:
وروي أيضاً نقلاً عن السيد رضي الدين الموسوي رضي الله عنه من كتاب خصائص الأئمة عن هارون بن موسى ، عن أحمد بن عمار العجلي الكوفي ، عن عيسى الضرير ، عن الكاظم ، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) حين دفع إليه الوصية : اتخذ لها جوابا عدا بين يدي الله تبارك وتعالى رب العرش ، فإني محاجك يوم القيامة بكتاب الله حلاله وحرامه ، ومحكمه ومتشابهه على ما أنزل الله ، وعلى ما أمرتك ، وعلى فرائض الله كما أنزلت وعلى الأحكام من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتنابه ، مع إقامة حدود الله وشروطه ، والأمور كلها ، وإقام الصلاة لوقتها ، وإيتاء الزكاة لأهلها ، وحج البيت ، والجهاد في سبيل الله ، فما أنت قائل يا علي فقال علي : بأبي أنت وأمي أرجو بكرامة الله لك ومنزلتك عنده ونعمته عليك أن يعينني ربي ، ويثبتني فلا ألقاك بين يدي الله مقصرا ولا متوانيا ولا مفرطا ، ولا أمغز وجهك وقاه وجهي ووجوه آبائي وأمهاتي بل تجدني بأبي أنت وأمي مستمرا متبعا لوصيتك ومنهاجك وطريقك ما دمت حيا أقدم بها عليك ، ثم الأول فالأول من ولدي لا مقصرين ولا مفرطين قال علي (عليه السلام) ثم انكببت على وجهه وعلى صدره وأنا أقول : واوحشتاه بعدك ، بأبي أنت ووامي ، ووحشة ابنتك وبنيك بل وأطول غمي بعدك يا أخي ، انقطعت من منزلي أخبار السماء ، وفقدت بعدك جبرئيل وميكائيل ، فلا أحس أثرا ولا أسمع حسا ، فأغمي عليه طويلا ثم أفاق (صلى الله علبه وآله) قال أبو الحسن : فقلت لابي: فما كان بعد إفاقته ؟ قال: دخل عليه النساء يبكين وارتفعت الأصوات وضج الناس بالباب من المهاجرين والأنصار ، فبينما هم كذلك إذ نودي : أين علي ؟ فأقبل حتى دخل عليه : قال علي (عليه السلام): فانكببت عليه فقال: يا أخي افهم فهمك الله وسددك وأرشدك ووفقك وأعانك وغفر ذنبك ورفع ذكرك ، اعلم يا أخي إن القوم سيشغلهم عني ما يشغلهم ، فانما مثلك في الامة مثل الكعبة ، نصبها الله للناس علما ، وإنما تؤتى من كل فج عميق ، ونأي سحيق ولا تأتي ، وإنما أنت علم الهدى ، ونور الدين ، وهو نور الله يا أخي ، والذي بعثني بالحق لقد قدمت إليهم بالوعيد بعد أن أخبرتهم رجلا رجلا ما افترض الله عليهم من حقك ، وألزمهم من طاعتك ، وكل أجاب وسلم إليك الأمر ، وإني لأعلم خلاف قولهم ، فإذا قبضت وفرغت من جميع ما أوصيك به وغيبتني في قبري فألزم بيتك ، واجمع القرآن على تأليفه ، والفرائض والأحكام على تنزيله ثم امض على غير لائمة على ما أمرتك به ، وعليك بالصبر على ما ينزل بك منهم حتى تقدموا علي ، وبالإسناد المتقدم عن عيسى الضرير ، عن الكاظم (عليه السلام) قال : قلت لابي: فما كان بعد خروج الملائكة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ قال: ثم دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وقال لمن في بيته: اخرجوا عني ، وقال لام سلمة : كوني على الباب فلا يقربه أحد ، ففعلت ، ثم قال يا علي ادن مني فدنا فأخذ بيد فاطمة فوضها على صدره طويلا ، وأخذ بيد علي بيده الاخرى فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكلام غلبته عبرته ، فلم يقدر على الكلام ، فبكت فاطمة بكاء شديدا وعلي والحسن والحسين (عليهم السلام) لبكاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقالت فاطمة : يا رسول الله قد قطعت قلبي ، وأحرقت كبدي لبكائك يا سيد النبيين من الأولين والآخرين ، ويا أمين ربه ورسوله وحبيبه ونبيه ، ومن لولدي بعدك؟ ولذل ينزل بي بعدك من لعلي أخيك ، وناصر الدين؟ من لوحي الله وأمره؟ ثم بكت وأكبت على وجهه فقبلته ، وأكب عليه علي والحسن والحسين صلوات الله عليهم فرفع رأسه (صلى الله عليه وآله) إليهم ويدها في يده فوضعها قي يد علي وقال له : يا أبا الحسن هذه وديعة الله ووديعة رسوله محمد عندك فأحفظ الله واحفظني فيها ، وإنك لفاعله يا علي هذه والله سيدة نساء أهل الجنة من الأولين والآخرين ، هذه والله مريم الكبرى أما والله ما بلغت نفسي هذا الموضع حتى سألت الله لها ولكم ، فأعطاني ما سألته يا علي أنفذ لما أمرتك به فاطمة فقد أمرتها بأشياء أمر بها جبرئيل (عليه السلام) ، واعلم يا علي إني راض عمن رضيت عنه ابنتي فاطمة ، وكذلك ربي وملائكته ، يا علي ويل لمن ظلمها وويل لمن ابتزها حقها ، وويل لمن هتك حرمتها ، وويل لمن أحرق بابها ، وويل لمن آذى خليلها ، وويل لمن شاقها وبارزها ، اللهم إني منهم برئ ، وهم مني برآء ، ثم سماهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وضم فاطمة وعليا والحسن والحسين (عليهم السلام) وقال: اللهم إني لهم ولمن شايعهم سلم ، وزعيم بأنهم يدخلون الجنة ، وعدو وحرب لمن عاداهم وظلمهم وتقدمهم أو تأخر عنهم وعن شيعتهم ، زعيم بأنهم يدخلون النار ، ثم والله يا فاطمة لا أرضى حتى ترضى ، ثم والله لا أرضى حتى ترضى ، ثم والله لا أرضى حتى ترضى ، قال عيسى : فسألت موسى (عليه السلام) وقلت: إن الناس قد أكثروا في أن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر أبا بكر أن يصلي بالناس ، ثم عمر ، فأطرق عني طويلا ثم قال : ليس كما ذكروا ، ولكنك يا عيسى كثير البحث عن الأمور ، ولا ترضى عنها إلا بكشفها ، بأبي أنت وأمي إنما أسال عما أنتفع به في ديني وأتفقه مخافة أن أضل ، وأنا لا أدري ، ولكن متى أجد مثلك يكشفها لي ، فقال: (إن النبي صلى الله عليه واله) لما ثقل مرضه دعا عليا فوضع رأسه في حجره ، وأغمي عليه وحضرت الصلاة فأؤذن بها ، فخرجت عائشة فقالت : يا عمر اخرج فصل بالناس فقال: أبوك أولى بها ، فقالت صدقت ، ولكنه رجل لين ، وأكره أن يواثبه القوم فصل أنت ، فقال لها عمر: بل يصلي هو وأنا أكفيه إن وثب واثب أو تحرك متحرك ، مع أن محمدا (صلى الله عليه وآله) مغمى عليه لا أراه يفيق منها ، والرجل مشغول به لا يقدر أن يفارقه ، يريد عليا (عليه السلام) فبادره بالصلاة قبل أن يفيق ، فإنه إن أفاق×فت أن يأمر عليا بالصلاة ، فلقد سمعت مناجاته منذ الليلة ، وفي آخر كلامه : الصلاة الصلاة قال: فخرج أبو بكر ليصلي بالناس فأنكر القوم ذلك ، ثم ظنوا أنه بأمر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يكبر حتى أفاق (صلى الله عليه وآله) وقال: ادعوا لي العباس ، فدي فحمله هو وعلي ، فأخرجاه حتى صلى بالناس ، وإنه لقاعد ، ثم حمل فوضع على منبره ، فلم يجلس بعد ذلك على المنبر ، واجتمع له أهل المدينة من المهاجرين والأنصار حتى برزت العواتق من خدورهن ، فبين باك وصائح وصارخ ومسترجع والنبي (صلى الله عليه وآله) يخطب ساعة ، ويسكت ساعة ، وكان مما ذكره في خطبته أن قال : يا معشر المهاجرين والأنصار ومن حضرني في يومي هذا وفي ساعتي هذه من الجن والإنس فليبلغ شاهدكم الغائب ، ألا قد خلفت فيكم كتاب الله ، وفيه النور والهدى والبيان ، ما فرط الله فيه من شيء ، حجة الله عليكم ، وخلفت فيكم العلم الاكبر علم الدين ونور الهدى وصيي علي بن أبي طالب ، ألا هو حبل الله فاعتصموا به جميعا ولا تفرقوا عنه ، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء ألف ما في قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ، أيها الناس هذا علي بن أبي طالب كنز الله اليوم وما بعد اليوم ، من أحبه وتولاه اليوم وما بعد اليوم فقد أوفى بما عاهد عليه الله ، وأدى ما وجب عليه ، ومن عاداه اليوم وما بعد اليوم جاء يوم القيامة أعمى وأصم ، لا حجة له عند الله ، أيها الناس لا تأتوني غدا بالدنيا تزفونها زفا ، ويأتي أهل بيتي شعثا غبرا مقهورين مظلومين ، تسيل دماؤهم أمامكم وبيعات الضلالة والشورى للجهالة ، ألا وإن هذا الأمر له أصحابه وآيات قد سماهم الله في كتابه ، وعرفتكم وبلغتكم ما أرسلت به إليكم ولكني أراكم قوما تجهلون ، لا ترجعن بعدي كفارا مرتدين متأولين للكتاب على غير معرفة ، وتبتدعون السنة بالهوى ، لان كل سنة وحدث وكلام خالف القرآن فهو رد وباطل ، القرآن إمام الهدى ، وله قائد يهدي إليه ويدعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة ولي الأمر بعدي وليه ، ووارث علمي وحكمتي وسري وعلانيتي ، وما ورثه النبيون من قبلي ، وأنا وارث وموروث فلا تكذبنكم أنفسكم ، أيها الناس الله الله في أهل بيتي ، فأنهم أركان الدين ، ومصابيح الظلم ، ومعدن العلم ، علي أخي ووارثي ، ووزيري وأميني ، والقائم بأمري والموفي بعهدي على سنتي ، أول الناس بي إيمانا ، وآخرهم عهدا عند الموت ، وأوسطهم لي لقاء يوم القيامة ، فليبلغ شاهدكم غائبكم ، ألا ومن أم قوما إمامة عمياء وفي الأمة من هو أعلم منه فقد كفر ، أيها الناس ومن كانت له من قبلي تبعة فها أنا ، ومن كانت له عدة فليأت فيها علي بن أبي طالب ، فإنه ضامن لذلك كله حتى لا يبقى لأحد علي تبعة وبالإسناد المتقدم إلى عيسى الضرير عن الكاظم عن أبيهما (عليهما السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) في وصيته لعلي (عليه السلام) والناس من حضور حوله: أما والله يا علي ليرجعن أكثر هؤلاء كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض ، وما بينك وبين أن ترى ذلك إلا أن يغيب عنك شخصي ، وقال في مفتاح الوصية : يا علي من شاقك من نسائي وأصحابي فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله ، وأنا منهم برئ ، فابرأ منهم ، فقال علي (عليه السلام) لقد فعلت ، فقال: اللهم فاشهد ، يا علي إن القوم يأتمرون بعدي يظلمون ويبيتون على ذلك ، ومن بيت على ذلك فأنا منهم برئ وفيهم نزلت :{ بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون} وبهذا الاسناد عن الكاظم عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في وصيته لعلي (عليه السلام) يا علي إن فلانة وفلانة ستشاقانك وتبغضانك بعدي وتخرج فلانة عليك عساكر الحديد ، وتخلف الأخرى تجمع إليها الجموع كما في الأمر سواء ، فما أنت صانع يا علي؟ قال: يا رسول الله إن فعلتا ذلك تلوت عليهما كتاب الله ، وهو الحجة فيما بيني وبينهما ، فان قبلتا وإلا أخبرتهما بالسنة وما يجب عليهما من طاعتي وحقي المفروض عليهما ، فإن قبلتاه وإلا أشهدت الله وأشهدتك عليهما ، ورأيت قتالهما على ضلالتها ، قال وتعقر الجمل وإن وقع في النار ؟ قلت : نعم ، قال : اللهم فاشهد ثم قال: يا علي إذا فعلتا ما شهد عليهما القرآن فأبنهما مني ، فإنهما بائنتان ، وأبوهما شريكان لهما فيما عملتا وفعلتا ، قال: وكان في وصيته (صلى الله عليه وآله) : يا علي اصبر على ظلم الظالمين ، فإن الكفر يقبل والردة والنفاق مع الأول منهم ، ثم الثاني وهو شر منه وأظلم ، ثم الثالث ، ثم يجتمع لك شيعة تقابل الناكثين والقاسطين والمتبعين المضلين وأقنت عليهم ، هم الأحزاب وشيعتهم ، وبالإسناد المتقدم عن الكاظم عن أبيه (صلوات الله عليهما) قال: دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) قبل وفاته بقليل فأكب عليه فقال : أي أخي إن جبرئيل أتاني من عند الله برسالة ، وأمرني أن أبعثك بها إلى الناس ، فاخرج إليهم وعلمهم وأدبهم من الله ، وقل من الله ورسوله : أيها الناس يقول لكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن جبرئيل أتاني من عند الله برسالة ، وأمرني أن أبعث إليكم بها مع أميني علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، ألا من ادعى إلى غير أبيه فقد برئ الله منه ألا من تولى غير مواليه فقد برئ الله منه ، ومن تقدم على إمامه أو قدم إماما غير المفترض الطاعة ووالى بائرا جائرا عن الإمام فقد ضاد في ملكه والله منه برئ يوم القيامة ، ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، ألا هل بلغت؟ ثلاثا ومن منع أجيرا أجرته وهو من عرفتم فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة ، قال السيد ابن طاووس رضي الله عنه : روى محمد بن جرير الطبري عن يوسف بن علي البلخي ، عن أبي سعيد الادمي ، عن عبد الكريم بن هلال ، عن الحسين بن موسى بن جعفر، عن أبيه ، عن جده (عليهما السلام) ان أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن أخرج فنادي في الناس : ألا من ظلم أجيرا أجره فعليه لعنة الله ، ألا من تولى غير مواليه فعليه لعنة الله ، ألا من سب أبويه فعليه لعنة الله ، قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) فخرجت فناديت في الناس كما أمرني النبي (صلى الله عليه وآله) ، فقال عمر بن الخطاب : هل لما ناديت به من تفسير؟ فقلت : الله ورسوله أعلم ، قال: فقام عمر وجماعة من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فدخلوا عليه ، فقال عمر: يا رسول الله هل لما نادى علي من تفسير؟ قال نعم أنا أمرته أن ينادي : ألا من ظلم أجيرا أجره لعنه الله ، والله يقول {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} فمن ظلمنا فعليه لعنة الله ، وأمرته أن ينادي : من توالى غير مواليه فعليه لعنة الله ، والله يقول { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} ومن كنت مولاه فعلي مولاه ، فمن تولى غير علي فعليه لعنة الله ، وأمرته أن ينادي : من سب أبويه فعليه لعنة الله وأنا أشهد الله وأشهدكم أني وعليا أبوا المؤمنين ، فمن سب أحدنا فعليه لعنة الله ، فلما خرجوا قال عمر : يا أصحاب محمد ما آكد النبي لعلي في الولاية في غدير خم ولا في غيره أشد من تأكيده في يومنا هذا . وبالإسناد المقدم ، عن موسى بن جعفر عن أبيه (عليهم السلام) قال: لما كانت الليلة التي قبض النبي (صلى الله عليه وآله) في صبيحتها دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وأغلق عليه وعليهم الباب ، وقال: يا فاطمة ، وأدناها منه ، فناجاها من الليل طويلا ، فلما طال ذلك خرج علي ومعه الحسن والحسين وأقاموا بالباب والناس خلف الباب ، ونساء النبي (صلى الله عليه وآله) ينظرن إلى علي (عليه السلام) ومعه ابناه ، فقالت عائشة: لأمر ما أخرجك منه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخلا بابنته دونك في هذه الساعة ، فقال لها علي (عليه السلام): قد عرفت الذي خلا بها وأرادها له ، وهو بعد ما كنت فيه وأبوك وصاحباه مما قد سماه :فوجمت أن ترد عليه كلمة ، قال علي (عليه السلام) : فما لبث أن تنادي فاطمة (عليها السلام) فدخلت على النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يجود بنفسه ، فبكيت ولم أملك نفسي حين رأيته بتلك الحال يجود بنفسه ، فقال لي: ما يبكيك يا علي؟ ليس هذا أوان البكاء ، فقد حان الفراق بيني وبينك ، فأستودعك الله يا أخي ، فقد اختار لي ربي ما عنده ، وإنما بكائي وغمي وحزني عليك وعلى هذه أن تضيع بعدي ، فقد أجمع القوم على ظلمكم ، وقد أستودعكم الله ، وقبلكم مني الوديعة يا علي ، إني قد أوصيت فاطمة ابنتي بأشياء وأمرتها أن تلقيها إليك ، فأنقذها ، فهي الصادقة الصدوقة ، ثم ضمها إليه وقبل رأسها ، وقال فداك أبوك يا فاطمة ، فعلا صوتها بالبكاء ، ثم ضمها إليه وقال : أما والله لينتقمن الله ربي ، وليغضبن لغضبك فالويل ثم الويل ثم الويل للظالمين ، ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال علي (عليه السلام): فوالله لقد حسبت بضعة مني قد ذهبت لبكائه حتى هملت عيناه مثل المطر ، حتى بلت الدموع لحيته وملاءة كانت عليها ، وهو يلتزم فاطمة لا يفارقها ورأسه على صدري ، وأنا مسنده ، والحسن والحسين يقبلان قدميه ويبكيان بأعلا أصواتهما قال علي (علي السلام) : فلو قلت: أن جبرئيل في البيت لصدقت ، لأني كنت أسمع صوت بكاء ونغمة لا أعرفها ، وكنت أعلم أنها أصوات الملائكة لا أشك فيها ، لان جبرئيل لم يكن في مثل تلك الليلة يفارق النبي (صلى الله عليه وآله) ، ولقد رأيت بكاء منها أحسب أن السماوات والارضين قد بكت لها ، ثم قال لها : يا بنية الله خليفتي عليكم ، وهو خير خليفة ، والذي بعثني بالحق لقد بكى لبكائك عرش الله ، وما حوله من الملائكة والسماوات والارضون وما فيهما ، يا فاطمة والذي بعثني بالحق لقد حرمت الجنة على الخلائق حتى أدخلها ، وإنك لأول خلق الله ، يدخلها بعدي كاسية حالية ناعمة ، يا فاطمة هنيئا لك ، والذي بعثني بالحق إنك لسيدة من يدخلها من النساء ، والذي بعثني بالحق إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا صعق ، فينادي إليها أن : يا جهنم ! يقول لك الجبار اسكني بعزي واستقري حتى تجوز فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) إلى الجنان ، لا يغشاها قترة ولا ذلة ، والذي بعثني بالحق ليدخلن الحسن والحسين : الحسن عن يمينك ، والحسين عن يسارك ، ولتشرفن من أعلى الجنان بين يدي الله في المقام الشريف ولواء الحمد مع علي بن أبي طالب(عليه السلام) يكسى إذا كسيت ، ويحبى إذا حبيت ، والذي بعثني بالحق لاقومن بخصومة أعدائك ، وليندمن قوم أخذوا حقك وقطعوا مودتك ، وكذبوا علي ، وليختلجن دوني فأقول: أمتي أمتي فيقال: إنهم بدلوا بعدك وصاروا إلى السعير . وبالإسناد المتقدم عن موسى بن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان في الوصية أن يدفع إلي الحنوط ، فدعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل وفاته بقليل فقال: يا علي ويا فاطمة هذا حنوطي من الجنة دفعه إلى جبرئيل ، وهو يقرئكما السلام ويقول لكما : اقسماه واعزلا منه لي ولكما ، وقال ثلثه ، وليكن الناظر في الباقي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وضمها إليه ، وقال: موفقة رشيدة مهدية ملهمة ، يا علي قل في الباقي ، قال: نصف ما بقي لها ، ونصف لمن ترى يا رسول الله ، قال: هو لك فاقبضه . وبالإسناد المتقدم عنه عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي أضمنت ديني تقضيه عني؟ قال: نعم قال: اللهم فاشهد ، ثم قال: يا علي تغسلني ولا يغسلني غيرك فيعمى بصره ، قال علي (عليه السلام) ولم يا رسول الله ؟ قال: كذلك قال جبرئيل عليه السلام عن ربي ، إنه لا يرى عورتي غيرك إلا عمي بصره ، قال علي: فكيف أقوى على ذلك وحدي ؟ قال: يعينك جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وإسماعيل صاحب السماء الدنيا ، قلت: فمن يناولني الماء: قال: الفضل بن العباس من غير أن ينظر إلي شئ مني ، فإنه لا يحل له ولا لغيره من الرجال والنساء النظر إلى عورتي ، وهي حرام عليهم ، فإذا فرغت من غسلي فضعني على لوح ، وأفرغ علي من بئري بئر غرس أربعين دلوا مفتحة الأفواه ، ثم ضع يدك يا علي على صدري ، وأحضر معك فاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) من غير أن ينظروا إلى شئ من عورتي ، ثم تفهم عند ذلك تفهم ما كان وما هو كائن إن شاء الله تعالى أقبلت يا علي: قال: اللهم فاشهد ، قال: يا علي ما أنت صانع لو قد تأمر القوم عليك بعدي ، وتقدموا عليك ، وبعث إليك طاغيتهم يدعوك إلى البيعة ثم لببت بثوبك تقاد كما يقاد الشارد من الابل مذموما مخذولا محزونا مهموما وبعد ذلك ينزل بهذه الذل؟ قال: فلما سمعت فاطمة ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) صرخت وبكت ، فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبكائها ، وقال: يا بنية لا تبكين ولا تؤذين جلساءك من الملائكة ، هذا جبرئيل بكى لبكائك ، وميكائيل وصاحب سر الله إسرافيل ، يا بنية لا تبكين فقد بكت السماوات والأرض لبكائك ، فقال علي (عليه السلام) يا رسول الله أنقاد للقوم ، وأصبر على ما أصابني من غير بيعة لهم ، ما لم اصب أعوانا لم أناجز القوم ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) اللهم اشهد فقال يا علي ما أنت صانع بالقرآن والعزائم والفرائض؟ فقال: يا رسول الله أجمعه ، ثم آتيهم به ، فإن قبلوه وإلا أشهدت الله عز وجل وأشهدتك عليه قال: أشهد . قال: وكان في ما أوصى به رسول الله (صلى الله عليه وآله)أن يدفن في بيته الذي قبض فيه ويكفن بثلاث أثواب : أحدها يمان ، ولا يدخل قبره غير علي (عليه السلام) ثم قال: يا علي كن أنت وابنتي فاطمة والحسن والحسين ، وكبروا خمسا وسبعين تكبيرة وكبر خمسا، وانصرف ، وذلك بعد أن يؤذن لك في الصلاة ، قال علي (عليه السلام): بأبي أنت وأمي من يؤذن غدا؟ قال جبرائيل (عليه السلام) يؤذنك ، قال: ثم من جاء من أهل بيتي يصلون علي فوجا فوجا ، ثم نساؤهم ، ثم الناس بعد ذلك. وبهذا الاسناد قال: قال علي (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا رسول الله أمرتني أن اصيرك في بيتك إن حدث بك حدث؟ قال: نعم يا علي بيتي قبري قال علي (عليه السلام) فقلت بأبي أنت وأمي فحد لي النواحي اصيرك فيه ، قال: إنك مسخر بالموضع وتراه ، قالت عائشة: يا رسول الله فأين أسكن؟ قال اسكني أنت بيتا من البيوت ، إنما هو بيتي ، ليس لك فيه الحق إلا ما لغيرك ، فقري في بيتك ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الاولى ، ولا تقاتلي مولاك ووليك ظالمة شاقة ، وإنك لفاعليه ، فبلغ ذلك من قوله عمر ، فقال لابنته حفصة : مري عايشة لا تفاتحه في ذكر علي ولا تراده ، فإنه قد استهيم فيه حياته وعند موته ، إنما البيت بيتك لا ينازعك فيه أحد ، فإذا قضت المرأة عدتها من زوجها كانت أولى ببيتها تسلك أي المسالك شاءت . وبالإسناد المتقدم عن الكاظم عن أبيه عن جده الباقر (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) بينما نحن عند النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يجود بنفسه وهو مسجى بثوب ملاة خفيفة على وجهه ، فمكث ما شاء الله أن يمكث ، ونحن حوله بين باك ومسترجع ، إذ تكلم وقال: ابيضت وجوه ، واسودت وجوه وسعد أقوم ، وشقي آخرون ، أصحاب الكساء الخمسة أنا سيدهم ، ولا فخر ، عترتي أهل بيتي السابقون المقربون ، يسعد من اتبعهم وشايعهم على ديني ودين آبائي ، أنجزت موعدك يا رب إلى يوم القيامة في أهل بيتي ، اسودت وجوه أقوام وردوا ظماء مظمئين إلى نار جهنم ، مزقوا الثقل الأول الأعظم ، وأخروا الثقل الأصغر حسابهم على الله كل امرئ بما كسبت رهين ، وثالث ورابع غلقت الرهون ، واسودت الوجوه ، أصحاب الأموال ، هلكت الأحزاب ، قادة الأمة بعضها إلى بعض في النار كتاب دارس ، وباب مهجور ، وحكم بغير علم ، مبغض علي وآل علي في النار ومحب علي وآله علي في الجنة: ثم سكت . انتهى ما أخرجناه من كتاب الطرف مما أخرجه من كتاب الوصية لعيسى بن المستفاد ، وكتاب خصائص الأئمة للسيد الرضي رضي الله عنه ، وأكثرها مروي في كتاب الصراط المستقيم للشيخ زين الدين البياضي ، وعيسى وكتابه مذكوران في كتب الرجال ، ولي إليه أسانيد جمة ، وبعد اعتبار الكليني رحمه الله الكتاب واعتماد السيدين عليه لا عبرة بتضعيف بعضهم ، مع أن الفاظ الروايات ومضامينها شاهدة على صحتها . بحار الأنوار- العلامة المجلسي ج -22 ص 482 -495 ، خصائص الأئمة- الشريف الرضي ص 72 – 75
وروي أيضاً نقلاً عن السيد رضي الدين الموسوي رضي الله عنه من كتاب خصائص الأئمة عن هارون بن موسى ، عن أحمد بن عمار العجلي الكوفي ، عن عيسى الضرير ، عن الكاظم ، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) حين دفع إليه الوصية : اتخذ لها جوابا عدا بين يدي الله تبارك وتعالى رب العرش ، فإني محاجك يوم القيامة بكتاب الله حلاله وحرامه ، ومحكمه ومتشابهه على ما أنزل الله ، وعلى ما أمرتك ، وعلى فرائض الله كما أنزلت وعلى الأحكام من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتنابه ، مع إقامة حدود الله وشروطه ، والأمور كلها ، وإقام الصلاة لوقتها ، وإيتاء الزكاة لأهلها ، وحج البيت ، والجهاد في سبيل الله ، فما أنت قائل يا علي فقال علي : بأبي أنت وأمي أرجو بكرامة الله لك ومنزلتك عنده ونعمته عليك أن يعينني ربي ، ويثبتني فلا ألقاك بين يدي الله مقصرا ولا متوانيا ولا مفرطا ، ولا أمغز وجهك وقاه وجهي ووجوه آبائي وأمهاتي بل تجدني بأبي أنت وأمي مستمرا متبعا لوصيتك ومنهاجك وطريقك ما دمت حيا أقدم بها عليك ، ثم الأول فالأول من ولدي لا مقصرين ولا مفرطين قال علي (عليه السلام) ثم انكببت على وجهه وعلى صدره وأنا أقول : واوحشتاه بعدك ، بأبي أنت ووامي ، ووحشة ابنتك وبنيك بل وأطول غمي بعدك يا أخي ، انقطعت من منزلي أخبار السماء ، وفقدت بعدك جبرئيل وميكائيل ، فلا أحس أثرا ولا أسمع حسا ، فأغمي عليه طويلا ثم أفاق (صلى الله علبه وآله) قال أبو الحسن : فقلت لابي: فما كان بعد إفاقته ؟ قال: دخل عليه النساء يبكين وارتفعت الأصوات وضج الناس بالباب من المهاجرين والأنصار ، فبينما هم كذلك إذ نودي : أين علي ؟ فأقبل حتى دخل عليه : قال علي (عليه السلام): فانكببت عليه فقال: يا أخي افهم فهمك الله وسددك وأرشدك ووفقك وأعانك وغفر ذنبك ورفع ذكرك ، اعلم يا أخي إن القوم سيشغلهم عني ما يشغلهم ، فانما مثلك في الامة مثل الكعبة ، نصبها الله للناس علما ، وإنما تؤتى من كل فج عميق ، ونأي سحيق ولا تأتي ، وإنما أنت علم الهدى ، ونور الدين ، وهو نور الله يا أخي ، والذي بعثني بالحق لقد قدمت إليهم بالوعيد بعد أن أخبرتهم رجلا رجلا ما افترض الله عليهم من حقك ، وألزمهم من طاعتك ، وكل أجاب وسلم إليك الأمر ، وإني لأعلم خلاف قولهم ، فإذا قبضت وفرغت من جميع ما أوصيك به وغيبتني في قبري فألزم بيتك ، واجمع القرآن على تأليفه ، والفرائض والأحكام على تنزيله ثم امض على غير لائمة على ما أمرتك به ، وعليك بالصبر على ما ينزل بك منهم حتى تقدموا علي ، وبالإسناد المتقدم عن عيسى الضرير ، عن الكاظم (عليه السلام) قال : قلت لابي: فما كان بعد خروج الملائكة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ قال: ثم دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وقال لمن في بيته: اخرجوا عني ، وقال لام سلمة : كوني على الباب فلا يقربه أحد ، ففعلت ، ثم قال يا علي ادن مني فدنا فأخذ بيد فاطمة فوضها على صدره طويلا ، وأخذ بيد علي بيده الاخرى فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكلام غلبته عبرته ، فلم يقدر على الكلام ، فبكت فاطمة بكاء شديدا وعلي والحسن والحسين (عليهم السلام) لبكاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقالت فاطمة : يا رسول الله قد قطعت قلبي ، وأحرقت كبدي لبكائك يا سيد النبيين من الأولين والآخرين ، ويا أمين ربه ورسوله وحبيبه ونبيه ، ومن لولدي بعدك؟ ولذل ينزل بي بعدك من لعلي أخيك ، وناصر الدين؟ من لوحي الله وأمره؟ ثم بكت وأكبت على وجهه فقبلته ، وأكب عليه علي والحسن والحسين صلوات الله عليهم فرفع رأسه (صلى الله عليه وآله) إليهم ويدها في يده فوضعها قي يد علي وقال له : يا أبا الحسن هذه وديعة الله ووديعة رسوله محمد عندك فأحفظ الله واحفظني فيها ، وإنك لفاعله يا علي هذه والله سيدة نساء أهل الجنة من الأولين والآخرين ، هذه والله مريم الكبرى أما والله ما بلغت نفسي هذا الموضع حتى سألت الله لها ولكم ، فأعطاني ما سألته يا علي أنفذ لما أمرتك به فاطمة فقد أمرتها بأشياء أمر بها جبرئيل (عليه السلام) ، واعلم يا علي إني راض عمن رضيت عنه ابنتي فاطمة ، وكذلك ربي وملائكته ، يا علي ويل لمن ظلمها وويل لمن ابتزها حقها ، وويل لمن هتك حرمتها ، وويل لمن أحرق بابها ، وويل لمن آذى خليلها ، وويل لمن شاقها وبارزها ، اللهم إني منهم برئ ، وهم مني برآء ، ثم سماهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وضم فاطمة وعليا والحسن والحسين (عليهم السلام) وقال: اللهم إني لهم ولمن شايعهم سلم ، وزعيم بأنهم يدخلون الجنة ، وعدو وحرب لمن عاداهم وظلمهم وتقدمهم أو تأخر عنهم وعن شيعتهم ، زعيم بأنهم يدخلون النار ، ثم والله يا فاطمة لا أرضى حتى ترضى ، ثم والله لا أرضى حتى ترضى ، ثم والله لا أرضى حتى ترضى ، قال عيسى : فسألت موسى (عليه السلام) وقلت: إن الناس قد أكثروا في أن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر أبا بكر أن يصلي بالناس ، ثم عمر ، فأطرق عني طويلا ثم قال : ليس كما ذكروا ، ولكنك يا عيسى كثير البحث عن الأمور ، ولا ترضى عنها إلا بكشفها ، بأبي أنت وأمي إنما أسال عما أنتفع به في ديني وأتفقه مخافة أن أضل ، وأنا لا أدري ، ولكن متى أجد مثلك يكشفها لي ، فقال: (إن النبي صلى الله عليه واله) لما ثقل مرضه دعا عليا فوضع رأسه في حجره ، وأغمي عليه وحضرت الصلاة فأؤذن بها ، فخرجت عائشة فقالت : يا عمر اخرج فصل بالناس فقال: أبوك أولى بها ، فقالت صدقت ، ولكنه رجل لين ، وأكره أن يواثبه القوم فصل أنت ، فقال لها عمر: بل يصلي هو وأنا أكفيه إن وثب واثب أو تحرك متحرك ، مع أن محمدا (صلى الله عليه وآله) مغمى عليه لا أراه يفيق منها ، والرجل مشغول به لا يقدر أن يفارقه ، يريد عليا (عليه السلام) فبادره بالصلاة قبل أن يفيق ، فإنه إن أفاق×فت أن يأمر عليا بالصلاة ، فلقد سمعت مناجاته منذ الليلة ، وفي آخر كلامه : الصلاة الصلاة قال: فخرج أبو بكر ليصلي بالناس فأنكر القوم ذلك ، ثم ظنوا أنه بأمر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يكبر حتى أفاق (صلى الله عليه وآله) وقال: ادعوا لي العباس ، فدي فحمله هو وعلي ، فأخرجاه حتى صلى بالناس ، وإنه لقاعد ، ثم حمل فوضع على منبره ، فلم يجلس بعد ذلك على المنبر ، واجتمع له أهل المدينة من المهاجرين والأنصار حتى برزت العواتق من خدورهن ، فبين باك وصائح وصارخ ومسترجع والنبي (صلى الله عليه وآله) يخطب ساعة ، ويسكت ساعة ، وكان مما ذكره في خطبته أن قال : يا معشر المهاجرين والأنصار ومن حضرني في يومي هذا وفي ساعتي هذه من الجن والإنس فليبلغ شاهدكم الغائب ، ألا قد خلفت فيكم كتاب الله ، وفيه النور والهدى والبيان ، ما فرط الله فيه من شيء ، حجة الله عليكم ، وخلفت فيكم العلم الاكبر علم الدين ونور الهدى وصيي علي بن أبي طالب ، ألا هو حبل الله فاعتصموا به جميعا ولا تفرقوا عنه ، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء ألف ما في قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ، أيها الناس هذا علي بن أبي طالب كنز الله اليوم وما بعد اليوم ، من أحبه وتولاه اليوم وما بعد اليوم فقد أوفى بما عاهد عليه الله ، وأدى ما وجب عليه ، ومن عاداه اليوم وما بعد اليوم جاء يوم القيامة أعمى وأصم ، لا حجة له عند الله ، أيها الناس لا تأتوني غدا بالدنيا تزفونها زفا ، ويأتي أهل بيتي شعثا غبرا مقهورين مظلومين ، تسيل دماؤهم أمامكم وبيعات الضلالة والشورى للجهالة ، ألا وإن هذا الأمر له أصحابه وآيات قد سماهم الله في كتابه ، وعرفتكم وبلغتكم ما أرسلت به إليكم ولكني أراكم قوما تجهلون ، لا ترجعن بعدي كفارا مرتدين متأولين للكتاب على غير معرفة ، وتبتدعون السنة بالهوى ، لان كل سنة وحدث وكلام خالف القرآن فهو رد وباطل ، القرآن إمام الهدى ، وله قائد يهدي إليه ويدعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة ولي الأمر بعدي وليه ، ووارث علمي وحكمتي وسري وعلانيتي ، وما ورثه النبيون من قبلي ، وأنا وارث وموروث فلا تكذبنكم أنفسكم ، أيها الناس الله الله في أهل بيتي ، فأنهم أركان الدين ، ومصابيح الظلم ، ومعدن العلم ، علي أخي ووارثي ، ووزيري وأميني ، والقائم بأمري والموفي بعهدي على سنتي ، أول الناس بي إيمانا ، وآخرهم عهدا عند الموت ، وأوسطهم لي لقاء يوم القيامة ، فليبلغ شاهدكم غائبكم ، ألا ومن أم قوما إمامة عمياء وفي الأمة من هو أعلم منه فقد كفر ، أيها الناس ومن كانت له من قبلي تبعة فها أنا ، ومن كانت له عدة فليأت فيها علي بن أبي طالب ، فإنه ضامن لذلك كله حتى لا يبقى لأحد علي تبعة وبالإسناد المتقدم إلى عيسى الضرير عن الكاظم عن أبيهما (عليهما السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) في وصيته لعلي (عليه السلام) والناس من حضور حوله: أما والله يا علي ليرجعن أكثر هؤلاء كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض ، وما بينك وبين أن ترى ذلك إلا أن يغيب عنك شخصي ، وقال في مفتاح الوصية : يا علي من شاقك من نسائي وأصحابي فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله ، وأنا منهم برئ ، فابرأ منهم ، فقال علي (عليه السلام) لقد فعلت ، فقال: اللهم فاشهد ، يا علي إن القوم يأتمرون بعدي يظلمون ويبيتون على ذلك ، ومن بيت على ذلك فأنا منهم برئ وفيهم نزلت :{ بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون} وبهذا الاسناد عن الكاظم عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في وصيته لعلي (عليه السلام) يا علي إن فلانة وفلانة ستشاقانك وتبغضانك بعدي وتخرج فلانة عليك عساكر الحديد ، وتخلف الأخرى تجمع إليها الجموع كما في الأمر سواء ، فما أنت صانع يا علي؟ قال: يا رسول الله إن فعلتا ذلك تلوت عليهما كتاب الله ، وهو الحجة فيما بيني وبينهما ، فان قبلتا وإلا أخبرتهما بالسنة وما يجب عليهما من طاعتي وحقي المفروض عليهما ، فإن قبلتاه وإلا أشهدت الله وأشهدتك عليهما ، ورأيت قتالهما على ضلالتها ، قال وتعقر الجمل وإن وقع في النار ؟ قلت : نعم ، قال : اللهم فاشهد ثم قال: يا علي إذا فعلتا ما شهد عليهما القرآن فأبنهما مني ، فإنهما بائنتان ، وأبوهما شريكان لهما فيما عملتا وفعلتا ، قال: وكان في وصيته (صلى الله عليه وآله) : يا علي اصبر على ظلم الظالمين ، فإن الكفر يقبل والردة والنفاق مع الأول منهم ، ثم الثاني وهو شر منه وأظلم ، ثم الثالث ، ثم يجتمع لك شيعة تقابل الناكثين والقاسطين والمتبعين المضلين وأقنت عليهم ، هم الأحزاب وشيعتهم ، وبالإسناد المتقدم عن الكاظم عن أبيه (صلوات الله عليهما) قال: دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) قبل وفاته بقليل فأكب عليه فقال : أي أخي إن جبرئيل أتاني من عند الله برسالة ، وأمرني أن أبعثك بها إلى الناس ، فاخرج إليهم وعلمهم وأدبهم من الله ، وقل من الله ورسوله : أيها الناس يقول لكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن جبرئيل أتاني من عند الله برسالة ، وأمرني أن أبعث إليكم بها مع أميني علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، ألا من ادعى إلى غير أبيه فقد برئ الله منه ألا من تولى غير مواليه فقد برئ الله منه ، ومن تقدم على إمامه أو قدم إماما غير المفترض الطاعة ووالى بائرا جائرا عن الإمام فقد ضاد في ملكه والله منه برئ يوم القيامة ، ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، ألا هل بلغت؟ ثلاثا ومن منع أجيرا أجرته وهو من عرفتم فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة ، قال السيد ابن طاووس رضي الله عنه : روى محمد بن جرير الطبري عن يوسف بن علي البلخي ، عن أبي سعيد الادمي ، عن عبد الكريم بن هلال ، عن الحسين بن موسى بن جعفر، عن أبيه ، عن جده (عليهما السلام) ان أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن أخرج فنادي في الناس : ألا من ظلم أجيرا أجره فعليه لعنة الله ، ألا من تولى غير مواليه فعليه لعنة الله ، ألا من سب أبويه فعليه لعنة الله ، قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) فخرجت فناديت في الناس كما أمرني النبي (صلى الله عليه وآله) ، فقال عمر بن الخطاب : هل لما ناديت به من تفسير؟ فقلت : الله ورسوله أعلم ، قال: فقام عمر وجماعة من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فدخلوا عليه ، فقال عمر: يا رسول الله هل لما نادى علي من تفسير؟ قال نعم أنا أمرته أن ينادي : ألا من ظلم أجيرا أجره لعنه الله ، والله يقول {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} فمن ظلمنا فعليه لعنة الله ، وأمرته أن ينادي : من توالى غير مواليه فعليه لعنة الله ، والله يقول { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} ومن كنت مولاه فعلي مولاه ، فمن تولى غير علي فعليه لعنة الله ، وأمرته أن ينادي : من سب أبويه فعليه لعنة الله وأنا أشهد الله وأشهدكم أني وعليا أبوا المؤمنين ، فمن سب أحدنا فعليه لعنة الله ، فلما خرجوا قال عمر : يا أصحاب محمد ما آكد النبي لعلي في الولاية في غدير خم ولا في غيره أشد من تأكيده في يومنا هذا . وبالإسناد المقدم ، عن موسى بن جعفر عن أبيه (عليهم السلام) قال: لما كانت الليلة التي قبض النبي (صلى الله عليه وآله) في صبيحتها دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وأغلق عليه وعليهم الباب ، وقال: يا فاطمة ، وأدناها منه ، فناجاها من الليل طويلا ، فلما طال ذلك خرج علي ومعه الحسن والحسين وأقاموا بالباب والناس خلف الباب ، ونساء النبي (صلى الله عليه وآله) ينظرن إلى علي (عليه السلام) ومعه ابناه ، فقالت عائشة: لأمر ما أخرجك منه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخلا بابنته دونك في هذه الساعة ، فقال لها علي (عليه السلام): قد عرفت الذي خلا بها وأرادها له ، وهو بعد ما كنت فيه وأبوك وصاحباه مما قد سماه :فوجمت أن ترد عليه كلمة ، قال علي (عليه السلام) : فما لبث أن تنادي فاطمة (عليها السلام) فدخلت على النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يجود بنفسه ، فبكيت ولم أملك نفسي حين رأيته بتلك الحال يجود بنفسه ، فقال لي: ما يبكيك يا علي؟ ليس هذا أوان البكاء ، فقد حان الفراق بيني وبينك ، فأستودعك الله يا أخي ، فقد اختار لي ربي ما عنده ، وإنما بكائي وغمي وحزني عليك وعلى هذه أن تضيع بعدي ، فقد أجمع القوم على ظلمكم ، وقد أستودعكم الله ، وقبلكم مني الوديعة يا علي ، إني قد أوصيت فاطمة ابنتي بأشياء وأمرتها أن تلقيها إليك ، فأنقذها ، فهي الصادقة الصدوقة ، ثم ضمها إليه وقبل رأسها ، وقال فداك أبوك يا فاطمة ، فعلا صوتها بالبكاء ، ثم ضمها إليه وقال : أما والله لينتقمن الله ربي ، وليغضبن لغضبك فالويل ثم الويل ثم الويل للظالمين ، ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال علي (عليه السلام): فوالله لقد حسبت بضعة مني قد ذهبت لبكائه حتى هملت عيناه مثل المطر ، حتى بلت الدموع لحيته وملاءة كانت عليها ، وهو يلتزم فاطمة لا يفارقها ورأسه على صدري ، وأنا مسنده ، والحسن والحسين يقبلان قدميه ويبكيان بأعلا أصواتهما قال علي (علي السلام) : فلو قلت: أن جبرئيل في البيت لصدقت ، لأني كنت أسمع صوت بكاء ونغمة لا أعرفها ، وكنت أعلم أنها أصوات الملائكة لا أشك فيها ، لان جبرئيل لم يكن في مثل تلك الليلة يفارق النبي (صلى الله عليه وآله) ، ولقد رأيت بكاء منها أحسب أن السماوات والارضين قد بكت لها ، ثم قال لها : يا بنية الله خليفتي عليكم ، وهو خير خليفة ، والذي بعثني بالحق لقد بكى لبكائك عرش الله ، وما حوله من الملائكة والسماوات والارضون وما فيهما ، يا فاطمة والذي بعثني بالحق لقد حرمت الجنة على الخلائق حتى أدخلها ، وإنك لأول خلق الله ، يدخلها بعدي كاسية حالية ناعمة ، يا فاطمة هنيئا لك ، والذي بعثني بالحق إنك لسيدة من يدخلها من النساء ، والذي بعثني بالحق إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا صعق ، فينادي إليها أن : يا جهنم ! يقول لك الجبار اسكني بعزي واستقري حتى تجوز فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) إلى الجنان ، لا يغشاها قترة ولا ذلة ، والذي بعثني بالحق ليدخلن الحسن والحسين : الحسن عن يمينك ، والحسين عن يسارك ، ولتشرفن من أعلى الجنان بين يدي الله في المقام الشريف ولواء الحمد مع علي بن أبي طالب(عليه السلام) يكسى إذا كسيت ، ويحبى إذا حبيت ، والذي بعثني بالحق لاقومن بخصومة أعدائك ، وليندمن قوم أخذوا حقك وقطعوا مودتك ، وكذبوا علي ، وليختلجن دوني فأقول: أمتي أمتي فيقال: إنهم بدلوا بعدك وصاروا إلى السعير . وبالإسناد المتقدم عن موسى بن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان في الوصية أن يدفع إلي الحنوط ، فدعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل وفاته بقليل فقال: يا علي ويا فاطمة هذا حنوطي من الجنة دفعه إلى جبرئيل ، وهو يقرئكما السلام ويقول لكما : اقسماه واعزلا منه لي ولكما ، وقال ثلثه ، وليكن الناظر في الباقي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وضمها إليه ، وقال: موفقة رشيدة مهدية ملهمة ، يا علي قل في الباقي ، قال: نصف ما بقي لها ، ونصف لمن ترى يا رسول الله ، قال: هو لك فاقبضه . وبالإسناد المتقدم عنه عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي أضمنت ديني تقضيه عني؟ قال: نعم قال: اللهم فاشهد ، ثم قال: يا علي تغسلني ولا يغسلني غيرك فيعمى بصره ، قال علي (عليه السلام) ولم يا رسول الله ؟ قال: كذلك قال جبرئيل عليه السلام عن ربي ، إنه لا يرى عورتي غيرك إلا عمي بصره ، قال علي: فكيف أقوى على ذلك وحدي ؟ قال: يعينك جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وإسماعيل صاحب السماء الدنيا ، قلت: فمن يناولني الماء: قال: الفضل بن العباس من غير أن ينظر إلي شئ مني ، فإنه لا يحل له ولا لغيره من الرجال والنساء النظر إلى عورتي ، وهي حرام عليهم ، فإذا فرغت من غسلي فضعني على لوح ، وأفرغ علي من بئري بئر غرس أربعين دلوا مفتحة الأفواه ، ثم ضع يدك يا علي على صدري ، وأحضر معك فاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) من غير أن ينظروا إلى شئ من عورتي ، ثم تفهم عند ذلك تفهم ما كان وما هو كائن إن شاء الله تعالى أقبلت يا علي: قال: اللهم فاشهد ، قال: يا علي ما أنت صانع لو قد تأمر القوم عليك بعدي ، وتقدموا عليك ، وبعث إليك طاغيتهم يدعوك إلى البيعة ثم لببت بثوبك تقاد كما يقاد الشارد من الابل مذموما مخذولا محزونا مهموما وبعد ذلك ينزل بهذه الذل؟ قال: فلما سمعت فاطمة ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) صرخت وبكت ، فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبكائها ، وقال: يا بنية لا تبكين ولا تؤذين جلساءك من الملائكة ، هذا جبرئيل بكى لبكائك ، وميكائيل وصاحب سر الله إسرافيل ، يا بنية لا تبكين فقد بكت السماوات والأرض لبكائك ، فقال علي (عليه السلام) يا رسول الله أنقاد للقوم ، وأصبر على ما أصابني من غير بيعة لهم ، ما لم اصب أعوانا لم أناجز القوم ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) اللهم اشهد فقال يا علي ما أنت صانع بالقرآن والعزائم والفرائض؟ فقال: يا رسول الله أجمعه ، ثم آتيهم به ، فإن قبلوه وإلا أشهدت الله عز وجل وأشهدتك عليه قال: أشهد . قال: وكان في ما أوصى به رسول الله (صلى الله عليه وآله)أن يدفن في بيته الذي قبض فيه ويكفن بثلاث أثواب : أحدها يمان ، ولا يدخل قبره غير علي (عليه السلام) ثم قال: يا علي كن أنت وابنتي فاطمة والحسن والحسين ، وكبروا خمسا وسبعين تكبيرة وكبر خمسا، وانصرف ، وذلك بعد أن يؤذن لك في الصلاة ، قال علي (عليه السلام): بأبي أنت وأمي من يؤذن غدا؟ قال جبرائيل (عليه السلام) يؤذنك ، قال: ثم من جاء من أهل بيتي يصلون علي فوجا فوجا ، ثم نساؤهم ، ثم الناس بعد ذلك. وبهذا الاسناد قال: قال علي (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا رسول الله أمرتني أن اصيرك في بيتك إن حدث بك حدث؟ قال: نعم يا علي بيتي قبري قال علي (عليه السلام) فقلت بأبي أنت وأمي فحد لي النواحي اصيرك فيه ، قال: إنك مسخر بالموضع وتراه ، قالت عائشة: يا رسول الله فأين أسكن؟ قال اسكني أنت بيتا من البيوت ، إنما هو بيتي ، ليس لك فيه الحق إلا ما لغيرك ، فقري في بيتك ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الاولى ، ولا تقاتلي مولاك ووليك ظالمة شاقة ، وإنك لفاعليه ، فبلغ ذلك من قوله عمر ، فقال لابنته حفصة : مري عايشة لا تفاتحه في ذكر علي ولا تراده ، فإنه قد استهيم فيه حياته وعند موته ، إنما البيت بيتك لا ينازعك فيه أحد ، فإذا قضت المرأة عدتها من زوجها كانت أولى ببيتها تسلك أي المسالك شاءت . وبالإسناد المتقدم عن الكاظم عن أبيه عن جده الباقر (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) بينما نحن عند النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يجود بنفسه وهو مسجى بثوب ملاة خفيفة على وجهه ، فمكث ما شاء الله أن يمكث ، ونحن حوله بين باك ومسترجع ، إذ تكلم وقال: ابيضت وجوه ، واسودت وجوه وسعد أقوم ، وشقي آخرون ، أصحاب الكساء الخمسة أنا سيدهم ، ولا فخر ، عترتي أهل بيتي السابقون المقربون ، يسعد من اتبعهم وشايعهم على ديني ودين آبائي ، أنجزت موعدك يا رب إلى يوم القيامة في أهل بيتي ، اسودت وجوه أقوام وردوا ظماء مظمئين إلى نار جهنم ، مزقوا الثقل الأول الأعظم ، وأخروا الثقل الأصغر حسابهم على الله كل امرئ بما كسبت رهين ، وثالث ورابع غلقت الرهون ، واسودت الوجوه ، أصحاب الأموال ، هلكت الأحزاب ، قادة الأمة بعضها إلى بعض في النار كتاب دارس ، وباب مهجور ، وحكم بغير علم ، مبغض علي وآل علي في النار ومحب علي وآله علي في الجنة: ثم سكت . انتهى ما أخرجناه من كتاب الطرف مما أخرجه من كتاب الوصية لعيسى بن المستفاد ، وكتاب خصائص الأئمة للسيد الرضي رضي الله عنه ، وأكثرها مروي في كتاب الصراط المستقيم للشيخ زين الدين البياضي ، وعيسى وكتابه مذكوران في كتب الرجال ، ولي إليه أسانيد جمة ، وبعد اعتبار الكليني رحمه الله الكتاب واعتماد السيدين عليه لا عبرة بتضعيف بعضهم ، مع أن الفاظ الروايات ومضامينها شاهدة على صحتها . بحار الأنوار- العلامة المجلسي ج -22 ص 482 -495 ، خصائص الأئمة- الشريف الرضي ص 72 – 75
تعليق