بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ))
التقوى: من الوقاية وهي حفظ الشئ من الآفات، والتقوى بمعنى حفظ الروح والنفس مما يخشى مضرته، وفي الشرع تطلق على التحفظ من المعاصي، وكمال التقوى ترك بعض المباحات..
انّ هذه الدنيا خلقت ووجدت فيها الكثير من العقبات والابتلاءات ((لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ))، فيجب على المؤمن أن يتخطاها ويتجاوزها ليكون من المتقين الذين خاطبهم الباري عزّ وجل في كتابه الكريم ((إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ))، واعلم أخي المؤمن أختي المؤمنة ان التقوى هي الخطوة الأولى للرقي في سلم الكمالات المنشودة، فلولاها لما وضع المؤمن قدمه على هذا السلّم..
ومن هنا كان لزاماً على المؤمن أن يبدأ بنفسه فيجنبها ماقد يكون سبباً في إنغماسه باللهو واللعب غافلاً عن طاعة الله عزّ وجلّ، فالنفس لو تركت على هواها لركنت الى الشهوات والمعاصي وازدادت انجذاباً لها، فالنفس أمارة بالسوء يدفعها الى تلك المهالك الشيطان الرجيم الذي توعد بالانسان أن يقعد له الصراط المستقيم ((لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ))..
أما إذا كان الانسان متوقياً ومبتعداً عن إرتكاب الذنوب والمعاصي مؤتمراً بما أمره سبحانه وتعالى ومنتهياً عن نواهيه قائماً على طاعته متزوداً بالمستحبات فلا بد أن يصل اليه المدّ الالهي منيراً له الطريق فيجعله سالكاً له ((أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ))، ووفقاً لذلك ترى قلبه يشع بنور الايمان حتى يظهر ذلك جلياً على سيماء وجهه بل على كل تصرفاته وأفعاله..
وهناك عدة سبل تساعد الانسان للاتصاف بالتقوى، منها وأهمها قراءة القرآن الكريم بتدبّر ((ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ))، فيكون القرآن السراج الذي ينير له الدرب ويقشع عنه الظلمة شيئاً فشيئاً حتى تشع شمس المعرفة في قلبه وروحه..
ومن تلك السبل الدعاء والتوسل بالله تعالى، وكذلك يجب أن لا ننسى الأمر والذي يجب مراعاته الاقتداء بالأئمة الهداة عليهم السلام ((وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا))، هذا بالاضافة الى الواجبات المفروضة..
وذلك لانّ قلب المؤمن كالأرض التي تكون بحاجة للرعاية- من سقاية وغيرها- بعد بذرها بالبذور الصالحة، فانّ هذه البذور ستموت بعد فترة إذا لم تجد الرعاية..
فهذه السبل تساعد القلب على الثبات والاستزادة بالنور من خلال المواضبة عليها والالتزام بها حتى تصبح كالواجبات بالنسبة للنفس فتكون خير هداية، فتصعد بالنفس رويداً رويداً مقتربة أكثر فأكثر من ساحة القدس فتزداد- هذه النفس- إشتياقاً فانقياداً الى بارئها حتى تصل الى التسليم التام ((وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى))..
ولا يخفى عليك بأنّ كل ذلك لا يتم إلاّ بتوفيق من الله سبحانه وتعالى، فلولاه لما خطا المؤمن خطوة واحدة، فاطلب التوفيق منه تعالى في كل أمورك ((وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ))، واجعل الأئمة الميامين عليهم السلام وسيلة الى ذلك ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ))...
تعليق