فمن دلائل المولى أمير المؤمنين، وسيد الوصيين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام
1 - حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه [قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد] (1) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد ابن زكريا، عن أبي المعافا (2) عن وكيع، عن زاذان، عن سلمان قال: كنا مع أمير المؤمنين عليه السلام ونحن نذكر شيئا من معجزات الانبياء عليهم السلام فقلت له: يا سيدي احب أن تريني ناقة ثمود، وشيئا من معجزاتك ؟ قال: أفعل [إن شاء الله تعالى ].
ثم وثب فدخل منزله وخرج إلي وتحته فرس أدهم، وعليه قباء أبيض وقلنسوة بيضاء، ونادى: يا قنبر أخرج إلي ذلك الفرس.
فأخرج فرسا آخر أدهم، فقال لي: اركب يا أبا عبد الله.
قال سلمان: فركبته، فإذا له جناحان ملتصقان إلى جنبه، فصاح به الامام عليه السلام فحلق في الهواء، وكنت أسمع حفيف أجنحة الملائكة [وتسبيحها] تحت العرش ثم حضرنا على ساحل بحر عجاج مغطمط (3) الامواج، فنظر إليه الامام شزرا فسكن البحر.
فقلت له: يا سيدي سكن البحر من غليانه من نظرك إليه ! فقال: يا سلمان، خشي أن آمر فيه بأمر.
ثم قبض على يدي، وسار على وجه الماء، والفرسان يتبعاننا لا يقودهما أحد فوالله ما ابتلت أقدامنا ولا حوافر الخيل، فعبرنا ذلك البحر، ودفعنا (4) إلى جزيرة
1) أثبتناه لانه طريق الصدوق (المولود بعد الثلاثمائة) الى الصفار (المتوفى سنة 290).
راجع معجم رجال الحديث: 15 / 250.
2) كذا، وفى البحار هكذا: وجدت في بعض الكتب: حدثنا محمد بن زكريا العلائى قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار المعروف بابن المعافا، عن وكيع...
3) الغطمطة: اضطراب الامواج، وفى الاصل " مغمط ".
4) أي: انتهينا. يقال: طريق يدفع الى مكان كذا: ينتهى إليه.
[ 16 ]
كثيرة الاشجار والاثمار والاطيار والانهار، وإذا شجرة عظيمة بلا ثمر، بل ورد وزهر (1).
فهزها بقضيب كان بيده، فانشقت وخرجت منها ناقة طولها ثمانون ذراعا، وعرضها أربعون ذراعا، وخلفها قلوص (2) فقال لي: ادن منها واشرب من لبنها.
[قال سلمان ]: فدنوت منها وشربت حتى رويت، وكان لبنها أعذب من الشهد وألين من الزبد وقد اكتفيت.
قال صلوات الله عليه: هذا حسن ؟ قلت: حسن يا سيدي ! قال: تريد أن اريك أحسن منها ؟ فقلت: نعم يا سيدي.
قال: يا سلمان ناد: اخرجي يا حسناء.
فناديت (3) فخرجت ناقة طولها مائة وعشرون ذراعا، وعرضها ستون ذراعا [ورأسها] من الياقوت الاحمر [وصدرها من العنبر الاشهب، وقوائمها من الزبرجد الاخضر] وزمامها من الياقوت الاصفر، وجنبها الايمن من الذهب، وجنبها الايسر من الفضة، وضرعها من اللؤلؤ الرطب.
فقال لي: يا سلمان اشرب من لبنها.
قال سلمان: فالتقمت الضرع فإذا هي تحلب عملا صافيا محضا (4) فقلت: يا سيدي هذه لمن ؟ قال: هذه لك ولسائر الشيعة (5) من أوليائي.
ثم قال: ارجعي.
فرجعت من الوقت، وسار بي في تلك الجزيرة حتى ورد بي إلى شجرة عظيمة وفي أصلها مائدة عظيمة، عليها طعام يفوح منه رائحة المسك، وإذا بطائر في صورة النسر العظيم، قال [سلمان ]: فوثب ذلك الطير فسلم عليه، ورجع إلى موضعه
1) " بلاصدع ولازهر " البحار.
2) القلوص: الشابة من الابل، الطويلة القوائم.
3) " قال سلمان: فنادى عليه السلام: اخرجي يا حسناه " البحار والمدينة.
4) محضا: خالصا.
5) " المؤمنين " المدينة.
[ 17 ]
فقلت: يا سيدي ما هذه المائدة ؟ قال: هذه منصوبة في هذا الموضع للشيعة من موالي إلى يوم القيامة.
فقلت: ماهذا الطائر ؟ فقال: ملك موكل بها إلى يوم القيامة.
فقلت: وحده يا سيدي ؟ فقال: يجتاز به الخضر عليه السلام كل يوم مرة.
ثم قبض على يدي، وسار بي إلى بحر ثان، فعبرنا إذا بجزيرة عظيمة، فيها قصر لبنة من ذهب ولبنة من فضة بيضاء، وشرفه من العقيق الاصفر، وعلى ركن (2).
أقبلت الملائكة تسلم عليه، ثم أذن لهم فرجعوا إلى مواضعهم.
قال سلمان: ثم دخل الامام عليه السلام إلى القصر، فإذا فيه أشجار [وأثمار] وأنهار وأطيار وألوان النبات، فجعل الامام عليه السلام يتمشى فيه حتى وصل إلى آخره، فوقف على بركة كانت في البستان، ثم صعد إلى سطحه، فإذا كرسي من الذهب الاحمر، فجلس عليه، وأشرفنا على القصر، فإذا بحر أسود يغطمط (3) بأمواجه كالجبال الراسيات.
فنظر إليه شزرا فسكن من غليانه حتى كان كالمذنب.
فقلت: يا سيدي سكن البحر من غليانه لما نظرت إليه ! قال: خشي أن آمر فيه بأمر، أتدري يا سلمان أي بحر هذا ؟ فقلت: لا يا سيدي.
فقال: هذا البحر الذي غرق فيه فرعون (لعنة الله) وقومه، إن المدينة حملت على محاميل (4) جناح جبرئيل عليه السلام ثم رمى بها في هذا البحر فهويت فيه لا تبلغ قراره إلى يوم القيامة.
فقلت: يا سيدي هل سرنا فرسخين ؟ فقال: يا سلمان لقد سرت خمسين ألف فرسخ، ودرت حول الدنيا عشرين ألف
1) " ألفا " المدينة.
2) استظهرناها، وفى ط " ذلك الركن ".
3) " يغطط " ط.
4) كذا في ط. والظاهر " محامل " جمع محمل: ما يحمل فيه.
[ 18 ]
مرة، فقلت يا سيدي وكيف هذا ؟ ! فقال: يا سلمان إذا كان ذو القرنين طاف شرقها وغربها وبلغ إلى سد يأجوج ومأجوج فأنى يتعذر علي وأنا أخو سيد المرسلين، وأمين رب العالمين، وحجته على خلقه أجمعين.
يا سلمان أما قرأت قول الله تعالى حيث يقول: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) (1) فقلت: بلى يا سيدي.
فقال: يا سلمان أنا المرتضى من الرسول الذي أظهره الله على غيبه، أنا العالم الرباني، أنا الذي هون الله عليه الشدائد وطوى له البعيد.
قال سلمان: فسمعت صالحا يصيح في السماء - يبلغ صوتا ولايرى الشخص - وهو يقول: صدقت، صدقت، أنت الصادق المصدق صلوات الله عليك.
ثم وثب فركب الفرس وركبت معه وصاح به، وحلق في الهواء، ثم حضرنا بأرض الكوفة، هذا كله وقد مضى (2) من الليل ثلاث ساعات، فقال لي: يا سلمان، الويل كل الويل على من لا يعرفنا حق معرفتنا، وأنكر ولايتنا.
يا سلمان أيما أفضل محمد صلى الله عليه وآله أم سليمان بن داود ؟ قال سلمان: [قلت:] بل محمد صلى الله عليه وآله.
فقال: يا سلمان فهذا آصف بن برخيا قدر أن يحمل عرش بلقيس من اليمن إلى بيت المقدس في طرفة عين وعنده علم من الكتاب، ولا أفعل ذلك وعندي علم مائة كتاب وأربعة وعشرين (3) كتاب ؟ !
1) سورة الجن: 26 و 27.
2) " هذا وهذا ما مضى " ط.
3) " مائة ألف كتاب وأربعة وعشرين ألف " ط، والمدينة، والمتن كما في البحار.
والظاهر أن كليهما تصحيف اما روى الصدوق باسناده الى أبى ذر (رض) ضمن حديث أنه قال: يارسول الله كم أنزل الله تعالى من كتاب ؟ قال: مائة كتاب وأربعة كتب: أنزل الله تعالى على شيث خمسين صحيفة، وعلى ادريس ثلاثين صحيفة، وعلى ابراهيم
[ 19 ]
أنزل الله على شيث بن آدم عليه السلام خمسين صحيفة، وعلى إدريس عليه السلام ثلاثين صحيفة [وعلى نوح عليه السلام عشرين صحيفة] وعلى إبراهيم عليه السلام عشرين صحيفة، والتوراة والانجيل والزبور [والفرقان ].
فقلت: صدقت يا سيدي هكذا [يكون الامام ].
قال الامام عليه السلام: إعلم يا سلمان أن الشاك في امورنا وعلومنا كالممتري في معرفتنا وحقوقنا، وقد فرض الله عزوجل ولايتنا في كتابه، وبين فيه ما أوجب العمل به وهو غير مكشوف (1). (2).
2 - ومنها: حدثنا إبراهيم بن الحسين (3) الهمداني، عن إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الغفار بن القاسم، عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام: أن جبرئيل عليه السلام نزل على النبي صلى الله عليه وآله بجام (4) من الجنة فيه فاكهة كثيرة من فواكه
عشرين صحيفة، وأنزل التوراة والانجيل والزبور والفرقان... الخير.
(معاني الاخباره 333 ضمن ح 1، الخصال: 2 / 524 ضمن ح 13، ومثله المفيد في الاختصاص: 258 عن ابن عباس).
وأخرج شرف الدين الاستر آبادى في تأويل الايات الظاهرة: 1 / 240 ح 24 هذه القطعة من الرواية الى آخره، برواية الشيخ المفيد عن رجاله مسندا الى سلمان الفارسى الا أن فيها:... ولا أقدر أنا وعندي علم ألف كتاب، أنزل الله منها على شيث بن آدم خمسين صحيفة... وذكر مثل رواية الصدوق.
1) كذا، والظاهر " وهو مكشوف " كما في رواية الشيخ المفيد.
2) البحار: 42 / 5 ح 1، اثبات الهداة: 5 / 84 ح 501، مدينة المعاجز: 88.
3) " الحارث " ط. تصحيف، فالظاهر هو ابراهيم بن الحسين بن على بن مهران بن ديزيل الكسائي الهمداني.
(لسان الميزان: 1 / 48).
4) جام: اناء من فضة.
[ 20 ]
الجنة، فدفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله فسبح الجام وكبر وهلل في يده.
ثم دفعه إلى أبي بكر فسكت الجام، ثم دفعه إلى عمر فسكت الجام.
ثم دفعه إلى أمير المؤمنين، الجام وكبر وهلل في يده، ثم قال الجام: إني امرت أن لاأتكلم إلا في يد نبي أو وصي نبي(1).
3 - وفى كتاب الانوار (2) بأن الجام من كف النبي صلى الله عليه وآله عرج إلى السماء وهو يقول بلسان فصيح سمعه كل من كان عند النبي صلى الله عليه وآله: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (3).(4).
4 - وأيضا: وروي أن جبرائيل وميكائيل عليهما السلام أتيا به، فوضعاه في يد أمير المؤمنين عليه السلام بأمر النبي صلى الله عليه وآله فسلم عليه الجام، فرد عليه السلام: قال الله تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) (5) قال الصادق عليه السلام: أعطى الله أمير المؤمنين عليه السلام حياة طيبة بكرامات [و] أدلة وبراهين [و] معجزات، وقوة إيمانه، ويقين علمه وعمله، وفضله الله على جميع خلقه بعد النبي صلى الله عليهما وآلهما(6).
1) عيون المعجزات: 11، عنه اثبات: 5 / 15 ح 318، والبحار: 39 / 129 ح 17 ومدينة المعاجز: 22 ح 30.
2) كتاب الانوار في تاريخ الائمة الاطهار الشيخ أبى على محمد بن أبى بكر همام بن سهيل الكاتب الاسكافي المولود سنة 258 والمتوفى سنه 336. ذكره في الذريعة: 2 / 412 رقم 1646.
3) الاحزاب: 33.
4) نفس التخريجة السابقة.
5) النحل: 97. أقول: وفى ذلك قال العونى: على كليم الجام إذ جاعه * كريمان في الاملاك مصطفيان وقال أيضا (غيره): امامى كليم الجان والجام بعد * لهل لكليم الجان والجام من مثل ! ؟
6) عيون المعجزات: 12.
[ 21 ]
5 - وأيضا فيه: حدثنا العباس بن الفضل، عن موسى بن عطية الانصاري، قال: حدثني حسان بن أحمد الازرق، عن أبي الاحوص، عن أبيه، عن عمار الساباطي، قال: قدم أمير المؤمنين عليه السلام المدائن فنزل بايوان كسرى، وكان معه دلف [ابن] منجم كسرى، فلما صلى الزوال قام [و] قال لدلف: قم معي.
وكان معه جماعة من [أهل] ساباط (1) فما زال يطوف في مساكن كسرى ويقول لدلف: كان لكسرى [في] هذا المكان كذا وكذا، فيقول دلف: هو والله كذلك.
فما زال على ذلك حتى طاف المواضع بجميع من كانوا معه ودلف يقول: يا سيدي كأنك وضعت [هذه] الاشياء في هذه الامكنة ! ! ثم نظر صلوات الله عليه إلى جمجة نخرة.
فقال لبعض أصحابه: خذ هذه الجمجمة، وكانت مطروحة، وجاء عليه السلام إلى الايوان وجلس فيه، ودعا بطست، وصب فيه ماء، فقال له: دع هذه الجمجمة في الطست، ثم قال: أقسمت عليك يا جمجمة أخبريني من أنا ؟ ومن أنت ؟ فنطقت الجمجمة بلسان فصيح فقالت: أما أنت فأمير المؤمنين، وسيد الوصيين، وإمام المتقين في الطاهر والباطن وأعظم من أن توصف، وأما أنا فعبد الله وابن أمة الله كسرى أنو شيروان (2).
فانصرف القوم الذين كانوا معه من أهل ساباط إلى أهاليهم وأخبروهم بما كان وبما سمعوه من الجمجمة: فاضطربوا واختلفوا في معنى أمير المؤمنين عليه السلام فحضروه فقال بعضهم: قد أفسد هؤلاء قلوبنا بما أخبرونا عنك.
وقال بعضهم فيك (3) مثل ما قال عبد الله بن سبأ (4) وأصحابه، ومثل ما قاله النصارى في
1) ساباط: مدينة قرب المدائن بناها بلاش بن فيروز بن يزجرد، وتسمى ساباط كسرى.
(مراصد الاطلاع: 2 / 680، والكامل في التاريخ: 1 / 411).
2) " عبد الله بن أمة كسرى " ط.
3) " فيه " ط. تصحيف.
4) كذا ! روى في معرفة اختيار الرجال: 106 ح 170 باسناده عن ابن قولويه، عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عثمان العبدى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، عن أبيه
[ 22 ]
المسيح، فان تركتهم على هذا كفروا الناس.
فلما سمع ذلك منهم قال: ما تحبون أن أصنع بهم ؟ قالوا: تحرقهم بالنار كما حرقت عبد الله بن سبأ وأصحابه.
فأحضرهم وقال: ما حملكم على ما قلتم ؟ قالوا: سمعنا كلام الجمجمة النخرة ومخاطبتها إياك، ولايجوز ذلك إلا لله تعالى، فمن ذلك قلنا ما قلنا.
فقال عليه السلام: ارجعوا عن كلامكم هذا، وتوبوا إلى الله.
فقالوا: ماكنا نرجع عن قولنا، فاصنع بنا ما أنت صانع.
فأمر عليه السلام أن تضرم لهم النار، فحرقهم، فلما احترقوا، قال: اسحقوهم وذروهم في الريح، فسحقوهم وذروهم في الريح.
فلما كان من اليوم الثالث من إحراقهم دخل إليه أهل ساباط وقالوا: الله الله في دين محمد، إن الذين أحرقتهم بالنار قد رجعوا إلى منازلهم أحسن ما كانوا ! فقال عليه السلام: أليس قد أحرقتهم بالنار، وسحقتموهم وذريتموهم في الريح ؟ قالوا: بلى.
قال عليه السلام: أحرقتهم والله أحياهم (1).(2).
6 - وأيضاً: حدث أحمد بن محمد البزاز الكوفي، قال: حدثنا عبد الوهاب
عن أبى جعفر عليه السلام ان عبد الله بن سبأ كان يدعى النبوة، ويزعم أن أمير المؤمنين عليه السلام هو الله (تعالى الله عن ذلك) فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام... فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب، فأحرقه بالنار. راجع أيضا ح 171 - 174 من الكتاب المذكور، وكتاب " عبد الله بن سبأ " للسيد مرتضى العسكري ففيه دراسة وافية، حول هذا الرجل وحقيقته.
1) " وأحييتهم " عيون.
2) أخرجه في عيون المعجزات: 16 عن كتاب الانوار، عنه البحار: 41 / 213 ح 27 وعن الفضائل لابن شاذان: 70. وأخرجه في اثبات الهداة: 5 / 16 ح 320، ومدينة المعاجز: 34 ح 49 عن العيون.
[ 23 ]
قال: حدثنا أبو ذر حكيم، عن أبي اليسع، قال: حدثنا أبو رواحة الانصاري، عن حبة العرني قال: كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام وقد أراد حرب، معاوية، فنظرنا إلى جمجمة في جانب الفرات قد أتت عليها الازمنة، فوقف عليها أمير المؤمنين عليه السلام ودعاها، فأجابته بالتلبية، وتدحرجت (1) بين يديه، وتكلمت بلسان فصيح ثم أمرها [بالرجوع] فرجعت إلى مكانها كما كانت(2).
7 - وفى رواية اخرى: أنه عليه السلام وقف على جمجمة نخرة في النهروان، فقال لها: من أنت ؟ فقالت: أنا فلان بن فلان(3).
8 - ومنها: حدث محمد بن عثمان، قال: [حدثنا] أبو زيد النميري، قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث (4) قال: حدثنا شعبة (5) عن سليمان الاعمش قال: حدثنا سهيل (6) بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: صليت الغداة مع النبي صلى الله عليه وآله فلما فرغ من صلاته وتسبيحه أقبل علينا بوجهه الكريم وأخذ معنا في الحديث، فأتاه رجل من الانصار، فقال: يارسول الله، إن كلب فلان الانصاري خرق ثوبي وخدش ساقي، ومنعني من الصلاة معك في الجماعة
1) استظهرناها، وفى ط " قد دحرجت الى ".
2) الفضائل لابن شاذان: 72 في حديث طويل عن أبى رواحة، عن المغربي (مثله)، عنه البحار: 41 / 215 ح 28، ومدينة المعاجز: 35 ح 51.
3) نفس التخريجة السابقة.
4) " عبد الوهاب " ط، تصحيف، راجع تهذيب التهذيب: 6 / 327.
5) " سعيد " ط، تصحيف، وهو شعبة بن الحجاج العتكى الازدي، انظر تهذيب التهذيب: 4 / 222 وص 338.
6) " سهل " ط، تصحيف، وهو من أقران سليمان الاعمش، انظر تهذيب التهذيب: 4 / 222 وص 263.
[ 24 ]
فأعرض (1) عنه.
فلما كان في اليوم الثاني جاء رجل آخر وقال: يارسول الله إن كلب فلان الانصاري خرق ثوبي وخدش ساقي، ومنعني من الصلاة معك.
فقال النبي صلى الله عليه وآله: قوموا بنا إليه (2) فان الكلب إذا كان عقورا وجب قتله.
فقام صلى الله عليه وآله ونحن معه حتى أتى منزل الرجل، فبادر أنس بن مالك إلى الباب فدقه وقال: " النبي بالباب ".
فأقبل الرجل مبادرا حتى فتح بابه، وخرج إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: فداك أبي وامي ما الذي جاء بك ؟ ألا وجهت إلي فكنت اجيبك ! فقال صلى الله عليه وآله: أخرج إلينا كلبك العقور، فقد وجب قتله، وقد خرق ثياب فلان و خدش ساقه، وكذا فعل اليوم بفلان بن فلان.
فبادر الرجل إلى كلبه فشد في عنقه حبلا وجره إليه، ووقفه بين يديه، فلما نظر الكلب إلى النبي صلى الله عليه وآله واقفا قال: يارسول الله، ما الذي جاء بك ؟ ولم تقتلني ؟ فأخبره الخبر، فقال: يارسول الله، إن القوم منافقون نواصب مبغضوا علي بن أبي طالب عليه السلام، ولولا أنهم كذلك ما تعرضت [لسبيلهم ].
فأوصى به النبي صلى الله عليه وآله خيرا، وتركه وانصرف (3).(4).
9 - ومنها: قال حبة العرني، قال الحارث بن عبد الله الهمداني:
1) أي صد لعلمه صلى الله عليه وآله به أنه معاد لامير المؤمنين على عليه السلام كما يفهم من آخر الحديث.
وفى ط " فعرض ".
2) زاد في ط " فقال ". تصحيف.
3) " وانصرف الكلب " ط.
4) أورده في عيون المعجرات: 18 مثله، عنه البحار: 41 / 246 ح 15، وعن الفضائل والروضة في الفضائل لابن شاذان: 154 (مخطوط) ومدينة المعاجز: 41 ح 7، ومستدرك الوسائل: 8 / 296 ح 1.
[ 25 ]
كنا مع أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم على باب الرحبة (1) إذ اجتاز بنا يهودي ومعه حوتان (2) فناداه أمير المؤمنين عليه السلام فقال لليهودي: بكم اشتريت أبويك من بني اسرائيل ! فصاح اليهودي صيحة عظيمة، وقال: أما تسمعون كلام علي بن أبي طالب، يذكر أنه يعلم الغيب وأني قد اشتريت أبي وامي من بني إسرائيل.
فاجتمع عليه خلق كثير من الناس، وقد سمعوا كلام أمير المؤمنين عليه السلام وكلام اليهودي، وكنت أنظر إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقد تكلم بكلام لاأفهمه.
فأقبل على أحد الحوتين وقال: أقسمت عليك أن تتكلمي وتقولي من أنا ؟ ومن كان أبوه (3) ؟ فنطقت السمكة بلسان فصيح [وقالت ]: أنت أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين، علي بن أبي طالب عليه السلام وقالت لليهودي: يا فلان، أنا أبوك فلان بن فلان مت (4) في سنة كذا، وخلفت (5) عليك من المال كذا وكذا، والعلامة في يدك كذا وكذا.
وأقبل عليه السلام على الاخرى وقال لها: أقسمت عليك أن تتكلمي وتقولي: من أنا ؟ ومن كانت امه ؟ فنطقت بلسان فصيح وقالت: أنت أمير المؤمنين، وسيد الوصيين علي بن أبي طالب، ثم قالت: يا فلان وأنا امك فلانة بنت فلان مت (6) في سنة كذا، والعلامة في يدك كذا [وكذا ].
فقال القوم: نشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا
1) الرحبة: على مرحلة من الكوفة، على يسار الحجاج إذا أرادوا مكة، خربت. (مراصد الاطلاع: 2 / 608).
2) الحوت: السمك، وقد غلب في الكبير منه.
3) " ومن أنت " العيون، وكذا التى تأتى.
4) " مات " ط.
5) " خلف " ط.
6) " ماتت " ط.
[ 26 ]
عبده ورسوله، وأن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب حقا.
فعادت الحوتتان إلى ما كانتا عليه، وآمن اليهودي وقال: أشهد أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأنك أمير المؤمنين.
[وانصرف القوم] وقد ازدادوا معرفة بأمير المؤمنين(1).
10 - ومنها: حدث نصير بن مدرك قال: قال عمار بن ياسر: كنت بين يدي مولاي أمير المؤمنين عليه السلام وكان يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من صفر، وإذا بزعقة (2) قد ملات المسامع، وكان عليه السلام على دكة القضاء فقال: يا عمار إئت بذي الفقار - وكان وزنه سبعة أمنان وثلثي [من] بالمكي - فبحثت به فانتضاه (3) من غمده وتركه، وقال: يا عمار هذا يوم أكشف فيه لاهل الكوفة جميعا الغمة ليزداد المؤمن وفاقا والمخالف نفاقا (4) يا عمار إئت بمن على الباب.
قال عمار: فخرجت وإذا (5) بالباب امرأة في قبة على جمل وهي تصيح: " يا غياث المستغيثين، ويا غاية الطالبين، وياكنز الراغبين، وياذا القوة المتين ويا مطلق الاسير، وياراحم الشيخ الكبير، ويارازق الطفل الصغير، ويا قديم سبق قدمه كل قديم، ويا عون من لاعون له، وياسند من لاسند له، وياذخر من لاذخر له، ويا حرز من لاحرز له، يا عون الضعفاء وياكنز الفقراء إليك توجهت وبك توسلت، بيض
1) أورده في عيون المعجزات: 20 بالاسناد عن جعفر بن محمد البجلى الكوفى، عن على ابن عمر الصيقل، عن توبه، عن أبيه، عن جده [حبة ظ] العرنى، عن الحارث (مثله) عنه اثبات الهداة: 5 / 16 ح 321، والبحار: 39 / 146 ح 11، ومدينة المعاجز: 40 ح 66.
2) أي بصيحة.
3) كذا في رواية ابن شاذان، أي سله. وفى ط والعيون " فصاع "، وفى المدينة " فصاح " صاع الشئ: ثناه ولواه. وصاح العنقود: إذا استتم خروجه من أكمته.
4) زاد بعدها في ط " فقال ". والظاهر " ثم قال ".
5) في " ط " كلمة مبهمة.
[ 27 ]
وجهي، وفرج همي، واكشف غمي ".
قال: وحولها ألف فارس بسيوف مسلولة، قوم معها، وقوم عليها في الكلام فقلت: أجيبوا أمير المؤمنين.
فنزلت عن الجمل، ونزل القوم معها ودخلوا المسجد، ووقفت المرأة بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام وقالت: يا علي إياك قصدت، فاكشف مابي من غمة، إنك ولي ذلك والقادر عليه.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: يا عمار ناد في الكوفة لينظروا إلى قضاء أمير المؤمنين.
فناديت، فاجتمع الناس حتى صار المقدم عليه أقدام كثيرة.
ثم قام (1) أمير المؤمنين عليه السلام [وقال ]: اسألوا عما بدالكم يا أهل الشام.
فنهض من بينهم شيخ أشيب، عليه بردة أتحمية (2) وحلة عدنية، و [على رأسه] عمامة خز سوسية، فقال: السلام عليك يا كنز الفقراء، ويا ملجأ اللهفى، يا مولاي هذه الجارية ابنتي وما قربتها ببعل قط، وهي عاتق (3) حامل، وقد فضحتني في عشيرتي، وأنا معروف بالشدة والنجدة والبأس والسطوة [والشجاعة] والبراعة والنزاهة، أنا قلمس (4) عفريس (5) وليث [عسوس (6) ووجه على الاعداء] عبوس، لا تخمد لي نار ولا يضام لي جار، عزيز عند العرب بأسي ونجدتي وحملاتي وسطواتي، وقد بقيت
1) " قال " ط.
2) الا تحمى: ضرب من البرود.
والتحمة: شدة السواد أو الشقرة.
3) العاتق: الجارية التى قد أدركت وبلغت فخدرت في بيت أهلها ولم تتزوج، سميت بذلك لانها عتقت عن خدمة أبويها ولم يملكها زوج بعد.
(لسان العرب: 10 / 235).
4) القلمس: السيد العظيم، الكثير الخير والعطية، الداهية من الرجال (لسان العرب: 6 / 182) 5) عفريس: أسد. وفى العيون " قلمس بن عفريس ".
6) عسوس: طلوب لما يأكل.
[ 28 ]
- يا علي - حائرا في أمري فاكشف هذه الغمة [فهذه عظيمة لاأجد أعظم منها ].
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما تقولين يا جارية فيما يقول لك أبوك ؟ فقالت: أما ما يقول أبي: إني عاتق فقد صدق، وأما ما يقول أني حامل، فوالله ما أعلم من نفسي خيانة قط يا أمير المؤمنين، أنت وصي رسول الله صلى الله عليه وآله ووارثه، لا يخفى عليك شئ وتعلم أني ما كذبت فيما قلت، ففرج عني غمي، يا فارج الهم.
فصعد أمير المؤمنين عليه السلام المنبر وقال: الله أكبر، الله أكبر " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " (1) ثم قال عليه السلام: وإلي التسليم، وعلي بداية (2) الكوفة، فجاءت امرأة يقال لها: " حولاء " (3) وكانت قابلة نساء الكوفة، فقال: اضربي بينك وبين الناس حجابا، وانظري هذه الجارية أعاتق حامل ؟ ففعلت ما أمرها أمير المؤمنين عليه السلام فقالت: نعم يا أمير المؤمنين عاتق حامل.
فقال عليه السلام: يا أهل الكوفة أين الائمة الذين ادعوا منزلتي ؟ ! أين من يدعي في نفسه أن له مقام الحق فيكشف هذه الغمة ؟ ! فقال عمرو بن حريث (4) كالمستهزئ: مالها غيرك يابن أبي طالب ! اليوم تثبت لنا إمامتك ! فقال أمير المؤمنين عليه السلام لاب الجارية: يا أبا الغضب المقطب، ألست أنت من أعمال دمشق ؟ قال: بلى.
1) اقتباس من قوله تعالى في سورة الاسراء: 81.
2) الداية: القابلة.
3) " لبنى " العيون.
4) أورد الدينورى في الاخبار الطوال: 223 أنه لما مات المغيرة وجمع معاوية لزياد الكوفة الى البصرة، كان يقيم بالبصرة ستة أشهر، وبالكوفة مثل ذلك، فخرج في بعض خرجاته الى البصرة، وخلف على الكوفة عمرو بن حريث العدوى، فصعد عمرو بن حريث ذات جمعة المنبر ليخطب فقعد له حجر بن عدى (ره) وأصحابه فحصبوه [أي رموه بالحجارة والحصى] فنزل عن المنبر، فدخل القصر وأغلق بابه.
وللاطلاع على حمقه راجع معرفة اختيار الرجال: 83 ح 139 وص 85 ح 140.
[ 29 ]
قال: من قرية يقال لها أسعار [طريق بانياس (1) الجولة] ؟ فقال: نعم.
فقال: هل فيكم من يقدر على قطعة ثلج ؟ فقال أبو الغضب: الثلج في بلادنا كثير (2).
فقال عليه السلام: بيننا وبين بلادكم مائتا فرسخ وخمسون فرسخا ؟ قال: نعم.
قال عمار: فمد يده وهو على منبر جامع الكوفة وردها، وفيها قطعة من الثلج [تقطر ماءا] ثم قال لداية الكوفة: ضعي هذا الثلج مما يلي فرج الجارية، سترمي علقة (3) وزنها سبعة وخمسون مثقالا (4) ودانقان (5).
فأخذتها وخرجت بها من الجامع، وجاءت بطشت ووضعت الثلج على الموضع منها، فرمت علقة كبيرة، فوزنتها الداية [فوجدتها] كما قال أمير المؤمنين عليه السلام.
وأقبلت الداية مع الجارية فوضعت العلقة بين يديه (6) فقال: وزنتيها ؟ قالت: نعم، فوزنها سبعة وخمسون مثقالا ودانقان.
فقال عليه السلام: بلى (وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) (7).
ثم قال: يا أبا الغضب، ابنتك مازنت، وإنما دخلت الموضع (8) [فدخلت] فيها هذه
1) بانياس: اسم لقرية أو بلدة قرب دمشق، تحت الجبل الذى في غربي دمشق، يرى عليه الثلج.
(مراصد الاطلاع: 1 / 158).
2) أضاف في رواية بن شاذان " ولكن ما تقدر عليه ههنا ".
3) العلق - بفتح العين واللام -: دود أسود وأحمر يكون بالماء يعلق بالبدن ويمص الدم.
(حياة الحيوان: 2 / 70).
4) " درهما " العيون.
درهم أهل مكة: ستة دوانيق، ودراهم الاسلام المعدلة كل عشرة: سبعة مثاقيل.
5) الدانق: سدس الدرهم.
6) " يديها " ط.
7) الانبياء: 47.
8) المراد بالموضع بركة ماء. واللفظ في رواية ابن شاذان هكذا: وانما دخلت الموضع الذى فيه الماء.
[ 30 ]
العلقة وهي صبية بنت عشر سنين، فربت في بطنها إلى وقتنا هذا.
فنهض أبوها وهو يقول: أشهد أنك تعلم ما في الارحام وما في الضمائر(1).
11 - ومنها: وحدث بمثل هذا الحديث أبو عبد الله أحمد بن محمد بن أيوب بن العباس (2) الجوهري البغدادي، قال: حدثنا علي بن عيسى، قال: حدثنا جعفر بن مالك الفزاري البزاز، قال: حدثنا علي بن عيسى، قال: حدثنا جعفر بن مالك الفزاري البزاز، قال: حدثنا الحسين بن علي الخزاز، عن الحسن بن أبي سارة عن الحسن بن مسكان، عن المفضل بن عمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر ابن عبد الله الانصاري أنه قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام جالسا ذات يوم على دكة القضاء بالكوفة، وذلك بعد صفين والحكمين، إذ دخل عليه أربعة أنفس طوال كأنهم أربع نخلات، فسلموا على أمير المؤمنين عليه السلام فنظر إليهم وقال: ما أنتم من بلادي ! فقالوا: لا يا أمير المؤمنين نحن من عمان اليمن، من جند معاوية.
فقال لهم: ما تصنعون بأرضي وأنتم أعدائي ؟ فقالوا: معاذ الله يا أمير المؤمنين، ثم قالوا: إنما استخلفك رسول الله صلى الله عليه وآله بحفظ
1) رواه في عيون المعجزات: 21 باسناده عن أبى التحف المصرى، عن العلا بن طيب ابن سعيد المغازلى البغدادي، عن نصر بن مسلم بن صفوان الجمال المكى، عن أبى هاشم المعروف بابن أخى طاهر بن زمعة، عن أصهب بن جنادة، عن بصير بن مدرك (مثله) عنه مدينة المعاجز: 101 ح 274. وأورد (مثله) ابن شاذان في الفضائل: 155، وفى الروضة في الفضائل: 149 ح 154 عنهما البحار: 40 / 277 ح 42. ورواه أبو الفوارس في أربعينه: 35 عن محمد بن الحسن السمرقندى، عن جماعة من الصادقين يرفعونه بالاسانيد الصحيحة الى زيد بن أرقم، عن عمار (مثله) وابن حسنويه في درر بحر المناقب: 127 عن عمار بن ياسر وزيد بن أرقم (مثله)، عنهما احقاق الحق: 8 / 712.
2) الظاهر " عياش ": صاحب مقتضب الاثر وأخبار جابر الجعفي.
[ 31 ]
الدين وكشف الغمة، وقد دهانا أمر عظيم.
فقال علي عليه السلام: وما هو ؟ فقالوا له: اخت لنا وهي بكر حامل، وقد تحرك الجنين في أحشائها ! فقال أمير المؤمنين عليه السلام: فأين هي ؟ فقالوا: هاهنا في هودج على باب المسجد.
فقال لهم: علي بها.
فادخلوا بها إليه.
فقال عليه السلام: امشي عشر خطوات.
ففعلت، فقال: ارجعي.
ففعلت، فأمر أمير المؤمنين عليه السلام أن يشد لها إزار في جانب المسجد، وأمر بها فاقعدت من ورائه واستدعى بدينار الخصي - وكان يثق به - وبامرأة قابلة يقال لها " حولة العطارة " وأمرها أن تجس المرأة وتلمسها، وأشرف دينار عليها، فدخلت فجستها فقالت: يا أمير المؤمنين، عاتق حامل وقد تحرك الجنين في أحشائها.
فأمرها أمير المؤمنين بالخروج من عندها، وأمر أن تجلس على كرسي عال وتنحي عنها سراويلها وتترك تحت ثيابها طستا.
وأقبل على الصحابة يحدثهم والمرأة تسمع حديثه، ثم التفت صلوات الله عليه فزعق زعقة هائلة فاضطربت المرأة وارتعدت فرائصها، وانشقت العذرة، ووقعت في الطست علقة بكبر السنور (1) ثم قال لدينار الخصي: ادخل وأخرج الطست وفيه العلقة.
وقال لاخوانها: أفي داركم التي تنزلونها بركة ماء ؟ قالوا: نعم.
فقال عليه السلام: هذه نزلت فيها أيام الصيف تغتسل، فانسابت هذه العلقة، فما زالت تمص الدم حتى كبرت على هذه الصفة.
فلما قال ذلك اضطرب أهل الجامع وقالوا فيه أقاويل مختلفة، وعندها أقام الاخوة العمانيين بالكوفة ولم يرجعوا إلى معاوية وحسن إيمانهم، وزوجوا اختهم بالكوفة، وكانوا من خواص الحسن والحسين عليهما السلام إلى أن قتلوا بكربلاء.
12 - ومنها: حدثنا أبو التحف علي بن محمد بن إبراهيم المصري، قال:
1) السنور: الهر.
تعليق