فمن أين يكتسب هذا الكائن الجديد تجاربه التي تحدد طبيعة شخصيته؟، إنه المحيط الاول الذي يفتح فيه عينيه ونقصد به الأسرة، وهي أول معلم يبدأ الانسان يني شخصيته من خلال تعاليمه النظرية والتطبيقية معا، هكذا تتحدد لنا اهمية وخطورة دور الاسرة في بناء حياة الانسان، وهي كذلك فعلا، أي ان دور الاسرة اكثر تأثيرا من جميع المحيطات الاخرى التي يتأثر بها الانسان فيما لو أفلحت الاسرة بالقيام بدورها على الوجه الأفضل.
فقد قال الاستاذ احمد البستان في هذا المجال وهو -يعمل في قسم الادارة والتخطيط التربوي بكلية التربية في جامعة الكويت- : (ان على الاسرة العربية ان تكون خط الدفاع الاول عن المجتمع العربي للحفاظ على عاداته وتقاليده وتراثه وتنمية روح الانتماء لدى الشء الجديد.
واضاف الدكتور البستان ان الاسرة العربية كانت في السابق تضع الضوابط الاجتماعية بنفسها لكن مع التغيير الكبير الذي يشهده العالم بشكل سريع فقدت هذا الدور المهم).
هنا يوضح البستان تراجع دور المرأة في نقل تجاربها للكائن الجديد الذي يحل ضيفا عليها، ولكنه يؤشر سببا مهما لهذا التراجع، ويقول بان التغيرات السريعة التي حدثت وما زالت تحدث في العالم هي سبب تراجع دور الأسرة المذكور، ولعل الخلل الذي يمكن تأشيره هنا هو تقصير الجهات ذات العلاقة في وضع الاسس والدراسات المطلوبة لتنمية قدرات الاسرة كي تتغلب على التغيرات المتسارعة في العالم او تواكبها كي تقوم بدورها التربوي كما يجب.
فقد اوضح الاستاذ البستان (بأنه سعى من خلال مشاركته في مؤتمر انواع الضوابط الاجتماعية الواجبة في مواجهة السلوك المنحرف الى التركيز على القضايا المهمة التي تهم المجتمع على اساس دور المؤسسات ذات العلاقة بالتنشئة الاجتماعية وتحديد مهمتها الجسيمة في هذا العصر عصر العولمة او عصر الفضائيات.
واشار الى اهمية دور الاسرة في وضع وتحديد الروابط الاجتماعية والتي من شانها اشعار الفرد بالانتماء لمجتمعه العربي لكي يستطيع ممارسة ما يجب عليه ان يقوم به من ممارسات سلوكية بحيث لا يعتدي على حريات الاخرين).
غير ان المجال التربوي لا ينحصر بدور الاسرة فقط لاسيما بعد تقدم الطفل في السن، حيث يبرز جليا دور المدرسة التعليمي والتربوي في آن واحد حيث حرص بعض المتخصصين الذين شاركوا في المؤتمر المذكور على ان الدراسة المقترحة تعمقت باعطاء المدرسة دور اكبر في تحديد الضوابط الاجتماعية لان الاسرة العربية غير قادرة على وضع تلك المعايير كما كانت في السابق لتأثرها بالتغيير الكبير الذي يشهده العالم كما ان كل الاسر ليست مهيئة لهذا التغيير وهنا يبدا دور المدرسة.
واضاف الاستاذ البستان حول هذا الموضوع: (ان اخر البحوث والدراسات العلمية اثبتت ان 50 في المئة من شخصية الطفل وتكوينه والمعايير الاخلاقية لديه تسودها القيم المادية وهذه القيم هي التي ادت الى خلق سلوكيات جديدة سلبية التاثير على مجتمعاتنا).
بمعنى ان غياب القيم الروحية يشكل عائقا او سببا من اسباب الانحراف السلوكي والقيمي عموما، لذلك يلزم التأكيد على غرس القيم الروحية الى جانب المادية في ذات الطفل، ولعل التركيز عل تطوير المناهج الدراسية احد اهم العوامل الفاعلة في هذا المجال، حيث يقول الاستاذ البستان في هذا الصدد: (ان التركيز على دور تطوير المناهج اصبحت من الاساسيات لمواكبة العصر وفق احدث الاتجاهات العالمية بما يتناسب مع طبيعة المجتمع مضيفا انه ليس هناك نظام مثالي في التربية لان كل مجتمع يضع اهدافا وخططا ورؤى حول تطوير المناهج بما يتناسب مع طبيعة مجتمعه).
ولعل العامل الذي لا يقل اهمية عن غيره في تطوير المجال التربوي هو الاعلام، حيث قال الاستاذ البستان في هذا الجانب: (ان على اجهزة الاعلام اخذ المبادرة وذلك بتحديد بعض الضوابط اذ ان مما لاشك فيه ان الاعلام المقروء والمرئي والمسموع يلعب دورا كبيرا في الوقت الحالي كما ان هذا الاعلام يجب ان يوجه بما يبثه من انشطه وبرامج ومسلسلات ليفعل ويغرس القيم الروحية لكي يقوم الفرد بما يتناسب مع طبيعة مجتمعه.
وقال انه يجب تسليط الاضواء على بعض القضايا كدور الخطاب الديني ووجوب مواكبته العصر وتوجيهه وشرحه للافراد طبيعة ديننا الحنيف الرابط الاجتماعي الاول لمجتمعاتنا العربية.
واوضح ان (من المهم التركيز على الاسرة وفي نفس الوقت مساعدة الاسر في حالة الحاجة الى نوع من الرعاية او الدعم لان الاسرة نواة المجتمع اذا صلحت صلح المجتمع).
تعليق