كلمة التقوى في القرآن الكريم
وانا اتصفح وجدت هذا الكتاب الرائع واقتبسته لكم
المقدّمة (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمّد وآله الطاهرين .
قال تعالى في محكم كتابه ومبرم خطابه : ( وَألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّـقْوَى وَكَانُوا أحَقَّ بِهَا وَأهْلَهَا )(2) .
لطالما وصّى الله سبحانه وتعالى بالتقوى ، وأمر الإنسان أن يتّقي الله في حياته حقّ تقاته ، فإنّه قد جُمعت جميع خيرات الدنيا وحسنات الآخرة في كلمة واحدة ، ألا وهي التقوى ، وما أدراك ما التقوى ؟ ما أروعها وأجملها وأثقلها ، فقد حوت وانطوت على سعادة الدارين ، وقد حثّت عليها الكتب السماوية والشرائع الإلهية والرسل والأنبياء لا سيّما خاتمهم (عليهم السلام) في أحاديثهم القدسية ، وكذلك أهل بيت العترة الطاهرة في أخبارهم الربّانية ، فإنّهم أمروا الناس بأن يتحلّوا بهذه الصفة المباركة الجامعة للأخلاق الحسنة والصفات الكريمة ، ومن ثمّ ليتجلّوا ويحلّقوا في سماء الفضائل والمكارم مكلّلين بتاج التقوى .
ولو نظرنا بإمعان ودقّة في كتاب الله الكريم الذي يهدي للتّي هي أقوم لرأينا الشيء العجاب ، في ما علّقه عليها ، وبيّن آثارها ومعالمها من خير وثواب وشموخ ورفعة ، وما أضاف عليها من كرامات ومقامات عليّة ، وسعادات دنيوية واُخروية ، بمعطياتها الأبدية الخالدة ، وأثرها البالغ في النفوس والمجتمع في تمام حقوله ، وشتّى نواحيه ، وجميع طبقاته ، ما يكلّ اللسان عن بيانه والقلم عن تحريره .
ثمّ إنّ التقوى مفهوم كلّي مشكّك له مراتب طولية وعرضية ، إلاّ أنّ جذورها ثلاثةٌ كما ورد ذلك في الخبر الشريف(3) .
1ـ التقوى من خوف النار والعقاب ، وتتمثّل بإتيان الواجبات وترك المحرّمات ، وهي تقوى العامّة من الناس الذين هم مكلّفون بتحصيل هذه المرحلة ، وإن لم يتحلّوا بها فهم في عداد الفاسقين .
2ـ التقوى من الله ، وهي ترك الشبهات فضلا عن الحرام ، وهي تقوى الخواصّ من الناس الذين يتورّعون عن الشبهات ، ولا يقتحمونها فضلا عن ترك المحرّمات .
3ـ التقوى في الله سبحانه وتعالى ، وهي تتمثّل بترك الحلال فضلا عن الشبهات ، وهي تقوى خواصّ الخواصّ ، حيث إنّ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين ، فالمقرّب ووليّ الله يترك ما يحلّ له من الملاذ والشهوات ، ويزهد في الدنيا فضلا عن اقتحام الشبهات ، ولا يلقّاها إلاّ ذو حظٍّ عظيم ، ولله الحجّة البالغة : ( وَنَـفْس وَمَا سَوَّاهَا * فَأ لْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَـقْوَاهَا )(4) .
وإلى هذه المراتب الثلاث اُشير في الكتاب الإلهي بقوله تعالى :
( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ )(5) .
وقد وردت كلمة التقوى ومشتقّاتها في القرآن الكريم في 257 آية(6) ، أذكر نبذة منها تحت عناوين خاصّة تشير إلى عظمة التقوى ومقامها الشامخ ، وعلى القارئ العزيز أن يروي ظمأه من مناهل التحقيق والتنقيب والتفسير والبيان ، بل وعليه بالتفكّر والتأمّل والتدبّر في هذه الآيات ، فإنّه ينفتح له آفاق جديدة ، ومعاني سامية عندما يقرأ موضوع التقوى من خلال القرآن الكريم في مطالعة واحدة ، فإنّه يربط الآيات بعضها مع بعض ، فإنّ القرآن الكريم يفسّر بعضه بعضاً .
الفصل الأوّل : مصاديق التقوى :
نتعرّض أوّلا إلى بعض مواردها ومصاديقها التي منها :
1ـ إقامة الصلاة :
( وَأنْ أقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إلَيْهِ تُحْشَرُونَ )(7) .
( مُنِيبِينَ إلَيْهِ وَاتَّـقُوهُ وَأقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ )(8) .
وهذا يعني أنّ من يترك الصلاة هو من المشركين في العمل ، فإنّ الشرك إمّا أن يكون في العقيدة بأن يشرك مع سبحانه كالثنوية ، وإمّا أن يكون في العمل كالمرائي فإنّه مشرك في مقام العمل . فالمؤمن العالم يخشى الله سبحانه وتعالى ويتّقيه ، إلاّ أنّك تجد أكثر الناس للحقّ كارهون ، وإنّهم قد فسقوا عن أمر ربّهم وغرّتهم الحياة الدنيا وملاذّها ، فطغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد والجور والفواحش ما ظهر منها وما بطن :
( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالحِجَارَةِ أوْ أشَدُّ قَسْوَةً وَإنَّ مِنْ الحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنْهَارُ وَإنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ المَاءُ وَإنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ )(9) .
( يَا أيُّهَا النَّبِيُّ ا تَّقِ اللهَ وَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ إنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً )(10) .
( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أفَلا تَـتَّـقُونَ )(11) .
( وَقَالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إلَهَيْنِ ا ثْنَيْنِ إنَّمَا هُوَ إلَهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَـبُونِ * وَلَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً أفَغَيْرَ اللهِ تَـتَّـقُونَ )(12) .
( إنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّـلُونَ )(13) .
( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّـئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ )(14) .
( فَاتَّـقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأطِيعُوا وَأنفِقُوا خَيْراً لأنْفُسِكُمْ )(15) .
( وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أ نْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أحْسَنُوا فِي هَذِهِ
الدُّ نْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ المُتَّقِينَ )(16) .
( وَيُـنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّـقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )(17) .
( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَـنْهُ سَيِّـئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أجْراً )(18) .
( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأنْتُمْ مُسْلِمُونَ )(19) .
( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ا تَّـقُوا اللهَ وَلْـتَـنْظُرْ نَـفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدوَا تَّـقُوا اللهَ إنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )(20) .
( فَلا تُزَكُّوا أنفُسَكُمْ هُوَ أعْلَمُ بِمَنِ اتَّـقَى )(21) .
( خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّة وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )(22) .
( وَتَزَوَّدُوا فَإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا اُوْلِي الألْبَابِ )(23) .
واعلم أنّ الدعوة إلى التقوى هي دعوة الله ودعوة أنبيائه ورسله وأوصيائهم وأولياء الله والعلماء الصالحين الذين هم ورثة الأنبياء .
( فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلَه غَيْرُهُ أفَلا تَـتَّقُونَ )(24) .
( وَإبْرَاهِيمَ إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّـقُوهُ )(25) .
( سَيَقُولُونَ للهِ قُلْ أفَلا تَتَّـقُونَ )(26) .
( إذْ قَالَ لَهُمْ أخُوهُمْ نُوحٌ ألا تَتَّـقُونَ )(27) .
( إذْ قَالَ لَهُمْ أخُوهُمْ هُودٌ ألا تَتَّـقُونَ )(28) .
( إذْ قَالَ لَهُمْ أخُوهُمْ صَالِـحٌ ألا تَتَّـقُونَ )(29) .
( إذْ قَالَ لَهُمْ أخُوهُمْ لُوطٌ ألا تَتَّـقُونَ )(30) .
( إذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ ألا تَتَّـقُونَ )(31) .
( وَإنَّ إلْيَاسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ * إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ألا تَتَّـقُونَ )(32) .
( وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّـقُونَ )(33) .
( وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ )(34) .
( فَاتَّقُوا اللهَ يَا اُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )(35) .
( وَهَذَا كِتَابٌ أنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )(36) .
2ـ إيتاء الزكاة :
( فَسَأكْتُـبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّـقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ )(37) .
( وَسَيُجَـنَّـبُهَا الأتْـقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَـتَزَكَّى )(38) .
والزكاة إمّا واجبة أو مستحبّة ، وأحكامها مذكورة في الكتب الفقهية .
3ـ ترك الربا :
( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا )(39) .
وقد ذمّ الله الربا حتّى جعله حرباً مع الله سبحانه .
4ـ أداء الأمانة :
( فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ )(340) .
فإنّ أداء الأمانة من علامة المؤمن ، كما أنّ الخيانة من علامة المنافق وإن صلّى وصام .
5ـ صلة الرحم :
( وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ )(41) .
وما أكثر الآيات الكريمة والروايات الشريفة في استحباب صلة الرحم وحرمة قطعه .
6ـ ابتغاء الوسيلة :
( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إلَيْهِ الوَسِيلَةَ )(42) .
ومن الوسيلة الولاية العظمى وحبّ أهل البيت (عليهم السلام) والصلاة عليهم والاستغفار وغيرها .
7ـ اتّباع القرآن :
( وَهَذَا كِتَابٌ أنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )(43) .
فاتباع القرآن يعني سعادة الدارين ونيل الخيرات .
8ـ إطاعة النبيّ (صلى الله عليه وآله) :
( إنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أمِينٌ * فَاتَّـقُوا اللهَ وَأطِيعُونِ )(44) .
( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّـقُوا اللهَ )(45) .
فإطاعة النبيّ من إطاعة الله ، وهي من الواجبات العقلية والشرعية .
9ـ عدم إطاعة المسرفين :
( فَاتَّـقُوا اللهَ وَأطِيعُونِ * وَلا تُطِيعُوا أمْرَ المُسْرِفِينَ )(46) .
فإنّه يوجب الندامة والهلاك والضلال .
10ـ الإصلاح :
( فَأصْلِحُوا بَـيْنَ أخَوَيْكُمْ وَاتَّـقُوا اللهَ )(47) .
( فَاتَّقُوا اللهَ وَأصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ )(48) .
فإنّ الله يحبّ الصلح ، فإنّه من الخير ، والله هو الخير المطلق ، وإنّ الشيطان يلقي بينكم العداوة والبغضاء .
11ـ الصبر :
( إنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أجْرَ المُحْسِنِينَ )(49) .
والصبر أساس الأخلاق ، ومن صبر ظفر ، وإنّه صبر على ترك المعصية وصبر على الطاعة ، وصبر على المصائب ، والله بشّر الصابرين بالجنّات والمغفرة .
12ـ القول السديد :
( فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيداً )(50) .
فإنّ القول السديد والرشيد يوجب قوام الفرد والمجتمع وصلاحهما وسعادتهما .
13ـ الترابط في الله :
( اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )(51) .
فإنّ الترابط في الله من الجهاد ، وإنّ الله يحبّ المجاهدين .
14ـ عدم التعاون على الإثم :
( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ )(52) .
فإنّ التعاون على التقوى يوجب خير الفرد والمجتمع ، كما أنّ التعاون على الإثم والعدوان يوجب هدم صرح المجتمع وانحطاطه ، كما يوجب هلاك الفرد .
15ـ متاع بالمعروف :
( وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى المُتَّقِينَ )(53) .
فإنّ الحياة الزوجية إمّا إمساك بإحسان وكرامة ، وتسريح بمعروف ، وبهذا فلا يكون تضييع للحقوق مطلقاً ، وكذلك باقي الآيات التي تشير إلى مصاديق التقوى ، فإنّ في كلّ مورد وموضع حكمة علمية وعملية ، فردية واجتماعية ، يقف عليها القارئ النبيه ، فتدبّر ، وإليك الآيات الاُخرى في هذا الباب من دون تعليق وبيان .
16ـ النجوى بالبرّ والتقوى :
( وَتَـنَاجَوْا بِالبِرِّ وَالتَّـقْوَى وَاتَّـقُوا اللهَ الَّذِي إلَيْهِ تُحْشَرُونَ )(54) .
17ـ العفو :
( وَأنْ تَعْفُوا أقْرَبُ لِلتَّقْوَى )(55) .
18ـ إقامة العدل :
( اعْدِلُوا هُوَ أقْرَبُ لِلتَّقْوَى )(56) .
19ـ الجهاد :
( أنْ يُجَاهِدُوا بِأمْوَالِهِمْ وَأنفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالمُتَّقِينَ )(57) .
20ـ الغلظة مع الكفّار :
( وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ )(58) .
21ـ التواضع مع المؤمنين :
( نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلا فَسَاداً وَالعَاقِبَةُ لِلْمُـتَّقِينَ )(59) .
22ـ الكون مع الصادقين :
( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّـقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )(60) .
23ـ تعظيم الشعائر :
( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ )(61) .
24ـ الوفاء بالعهد :
( بَلَى مَنْ أوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ )(62) .
25ـ أكل الحلال الطيّب :
( فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّباً وَاتَّـقُوا اللهَ )(63) .
26ـ الذكرى :
فإنّ التقوى تصون الإنسان من الغفلات ، وإذا غفل بإغواء من الشيطان فإنّه سرعان ما يتذكّر : ( إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإذَا هُمْ مُبْصِرُونَ )(64) .
27ـ وأخيراً أساس كلّ شيء في الحياة التقوى :
( أفَمَنْ أسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَان خَيْرٌ )(65) .
ولو يدري الإنسان ما اُعدّ لمن ترك التقوى فإنّ بعض الناس :
( إذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ )(66) .
( فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ )(67) .
( وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي اُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ )(68) .
( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْس شَيْئاً )(69) .
( وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ )(70) .
( وَاعْلَمُوا أنَّكُمْ إلَيْهِ تُحْشَرُونَ )(71 ) .
( وَاعْلَمُوا أنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ )(72 ) .
( وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ )(73) .
( وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )(74) .
هذا لمن لم يتّق الله سبحانه ، فيرتكب الذنوب والمعاصي ، ويعمل المحرّمات ويترك الواجبات ويقتحم الشبهات ، وأمّا من اتّقى ، وخاف مقام ربّه ، ونهى النفس عن الهوى ، فإنّ الجنّة هي المأوى .
وانا اتصفح وجدت هذا الكتاب الرائع واقتبسته لكم
المقدّمة (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمّد وآله الطاهرين .
قال تعالى في محكم كتابه ومبرم خطابه : ( وَألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّـقْوَى وَكَانُوا أحَقَّ بِهَا وَأهْلَهَا )(2) .
لطالما وصّى الله سبحانه وتعالى بالتقوى ، وأمر الإنسان أن يتّقي الله في حياته حقّ تقاته ، فإنّه قد جُمعت جميع خيرات الدنيا وحسنات الآخرة في كلمة واحدة ، ألا وهي التقوى ، وما أدراك ما التقوى ؟ ما أروعها وأجملها وأثقلها ، فقد حوت وانطوت على سعادة الدارين ، وقد حثّت عليها الكتب السماوية والشرائع الإلهية والرسل والأنبياء لا سيّما خاتمهم (عليهم السلام) في أحاديثهم القدسية ، وكذلك أهل بيت العترة الطاهرة في أخبارهم الربّانية ، فإنّهم أمروا الناس بأن يتحلّوا بهذه الصفة المباركة الجامعة للأخلاق الحسنة والصفات الكريمة ، ومن ثمّ ليتجلّوا ويحلّقوا في سماء الفضائل والمكارم مكلّلين بتاج التقوى .
ولو نظرنا بإمعان ودقّة في كتاب الله الكريم الذي يهدي للتّي هي أقوم لرأينا الشيء العجاب ، في ما علّقه عليها ، وبيّن آثارها ومعالمها من خير وثواب وشموخ ورفعة ، وما أضاف عليها من كرامات ومقامات عليّة ، وسعادات دنيوية واُخروية ، بمعطياتها الأبدية الخالدة ، وأثرها البالغ في النفوس والمجتمع في تمام حقوله ، وشتّى نواحيه ، وجميع طبقاته ، ما يكلّ اللسان عن بيانه والقلم عن تحريره .
ثمّ إنّ التقوى مفهوم كلّي مشكّك له مراتب طولية وعرضية ، إلاّ أنّ جذورها ثلاثةٌ كما ورد ذلك في الخبر الشريف(3) .
1ـ التقوى من خوف النار والعقاب ، وتتمثّل بإتيان الواجبات وترك المحرّمات ، وهي تقوى العامّة من الناس الذين هم مكلّفون بتحصيل هذه المرحلة ، وإن لم يتحلّوا بها فهم في عداد الفاسقين .
2ـ التقوى من الله ، وهي ترك الشبهات فضلا عن الحرام ، وهي تقوى الخواصّ من الناس الذين يتورّعون عن الشبهات ، ولا يقتحمونها فضلا عن ترك المحرّمات .
3ـ التقوى في الله سبحانه وتعالى ، وهي تتمثّل بترك الحلال فضلا عن الشبهات ، وهي تقوى خواصّ الخواصّ ، حيث إنّ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين ، فالمقرّب ووليّ الله يترك ما يحلّ له من الملاذ والشهوات ، ويزهد في الدنيا فضلا عن اقتحام الشبهات ، ولا يلقّاها إلاّ ذو حظٍّ عظيم ، ولله الحجّة البالغة : ( وَنَـفْس وَمَا سَوَّاهَا * فَأ لْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَـقْوَاهَا )(4) .
وإلى هذه المراتب الثلاث اُشير في الكتاب الإلهي بقوله تعالى :
( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ )(5) .
وقد وردت كلمة التقوى ومشتقّاتها في القرآن الكريم في 257 آية(6) ، أذكر نبذة منها تحت عناوين خاصّة تشير إلى عظمة التقوى ومقامها الشامخ ، وعلى القارئ العزيز أن يروي ظمأه من مناهل التحقيق والتنقيب والتفسير والبيان ، بل وعليه بالتفكّر والتأمّل والتدبّر في هذه الآيات ، فإنّه ينفتح له آفاق جديدة ، ومعاني سامية عندما يقرأ موضوع التقوى من خلال القرآن الكريم في مطالعة واحدة ، فإنّه يربط الآيات بعضها مع بعض ، فإنّ القرآن الكريم يفسّر بعضه بعضاً .
الفصل الأوّل : مصاديق التقوى :
نتعرّض أوّلا إلى بعض مواردها ومصاديقها التي منها :
1ـ إقامة الصلاة :
( وَأنْ أقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إلَيْهِ تُحْشَرُونَ )(7) .
( مُنِيبِينَ إلَيْهِ وَاتَّـقُوهُ وَأقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ )(8) .
وهذا يعني أنّ من يترك الصلاة هو من المشركين في العمل ، فإنّ الشرك إمّا أن يكون في العقيدة بأن يشرك مع سبحانه كالثنوية ، وإمّا أن يكون في العمل كالمرائي فإنّه مشرك في مقام العمل . فالمؤمن العالم يخشى الله سبحانه وتعالى ويتّقيه ، إلاّ أنّك تجد أكثر الناس للحقّ كارهون ، وإنّهم قد فسقوا عن أمر ربّهم وغرّتهم الحياة الدنيا وملاذّها ، فطغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد والجور والفواحش ما ظهر منها وما بطن :
( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالحِجَارَةِ أوْ أشَدُّ قَسْوَةً وَإنَّ مِنْ الحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنْهَارُ وَإنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ المَاءُ وَإنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ )(9) .
( يَا أيُّهَا النَّبِيُّ ا تَّقِ اللهَ وَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ إنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً )(10) .
( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أفَلا تَـتَّـقُونَ )(11) .
( وَقَالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إلَهَيْنِ ا ثْنَيْنِ إنَّمَا هُوَ إلَهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَـبُونِ * وَلَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً أفَغَيْرَ اللهِ تَـتَّـقُونَ )(12) .
( إنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّـلُونَ )(13) .
( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّـئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ )(14) .
( فَاتَّـقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأطِيعُوا وَأنفِقُوا خَيْراً لأنْفُسِكُمْ )(15) .
( وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أ نْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أحْسَنُوا فِي هَذِهِ
الدُّ نْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ المُتَّقِينَ )(16) .
( وَيُـنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّـقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )(17) .
( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَـنْهُ سَيِّـئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أجْراً )(18) .
( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأنْتُمْ مُسْلِمُونَ )(19) .
( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ا تَّـقُوا اللهَ وَلْـتَـنْظُرْ نَـفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدوَا تَّـقُوا اللهَ إنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )(20) .
( فَلا تُزَكُّوا أنفُسَكُمْ هُوَ أعْلَمُ بِمَنِ اتَّـقَى )(21) .
( خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّة وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )(22) .
( وَتَزَوَّدُوا فَإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا اُوْلِي الألْبَابِ )(23) .
واعلم أنّ الدعوة إلى التقوى هي دعوة الله ودعوة أنبيائه ورسله وأوصيائهم وأولياء الله والعلماء الصالحين الذين هم ورثة الأنبياء .
( فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلَه غَيْرُهُ أفَلا تَـتَّقُونَ )(24) .
( وَإبْرَاهِيمَ إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّـقُوهُ )(25) .
( سَيَقُولُونَ للهِ قُلْ أفَلا تَتَّـقُونَ )(26) .
( إذْ قَالَ لَهُمْ أخُوهُمْ نُوحٌ ألا تَتَّـقُونَ )(27) .
( إذْ قَالَ لَهُمْ أخُوهُمْ هُودٌ ألا تَتَّـقُونَ )(28) .
( إذْ قَالَ لَهُمْ أخُوهُمْ صَالِـحٌ ألا تَتَّـقُونَ )(29) .
( إذْ قَالَ لَهُمْ أخُوهُمْ لُوطٌ ألا تَتَّـقُونَ )(30) .
( إذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ ألا تَتَّـقُونَ )(31) .
( وَإنَّ إلْيَاسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ * إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ألا تَتَّـقُونَ )(32) .
( وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّـقُونَ )(33) .
( وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ )(34) .
( فَاتَّقُوا اللهَ يَا اُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )(35) .
( وَهَذَا كِتَابٌ أنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )(36) .
2ـ إيتاء الزكاة :
( فَسَأكْتُـبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّـقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ )(37) .
( وَسَيُجَـنَّـبُهَا الأتْـقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَـتَزَكَّى )(38) .
والزكاة إمّا واجبة أو مستحبّة ، وأحكامها مذكورة في الكتب الفقهية .
3ـ ترك الربا :
( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا )(39) .
وقد ذمّ الله الربا حتّى جعله حرباً مع الله سبحانه .
4ـ أداء الأمانة :
( فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ )(340) .
فإنّ أداء الأمانة من علامة المؤمن ، كما أنّ الخيانة من علامة المنافق وإن صلّى وصام .
5ـ صلة الرحم :
( وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ )(41) .
وما أكثر الآيات الكريمة والروايات الشريفة في استحباب صلة الرحم وحرمة قطعه .
6ـ ابتغاء الوسيلة :
( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إلَيْهِ الوَسِيلَةَ )(42) .
ومن الوسيلة الولاية العظمى وحبّ أهل البيت (عليهم السلام) والصلاة عليهم والاستغفار وغيرها .
7ـ اتّباع القرآن :
( وَهَذَا كِتَابٌ أنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )(43) .
فاتباع القرآن يعني سعادة الدارين ونيل الخيرات .
8ـ إطاعة النبيّ (صلى الله عليه وآله) :
( إنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أمِينٌ * فَاتَّـقُوا اللهَ وَأطِيعُونِ )(44) .
( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّـقُوا اللهَ )(45) .
فإطاعة النبيّ من إطاعة الله ، وهي من الواجبات العقلية والشرعية .
9ـ عدم إطاعة المسرفين :
( فَاتَّـقُوا اللهَ وَأطِيعُونِ * وَلا تُطِيعُوا أمْرَ المُسْرِفِينَ )(46) .
فإنّه يوجب الندامة والهلاك والضلال .
10ـ الإصلاح :
( فَأصْلِحُوا بَـيْنَ أخَوَيْكُمْ وَاتَّـقُوا اللهَ )(47) .
( فَاتَّقُوا اللهَ وَأصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ )(48) .
فإنّ الله يحبّ الصلح ، فإنّه من الخير ، والله هو الخير المطلق ، وإنّ الشيطان يلقي بينكم العداوة والبغضاء .
11ـ الصبر :
( إنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أجْرَ المُحْسِنِينَ )(49) .
والصبر أساس الأخلاق ، ومن صبر ظفر ، وإنّه صبر على ترك المعصية وصبر على الطاعة ، وصبر على المصائب ، والله بشّر الصابرين بالجنّات والمغفرة .
12ـ القول السديد :
( فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيداً )(50) .
فإنّ القول السديد والرشيد يوجب قوام الفرد والمجتمع وصلاحهما وسعادتهما .
13ـ الترابط في الله :
( اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )(51) .
فإنّ الترابط في الله من الجهاد ، وإنّ الله يحبّ المجاهدين .
14ـ عدم التعاون على الإثم :
( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ )(52) .
فإنّ التعاون على التقوى يوجب خير الفرد والمجتمع ، كما أنّ التعاون على الإثم والعدوان يوجب هدم صرح المجتمع وانحطاطه ، كما يوجب هلاك الفرد .
15ـ متاع بالمعروف :
( وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى المُتَّقِينَ )(53) .
فإنّ الحياة الزوجية إمّا إمساك بإحسان وكرامة ، وتسريح بمعروف ، وبهذا فلا يكون تضييع للحقوق مطلقاً ، وكذلك باقي الآيات التي تشير إلى مصاديق التقوى ، فإنّ في كلّ مورد وموضع حكمة علمية وعملية ، فردية واجتماعية ، يقف عليها القارئ النبيه ، فتدبّر ، وإليك الآيات الاُخرى في هذا الباب من دون تعليق وبيان .
16ـ النجوى بالبرّ والتقوى :
( وَتَـنَاجَوْا بِالبِرِّ وَالتَّـقْوَى وَاتَّـقُوا اللهَ الَّذِي إلَيْهِ تُحْشَرُونَ )(54) .
17ـ العفو :
( وَأنْ تَعْفُوا أقْرَبُ لِلتَّقْوَى )(55) .
18ـ إقامة العدل :
( اعْدِلُوا هُوَ أقْرَبُ لِلتَّقْوَى )(56) .
19ـ الجهاد :
( أنْ يُجَاهِدُوا بِأمْوَالِهِمْ وَأنفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالمُتَّقِينَ )(57) .
20ـ الغلظة مع الكفّار :
( وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ )(58) .
21ـ التواضع مع المؤمنين :
( نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلا فَسَاداً وَالعَاقِبَةُ لِلْمُـتَّقِينَ )(59) .
22ـ الكون مع الصادقين :
( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّـقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )(60) .
23ـ تعظيم الشعائر :
( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ )(61) .
24ـ الوفاء بالعهد :
( بَلَى مَنْ أوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ )(62) .
25ـ أكل الحلال الطيّب :
( فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّباً وَاتَّـقُوا اللهَ )(63) .
26ـ الذكرى :
فإنّ التقوى تصون الإنسان من الغفلات ، وإذا غفل بإغواء من الشيطان فإنّه سرعان ما يتذكّر : ( إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإذَا هُمْ مُبْصِرُونَ )(64) .
27ـ وأخيراً أساس كلّ شيء في الحياة التقوى :
( أفَمَنْ أسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَان خَيْرٌ )(65) .
ولو يدري الإنسان ما اُعدّ لمن ترك التقوى فإنّ بعض الناس :
( إذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ )(66) .
( فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ )(67) .
( وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي اُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ )(68) .
( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْس شَيْئاً )(69) .
( وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ )(70) .
( وَاعْلَمُوا أنَّكُمْ إلَيْهِ تُحْشَرُونَ )(71 ) .
( وَاعْلَمُوا أنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ )(72 ) .
( وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ )(73) .
( وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )(74) .
هذا لمن لم يتّق الله سبحانه ، فيرتكب الذنوب والمعاصي ، ويعمل المحرّمات ويترك الواجبات ويقتحم الشبهات ، وأمّا من اتّقى ، وخاف مقام ربّه ، ونهى النفس عن الهوى ، فإنّ الجنّة هي المأوى .
تعليق