إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كل شيء في هذا الكون يدل على وجود الله تعالى ؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كل شيء في هذا الكون يدل على وجود الله تعالى ؟

    كل شيء في هذا الكون يدل على وجود الله تعالى
    كل شيء في هذا الكون يدل على وجود الله تعالى ، فما تحركه الفطرة في النفوس من الشعور بالحاجة إلى إله عظيم يفزع إليه عند الشدائد ، وما نبصره في أنفسنا وفي الكون حولنا من عجائب الخلق التي بلغت الغاية في الإتقان والتدبير ، وتلك الآيات الباهرة والمعجزات الخارقة التي جاء بها الأنبياء ( عليهم الصلاة والسلام ) ، والكلمة التي أطبق عليها المؤرخون والرحالون عبر التاريخ من اشتراك جميع الأمم والحضارات في ظاهرة العبودية لله جل جلاله ، والبراهين العقلية والمقاييس المنطقية كدليل التغير والسببية ، أفلا يدل كل هذا على وجود الله تعالى ؟!!
    ما من مولود يولد في هذه الحياة إلا وقد غرست في نفسه غريزة الإيمان بوجود الله تعالى، إنه شعور يجده الإنسان في نفسه مهما تغير عليه قلبه .
    فاحتياج النفس إلى إله مدبر تركن إليه وترفع حاجاتها ، والتجاؤها بغير إرادتها إلى إله تفزع إليه عند الشدائد والكرب فيكشفها ، وبروز ظاهرة التدين عبر التاريخ في الأمم الغوابر واللواحق ، وتلك الأسئلة التي تحيك في النفس البشرية خيوطَ الحيرة والاستفهام حول الوجود : هدفه ، غايته ، نهايته ، وقوافل المؤمنين بالله تعالى التي تنبئ عن غريزة كامنة باقية في كل نفس بشرية ، كلها علامات تدل على فطرية المعرفة بالله جل جلاله ، ولو كابر الملحدون ، وأنكر الجاحدون .
    والمراد بقولنا : إن معرفة الله فطرية أن كل إنسان يولد على صفة تقتضي إقراره بأن له خالقاً مدبراً ، وتستوجب معرفته إياه ، وهذه الصفة ذاتها هي القوة المغروزة في الإنسان التي تقتضي اعتقاده للحق دون الباطل ، وإرادته للنافع دون الضار ، وإذا كان قد علم بالبراهين اليقينية القاطعة فإنه يتعين بذلك أن يكون في الفطرة ما يقتضي معرفة الصانع والإيمان به .
    فالفطرة هي الخلقة التي خلق الله عباده عليها وجعلهم مفطورين عليها ، وعلى محبة الخير وإيثاره وكراهية الشر ودفعه ، وجعلهم حنفاء مستعدين لقبول الخير والإخلاص لله والتقرب إليه ، وهي من اوضح الأدلة على وجود الله تعالى وأظهرها .
    إن أول شعور يشرق في أعماق الإنسان إذا تأمل في نفسه وفي الكون من حوله شعوره بوجود قوة كبرى مهيمنة على الكون تمنحه التدبير والتنظيم ، وتتصرف فيه بالحياة والموت والبناء والفناء والتغير والتطور والحركة والسكون وجميع أنواع التغيرات الحكيمة التي تجري فيه ، إن الإنسان ليشعر بهذه الحقيقة ويؤمن بها إيماناً عميقاً سواء استطاع أن يقيم الدليل البرهاني على صدق هذا الشعور الفطري أو لم يستطع .
    ومن هذه الإحساسات الفطرية الصادقة فينا إحساس الإنسان بوجود الخالق ، وتلهفه دائماً لمعونته وإمداداته ، وشعوره بحاجة هذا الكون الكبير في نظامه وإتقانه إلى قدرة قادر ، وعلم عالم ، وحكمة حكيم ... إنه شعور مشترك بين جميع الناس مغروس في النفوس ، يقوم في نفس الطفل الصغير ، والإنسان البدائي والإنسان المتحضر ، والجاهل والعالم والباحث والفيلسوف ، كل هؤلاء يشعرون بشعور مشترك لا يستطيعون دفعه عن أنفسهم ، إنه الشعور الفطري بوجود الخالق المدبر لهذا الكون ...
    ومن هنا كان أظهر الأدلة الضرورية على وجود الله هو دلالة الفطرة ، ودليل الفطرة راسخ في نفوس البشر إلا ما غير منها ، والدليل إذا كان راسخاً في النفس يكون قوياً لا يحتاج الشخص معه إلى استدلال ، ولهذا فهو أصل لكل الأدلة الأخرى الدالة على الإقرار بوجود الخالق تعالى .
    ومن أوجه دلالة الفطرة على وجود الله تعالى :
    1-الافتقار الذاتي ( احتياج النفس إلى قوة مدبرة ) :
    لا ريب أن كل إنسان يشعر في قرارة نفسه بافتقار وحاجة إلى إله قادر مدبر ، يرفع إليه حاجاته ، ويسند إليه أموره ، وهذا الشعور ناشئ عن النقص والعجز الذاتي في أنفسنا ، والعاجز يفتقر أبداً إلى من يعينه ، والناقص دائماً يحتاج إلى من يكمله .

    2- الالتجاء إلى الله عند الشدائد وإجابة المضطر :
    من أوضح الأدلة على فطرية : المعرفة بالله عز وجل والإيمان بوجوده ذلك الدافع القوي الذي يُلجئ الإنسان عند المصائب والمخاطر إلى نداء الله تعالى ، والاستغاثة به كائناً من كان ذلك الإنسان مؤمناً أو غير مؤمن .
    ففي الشدة تبدو فطرة الناس جميعاً كما هي في أصلها الذي خلقها الله عليه ، وعندما تمر المحنة وتأتي العافية والنعمة يعودون إلى مخالفة فطرتهم من جديد ، ويندر أن لا يذكر إنسان أمثلة من حياته عاش فيها هذا المعنى .
    وقد كرر الله تعالى هذا المعنى كثيراً في كتابه الكريم ، ومن ذلك :
    أ- قوله تعالى : (( وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِى ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّـٰكُمْ إِلَى ٱلْبَرّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ ٱلإِنْسَـانُ كَفُورًا )) .
    ب- قوله تعالى : (( وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرّ مَّسَّهُ )) .
    إن الإنسان إذا وقع في محنة شديدة لا يبقى في ظنه رجاء المعاونة من أحد ، فهو بأصل خلقته يتضرع إلى من يخلصه منها ، وما ذاك إلا شهادة الفطرة بالافتقار إلى الصانع المدبر .
    وقد جرت سنة الله تعالى أن يجيب دعوة المضطر إذا شاء ، كائناً من كان حتى لو كان كافراً ما دام قد توجه لله تعالى ، لذلك فإن ظاهرة الاستجابة ظاهرة تتجدد دائماً كلما توفرت شروطها ، وهي تدل بشكل قطعي على وجود ذات عليا ، تسمع نداء المنادين وتوسلات المتوسلين ، قال الله تعالى : (( أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوء )) .
    فحصول إجابة دعوة المضطر وكشف الكرب عنه بعد رفع يديه إلى السماء واستغاثته بخالقه من أعظم الأدلة على وجود رب قادر ، فإن اقتران الإجابة بالدعاء وحصول عين المدعو به دليل فطري عقلي حسي صريح على وجود السميع المجيب القادر، ولا يعترض على ذلك بعدم حصول الإجابة في بعض الحالات، فإنه ليس من شرط صحة هذا الدليل اطراد الإجابة في كل حالة استغاثة ، فإنه قد توجد موانع تمنع من الإجابة في بعض الحالات، كما أن الحكمة الإلهية قد تقتضي أحياناً عدم الإجابة العاجلة .
    3- ظاهرة العبودية والتدين عبر تاريخ البشر :
    لاحظ الباحثون في تاريخ الأديان ونشأتها أن الأمم جميعاً لا تخلو في تاريخها من نزعة فطرية إلى التدين والاتجاه بالعبادة إلى قوة كبرى ، وقد يظهر هذا في أمة كاملة أو جماعات أو أفراد منها ، هذه الفطرة هي التي تفسر تلك الظاهرة من اتخاذ معبودات تتجه إليها وتقدسها ، وترفع إليه حاجاتها ، وتستعين بها في شدائدها ، وتستنصر بها عند الحروب .
    وقد يقال هنا: لو كان التوجه إلى الله أمراً فطرياً لما عبد الناس في مختلف العصور آلهة شتى ، والجواب : أن الفطرة تدعو المرء إلى الاتجاه إلى الخالق ، لكن الإنسان تحيط به عوامل كثيرة تجعله ينحرف حينما يتجه إلى المعبود الحق ، ومن ذلك ما قد يغرسه الآباء في نفوس الأبناء ، وما قد يلقيه الكتاب والمعلمون والباحثون في أفكار الناشئة ، فإنه يبدل هذه الفطرة ويغيرها ويلقي عليها غشاوة فلا تتجه إلى الحقيقة .

    4- التساؤلات الفطرية عن الوجود :
    هناك ثلاثة أسئلة تلح على الإنسان في داخله لا يستطيع دفعها :
    الأول : من الذي أوجدني من العدم بعد أن لم أك شيئاً ؟
    الثاني : لماذا وجدت، وما غايتي في الوجود ؟
    الثالث : أين المصير بعد الموت ؟
    أسئلة ثلاثة تلازم الإنسان طيلة حياته تدل على وجود فطرة كافية في النفوس تبرز هذه الأسئلة عن الإله والوجود ، وهذه الأسئلة تنبعث مباشرة بعد اكتساب اللغة في أول سن التمييز ، وتشتد وتلح على الذهن طلباً للإجابة في فترة المراهقة ومناهزة الاحتلام ، أي قبيل جريان القلم ، وبدء سن التكليف ، فما الدافع والباعث لهذه الأسئلة عند كل العقلاء ؟ إنها الفطرة .

    5-ظاهرة الاستجابة للهداية :
    ظاهرة يشهدها الناس في كل عصر ومصر ، إنها ظاهرة الاستجابة لداعي الإيمان .
    قد يبدأ الإنسان حياته بمناصرة الباطل ، لكن فطرته لا تلبث أن تتمرد عليه ، وتتيقظ لمقاومة ما غشيها من هذا الباطل ، ولهذا نرى ظاهرة الاهتداء في صفوف عدد من الناس ممن لا يتوقع من أمثالهم سلوك طريق الهداية .
    إنه الاستعداد الفطري المركوز في كل نفس للاهتداء إلى طريق الحق ، وهذا الاستعداد قائم في مختلف مراحل العمر ، مهما كان الباطل الذي غير الفطرة ، كفراً أو بدعة أو معصية .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X