السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
مصافحة أولى في هذا المنتدى المبارك وأول مشاركة لي هنا أبتدئها بهذا الموضوع الهام والمتواضع من كتاباتي السابقه ..
يلاحظ الكثير منا وخصوصا َ المتتبع لسير الحضارات السالفة من حيث نشأتها وتخليد ذكرها إلى يومنا هذا ومنها الحضارة اليونانية والحضارة الإسلامية على وجه الاختصار وإلا فإنه يوجد الكثير من الحضارات الأخرى مما لا يسع المجال لذكرها..أقول بأن العامل الأساسي في بناء هذه الحضارات هو العلم والثقافة اللذان جعلا منها (أي الحضارة ) علماً شامخاً في صفحة التاريخ , ولا تتقدم الحضارات إلا بتقدم و إبداع أفرادها على المستوى العلمي النظري منه والتطبيقي من الدين والسياسة والاقتصاد ..الخ فهم بذلك يصنعون الحضارة بتنوع واختلاف توجهاتهم العلمية بعد هذه المقدمة أود أن أطرح عدة نقاط تبين العنوان الذي ابتدأت به والذي جاء كمعادلة رياضية قد تكون صحيحة وقد يعتريها الخطأ
النقطة الأولى: لاشك في أن ما يحمله كل فرد منا من حصيلة علمية وثقافية دور في إبراز هذه الشخصية إلا أن ما يميزنا عن بعضنا هو ماهية الثقافة بالتحديد أي بمعنى ما نحمله في عقولنا من جودة العلم ومدى الاستفادة منه فرضاً على الجانبين المعنوي والمادي (العملي)..وكمثال على ذلك هو دور رجل الدين وقوة تأثيره في محيطه بما يحمله من حصيلة مقدسة من العلم ومدى سيطرته في نفوس الآخرين مقارنة بعالم مثلاً في الفلسفة أو الفيزياء..الخ ولعل السبب يعود في ذلك وفي رأيي القاصر هو قدسية الجانب الديني من جهة وعدم معرفة وتقدير البعض لبقية العلوم الأخرى ولا أقصد بذلك أن الدين أقل رتبة من بقية العلوم بل هو الذي يحث على تعلم هذه العلوم .. و لايخفى ما للعالم من فضل على العابد لأن العابد يقتصر بنفعه لنفسه ( لا على وجهه العموم) لكن العالم يمتد نفعه لغيره من البشر ...أعود بالقول أننا يجب أن نبحث عن الحلول الممكنة لعلاج هذه المشكلة بالاقتصار على سؤال قد يكون كفيلاً لما نصبوا إليه وهو : كيف لنا أن نبرز دور بقية العلوم ونشر أهميتها ؟
النقطة الثانية :لم يقتصر الدين يوماً ما في التصوف والتنسك والعبادة وتأديتها وتبيين الأحكام الشرعية بل تعدى إلى ما لانستطيع حصره من تنظيم حياة الإنسان في جميع الأزمان ولم يقتصر على زمان معين حتى يقول البعض بأنه لسنا بحاجه إلى الدين في ظل تطور الأمور المعيشية والتقدم التكنولوجي كما أدعت الماركسية والشيوعية وغيرها من الفرق الأخرى المادية الضالة .. ولكن يجب علينا أن نعي نقطة مهمة وهي دور الدين فيما يتعلق بثقافتنا أو بصيغة أخرى بما نكتسبه من معلومات وثقافة يقبلها الشرع أو يحاربها أو لايعتبر لها أي اهتمام ومن هنا استوقفتني مقالة من كتاب الومضات للشيخ حبيب الكاظمي في الومضة رقم 373وهي بعنوان (الشغف العلمي) وجاء فيها التالي : يعيش بعضهم حالة من ( الشغف ) العلمي وحب الاستطلاع ، فيطرق أبواب العلوم المختلفة من دون النظر إلى مدى ( جدوى ) انشغاله بتلك العلوم من جهة دنياه أو آخرته ، وبذلك يعيش حالة من ( الانشغال ) الكاذب ، وخاصة أن بعض العلوم تستهوي العبد ، فتشغل بعض لبه أو كله ، بما يصرفه عن الاهتمام فيما خلق من أجله ..والقاعدة العامة التي يسير عليها العبد في مجمل حياته ، هي أن كل حركة في علم أو عمل ، لا بد وأن تكون منسجمة مع هدف الخلقة وهو عبودية الواحد القهار ..وقد روي عن الإمام الكاظم (ع) أنه قال : { وأحمد العلم عاقبةً ما زاد في علمك العاجل ، فلا تشتغلن بعلمِ ما لا يضرك جهله ، ولا تغفلن عن علمِ ما يزيد في جهلك تركه }البحار-ج78 ص333 .من هذه المقالة الرائعة من هذا الكتاب القيّم اتضحت لنا عدة قواعد ومرتكزات نقيّم على إثرها ما يجب أخذه من العلوم النافعة والتي يكون بتركها سبب لجهلنا, وترك بقية العلوم التي لايضرنا جهلها سواء تعلمناها أو لم نتعلمها مما يجعلنا نفكر جدياً في هذا الموضوع بالذات وبالسؤال التالي : وهو كيف لنا أن نحدد إحتياجاتنا من العلوم التي تنفعنا ويوافق بها الشارع المقدس ومن بعض العلوم التي لو تعلمناها لما اكتسبنا منها سوى إشباع فقط لحب الاستطلاع الذي جبلنا عليه ؟ثانياً ..لعل بعض العلوم قد شرعها الإسلام ولكن تبقى رهن استعمال الشخص لها ..فكم من شخص أو عالم انحرف من بعض العلوم المباحة .. وقد تبحر في هذا العلم المباح حتى أصبح يحمل أفكاراً تخالف حتى الدين !!حتى أصبح ينشر أفكار بل سمومه بين أفراد مجتمعه العامي منهم والمثقف ..فالقضية تصبح شائكة من خلال عدم توفيقنا أو عدم فهمنا لما شرعه الإسلام من أسس بها نحدد ما يجب تعلمه من علوم نافعة بشتى مجالاتها .. وتكاد تكون أخطر إن لم نهتم لما نص به الإسلام من الحدود المعتبرة والتي لا يصح تجاوزها ولو على مستوى الإنفتاح الفكري .. فتمعن
النقطة الثالثة :من خلال ما جاء في النقطتين السابقتين والتي اتضح من خلالهما عنصري العلم وجمعه بالفرد على قرار المعادلة الرياضية في عنوان هذا الموضوع وبيان تأثير ما نتعلمه من إبراز لشخصنا واهمية هذه العلوم وإباحتها من قبل الشارع المقدس مروراً بالتنبه لخطر الإنجرار وراء شعارات الإنفتاح الفكري لما يجر من أخطار على مستوى الفرد وعقليته وعلى المجتمع الحاضن لذلك الفرد ؟أعود وأسترفد في هذه النقطة الأخيرة ما بقي من المعادلة الرياضية وهو الناتج من عملية جمع العلم بالفرد وهو(الحضارة) وأقصد بذلك مجتمعنا وكيفية بناء حضارته إبتداءاً بأنفسنا من خلال تدارك الوضع في الكشف عن ما ينقصنا من معارف نتسلح بها ضد عدونا الجهل ومن خلال أيضاً مراقبة ما يتلقفه عقلنا من علوم وأفكار مشبوهه كانت أو سليمه ولا أقصد هنا أن نكون متحجري التفكير مثل ما يقوله بعض الناس بل أقصد أنه بالتحري لكل فكرة مشبوهه قد نصل إلى شاطئ الأمان في تفكيرنا السليم وبإتباع ما يمليه الشرع في ذلك ..وبشتى الطرق التي قد تختلف من شخص لاخر في اكتسابه للعلوم حسب الطرق الشرعية المقننة نكون قد بنينا حضارة إسلامية بداخل أنفسنا والتي تنعكس بكليتها من جمال وسعة في العلم للناس الآخرين ممن نعيش بجوارهم حتى تتلاقح الحضارات بين ذواتنا لتثمر لنا عن حضارة إسلامية شرعية خالدة على مر العصور ..
انتهى 26 -10-1428هــ
مصافحة أولى في هذا المنتدى المبارك وأول مشاركة لي هنا أبتدئها بهذا الموضوع الهام والمتواضع من كتاباتي السابقه ..
يلاحظ الكثير منا وخصوصا َ المتتبع لسير الحضارات السالفة من حيث نشأتها وتخليد ذكرها إلى يومنا هذا ومنها الحضارة اليونانية والحضارة الإسلامية على وجه الاختصار وإلا فإنه يوجد الكثير من الحضارات الأخرى مما لا يسع المجال لذكرها..أقول بأن العامل الأساسي في بناء هذه الحضارات هو العلم والثقافة اللذان جعلا منها (أي الحضارة ) علماً شامخاً في صفحة التاريخ , ولا تتقدم الحضارات إلا بتقدم و إبداع أفرادها على المستوى العلمي النظري منه والتطبيقي من الدين والسياسة والاقتصاد ..الخ فهم بذلك يصنعون الحضارة بتنوع واختلاف توجهاتهم العلمية بعد هذه المقدمة أود أن أطرح عدة نقاط تبين العنوان الذي ابتدأت به والذي جاء كمعادلة رياضية قد تكون صحيحة وقد يعتريها الخطأ
النقطة الأولى: لاشك في أن ما يحمله كل فرد منا من حصيلة علمية وثقافية دور في إبراز هذه الشخصية إلا أن ما يميزنا عن بعضنا هو ماهية الثقافة بالتحديد أي بمعنى ما نحمله في عقولنا من جودة العلم ومدى الاستفادة منه فرضاً على الجانبين المعنوي والمادي (العملي)..وكمثال على ذلك هو دور رجل الدين وقوة تأثيره في محيطه بما يحمله من حصيلة مقدسة من العلم ومدى سيطرته في نفوس الآخرين مقارنة بعالم مثلاً في الفلسفة أو الفيزياء..الخ ولعل السبب يعود في ذلك وفي رأيي القاصر هو قدسية الجانب الديني من جهة وعدم معرفة وتقدير البعض لبقية العلوم الأخرى ولا أقصد بذلك أن الدين أقل رتبة من بقية العلوم بل هو الذي يحث على تعلم هذه العلوم .. و لايخفى ما للعالم من فضل على العابد لأن العابد يقتصر بنفعه لنفسه ( لا على وجهه العموم) لكن العالم يمتد نفعه لغيره من البشر ...أعود بالقول أننا يجب أن نبحث عن الحلول الممكنة لعلاج هذه المشكلة بالاقتصار على سؤال قد يكون كفيلاً لما نصبوا إليه وهو : كيف لنا أن نبرز دور بقية العلوم ونشر أهميتها ؟
النقطة الثانية :لم يقتصر الدين يوماً ما في التصوف والتنسك والعبادة وتأديتها وتبيين الأحكام الشرعية بل تعدى إلى ما لانستطيع حصره من تنظيم حياة الإنسان في جميع الأزمان ولم يقتصر على زمان معين حتى يقول البعض بأنه لسنا بحاجه إلى الدين في ظل تطور الأمور المعيشية والتقدم التكنولوجي كما أدعت الماركسية والشيوعية وغيرها من الفرق الأخرى المادية الضالة .. ولكن يجب علينا أن نعي نقطة مهمة وهي دور الدين فيما يتعلق بثقافتنا أو بصيغة أخرى بما نكتسبه من معلومات وثقافة يقبلها الشرع أو يحاربها أو لايعتبر لها أي اهتمام ومن هنا استوقفتني مقالة من كتاب الومضات للشيخ حبيب الكاظمي في الومضة رقم 373وهي بعنوان (الشغف العلمي) وجاء فيها التالي : يعيش بعضهم حالة من ( الشغف ) العلمي وحب الاستطلاع ، فيطرق أبواب العلوم المختلفة من دون النظر إلى مدى ( جدوى ) انشغاله بتلك العلوم من جهة دنياه أو آخرته ، وبذلك يعيش حالة من ( الانشغال ) الكاذب ، وخاصة أن بعض العلوم تستهوي العبد ، فتشغل بعض لبه أو كله ، بما يصرفه عن الاهتمام فيما خلق من أجله ..والقاعدة العامة التي يسير عليها العبد في مجمل حياته ، هي أن كل حركة في علم أو عمل ، لا بد وأن تكون منسجمة مع هدف الخلقة وهو عبودية الواحد القهار ..وقد روي عن الإمام الكاظم (ع) أنه قال : { وأحمد العلم عاقبةً ما زاد في علمك العاجل ، فلا تشتغلن بعلمِ ما لا يضرك جهله ، ولا تغفلن عن علمِ ما يزيد في جهلك تركه }البحار-ج78 ص333 .من هذه المقالة الرائعة من هذا الكتاب القيّم اتضحت لنا عدة قواعد ومرتكزات نقيّم على إثرها ما يجب أخذه من العلوم النافعة والتي يكون بتركها سبب لجهلنا, وترك بقية العلوم التي لايضرنا جهلها سواء تعلمناها أو لم نتعلمها مما يجعلنا نفكر جدياً في هذا الموضوع بالذات وبالسؤال التالي : وهو كيف لنا أن نحدد إحتياجاتنا من العلوم التي تنفعنا ويوافق بها الشارع المقدس ومن بعض العلوم التي لو تعلمناها لما اكتسبنا منها سوى إشباع فقط لحب الاستطلاع الذي جبلنا عليه ؟ثانياً ..لعل بعض العلوم قد شرعها الإسلام ولكن تبقى رهن استعمال الشخص لها ..فكم من شخص أو عالم انحرف من بعض العلوم المباحة .. وقد تبحر في هذا العلم المباح حتى أصبح يحمل أفكاراً تخالف حتى الدين !!حتى أصبح ينشر أفكار بل سمومه بين أفراد مجتمعه العامي منهم والمثقف ..فالقضية تصبح شائكة من خلال عدم توفيقنا أو عدم فهمنا لما شرعه الإسلام من أسس بها نحدد ما يجب تعلمه من علوم نافعة بشتى مجالاتها .. وتكاد تكون أخطر إن لم نهتم لما نص به الإسلام من الحدود المعتبرة والتي لا يصح تجاوزها ولو على مستوى الإنفتاح الفكري .. فتمعن
النقطة الثالثة :من خلال ما جاء في النقطتين السابقتين والتي اتضح من خلالهما عنصري العلم وجمعه بالفرد على قرار المعادلة الرياضية في عنوان هذا الموضوع وبيان تأثير ما نتعلمه من إبراز لشخصنا واهمية هذه العلوم وإباحتها من قبل الشارع المقدس مروراً بالتنبه لخطر الإنجرار وراء شعارات الإنفتاح الفكري لما يجر من أخطار على مستوى الفرد وعقليته وعلى المجتمع الحاضن لذلك الفرد ؟أعود وأسترفد في هذه النقطة الأخيرة ما بقي من المعادلة الرياضية وهو الناتج من عملية جمع العلم بالفرد وهو(الحضارة) وأقصد بذلك مجتمعنا وكيفية بناء حضارته إبتداءاً بأنفسنا من خلال تدارك الوضع في الكشف عن ما ينقصنا من معارف نتسلح بها ضد عدونا الجهل ومن خلال أيضاً مراقبة ما يتلقفه عقلنا من علوم وأفكار مشبوهه كانت أو سليمه ولا أقصد هنا أن نكون متحجري التفكير مثل ما يقوله بعض الناس بل أقصد أنه بالتحري لكل فكرة مشبوهه قد نصل إلى شاطئ الأمان في تفكيرنا السليم وبإتباع ما يمليه الشرع في ذلك ..وبشتى الطرق التي قد تختلف من شخص لاخر في اكتسابه للعلوم حسب الطرق الشرعية المقننة نكون قد بنينا حضارة إسلامية بداخل أنفسنا والتي تنعكس بكليتها من جمال وسعة في العلم للناس الآخرين ممن نعيش بجوارهم حتى تتلاقح الحضارات بين ذواتنا لتثمر لنا عن حضارة إسلامية شرعية خالدة على مر العصور ..
انتهى 26 -10-1428هــ
تعليق