بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين .
عن يعلى بن مرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( حسين مني و أنا من حسين أحب الله من أحب حسينا حسين سبط من الأسباط ) [1]
الإمام يؤلف الأمة بعد شهادته
هذا الحديث الذي تلقته الأمة الإسلامية بالقبول ورواه علماء السنة وتبعهم علماء الشيعة على ذلك جدير أن يجمع كلمتهم ويوحد صفوفهم وأن يكون الإمام الحسين عليه السلام عامل وحدة بعد شهادته كما كان عامل عزة وكرامة لهم في حياته .
إن أكثر روايات فضائل أهل البيت عليهم السلام قد رواها علماء السنة قبل علماء الشيعة فإن من يلقي نظرة على كتب الفضائل يجد ذلك جلياً وبالأخص فضائل الإمام الحسين عليه السلام على لسان جده الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وإخباره به بشهادته وما يجري عليه من مجرمي الأمة والمآتم التي أقيمت له قبل شهادته كما نقل ذلك العلامة الأميني في كتاب ( سيرتنا وسنتنا سيرة نبينا وسنته ) ومن تلك الأحاديث الحديث الذي أشتهر على الألسن وقد بأنا حديثنا به فقد رواه :
1-البخاري المتوفى 256 هـ في الأدب المفرد ص 133 رقم 366 ، والتاريخ الكبير ج 8 ص 288 رقم 3536 في ترجمة يعلى . بسندين صحح أحدهما .
2-أحمد بن حنبل المتوفى 241 هـ في مسنده ج 13 ص 416 حديث 17491 عن عفان عن وُهَيْب عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم عن سعيد بن أبي راشد عن يعلى العامري ..... وعلق المحقق في الهامش عليه بقوله : سنده حسن . وفي فضائل الصحابة له ج 2 ص 772 ح 1361 بعين السند المتقدم وعلق عليه المحقق بقوله إسناده حسن .
3- أبو بكر ابن أبي شيبة الكوفي المتوفى 235 هـ في المصنف ج 6 ص 300 ح 32196 . بعين السند الذي نقله أحمد بن حنبل .
4-الترمذي المتوفى 279 هـ في سننه ج 5 ص 617 حديث 3775 . وقال هذا حديث حسن .
5-ابن ماجه المتوفى 275 هـ في سننه ج 1 ص 51 حديث 144 .
6-ابن حِبان المتوفى 354 هـ في صحيحه ج 15 ص 428 .
7-الطبراني المتوفى 360 في المعجم الكبير ج 3 ص 32 ح 2586 و 2589 وج 22 ص 273 ح 701 و 702 . وفي مسند الشاميين ج 3 ص 184 ح 2043 .
8-الحاكم في المستدرك ج 3 ص 194 ح 4820 . وصحح الحديث .
9-الذهبي في تلخيص المستدرك معترفا بصحته .
10-ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 149 و150 وج 64 ص 35 .
11-الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 181 قال إسناده حسن .
12-الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ج 3 ص 229 حديث 1227 نقله عن عدة من المحدثين معترفا بصحته . وهكذا نقله عشرات من المحدثين وكثير منهم اعترف بصحته .
ونقل علماء الشيعة هذا الحديث عن علماء السنة فقد رواه : أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي المتوفى 368 هـ في كامل الزيارات ص 116 حديث 126 و127 . نقله بسندين أحدهما بمثل ما نقله أحمد بن حنبل في المسند والفضائل والسند الآخر بمثل ما نقله ابن ماجه في سننه .
ولعل ابن قولويه هو أول من نقل هذا الحديث من علماء الشيعة ثم تابعه من تأخر عنه منهم.
معنى الحديث :
هذا الحديث من الأحاديث المشكلة التي تعددت الآراء حول فهمه والوصول إلى مغزاه خصوصاً الفقرة الثانية ( وأنا من حسين ) لذلك ذكر له أكثر من معنى :
الأول وجوب المحبة للحسين
قال الطيبي : وهو أحد علماء السنة في شرحه لهذا الحديث فقال قوله : ( حسين مني وأنا من حسين . كأنه صلى الله عليه وسلم علم بنور الوحي ما سيحدث بينه وبين القوم ، فخصه بالذكر وبيّن أنهما كالشيء الواحد في وجوب المحبة وحرمة التعرض والمحاربة ، وأكد ذلك بقوله : أحب الله من أحب حسيناً . فإن محبته محبة رسول الله ومحبة رسول الله محبة الله ...) [2]
وهذا المعنى وإن كان صحيحاً في نفسه إلا أنه لا يختص بالحسين بل يشاركه في أبوه وأمه وأخوه فقد ورد :
1- عن سلمة بن كهيل عن عبد العزيز عن علي عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يا علي لقد أذهلني هذان الغلامان - يعني الحسن و الحسين عليهما السلام - أن أحب بعدهما أحدا أبدا إن ربي أمرني أن أحبهما و أحب من يحبهما [3]
2- عن أبي رافع عن أبيه عن جده عن أبي ذر الغفاري قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله بحب الحسن و الحسين عليهما السلام فأنا أحبهما و أحب من يحبهما لحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إياهما [4]
وحينئذ نناشد الأخوة من علماء السنة على مقتضى هذا الحديث وغيره من الأحاديث المسلم بصحتها ومعناها الذي يفهم منها أن يكونوا عند مسؤولياتهم من إعلان محبة الإمام الحسين عليه السلام وما يتناسب مع هذه المحبة والتفجع والتألم لما حل به في يوم عاشوراء وما يتناسب مع التألم سواء كان بالإعلان عن براءتهم واستنكارهم لمن سفك دمه وقتل أصحابه وجرح قلب رسول الله وأسخط الله في ذلك اليوم ، أو على الأقل أن يعذروا أخوانهم الشيعة فيما يقومون به من الاستنكار والاستياء والتنفر من هذه الجريمة البشعة وملازمتهم للحزن والألم .
إن قضية الإمام الحسين فرصة طيبة لأن يتعرف المسلمون على دينهم وقوته وعنفوانه وعدم خضوعه للظلم والقهر والاستبداد والاستعمار مهما كان الظالم قوياً والمظلوم ضعيفاً .. إنها فرصة كبيرة لأن يعرف المسلمون على قادته العظام الذين قدموا دماءهم وكل ما يملكون لأجل الله .. لأجل الدين والقيم والمقدسات والدفاع عن المحرومين والمضطهدين .
إن شهادة الإمام الحسين تجمع الأمة كل الأمة على العدل والإنصاف وفي خندق واحد ضد كل من يريد بالإسلام والمسلمين سوء ومن يريد أن يشوه سمعة نبي الإسلام والمقدسات ويلصق بها ما لا يناسبها .
الثاني :
أن الحسين قد انطوى فيه جميع كمالات النبي ما عدى النبوة مثل النخلة من النواة والنواة من النخلة .
وهذا المعنى وإن كان يساعده الاعتبار إلا أنه لا يتلائم مع الفقرة الثانية .
الثالث :
( من المحتمل أن يكون المراد الإشارة إلى ما هو معلوم والمقطوع به من أنه لولا شهادة الحسين عليه السلام لما بقي للإسلام اسم ولا رسم .... ولو تم ليزيد كما تم لأبيه لمحي الإسلام بالتمام وأعاد الجاهلية على بكرة أبيها وبتمام معانيها ولكن جزى الله الحسين عليه السلام عن الإسلام أحسن الجزاء فلقد حفظه بشهادته وفداه بدمه ودم الصفوة من أهل بيته وأصحابه الذين ما خلق الله لهم على وجه الأرض [مثيل] لا في عصرهم فقط بل منذ خلقت الدنيا إلى وقتك هذا ، فبقاء شريعة الإسلام ونبوة النبي صلى الله عليه وآله من الحسين عليه السلام ) [5].
وهذا المعنى أفضل من المعنيين المتقدمين .
وهناك معنى رابع ذكره الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في كتابه جنة المأوى بشكل مفصل يبتني على بعض المقدمات لا مجال لذكره .
أمران ضروريان
1-لا بد من التعرف على الإمام الحسين عليه السلام من المصادر الأساسية الأصيلة النزيه بدون تشويه سمعته وأن نضعه في المكان المناسب له كصاحب رسالة لا أن نصوره كما نشاء نحن قال بعض الشعراء :
وضعناك في الأعناق حرزاً وإنما خلقت لكي تنضى حُساما فتشرع
وصغناك من دمع وتلك نفوسنا نصورها لا أنت إنك أرفع
وصغناك من دمع وتلك نفوسنا نصورها لا أنت إنك أرفع
وحتى لا تذهب جهود سيد الشهداء أدراج الرياح وقد يحارب البعض الحسين من حيث لا يشعر كما أقدم من أقدم على قتله وأسخطوا الله ورسوله فيه وقد رجعت الأمة إلى جاهليتها الأولى .
الإمام الحسين يمثل رسول الله
الحسين سبط رسول الله وهو منه لحما ودما وروحانية ورسالة وكما تقدم في معنى الحديث . وقال أحد الأدباء على لسان الحسين :
يا مسلمين خذوا دماء نبيكم من هامتي إن الحياة حرام .
وكان بإمكان الحسين أن يفلت من الموت ويتخلص منه في تلك الأيام ولكن مسؤوليته نحو الإسلام والمسلمين أبت أن ينجو بنفسه . قال بعض الشعراء :
وقد كان فوت الموت سهلا فرده إليه الحفاظ المر والخلق الوعر .
ولكن أولئك اللئام أقدموا على سفك دمه وهم يعلمون من هو ؟ ومن جده وأبوه ومن هي أمه وأخوه ؟
قالت أم لقمان بنت عقيل ابن أبي طالب :
ما ذا تقولون إن قال النبي لكم ما ذا فعلتم وأنتم آخر الأمم
بعترتي وبأهل بيتي بعد مفتقدي منهم أسارى ومنهم ضرجوا بدم
بعترتي وبأهل بيتي بعد مفتقدي منهم أسارى ومنهم ضرجوا بدم
ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي
2- التعرف على أهداف ثورته :
وهي مبثوثة في كلماته وأقوله وخطبه التي تحدث بها في المدينة المنورة قبل خروجه أو في مكة المكرمة أو الطريق أو في أرض كربلاء . وقد شرح أسباب ثورته المباركة ومن تلك الأسباب :
1- تخدير الأمة وحبها للدنيا :
فإن الأمة بلغت من التخدير وحبها للدنيا أن نسيت دينها ومقدساتها وعزتها وكرامتها قال عليه السلام من خطبة له :
( الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يلوكونه ما درت به معايشهم فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون )
2- انتشار الفساد الأخلاقي في الأمة وبالأخص في المدينة المنورة كما أشار سبحانه تعال في سورة الجمعة وكان ذلك في زمان الرسول ولكن بعد وفاته أصبح أمرا مألوفاً .
3- ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
4- تحول المعروف إلى منكر والمنكر معروفاً .
4- تحول المعروف إلى منكر والمنكر معروفاً .
قال عليه السلام :
( أيها النـاس إن رسـول الله(ص) قال : (مـن رأى سلطاناً جائراً مسـتحلاً لحـرم الله ناكــثاً لعهد الله مخالفاً لسنـة رسـول الله (ص) يعمـل في عباد الله بالإثم والعـدوان فلـم يغيـر عليه بفعل ولا بقـول كـان حـقاً علـى الله أن يدخـله مدخـله .
ألا وإن هــؤلاء قــد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهــروا الفســاد وعطلوا الحــدود واستـــأثروا بالفيء وأحلــوا حــرام الله وحـرموا حلاله وأنا أحق من غير [6]).
5- عدم اهتمام أتباع الحق به :
فقد كان كثير منهم قد أخذهم الحماس في البداية إلى الثورة والنهوض ثم لما جوبهوا من قبل الطغاة تركوا الحق وأهله بدون مناصرة .
الحفاظ على تلك الأهداف وإحيائها
فمن واجب الحسين على الأمة التي قدم لها دمه الشريف في سبيل إسعادها أن تحافظ على تلك الأهداف فتؤدي بعض حقوقه ولا يقتصر على الشكليات أو بعض جوانب تلك الثورة .
الحسين سيد الشهداء
عن محمد بن إسماعيل عن حنان قال قال أبو عبد الله عليه السلام زوروا الحسين عليه السلام و لا تجفوه فإنه سيد شباب أهل الجنة من الخلق و سيد الشهداء [7]
[1] كاملالزيارات ص 116 باب 14 حديث 126
[2]نفحات الأزهار ج 16 ص 462 .
[3] كاملالزيارات ص 112 باب 14 حديث 116
[4] كاملالزيارات ص 113 باب 14 حديث 118
[5] كتاب جنة المأوى لكاشف الغطاء ص 201 .
[6] تاريخ الطبري ج4 ص304 طبع الأعلمي بيروت ، تحف العقول ص505 ، وبحار الأنوار ج44 ص382
والعوالم ( الإمام الحسين ص232 و اللفظ للأول.
[7] كاملالزيارات ص : 109
تعليق