مكاشفة للعلامة الطباطبائي
قال العلامة الطباطبائي: في سنوات تحصيلي بحوزة النجف الأشرف كنت أتلقى مصارفي من والدي، وكنت فارغ البال مشغولاً بالتحصيل، حتى مرت بعض الشهور علي ولم يأت أحد من المسافرين الإيرانيين إلى العراق، ونفد مصرفي، وذات يوم كنت مشغولاً بالمطالعة وكنت أفكر في مسألة علمية، وفي الأثناء زاحمتني أفكار خلو اليد من المال، ووضع الروابط بين إيران والعراق، وانشغلت بنفسي فخرجت عن التفكير في المسألة العلمية، ولم تمر لحظات حتى سمعت طرق الباب وكنت في تلك الحالة واضعاً رأسي على يدي ويدي على المنضدة فلما أردت أن أفتح باب المنزل رأيت رجلاً طويل القامة وله لحية مخضبة بالحناء ويرتدي لباساً لا يشبه لباس رجال الدين في عصرنا الحاضر لا من ناحية القباء ولا من ناحية العمامة، ومع كل ذلك فقد كانت له هيئة جذابة، فما أن فتحت له الباب حتى بادرني بالسلام وقال: أنا الشاه حسين ولي، إن الله المتعال يقول: في هذه المدة (الثمانية عشر عاماً) هل تركتك جائعاً حتى تركت درس المطالعة وأخذت تفكر في معيشة يومك هذا؟ثم ودعني وخرج.
وبعد أن أغلقت باب المنزل ورجعت لأجلس خلف المنضدة تعجبت مما رأيت، وخطر لي بعض الأسئلة، منها:
السؤال الأول: هل من الصحيح أني قمت من خلف المنضدة وذهبت إلى باب المنزل، أم إن ما رأيت رأيته وأنا هنا، مع العلم بأن لي يقيناً بأني لم أكن نائماً.
السؤال الثاني: من هذا الشخص الذي عرف نفسه باسم الشاه حسين ولي؟
وقد بقي هذا السؤال بدون جواب إلى أن كتب لي والدي من تبريز بأن أزور إيران في الصيف، وفي تبريز وحسب العادة المتبعة في النجف كنت أمشي بين الطلوعين، وفي أحد الأيام مررت من المقبرة القديمة في تبريز فنظرت إلى أحد القبور وكان يبدو إنه قبر أحد الأعاظم، وعندما قرأت الكتابة على الصخرة رأيته قبر رجل عارف باسم الشاه حسين ولي وأنه متوفى حدود ثلاثمائة سنة قبل أن يأتي إلى منزلي.
والسؤال الثالث: الذي خطر ببالي تاريخ ثمانية عشر سنة، أين تاريخ ابتدائه هل هو في شروعي بتحصيل العلوم الدينية؟
فإن لي خمسة وعشرين عاماً، أو هو في الوقت الذي تشرفت به إلى حوزة النجف الأشرف؟
وهذا أيضاً لم يتجاوز عشرة سنين، وبعد أن فكرت جيداً رأيت أن ثمانية عشر سنة هو مدة تلبسي بلباس رجال الدين.
تعليق