بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
قال تعالى: ((إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ))
وقوله تعالى: ((إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ))
هناك من الأوقات خصّها الله تبارك وتعالى ليتوجه اليه العباد في الطاعة..
فتكون هذه الأوقات تتصف بصفات وميزات تختلف عن غيرها من الأوقات، لذا ترى العباد في هذه الأوقات يجدّوا ويجتهدوا لينالوا رضا الرحمن، فتراهم يتوسلوا ويستغفروا حتى يصلوا الى حدّ الذوبان في الطاعة..
ومن هذه الأوقات وأشرفها هو شهر رمضان من بين الشهور ويوم الجمعة من بين الأيام وليلة القدر من بين الليالي..
وتتجلّى عظمة هذه الليلة من انّها أنزل فيها القرآن فقد قال تعالى: ((إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ))، وأنّ فيها يقدر للعباد كل شئ فقال تعالى: ((فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ* أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ))، وقوله تعالى: ((تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ))..
فيعمد العبد أن يعدّ العدّة كمن سيلاقي ربّه في هذه الليلة، فتجده يسهر هذه الليلة ويبحث عن مختلف العبادات النافعة والناجعة ليمارسها ليصل الى مبتغاه من غفران الذنوب أو الوصول الى الدرجات العلى، فقد ورد عن الامام الباقر عليه السلام: ((من وافق ليلة القدر فاقامها غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر))..
فهذه الليلة الشريفة هي عهد بين العبد وربّه فلا يغفلنّ أحد عن هذه الليلة..
ولا يجد العقل بدّاً من أن يرجعه الله تعالى خائباً إذا ما وجد الله تبارك وتعالى النية الصادقة (فهو أكرم الأكرمين)..
ولعظم هذه الليلة فقد أخفاها سبحانه وتعالى ليرى النيّة الصادقة عند عبده، وما أيسر ذلك على الانسان أن يطلب هذه الليلة في العشر الأواخر إذا ما أراد الغفران والرضوان (لعلنا نصيب ليلة القدر ونكون من المحظوظين)..
فقد ورد في الحديث أن النبي صلّى الله عليه وآله قال: ((التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، يعني ليلة القدر))
وإنّه صلّى الله عليه وآله كان إذا دخل العشر الأواخر من شهر رمضان شمر، وشد المئزر، وبرز من بيته، واعتكف، وأحيا الليل كله، وكان يغتسل كل ليلة منه بين العشاءين..
فاذا كان هذا حال الرسول الأعظم وما له من الدرجة عند ربّه (فكان قاب قوسين أو أدنى)، فكيف يجب أن نكون؟؟
لنتوجه أخواني وأخواتي في هذه الليلة المباركة بنية صادقة وأعمال خالصة الى بارئنا ونتوب اليه ونسلم أمرنا له علّنا نحظى بالقبول عنده (وما خاب من رجا)...
تعليق