ولعل هذا البعد ناتج عن البعدين السابقين «الفقهي والعقائدي» فبعد أن يتحقق البعدان السابقان ينتج هذا البعد النفسي والعاطفي كنتيجة طبيعية لهما، ومعنى هذا البعد هو الشعور بالمحبة والارتباط الوثيق بيننا وبين الإمام الحسين، وفي الحقيقة هذا الشعور الناتج إنما هو من معطيات الزيارة المتكررة وهو أمر فطري إذ أن الإنسان عندما يقوم بزيارة أخيه المؤمن ويكرر هذه الزيارة من الطبيعي أن يتولد بينهما الارتباط الشديد والمحبة..
إذن: عندما ترد روايات كثيرة تؤكد وتحث على كثرة زيارة الإمام الحسين فإنها تهدف إلى إيجاد هذه الحالة من الارتباط الوثيق والمحبة الشديدة للإمام الحسين، بحيث تعتبر هذه الزيارة بمثابة المشاركة للإمام الحسين فيما حصل في واقعة الطف الأليمة من قتل وتشريد وحصار وغير ذلك فحينئذ يحصل الزائر على الثواب الذي حصلت عليه تلك الصفوة الطاهرة التي انتخبها الله سبحانه وتعالى لنصرة سيد الشهداء الإمام الحسين، فهذا الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري رضوان الله تعالى عليه يحدث عطية العوفي عندما زار قبر الإمام الحسين في أربعينيته وقبور أهل بيته وأصحابه قال: والذي بعث محمدا بالحق نبيا لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه، قال له عطية: فقلت له: يا جابر فكيف ولم تهبط واديا ولم تعل جبلا ولم تضرب بسيف والقوم قد فرق بين رؤوسهم وأبدانهم وأوتمت أولادهم وأرملت أزواجهم فقال لي: يا عطية سمعت حبيبي رسول الله يقول: «من أحب قوما حشر معهم ومن أحب عمل قوم أشرك في عملهم» والذي بعث محمدا بالحق نبيا أن نيتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسين وأصحابه.
إذن: هذا الارتباط والمحبة وهذا التسليم المطلق بقسميه الذين أشرنا إليهما في الحقيقة مشاركة في الأجر والثواب الذي حصل عليه أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دونه.