بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسرار الصلاة الخاشعة
قال تعالى: { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ }.
إذا جعل الإنسان الصلاة ذريعة للحديث مع الله عز وجل؛ تحولت الصلاة إلى أحلى محطة من محطات الأنس.
وتحولت الصلاة في حياة البعض إلى محطة للتلذذ والارتياح، تلك المحطة التي لا تقارن بمحطات التلذذ المادي بالمتاع الزائل، الذي تفنى لذته ويبقى وزره!.
إن علينا أن نُعدِّي آثار عاشوراء من عالم العاطفة إلى عالم الفكر. فالعمل والهتافات والمواكب والبكاء واللطم على الصدور، كل ذلك يصب في دائرة واحدة ألا وهي العاطفة، وإبراز المحبة.
ولكن هنالك حقولا أخرى في المقام، فقد قال الله –تعالى- في كتابه الحكيم:
{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ }.
ولم يقل: إن كنتم تحبون الله، يحببكم الله. إذ أن بين (تحبون الله) و(بين يحببكم الله) هنالك الإتباع.
والإتباع له مظاهر في حياة الإنسان، فمن مظاهر الإتباع ترجمة هذه التبعية في مقام العمل ..
فثمرة عاشوراء وثمرة إحياء ذكر الحسين عليه السلام هي الصلاة، لأن علاقتنا بالله -عز وجل- منحصرة في هذه الصلوات اليومية. حيث أن معظم العبادات الأخرى موسمية، بينما الحركة التي نمارسها يومياً، كقالب وكشكل هي الصلاة. فالإنسان المؤمن يستخسر أن لا ينفخ الروح في هذا الأمر الموجود.
إن إقامة الصلوات في بعض الحالات مكلفة ومزعجة، فنفس إقامة هيكل الصلاة كصلاة الفجر، يحتاج إلى مجاهدة، قال تعالى: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِع }ِ.
وصلاة الظهر تكون في قمة زحمة الحياة اليومية، قال الله عز وجل: { حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَىْ }. ويفضل أن نصلي الصلاة في أول وقتها.
وما دمنا نصلي فإننا نحتاج إلى حركة أخرى، وهذه الحركة حركة باطنية، فهي تحتاج إلى حالة من حالات وقف الفكر والقلب. فأسرار الصلاة الخاشعة بحث عميق، وعلماؤنا الأعلام كتبوا في هذا المجال كتبا مستقلة، مثل: (ميزان الحكم) و (الصلاة في الكتاب والسنة).
قال النبي (ص): ( لو كان على باب أحدكم نهر، فاغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل كان يبقى على جسده من الدرن شيء؟ إنما مثل الصلاة مثل النهر الذي ينقي،
كلما صلى صلاة كان كفارة لذنوبه، إلا ذنب أخرجه من الإيمان مقيم عليه ).
فالاغتسال هو الشرط لتحقق الطهارة؛ أي دخول النهر، فلو أن بباب أحدنا نهرا، ينظر إليه، ويستمتع بمنظره، ولم يدخل في أعماقه، فلا يذهب عنه الدرن. نحن كذلك نأتي على شاطئ النهر، ننظر إلى الصلاة، نمارس الصلاة، نقرأ الصلاة، ولا نصلي
نقرأ الدعاء، ولا ندعو!!
إن للصلاة ملكوتا وجوهرا
فقد قال تعالى: { إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ }
فخير ما يحسم لنا عظمة هذه الصلاة، التي نصليها بين يدي الله عز وجل هذه الآية: { وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ }.
وهذه الآيات آيات بينات، وليست من الآيات المتشابهة في القرآن الكريم، فهي من الآيات المحكمة واضحة الدلالة. فالخاشع هو الذي ديدنه الخشوع، وهذه الصلاة كبيرة إلا على هذا الصنف، أليس الذي يصلي بثقل، كأنه أهان من صلى له!!
فلو دعيت إلى منزل، وعرفت من حركات صاحب المنزل أنه متثاقل منك، أو جئت في وقت هو غير مستعد لضيافتك. ألا تهرب من ذلك المنزل؟ ألا تحفظ ماء وجهك؟!
وهذه الآية تريد أن تقول بأنكم أنتم تصلون لي، ولكنكم تتثاقلون من الصلاة بين يدي.
فالإنسان عندما يقول في صلاته: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } والحال أنه يعبد غيره ويستعين بغيره، فإن النداء يأتيه ليقول له: ولكنك تستعين بغيري وتعبد غيري!!
{ وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي } فعندما يطلب من الإنسان شراء بعض الفاكهة وأكلها كي يشفى، فإن المطلوب هو الشفاء وليس الأكل. وكذلك فإن الصلاة إقامة لذكر الله عز وجل، فإذا انتفى الذكر انتفت الثمرة. فإذا اكتشفنا أن الفاكهة لا تشفي، بالتالي سيكون ليس هناك طلب حثيث، للذهاب إلى السوق، وبذل المال لشراء هذه الفاكهة؛ لأن الغرض انتفى.
من ذلك نجد أن الذي يصلي وصلاته لا تذكره بالمبادئ والقيم والمُثل، ولا تذكره بالملأ الأعلى، ولا تربط فؤاده بالله عز وجل، يكون قد فقد الثمرة الأساسية.عندها تصبح الصلاة من باب إسقاط التكليف.
بينما يقول رسول الله (ص): ( إن من الصلاة لما تقبل نصفها وثلثها وربعها وخمسها إلى العُشر،وأن منها لما تُلَف كما يلف الثوب الخلق، يضرب بها وجه صاحبها.. وإنما لك من صلاتك ما أقبلت عليه بقلبك ). هذه الصلاة ليس فقط لا نقبلها بل مردودة إليك!
إن فقهاءنا الأبرار رحمهم الله تعالى جميعاً وظيفتهم بيان الجانب الفقهي، فتصدوا لبيان جهة الإجزاء. ولكن الإجزاء في عالم، والقبول في عالم آخر.
ولهذا فإنه كما أن الفقهاء أتعبوا نفوسهم الشريفة من أجل الوصول إلى ظاهر الصلاة،
لا بد أن يأتي قوم بمستوى الفقهاء أيضاً لبيان أسرار الصلاة.
إن الذين يبحرون في بحر الصلاة، يكتشفون من الأسرار والأمور ما لم يخطر على قلب بشر، فهناك أمور خفية نحن لا ندركها.
عن الإمام علي (ع): ( لو يعلم المصلي ما يغشاه من جلال الله، ما سره أن يرفع رأسه من السجود ). فجلال الله أمر مهم لم يُحدد، وليس خاصا بمراجع التقليد،
بل هذا الجلال قد يغشى إنسانا بسيطا.
ومن هنا يجب تهيئة النفس قبل الدخول في الصلاة، كأن يلهج بالآيات المُسخنة قبل التكبير مثل: ( إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ).
أو محاولة مخاطبة النفس: بأن كل الأوقات كانت للدنيا، والآن جاء وقت الصلاة، وبالتالي، يجب أن لا أفكر في الدنيا.
إذا وصل أحدنا إلى هذه المرحلة فهنيئاً له!
فعندما يقف العبد ليصلي، ولا أحد أمامه، في غرفة مقفلة، وفي محراب لا أحد فيه.
فإذا كان لا يعتقد بما وراء الطبيعة لماذا يصلي؟ وإذا كان يعتقد بعالم الغيب عليه أن يقف وقفة تتناسب مع من يقف أمامه، فهو يخاطب فاطر السماوات والأرض.
إن الأولياء الصالحين يجعلون ثوبا خاصا لصلاتهم، وسجادة خاصة للصلاة، وطيبا خاص بالصلاة، وغرفة خاصة للصلاة.
لأنه مشروع لقاء، فكما أن اللقاء مع الوزير أو الوكيل، يحتاج إلى كل هذه المقدمات
فكذلك اللقاء مع رب العالمين يكون هكذا!
فإذن ملخص الكلام في هذا المجال: إن الصلاة مقدمة للذكر الكثير { فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا }.
إن شاء الله يوفقنا إلى أن نحول الصلاة من صلاة قالبية أولاً، إلى صلاة قلبية، ثم الصلاة القلبية إلى صلاة مستوعبة لكل حركة الحياة.
عن أمير المؤمنين علي (ع) : ( واعلم أنّ كلّ شيء تبع لصلاتك، فمن ضيّعها فهو لغيرها أضيع ). أي أن كل نشاطاتك الدنيوية مرهونة بهذه الصلاة.
إن الذي يذهب إلى دولة من الدول وله عملية مهمة، ولا يعرف لغة تلك الدولة، كيف يعيش ولا يوجد مترجم؟ وكيف يسيّر أموره؟
وكذلك فإن الذي لا يعلم كيف يتكلم مع الله عز وجل هذا الإنسان سوف لن تقضى له حاجة من حوائج الدنيا أو الآخرة.
والنبي إبراهيم (ع) يقول: { رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء }
إن الإنسان إذا كان مقيماً للصلاة، يستجاب دعاؤه؛ أي أن تقبل الدعاء يكون في مرحلة لاحقة بعد إقامة الصلاة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسرار الصلاة الخاشعة
قال تعالى: { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ }.
إذا جعل الإنسان الصلاة ذريعة للحديث مع الله عز وجل؛ تحولت الصلاة إلى أحلى محطة من محطات الأنس.
وتحولت الصلاة في حياة البعض إلى محطة للتلذذ والارتياح، تلك المحطة التي لا تقارن بمحطات التلذذ المادي بالمتاع الزائل، الذي تفنى لذته ويبقى وزره!.
إن علينا أن نُعدِّي آثار عاشوراء من عالم العاطفة إلى عالم الفكر. فالعمل والهتافات والمواكب والبكاء واللطم على الصدور، كل ذلك يصب في دائرة واحدة ألا وهي العاطفة، وإبراز المحبة.
ولكن هنالك حقولا أخرى في المقام، فقد قال الله –تعالى- في كتابه الحكيم:
{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ }.
ولم يقل: إن كنتم تحبون الله، يحببكم الله. إذ أن بين (تحبون الله) و(بين يحببكم الله) هنالك الإتباع.
والإتباع له مظاهر في حياة الإنسان، فمن مظاهر الإتباع ترجمة هذه التبعية في مقام العمل ..
فثمرة عاشوراء وثمرة إحياء ذكر الحسين عليه السلام هي الصلاة، لأن علاقتنا بالله -عز وجل- منحصرة في هذه الصلوات اليومية. حيث أن معظم العبادات الأخرى موسمية، بينما الحركة التي نمارسها يومياً، كقالب وكشكل هي الصلاة. فالإنسان المؤمن يستخسر أن لا ينفخ الروح في هذا الأمر الموجود.
إن إقامة الصلوات في بعض الحالات مكلفة ومزعجة، فنفس إقامة هيكل الصلاة كصلاة الفجر، يحتاج إلى مجاهدة، قال تعالى: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِع }ِ.
وصلاة الظهر تكون في قمة زحمة الحياة اليومية، قال الله عز وجل: { حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَىْ }. ويفضل أن نصلي الصلاة في أول وقتها.
وما دمنا نصلي فإننا نحتاج إلى حركة أخرى، وهذه الحركة حركة باطنية، فهي تحتاج إلى حالة من حالات وقف الفكر والقلب. فأسرار الصلاة الخاشعة بحث عميق، وعلماؤنا الأعلام كتبوا في هذا المجال كتبا مستقلة، مثل: (ميزان الحكم) و (الصلاة في الكتاب والسنة).
قال النبي (ص): ( لو كان على باب أحدكم نهر، فاغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل كان يبقى على جسده من الدرن شيء؟ إنما مثل الصلاة مثل النهر الذي ينقي،
كلما صلى صلاة كان كفارة لذنوبه، إلا ذنب أخرجه من الإيمان مقيم عليه ).
فالاغتسال هو الشرط لتحقق الطهارة؛ أي دخول النهر، فلو أن بباب أحدنا نهرا، ينظر إليه، ويستمتع بمنظره، ولم يدخل في أعماقه، فلا يذهب عنه الدرن. نحن كذلك نأتي على شاطئ النهر، ننظر إلى الصلاة، نمارس الصلاة، نقرأ الصلاة، ولا نصلي
نقرأ الدعاء، ولا ندعو!!
إن للصلاة ملكوتا وجوهرا
فقد قال تعالى: { إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ }
فخير ما يحسم لنا عظمة هذه الصلاة، التي نصليها بين يدي الله عز وجل هذه الآية: { وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ }.
وهذه الآيات آيات بينات، وليست من الآيات المتشابهة في القرآن الكريم، فهي من الآيات المحكمة واضحة الدلالة. فالخاشع هو الذي ديدنه الخشوع، وهذه الصلاة كبيرة إلا على هذا الصنف، أليس الذي يصلي بثقل، كأنه أهان من صلى له!!
فلو دعيت إلى منزل، وعرفت من حركات صاحب المنزل أنه متثاقل منك، أو جئت في وقت هو غير مستعد لضيافتك. ألا تهرب من ذلك المنزل؟ ألا تحفظ ماء وجهك؟!
وهذه الآية تريد أن تقول بأنكم أنتم تصلون لي، ولكنكم تتثاقلون من الصلاة بين يدي.
فالإنسان عندما يقول في صلاته: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } والحال أنه يعبد غيره ويستعين بغيره، فإن النداء يأتيه ليقول له: ولكنك تستعين بغيري وتعبد غيري!!
{ وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي } فعندما يطلب من الإنسان شراء بعض الفاكهة وأكلها كي يشفى، فإن المطلوب هو الشفاء وليس الأكل. وكذلك فإن الصلاة إقامة لذكر الله عز وجل، فإذا انتفى الذكر انتفت الثمرة. فإذا اكتشفنا أن الفاكهة لا تشفي، بالتالي سيكون ليس هناك طلب حثيث، للذهاب إلى السوق، وبذل المال لشراء هذه الفاكهة؛ لأن الغرض انتفى.
من ذلك نجد أن الذي يصلي وصلاته لا تذكره بالمبادئ والقيم والمُثل، ولا تذكره بالملأ الأعلى، ولا تربط فؤاده بالله عز وجل، يكون قد فقد الثمرة الأساسية.عندها تصبح الصلاة من باب إسقاط التكليف.
بينما يقول رسول الله (ص): ( إن من الصلاة لما تقبل نصفها وثلثها وربعها وخمسها إلى العُشر،وأن منها لما تُلَف كما يلف الثوب الخلق، يضرب بها وجه صاحبها.. وإنما لك من صلاتك ما أقبلت عليه بقلبك ). هذه الصلاة ليس فقط لا نقبلها بل مردودة إليك!
إن فقهاءنا الأبرار رحمهم الله تعالى جميعاً وظيفتهم بيان الجانب الفقهي، فتصدوا لبيان جهة الإجزاء. ولكن الإجزاء في عالم، والقبول في عالم آخر.
ولهذا فإنه كما أن الفقهاء أتعبوا نفوسهم الشريفة من أجل الوصول إلى ظاهر الصلاة،
لا بد أن يأتي قوم بمستوى الفقهاء أيضاً لبيان أسرار الصلاة.
إن الذين يبحرون في بحر الصلاة، يكتشفون من الأسرار والأمور ما لم يخطر على قلب بشر، فهناك أمور خفية نحن لا ندركها.
عن الإمام علي (ع): ( لو يعلم المصلي ما يغشاه من جلال الله، ما سره أن يرفع رأسه من السجود ). فجلال الله أمر مهم لم يُحدد، وليس خاصا بمراجع التقليد،
بل هذا الجلال قد يغشى إنسانا بسيطا.
ومن هنا يجب تهيئة النفس قبل الدخول في الصلاة، كأن يلهج بالآيات المُسخنة قبل التكبير مثل: ( إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ).
أو محاولة مخاطبة النفس: بأن كل الأوقات كانت للدنيا، والآن جاء وقت الصلاة، وبالتالي، يجب أن لا أفكر في الدنيا.
إذا وصل أحدنا إلى هذه المرحلة فهنيئاً له!
فعندما يقف العبد ليصلي، ولا أحد أمامه، في غرفة مقفلة، وفي محراب لا أحد فيه.
فإذا كان لا يعتقد بما وراء الطبيعة لماذا يصلي؟ وإذا كان يعتقد بعالم الغيب عليه أن يقف وقفة تتناسب مع من يقف أمامه، فهو يخاطب فاطر السماوات والأرض.
إن الأولياء الصالحين يجعلون ثوبا خاصا لصلاتهم، وسجادة خاصة للصلاة، وطيبا خاص بالصلاة، وغرفة خاصة للصلاة.
لأنه مشروع لقاء، فكما أن اللقاء مع الوزير أو الوكيل، يحتاج إلى كل هذه المقدمات
فكذلك اللقاء مع رب العالمين يكون هكذا!
فإذن ملخص الكلام في هذا المجال: إن الصلاة مقدمة للذكر الكثير { فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا }.
إن شاء الله يوفقنا إلى أن نحول الصلاة من صلاة قالبية أولاً، إلى صلاة قلبية، ثم الصلاة القلبية إلى صلاة مستوعبة لكل حركة الحياة.
عن أمير المؤمنين علي (ع) : ( واعلم أنّ كلّ شيء تبع لصلاتك، فمن ضيّعها فهو لغيرها أضيع ). أي أن كل نشاطاتك الدنيوية مرهونة بهذه الصلاة.
إن الذي يذهب إلى دولة من الدول وله عملية مهمة، ولا يعرف لغة تلك الدولة، كيف يعيش ولا يوجد مترجم؟ وكيف يسيّر أموره؟
وكذلك فإن الذي لا يعلم كيف يتكلم مع الله عز وجل هذا الإنسان سوف لن تقضى له حاجة من حوائج الدنيا أو الآخرة.
والنبي إبراهيم (ع) يقول: { رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء }
إن الإنسان إذا كان مقيماً للصلاة، يستجاب دعاؤه؛ أي أن تقبل الدعاء يكون في مرحلة لاحقة بعد إقامة الصلاة.
تعليق