بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
العصمة
من أهمّ الشروط والمميّزات التي يلزم وجودها في الإمام والخليفة ، كما كان يلزم توفّرها في النبي والرسول ، هي ملكة العصمة .
وهي الصفة الأساسيّة الضرورية التي يحكم بلزومها البرهان ، ويؤكّدها الوجدان ..
فلنذكر دليل إعتبارها كبرويّاً ، ثمّ دليل وجودها في أئمّتنا الهداة (عليهم السلام)صغرويّاً بعد بيان معناها وحقيقتها تفصيلا ، فنقول :
العصمة في أصل اللغة بمعنى الوقاية والمنع والدفع والحفظ والحماية .
قال في العين : « العصمة : أن يعصمك الله من الشرّ ، أي يدفع عنك » (1).
وقال في المجمع : « عصمة الله للعبد ، منعه عن المعصية ، وعَصَمه الله من المكروه : حفظه ووقاه .. والمعصوم : الممتنع عن محارم الله » (2).
وقال في المفردات : « عصمة الأنبياء : حفظه ـ أي حفظ الله ـ إيّاهم بما خصّهم به » (3).
وقال في اللسان : « العصمة في كلام العرب : المنع ، وعصمة الله عبده : أن
--------------------------------------------------------------------------------
(1) العين : (ج1 ص313) .
(2) مجمع البحرين : (مادّة ـ عصم ـ ) .
(3) المفردات للراغب : (ص337) .
--------------------------------------------------------------------------------
338
يعصمه ممّا يوبقه .. عصمه يعصمه عصماً : منعه ووقاه » (1).
وقال في النهاية : « العصمة : المَنْعَة ، والعاصِم : المانع الحامي » (2).
وقال في القاموس : « عَصَم يَعْصِمُ : مَنَع ووقى » (3).
وقال في التاج : « العصمة بالكسر : المنع .. وقال الزجّاج : أصل العصمة الحبل ، وكلّ ما أمسك شيئاً فقد عصمه .. وقال المناوي : العصمة ملكة اجتناب المعاصي مع التمكّن منها » (4).
وقال في المصباح : « عصمه الله من المكروه يعصمه من باب ضرب : حفظه ووقاه ، واعتصمت بالله : امتنعت به » (5).
والعصمة في الإصطلاح العلمي هي : « قوّة العقل بحيث لا يُغلب مع كونه قادراً على المعاصي كلّها » .
وليس معنى العصمة أنّ الله تعالى يجبره على ترك المعصية ، بل يفعل به ألطافاً يترك المعصوم معها المعصية باختياره .. بواسطة قوّة عقله وكمال فطنته وذكائه ونهاية صفاء نفسه ، وشدّة اعتنائه بطاعة الله تعالى كما أفاده السيّد الشبّر (قدس سره) (6).
وبتعبير آخر في تعريف العصمة أنّها هي : « روحية قدسيّة مانعة عن مخالفة
--------------------------------------------------------------------------------
(1) لسان العرب : (ج12 ص403) .
(2) النهاية الأثيرية : (ج3 ص249) .
(3) القاموس المحيط : (ج4 ص151) .
(4) تاج العروس : (ج8 ص399) .
(5) المصباح المنير : (مادّة ـ عصم ـ ) .
(6) حقّ اليقين : (ج1 ص90) .
--------------------------------------------------------------------------------
339
التكاليف اللزومية شرعية وعقليّة مع القدرة عليها » (1).
وبالتعبير المنصوص عليه في حديث هشام قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : ما معنى قولكم إنّ الإمام لا يكون إلاّ معصوماً ؟ فقال (عليه السلام) :
« المعصوم هو الممتنع بالله عن جميع محارم الله » (2).
هذا معنى العصمة .. وأمّا برهان إشتراطها في الإمامة وإعتبارها في الأئمّة فهو ما يأتي في الدليل العقلي .
فانّ العقل حاكم بأنّ أهل البيت (عليهم السلام) معصومون مطهّرون ، وقد ثبتت عصمتهم الكبرى بالأدلّة الأربعة : الكتاب والسنّة والإجماع والعقل .
ولعلّ من المستحسن أن نقول بدواً أنّ العصمة ملكة لها مراتبها العالية الثلاثة كما يستفاد من مجموع أدلّة العصمة والمعصومين وهي :
1 ـ العصمة الثبوتية : وهي ترك المعاصي وفعل الواجبات إستمراراً وعدم مفارقة طريق العدل والطاعة أبداً ، وعدم السلوك في طريق القبيح والمعصية إطلاقاً ، كما هي موجودة في الذرّية الخاصّة للمعصومين (عليهم السلام) .. ويأتي ذكرها في آخر البحث .
2 ـ العصمة الإثباتية : وهي الروحية القدسية الموجودة في الممتنع بالله عن جميع محارم الله .. مع إمكان ترك الأولى في غير اُولي العزم منهم ، لعدم منافاته للعصمة ، وتكون هذه العصمة في الأنبياء الكرام ، وقد مرّ بحثها في النبوّة .
3 ـ العصمة الكبرى : وهي نفس العصمة الإثباتية .. مضافاً إلى عدم ترك الأولى وعدم السهو ، وعدم الخطأ فيها .. وتكون في المعصومين الأربعة
--------------------------------------------------------------------------------
(1) أنوار الهداية : (ص56) .
(2) معاني الأخبار : (ص132 ح2) ، ومشكاة الأنوار : (ص163) .
--------------------------------------------------------------------------------
340
عشر (عليهم السلام) ..
وهذه العصمة هي عنوان بحثنا هنا في مبحث الإمامة ..
وعصمتهم كما قلنا ثابتة بدليل الكتاب والسنّة والإجماع والعقل بالبيان التالي :
دليل الكتاب :
أمّا دليل الكتاب على عصمة أهل البيت (عليهم السلام) ، فآيات كثيرة نختار منها آية واحدة وهي آية التطهير أي قوله تعالى :
( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (1).
ولا شبهة في نزول هذه الآية الكريمة في أهل بيت النبي الخمسة الطيّبين باتّفاق جميع الاُمّة المسلمين كما في مجمع البيان (2).
وقد أجمع عليه المفسّرون ، كما في دلائل الصدق (3).
وأمّا نزولها وإختصاصها بأهل البيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والصدّيقة الزهراء والإمامين الحسن والحسين (عليهم السلام) ، فقد نقله من علماء العامّة فقط تسعون عالماً في مئة كتاب ، كما تلاحظ التفصيل في إحقاق الحقّ (4).
وقد تواترت فيها روايات الفريقين بطرق عديدة في أحاديث كثيرة ، فمن الخاصّة بأربعة وثلاثين طريقاً ، ومن العامّة بواحد وأربعين طريقاً تلاحظها في
--------------------------------------------------------------------------------
(1) سورة الأحزاب : (الآية 33) .
(2) مجمع البيان : (ج8 ص356) .
(3) دلائل الصدق : (ج2 ص94) .
(4) إحقاق الحقّ : (ج2 ص502) ، ثمّ أفاد المحشّي أنّ الأحاديث في ذلك تربو على الألف .
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
منقول للفائدة جزيتم خيرا
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
العصمة
من أهمّ الشروط والمميّزات التي يلزم وجودها في الإمام والخليفة ، كما كان يلزم توفّرها في النبي والرسول ، هي ملكة العصمة .
وهي الصفة الأساسيّة الضرورية التي يحكم بلزومها البرهان ، ويؤكّدها الوجدان ..
فلنذكر دليل إعتبارها كبرويّاً ، ثمّ دليل وجودها في أئمّتنا الهداة (عليهم السلام)صغرويّاً بعد بيان معناها وحقيقتها تفصيلا ، فنقول :
العصمة في أصل اللغة بمعنى الوقاية والمنع والدفع والحفظ والحماية .
قال في العين : « العصمة : أن يعصمك الله من الشرّ ، أي يدفع عنك » (1).
وقال في المجمع : « عصمة الله للعبد ، منعه عن المعصية ، وعَصَمه الله من المكروه : حفظه ووقاه .. والمعصوم : الممتنع عن محارم الله » (2).
وقال في المفردات : « عصمة الأنبياء : حفظه ـ أي حفظ الله ـ إيّاهم بما خصّهم به » (3).
وقال في اللسان : « العصمة في كلام العرب : المنع ، وعصمة الله عبده : أن
--------------------------------------------------------------------------------
(1) العين : (ج1 ص313) .
(2) مجمع البحرين : (مادّة ـ عصم ـ ) .
(3) المفردات للراغب : (ص337) .
--------------------------------------------------------------------------------
338
يعصمه ممّا يوبقه .. عصمه يعصمه عصماً : منعه ووقاه » (1).
وقال في النهاية : « العصمة : المَنْعَة ، والعاصِم : المانع الحامي » (2).
وقال في القاموس : « عَصَم يَعْصِمُ : مَنَع ووقى » (3).
وقال في التاج : « العصمة بالكسر : المنع .. وقال الزجّاج : أصل العصمة الحبل ، وكلّ ما أمسك شيئاً فقد عصمه .. وقال المناوي : العصمة ملكة اجتناب المعاصي مع التمكّن منها » (4).
وقال في المصباح : « عصمه الله من المكروه يعصمه من باب ضرب : حفظه ووقاه ، واعتصمت بالله : امتنعت به » (5).
والعصمة في الإصطلاح العلمي هي : « قوّة العقل بحيث لا يُغلب مع كونه قادراً على المعاصي كلّها » .
وليس معنى العصمة أنّ الله تعالى يجبره على ترك المعصية ، بل يفعل به ألطافاً يترك المعصوم معها المعصية باختياره .. بواسطة قوّة عقله وكمال فطنته وذكائه ونهاية صفاء نفسه ، وشدّة اعتنائه بطاعة الله تعالى كما أفاده السيّد الشبّر (قدس سره) (6).
وبتعبير آخر في تعريف العصمة أنّها هي : « روحية قدسيّة مانعة عن مخالفة
--------------------------------------------------------------------------------
(1) لسان العرب : (ج12 ص403) .
(2) النهاية الأثيرية : (ج3 ص249) .
(3) القاموس المحيط : (ج4 ص151) .
(4) تاج العروس : (ج8 ص399) .
(5) المصباح المنير : (مادّة ـ عصم ـ ) .
(6) حقّ اليقين : (ج1 ص90) .
--------------------------------------------------------------------------------
339
التكاليف اللزومية شرعية وعقليّة مع القدرة عليها » (1).
وبالتعبير المنصوص عليه في حديث هشام قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : ما معنى قولكم إنّ الإمام لا يكون إلاّ معصوماً ؟ فقال (عليه السلام) :
« المعصوم هو الممتنع بالله عن جميع محارم الله » (2).
هذا معنى العصمة .. وأمّا برهان إشتراطها في الإمامة وإعتبارها في الأئمّة فهو ما يأتي في الدليل العقلي .
فانّ العقل حاكم بأنّ أهل البيت (عليهم السلام) معصومون مطهّرون ، وقد ثبتت عصمتهم الكبرى بالأدلّة الأربعة : الكتاب والسنّة والإجماع والعقل .
ولعلّ من المستحسن أن نقول بدواً أنّ العصمة ملكة لها مراتبها العالية الثلاثة كما يستفاد من مجموع أدلّة العصمة والمعصومين وهي :
1 ـ العصمة الثبوتية : وهي ترك المعاصي وفعل الواجبات إستمراراً وعدم مفارقة طريق العدل والطاعة أبداً ، وعدم السلوك في طريق القبيح والمعصية إطلاقاً ، كما هي موجودة في الذرّية الخاصّة للمعصومين (عليهم السلام) .. ويأتي ذكرها في آخر البحث .
2 ـ العصمة الإثباتية : وهي الروحية القدسية الموجودة في الممتنع بالله عن جميع محارم الله .. مع إمكان ترك الأولى في غير اُولي العزم منهم ، لعدم منافاته للعصمة ، وتكون هذه العصمة في الأنبياء الكرام ، وقد مرّ بحثها في النبوّة .
3 ـ العصمة الكبرى : وهي نفس العصمة الإثباتية .. مضافاً إلى عدم ترك الأولى وعدم السهو ، وعدم الخطأ فيها .. وتكون في المعصومين الأربعة
--------------------------------------------------------------------------------
(1) أنوار الهداية : (ص56) .
(2) معاني الأخبار : (ص132 ح2) ، ومشكاة الأنوار : (ص163) .
--------------------------------------------------------------------------------
340
عشر (عليهم السلام) ..
وهذه العصمة هي عنوان بحثنا هنا في مبحث الإمامة ..
وعصمتهم كما قلنا ثابتة بدليل الكتاب والسنّة والإجماع والعقل بالبيان التالي :
دليل الكتاب :
أمّا دليل الكتاب على عصمة أهل البيت (عليهم السلام) ، فآيات كثيرة نختار منها آية واحدة وهي آية التطهير أي قوله تعالى :
( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (1).
ولا شبهة في نزول هذه الآية الكريمة في أهل بيت النبي الخمسة الطيّبين باتّفاق جميع الاُمّة المسلمين كما في مجمع البيان (2).
وقد أجمع عليه المفسّرون ، كما في دلائل الصدق (3).
وأمّا نزولها وإختصاصها بأهل البيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والصدّيقة الزهراء والإمامين الحسن والحسين (عليهم السلام) ، فقد نقله من علماء العامّة فقط تسعون عالماً في مئة كتاب ، كما تلاحظ التفصيل في إحقاق الحقّ (4).
وقد تواترت فيها روايات الفريقين بطرق عديدة في أحاديث كثيرة ، فمن الخاصّة بأربعة وثلاثين طريقاً ، ومن العامّة بواحد وأربعين طريقاً تلاحظها في
--------------------------------------------------------------------------------
(1) سورة الأحزاب : (الآية 33) .
(2) مجمع البيان : (ج8 ص356) .
(3) دلائل الصدق : (ج2 ص94) .
(4) إحقاق الحقّ : (ج2 ص502) ، ثمّ أفاد المحشّي أنّ الأحاديث في ذلك تربو على الألف .
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
منقول للفائدة جزيتم خيرا
تعليق