بسم الله الرحمن الرحيم
ان لكل ثورة سبب ولكل ثائر هدف من ثورته وهذه اللأهداف تختلف بإختلاف القادة وطبيعتهم فمنهم من يطلب الدنيا والمصالح الضيقة ومنهم من يقوم بثورته لأهداف نبيلة يريد ان يغير الوضع الفاسد الى صلاح وتكون ثورته نصرة للمظلومين ممن ظلمهم وابتز حقوقهم المادية والمعنوية وهؤلاء –اصحاب الاهداف النبيلة-يختلفون أيضا فمنهم من يريد ان يقطف ثمار ثورته بيده ومنهم من يفكر ان يشعل الشرارة وان احترق بها فهو ينظر الى المدى البعيد حتى ولو بعد حياته لكي تلهب شرارته الضمير وتأكل الظلم شيئا فشيئا حتى تقضي على الظالمين وطبعا هؤلاء هم سادة الناس واصحاب النفوس الكبيرة كيف لا وهم الذين آثروا البشرية بنفوسهم(والجود بالنفس اقصى غاية الجود) وعلى رأس هؤلاء الحسين عليه السلام اراد الحسين عليه السلام لثورته ان تزلزل عروش الظالمين بعد وفاته لأن الحسين عليه السلام يعلم ان الظروف غير مهيئة للأنتصار عسكريا على دولة بني أمية فقام بثورة الدم لتنتصر على السيف ولو بعد حين.
وسنتطرق انشاء الله لموضوع خروج الحسين الى كربلاء بثقله من نساء واطفال ونناقشه حسب ما نفهمه من ثورة الحسين (ع)فقد اعتبر البعض ان حمل ثقله معه غير صحيح ومن هؤلاء عبد الله بن عباس
فقد نقل الطبري في تاريخه نصح عبد الله بن عباس للحسين عليه السلام ان لايذهب الى العراق وحينما ابى عليه السلام قال له ابن عباس(فإن كنت سائرا فلا تسر بنسائك وصبيتك فوالله إني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه)
ان صدق الحديث فإن ابن عباس-وكثير مثله ينظرون نظرة صائبة للواقع السياسي ولكن نظرتهم لم تكن كنظرة الحسين عليه السلام التي كانت اعمق بكثير مما يفكرون ولذا وي انه قال:
(شاء الله ان يراهن سبايا) فهو عليه السلام يعلم انه مقتول ويعلم ان مصيرهن الى السبي والاحاديث في كتب السنة تذكر اخبار النبي (ص) بأستشهاد الحسين في كربلاء وبروايات صحيحة السند كما في مجمع الزوائد وغيره وبثباتها باسناد صحيح لا يلتفت الى ما نقله الطبري فقال:
(فلما سمع أخواته كلامه هذا صحن وبكين وبكى بناته فارتفعت أصواتهن فأرسل إليهن أخاه العباس بن علي وعليا ابنه وقال لهما أسكتاهن فلعمري ليكثرن بكاؤهن قال فلما ذهبا ليسكتاهن قال لا يبعد ابن عباس قال فظننا أنه إنما قالها حين سمع بكاؤهن لأنه قد كان نهاه أن يخرج بهن) اذن فلماذا يحمل عياله معه وهو يعلم بما يحل بهن .
نذكر بعض من ذلك على قدر علمنا :
1- خبت طاقة الامة بعد صفين وظلم ولاة بني امية وسُلبت ارادتها فاستسلم المسلمون تحت سياط الظلمة واهواء الحكام فأراد الحسين(ع) ان يعيد مجدها وثورتها ودينها الاصيل فخرج الحسين ولكن ثورتة غير متكافئة عسكريا فهي تحتاج الى عناصر لكي تجعلها مستمرة وغير منتهية
ومن هذه العناصر التي تجعل هذه الجذوة مشتعلة في الامة ابراز حكومة بني أمية على حقيقتها البعيدة عن الاسلام لكي تنفر منهم النفوس , وكذلك اظهار مأساة أهل البيت ومظلوميتهم وتضحيتهم من اجل الاسلام لكي يخامر حبهم قلوب المسلمين فيميلون الى منهجهم الاصيل وتكلف هذه العناصرمن الحسين عليه السلام الكثير ليس بدمه الطاهر فحسب ولابسفك دماء اصحابه وأهل بيته وكفى ولا بقتل اطفاله وتنتهي بل بسبي عياله, فسبي العيال عامل مهم بأظهار وحشية بني امية ومظلومية أهل البيت.
2- وجود النساء والعيال معه وسبيهم من كربلاء الى الكوفة حتى الشام ومنه الى المدينة بمثابة اذاعة اعلامية لنصرة ثورة الحسين واظهار مساوئ دولة بني امية وعلى رأسهم يزيد فهم الصوت الاعلامي لهذه الثورة المباركة وقد خطب السجاد وزينب الكبرى وام كلثوم وغيرهم في الناس فأبكو العيون في الكوفة واحرجوا يزيد في الشام حتى ردهم مكرمين .
3- الحسين سيد شباب اهل الجنة وهو الأمام الذي تقتدي به الأمة بظروفها المختلفة فأراد الامام ان يكون قدوة بكل شئ ولا يترك عذرا لأحد فأخراج عائلته وسبيها بعد قتله وقتل اصحابه واخوته وابنائه اغلقت كل الأعذار امام من اراد الجهاد وخاف من بطش الظالمين ان يتعداه الى ابنائه ونسائه .
4- اخراج العائلة معه تكم كل الأفواه التي تريد ان تحرف الغاية من ثورة الحسين عن هدفها الذي نهض الحسين عليه السلام من اجله وتجعلها ثورة من اجل الملك , فلو كانت ثورته من اجل الملك لترك عائلته في مأمنها في المدينة وخرج هو لهذه الغاية فإن اصابه مكروه لا يتعداه الى اهله اما أخراجه معه فهو يدلل على الغاية الشرعية العظمى والتصميم على التضحية بكل ما يملك.
تعليق