بسم الله الرحمن الرحيم
في مثل هذا اليوم ( 16 شوال المكرم ) سنة ( 3 هـ ) ، وفي الغد من معركة أحد كانت غزوة حمراء الاسد ( موضع على ثمانية أميال من المدينة ) .
لما إنصرف أبو سفيان وأصحابه من غزاة أحد فبلغوا الروحاء ندموا على إنصرافهم عن المسلمين وتلاوموا ، قالوا : لا محمد قتلتم ، ولا الكواعب أرفدتم قتلتموهم حتى اذا لم يبقى إلا الشريد تركتموهم ، إرجعوا فاستأصلوهم .
فبلغ ذلك الخبر رسول الله ، فأراد أن يرهب العدوا ويريهم من نفسه وأصحابه قوة ، فندب للخروج في طلب أبي سفيان ، وقال : ( ألا عصابة تشدد لأمر الله تطلب عدوها فإنها أنكى لعدو ، وأبعد لسمع ) ، فأنتدب عصابة منهم مع ما بهم من القرح والجرح الذي أصابهم يوم أحد ، ونادي منادي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إلا لا يخرجن معنا أحد الا من حضر يومنا بالأمس .
وإنما خرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليرهب العدوا ، وليبلغهم أنه خرج في طلبهم فيضنوا به قوة . . وخرجوا في سبعين رجلاً حتى بلغ حمراء الاسد . . فمر برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) معبد الخزاعي وكانت خزاعة مسلمهم وكافرهم عينه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بتهامة صفقته معه لا يخفون عنه شيئا ، ومعبد يومئذ مشرك ، فقال : يا محمد عز علينا مصابك في قومك وأصحابك . . ثم خرج من عند رسول الله حتى لقي أبا سفيان ومن معه بالروحاء وأجمعوا الرجعة الى رسول الله . .
فلما رأى أبو سفيان معبدا قال : ما وراءك يا معبد ؟ قال : ويلك قال : محمد قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط . . قال : ويلك ما تقول ؟ . . . فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه ، ومن به ركب عبد القيس ، فقال : أين تريدون ؟ قال : نريد الميرة ، فقال : فهل أنتم مبلغون عن محمداً رسالة أرسلكم بها إليه ، وأحمل لكم إبلكم هذه زبياً بعكاظ غداً اذا وافيتمونا ؟ قالو : نعم ، قال : اذا جئتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا الكرة إليه أصحابه لنستأصل بقيتهم .
وإنصرف أبو سفيان ، ومر الركب برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو بحمراء الاسد فأخبروه بقول أبو سفيان ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأصحابه : حسبنا الله ونعم الوكيل ، ثم إنصرف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد الثالثة الى المدينة .
وروي أن جبرئيل نزل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : أرجع يا محمد ، فأن الله قد أرعب قرشاً ومروا لا يلون على شيئ ، فرجع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الى المدينة .
وكان حامل راية المهاجرين أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
تعليق