إعادة التأريخ أو تصحيح المسار
ومن هذا المنطلق باتت تتوسل أمم اليوم في سباقها الحضاري بأية قيمة حضارية تمنحها القدرة على البقاء والاستمرار في هذه الحياة المتلاطمة، فهي تغوص في أعماق تاريخها لكي تكتشف هذه القيمة لتستخرجها من العدم إلى الوجود حتى تصبح مبرراً لبقائها على هذه الأرض ولكل أمة تجارب في الحياة، فالتجربة هنا ووفق هذا الأساس هي أكبر رأسمال في الأمة، والتاريخ هو الذي يخزن تجارب الأمم، ومن هنا؛ جاء اهتمام الأمم المعاصرة بتاريخها.
ومن هنا أيضاً جاءت الدعوة المدوية بتطهير سجلات التاريخ من الأوساخ، وإزالة الأشواك والألغام التي وضعها بطانة الحكام بما يوافق نزعاتها العنصرية والطائفية والقومية وكل ما يصب في جانب مصالحها وفق رؤية أحادية البعد والإتجاه.
فالأخبار هي مادة التاريخ التي من خلالها يمكننا أن نتعرف على الماضي ونكتشف العبر والدلائل، والعراق غيب التأريخ العديد من صفحاته المشرقة وبالأخص التي تتناول إنجازات رجال الدين الأعلام وما حققوه من مكاسب كُبرى وكذلك بعض ساسته الذين أعتبروا وأتقوا وحكموا وفق الشرع.
وذلك ما نراه بوضوح تام من خلال ما كتب ووثق أبان اللانظام المقبور ومن سبقه، فزور التأريخ المعاصر من جديد وسجلت بطانة الظالم ما تشتهي لتتقرب ويظهر الجلاد بصورة المصلح والمصلح بصورة الخارجي والجلاد أحياناً.
ومن هنا كان بل ولابد من إعادة كتابة أو على الأقل تصحيح التاريخ وذلك أضعف الإيمان وفق المعطيات العلمية والواقعية التي تظهر الحقيقة.
فأين رجالات التأريخ اليوم عن النهضة الفكرية والعمرانية التي تشهدها العتبات المقدسة في العراق عموماً وكربلاء المقدسة بالتحديد ــ بعيداً عن التطرف لكن للإنصاف ــ هي دعوة لتنقية صفحات التأريخ لا أكثر.
تعليق