نظرة الرجل للمرأة على ضوء الفطرة الإنسانية
في الأخلاقيات الحسنة وحدها يمكن أن تقوّم مسيرة الحياة بين المرأة والرجل
في الأخلاقيات الحسنة وحدها يمكن أن تقوّم مسيرة الحياة بين المرأة والرجل
ليس من باب المحاباة للمرأة التي يعود لها الفضل في ولادة كل البشرية وبلا أي مجاملة يمكن أن تعزو على أن هناك دفاع غير مشروط للمرأة إذ أن تجربة الحياة تشير بوضوح أن للمرأة مكانة في قلب الرجل ليس من السهل التنكر لها وبديهي فهذا التقييم لا ينسحب على كل النساء إلا بالقدر الموضوعي فلكل تجربة تقييم لمدلولاتها المستندة لمسببات إيجابية أو سلبية.
من هنا كانت النظرة القديمة لمعرفة مدى تقدم أي مجتمع تقاس من خلال نظرة الرجل للمرأة، وبذاك المجتمع ورغم أن بعض الفلاسفة كانوا يرون في المرأة بلاءً مستديماً يهدد كرامتهم أو المعنى وجودهم المعنوي وبالذات في بلدان الحضارة القديمة إلا أن ما لا ينسى أن ابتلاءات النظرة القاصرة من قبل الرجل للمرأة كانت أشد وطأة على الواقع الاجتماعي. إذا طالما كانت النظرة القاصرة عند الرجل تنساق إلى حالة التوتر مع المرأة فالرجل يشعر أن المرأة وبحكم القيود والتقاليد المفروضة عليها بصورة أكثر مما على الرجل وهذا أمر مفهوم تماماً يجعلها تشعر أن آفاق تحقيق أبسط طموحاتها قد تبدو بعيدة المنال.
وحالة التراكم في النظرة عند الرجل للمرأة قد جعل الأول تتحكم فيه أخلاقيات إيجابية هي بالضرورة لصالح المرأة لكن حيثيات الحياة وتقليص فرص حتى رؤية الرجل للمرأة التي إذا ما اقتصر تواجدها في البيت بصورة شبه دائمة سيجعلها تفكر أن فرصة الزواج أمامها ربما ستكون من المستحيلات لذا فإن الرجل المحافظ الذي توجد معه فتاة في بيته بصفتها كـ(أبنة) أو كـ(أخت) فهو من الطبيعي أن يفكر أن أحداً ما سيطرق باب بيته ليطلب يدها لكن أخلاقياته المحافظة تأبى أن يرخص الفتاة التي تخصه عائلياً ليجعلها تكون بمثابة فرجة أمام الآخرين لذلك تراه يتمسك بفرض قيود أن تبقى تلك الفتاة في بيته وهي تشعر أن المجتمع ظالم ولا يرحم أحداً في سمعته، وبهذا الصدد تشير تجارب العديد من العوائل أن فرض قيود الإبقاء في البيت أكثر مما ينبغي قد تسبب بعدم رؤية كاملة لفتيات مخدرات فقدت الأمل بالعثور على زوج مناسب وأصبحن من العوانس رغم أن درجة جمالهن كانت عالية أو مقبولة جداً.
إن في تطويع المرأة – الفتاة كي تبقى في البيت هو الرأي الأصح والمطلوب لكن مثيل هذه الحالة بطبيعة الحال ينبغي على أرباب العوائل المحافظين أن لا تصيبهم مرض المغالاة بهذا الأمر ولا بأس بهذا الصدد أن يكون لكل عائلة متنفساً موضوعياً بزيارات دورية للأقارب والعوائل الصديقة وزيارة العتبات المقدسة إينما تواجدت فبذاك يكون هناك حضور مطلوب للمرأة وممارسة طيبة في الظهور الاجتماعي البعيد عن النمط السلبي الذي يمكن أن يتحاذر منه رب الأسرة.
إن الستر والحشمة عند الفتاة خصلتان لا تتوجان إلا بالإيمان فالفتاة التي تنتظر فارس أحلامها أن يطرق باب عائلتها لطلب يدها بالإيمان وحده تستطيع أن تطلب من الله سبحانه وتعالى فيكون لها ذلك استجابة منه سبحانه مادام حياء الفتاة بهذا الصدد يمنعها كي تدبر شيئاً ليساعدها الأهل أو الصديقات مثلاً إذ من اليقين الثابت أن الدعاء من الله تبارك وتعالى هو الذي يتقدم على أي محاولة وما دون ذلك يكون بالدرجة التالية.
لعل في نظرة الرجل العائلي للمرأة شيء من الهاجس الدائم الممزوج بالخوف عليها فهي تحتاج إلى حماية حتى لو خرجت من طوق كونه أبوها أو أخوها وقد أصبحت زوجة لأن الأب أو الأخ هو سندها حتى في أي خلاف محتمل مع زوجها من هنا يلاحظ أن المرأة الشرقية عموماً والمرأة المسلمة خصوصاً تبقى على صلة أقوى مع عائلتها (الأبوين والأخوة والأخوات) حتى بعد زواجها وتأسيسها العائلة الخاصة بها في حين يلاحظ أن المرأة الغربية التي خدعوها.. بمنح الحرية الكاملة لها أن أصبحت خارج إطار سياجها العائلي الأول وفقدت بذاك روحيتها كامرأة تتطلع إلى منزلة أكثر رفقة في المجتمع.
إن في التعامل الإيجابي مع المرأة عبوراً للوضع الممكن أن يكرسها الجهل بهذا الصدد وأن المرأة بحكم كونها الطرف الأقل باعاً في علاقاتها الاجتماعية مقارنة مع الرجل فإن في استلاب أي حق إنساني يقلل من شأنها من حيث مساواتها مع نظيرها في الخلق (الرجل) سيكون فيه إجحافاً لها وأمر مرفوض ضميرياً.
لذا فإن تنظيم علاقة الرجل مع المرأة سواء داخل سياج البيت العائلي أو ضمن جدران بيت الأسرة يفضل أن ينظم بموجب قوانين رسمية ولا بأس أن تطور قوانين الأحوال الشخصية المعاصرة لتثبت ذلك كي تكون نبراساً يلتزم به الجميع من أجل تجميل روحي أفضل للمجتمع.
تعليق