وتبقى هذه القضية في مقابل قضية مكة ، فعندما دخل النبي (صلى الله عليه وآله) لفتحها قال للمشركين الذين قاتلوا : ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) ، ومنهم معاوية ، وبالتالي يقول معاوية : هذه واحدة بواحدة ، وتصبح القضية وكأنّها قضية عداوة قبلية ، وتختم الرسالة ، ويتحول الإسلام إلى ملك عضوض ، فلا توجد هناك مفاهيم وعقائد وأفكار .
والإمام الحسن (عليه السلام) واجه هذا الخيار وخيار الهدنة فاختار الهدنة ، وبذلك حفظ هذه الجماعة الصالحة .
أيها الأُخوة الأعزاء ، أيها المؤمنون ، إنّ حفظ جماعة أهل البيت (عليه السلام) ، وحفظ شأنها وكرامتها وعزتها ، مسؤولية عظيمة وكبيرة جاهد الأئمة (عليهم السلام) وبذلوا أنفسهم من أجلها ...... فقضية جماعة أهل البيت (عليهم السلام) ليست قضية بسيطة ، لأنّ هذه الجماعة هي المسؤولة عن الإسلام في هذا العصر ، وفي كل العصور ، فهي التي تتحمل الأمانة ، فالعالم الإسلامي الآن يوجه أنظاره إلى أتباع أهل البيت (عليهم السلام) ، ويرى أنّهم هم الذين يقودون مسيرة الإسلام ، ويقودون معركة الدفاع عن الإسلام .
وقد جاء على لسان الإمام الحسن (عليه السلام) أنّ كل هذا الذل والسب والشتم الذي كان يسمعه طيلة السنوات التسع ، التي عاشها تحت منبر معاوية إنّما هو من أجل أنْ يحفظ هذه الجماعة من الإبادة والقتل .
وعلى هذا لابد أنْ نشكر هذه الجهود الجبارة التي قام بها أهل البيت (عليهم السلام) ، وذلك عن طريق تآلف قلوبنا ، وأنْ يحب بعضنا البعض الآخر ويصفح عنه ، ويتنازل بعضنا للبعض الآخر ، كما تنازل الإمام الحسن (عليهم السلام) عن كل هذا الوجود الكبير من أجل هذه الجماعة .
نرجو من الله أنْ يوفقنا لهذا الدعاء : ( اللهم إني أغفر لكل مؤمن ) هذا المحب لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) ولأمير المؤمنين وللأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ..... نسأل الله أنْ يوحد كلمتنا ، وأنْ يوحد صفوفنا وأنْ يجمع هذه الكلمة والصفوف على حبل الله ، وعلى الاعتصام به .
نسأل الله أنْ يبارك لكم في هذا الشهر الشريف ، وأنْ يوفقكم للدعاء والتوبة والإنابة والمغفرة ، وأنْ يتقبل منكم ذلك ، كما أسأل الله سبحانه وتعالى أنْ يتقبل من إخواننا المؤمنين عملهم ويؤجرهم على ذلك ، وأنْ يبارك في أعمالهم .
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .
قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم : { وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين } .
في هذه الليلة المباركة ، ليلة النصف من شهر رمضان المبارك ، ليلة ميلاد سيدنا ومولانا أبي محمد الحسن بن علي الزكي ، وليد هذا البيت الطاهر الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، وفي أيام شهر رمضان نجتمع ونحتفل بهذه الذكرى ..... نتبادل التبريكات والتهاني في ولادة هذا الوليد الطاهر المبارك ، الذي كُتب عليه منذ بداية حياته أنْ يكون مظلوماً في حياته ، ومظلوماً بعد وفاته .
فقد ظُلم الإمام الحسن (عليه السلام) بعد الصلح من أتباعه ومواليه حيث يدخل عليه بعض مواليه ، فيقول له : ( السلام عليك يا مذل المؤمنين ) ..... والإمام الحسن (عليه السلام) هو معز المؤمنين وحافظهم ، وضحى بكل وجوده وحياته من أجل الإسلام والمسلمين .
ثم نجد مظلوميته (عليه السلام) بعد وفاته ; فعندما يذهب الزائر في أيام الحج ويقف على قبره (عليه السلام) يتقطع قلبه ، وتأخذه العَبْرة بمجرد مشاهدة المنظر الذي يراه من خلال هذه الأحجار المتناثرة ، وكأنّه كُتب على هذا الوليد أنْ يكون مظلوماً منذ بداية حياته ، فلنرَ بأي شيء كانت ظلامته ؟
في الواقع لا يوجد هناك أي تفسير لظلامة الإمام الحسن (عليه السلام) إلاّ قضية الإسلام ، فالإمام الحسن (عليه السلام) عاش من أجل قضية واحدة ، وهي قضية الإسلام والدفاع عنه وعن هذه الجماعة الصالحة المتمثلة بشيعة أهل البيت (عليهم السلام) .
فقد جاء الإمام الحسن (عليه السلام) إلى الحكم في وضع سياسي مختلف ، لأنّ أصحابه كانوا ينقسمون ـ كما يذكر التأريخ ـ إلى أربعة أقسام رئيسية وأساسية ، وهي :
القسم الأوّل : وهم أولئك الموالين الخُلّص ، أمثال حجر بن عدي وقيس بن سعد بن عبادة وسليمان بن صرد الخزاعي .
القسم الثاني : وهو ما يعبر عنه في التأريخ بالمحكّمة ، أي أولئك الذين قبلوا بالتحكيم ورضوا به ، أمثال أبي موسى الأشعري .
القسم الثالث : وهم الخوارج الذين رفضوا التحكيم ، ووقفوا منه موقفاً مضاداً ، لا من أول الأمر وإنّما بعد التحكيم .
القسم الرابع : وهم القسم الأعظم من هؤلاء الناس ، وهم الرعاع من الناس الذين كانوا يشتركون في العمليات الحربية ويستهدفون من وراء ذلك الغنائم .
ولو كان الإمام الحسن (عليه السلام) يفكر من موقع ذاتي وشخصي ، أو يفتش عن شؤونه وأوضاعه الخاصة ووجاهته لكان من المفروض أنْ يمتنع عن استلام الخلافة ، عندما تسير الخلافة إلى هذا المصير ، وهذا واضح من خلال رؤيته لمجمل الأوضاع التي كان يعيشها الناس، ولكن مع ذلك قال الإمام الحسن (عليه السلام) : إنّه يجب أنْ نقاتل معاوية .
وكان (عليه السلام) يسمع الهمس الذي يدور حوله من كل مكان ، همس أولئك الذين هم على استعداد لأنْ يسلموه لمعاوية حتى من الأشخاص القريبين من موقع الإمام الحسن (عليه السلام) ، والذين كانوا مسؤولين عن حمايته وحراسته .
ومع ذلك خطب الإمام الحسن (عليه السلام) في الأنبار وتحدث مع الناس ، وحاول أنْ يجربهم فكانت التجربة مأساوية قاسية ، لأنّه بعد الخطاب بلا فاصل هجم الناس على الإمام الحسن (عليه السلام) وسحبوا البساط من تحته ، ونزعوا رداءه وحاولوا أنْ يسلبوا سلاحه .
وقد اختار الإمام الحسن (عليه السلام) عبيد الله بن العباس قائداً للجيش لأنه إنسان له موقع وشرف ، وكان والياً لأمير المؤمنين (عليه السلام) في اليمن ، وإذا بعبيد الله بن عباس يقبض مبلغاً كبيراً من المال ويتسلل ليلاً إلى معاوية ، ويصبح الجيش يريد أنْ يصلي صلاة الصبح ، فلا يجدوا القائد الذي يصلي بهم .
لقد كانت الأوضاع السياسية تجري بهذا الشكل ، والإمام الحسن (عليه السلام) كان يعرفها ، ووجد أمامه خيارين ، فإما أنْ يختار الاستمرار في القتال ، أو يختار الهدنة ، ولو اختار الخيار الأول ( القتال ) فسوف ينتج له عن ذلك أمران :
الأوّل : أنْ يُقتل كل أصحاب الإمام علي (عليه السلام) ، فهؤلاء يُبادون ويُقتلون قتلا عاماً ، بحجة أنّ هؤلاء خالفوا التحكيم ، وهم قتلة عثمان ، وهم متمردون عصاة بغاة ، إلى غير ذلك من العناوين التي يمكن أنْ يتحجج بها معاوية ، وبذلك تُباد هذه الجماعة الصالحة بكاملها .
الثاني : وهو أنْ يؤسر الإمام الحسن (عليه السلام) ، فإما أنْ يقتل هو وأهل بيته (عليهم السلام) ، أو يقول له معاوية : اذهب فأنت طليق ، وتبقى هذه القضية في مقابل قضية مكة ، فعندما دخل النبي (صلى الله عليه وآله) لفتحها قال للمشركين الذين قاتلوا : ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) ، ومنهم معاوية ، وبالتالي يقول معاوية : هذه واحدة بواحدة ، وتصبح القضية وكأنّها قضية عداوة قبلية ، وتختم الرسالة ، ويتحول الإسلام إلى ملك عضوض ، فلا توجد هناك مفاهيم وعقائد وأفكار .
والإمام الحسن (عليه السلام) واجه هذا الخيار وخيار الهدنة فاختار الهدنة ، وبذلك حفظ هذه الجماعة الصالحة .
أيها الأُخوة الأعزاء ، أيها المؤمنون ، إنّ حفظ جماعة أهل البيت (عليه السلام) ، وحفظ شأنها وكرامتها وعزتها ، مسؤولية عظيمة وكبيرة جاهد الأئمة (عليهم السلام) وبذلوا أنفسهم من أجلها ...... فقضية جماعة أهل البيت (عليهم السلام) ليست قضية بسيطة ، لأنّ هذه الجماعة هي المسؤولة عن الإسلام في هذا العصر ، وفي كل العصور ، فهي التي تتحمل الأمانة ، فالعالم الإسلامي الآن يوجه أنظاره إلى أتباع أهل البيت (عليهم السلام) ، ويرى أنّهم هم الذين يقودون مسيرة الإسلام ، ويقودون معركة الدفاع عن الإسلام .
وقد جاء على لسان الإمام الحسن (عليه السلام) أنّ كل هذا الذل والسب والشتم الذي كان يسمعه طيلة السنوات التسع ، التي عاشها تحت منبر معاوية إنّما هو من أجل أنْ يحفظ هذه الجماعة من الإبادة والقتل .
وعلى هذا لابد أنْ نشكر هذه الجهود الجبارة التي قام بها أهل البيت (عليهم السلام) ، وذلك عن طريق تآلف قلوبنا ، وأنْ يحب بعضنا البعض الآخر ويصفح عنه ، ويتنازل بعضنا للبعض الآخر ، كما تنازل الإمام الحسن (عليهم السلام) عن كل هذا الوجود الكبير من أجل هذه الجماعة .
نرجو من الله أنْ يوفقنا لهذا الدعاء : ( اللهم إني أغفر لكل مؤمن ) هذا المحب لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) ولأمير المؤمنين وللأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ..... نسأل الله أنْ يوحد كلمتنا ، وأنْ يوحد صفوفنا وأنْ يجمع هذه الكلمة والصفوف على حبل الله ، وعلى الاعتصام به .
نسأل الله أنْ يبارك لكم في هذا الشهر الشريف ، وأنْ يوفقكم للدعاء والتوبة والإنابة والمغفرة ، وأنْ يتقبل منكم ذلك ، كما أسأل الله سبحانه وتعالى أنْ يتقبل من إخواننا المؤمنين عملهم ويؤجرهم على ذلك ، وأنْ يبارك في أعمالهم .
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .
تعليق