أمير شعراء اليمن
الحسن بن علي الهبل
الحسن بن علي الهبل
إن الكتابه عن شاعر بحجم الحسن بن على بن جابر تستحق أن تكون على جداريه اليمن الثقافية، بل لتأخذ مديات أوسع حتى تصل الجدار الثقافي والعقيدي العالمي، فهو الشاعر والأديب الكبير الحسن بن علي بن جابر الهبل، ولد الحسن بن علي الهبل بصنعاء عام (1048هـ / 1639م) لاسرة قضاة عرفت بالعلم والصلاح وتعلم على يد علمائها، عرف بالعبادة والزهد ومودة محمد وآله (ص)، اشتغل بالعلوم والأدب، وفاق شعراء عصره، حيث يبالغ فيه السيد يوسف بن الحسين فيقول: إنه لم يوجد باليمن أشعر منه من أول الإسلام.
ويقول محقق كتابه (ديوان الهبل) أحمد بن محمد الشامي: إنه أشعر شعراء اليمن، وهو زيدي المذهب، خولاني الأصل، صنعاني المنشأ، أخذ في العلوم على علماء عصره في ظل دولة آل القاسم، آمن بالثورة والخروج على الظلمة والمنحرفين، وألزم نفسه محاربة الفساد ونقد المنحرفين والفاسدين، وقصائده في آل البيت (عليهم السلام) ومودتهم من روائع ما قيل. شنع عليه كل من يكن العداء والبغضاء للعترة النبوية الطاهرة. ويعتبر بعض الدارسين ان الهبل أروع شعراء القرن الحادي عشر الهجري ولوطال به العمر لكان له شأن عظيم. إذ برغم صغر سنه الذي لم يتجاوز الثلاثين عاماً إلاّ أنه خلف ديواناً جميلاً ورائعاً جمعه في مخطوطة القاضي العلامة الشاعر أحمد ناصر عبد الحق المخلافي وحققه وعلق على حواشيه القاضي أحمد محمد الشامي. وقال الشوكاني في (البدر الطالع 1/199): وله شعر يكاد يسيل رقة ولطافة وجودة سبك وحسن معاني، وغالبه الجودة، وله ديوان شعر موجود بأيدي الناس، إلى أن قال: توفي في شهر صفر سنة 1079هـ، فيكون عمره إحدى وثلاثين سنة ولو طال عمر هذا الشاب لكان أشعر شعراء اليمن بعد الألف على الإطلاق.
وقال الشامي معلقاً على قول الشوكاني: ونحن نعلم أن مثل هذاالتقريض البياني لا يخطر ببال من لا يتعصبون لغرض أو ينفعلون بهوى عندما يؤرخون أوينتقدون أو يحكمون، و(لو) هذه التي يقول اليمنيون إنها (اسم جني) وإنها تفتح باب الشيطان قد نستطيع أن نتقبلها مع كل أمنية أو حلم، ولكنا لا نستطيع أن نستسيغها ونحن ننقد الشعر والشعراء، ولا نستطيع أن نقبلها من الشوكاني وفي شعر الهبل بالذات، فقصائد ديوانه بلاغة وفصاحة وأسلوباً وسبكاً وتصويراً وتعبيراً (كلها غُررُ) وإن شابها ما شابها مما لا يرضي الإمام الشوكاني، ولا يرضينا أيضاً في الناحية المذهبية، علماً بأنها أبيات معدودة لا تنقص من قيمة الديوان وصاحبه شعرياً لو حذفت ولا تزيده فضلاً إذا بقيت ….إلخ. وبهذا ننظر رأي المخالفين له في المذهب، إذ يذهبون إلى قوة وفصاحة وبيان هذا الشاعر المتفرد بحبه لأهل البيت (عليهم السلام) وإتباعه لمنهجهم الحق الرصين، ويبدو هذا واضحا في شعره إذ يقول:
ولاّه أحمدُ في الغدير ولاية
أضحت مطوّقةً بها الأعناق
حتّى إذا أجرى إليها طرفَه
حادوه عن سنن الطريق وعاقوا
ما كان أسرع ما تناسوا عهده
ظلماً، وحُلّت تلكم الأطواق
إلى أن قال:
فهناك يدعو، كيف كانت فيكمُ
تلك العهود وذلك الميثاق
الآن حينَ نكثتمُ عهدي
وذاق أقاربي من ظلمكم ما ذاقوا
وأخي غدت تسعى له من نكثكم
حيّاتُ غدر سُمّهنّ زُعَاق
وسننتمُ من ظلم أهلي سنّةً
بكم اقتدى في فعلها الفسّاق
وبسعيكم رُمي الحسين وأهله
بكتائب غصّت بها الآفاق
وكذاك زيد أحرقته معاشرٌ
ما إنْ لهم يوم الحساب خلاقُ
كما قال في موضع آخر:
تجاروا على ظلم الوصيّ وربّما
تجارى على الرحمن من لا يراقبه
ولم يُرجعوا ميراث بنت محمّد
وقد يُرجع المغصوب من هو غاصبه
إلى أن قال:
اما لو دَرى يوم السقيفة ما جنى
لشابت من الأمر الفظيع ذوائبه
وهكذا ورغم تعاقب الزمان وتغير الأحوال، يبقى الحسن بن علي الهبل إلى اليوم شامخا بحبه وموالاته لأهل بيت النبوة الأكارم (عليهم السلام) رغم التغييب القسري والظلم الذي مارسته السلطات المتعاقبة على حكم المسلمين، في محاولة منها لطمس معالم الثورة الحسينية والصوت العلوي الحقيقي، وبهذا كان ومازال الحسن بن علي الهبل الصوت الحقيقي لقضية أهل البيت (عليهم السلام) كما هو وإلى اليوم أشعر شعراء اليمن وأميرهم الأوحد.
تعليق