اللهم صل على محمد وآل محمد
بالسعى الجادّ.. ادركتْ غايتها
عادة ما تكون النساء - اذا سلكن سبيل الكمال الروحى بجدّ - اكثر توفقا من الرجال فى الفوز بانكشاف الحجب الظلمانيّة والنوريّة. ذلك انّ النساء ارهف عاطفة واوفر رحمة واشدّ حياء وارقّ قلبا.
وهنّ اكثر استعدادا لخروج حبّ الدنيا من قلوبهنّ ممّا لدى الرجال. وهناك دلائل على هذا يطول بيانها. واكتفى هنا بالاشارة الى واقعة واحدة كنموذج.
امراة من (آذربيجان) كانت قد قرات كتاب (معراج الروح).. اتّصلت بى يوما عن طريق الهاتف، قائلة انها تريد ان تلتقى بى ؛ لانّ لديها اسئلة حول كتاب (معراج الروح) قلت: لامانع. اذا جئت الى مشهد فيمكنك ان تساءلى عمّا بدا لك. لم تمرّ بضعة ايّام حتى جاءت الى دارنا، و ناولتنى ورقة كانت قد سجّلت عليها ما تريد من اسئلة، وقالت: هذه المسائل التى اريد السؤال عنها.
عندما نظرت الى الورقة وجدت انّ اجابات هذه المسائل مدوّنة فى كتاب (المصلح الغيبى) وكتاب (اجابتنا). اعطيتها الكتابين وقلت: اجابة اسئلتك فى هذين الكتابين، فاقرئيهما. واذا بقيت لديك اسئلة اخرى فسأجيب عنها باذن اللّه. اخذت الكتابين وانصرفت. وفى اليوم التالى عادت وقالت انها قراتهما، ووجدت فيها الاجابة عمّا تريد. واضافت: ولكنى لا أدرى ماذا ينبغى ان افعل لاوفق لتزكية النفس وازالة الحجب الظلمانية و النورانية.
عندئذ طلبت منها ان تحكى لى عن اوضاعها، فرَوَتْ لى طرفا من سيرتها. ويؤ سفنى القول انى فهمت عن هذه المراة انّها قلّما تركت ذنبا لم ترتكبه، وقلّما كانت ثمّة صفة سيئة لم تتّصف بها.
لاتظنوا انها باحت لى بذنوبها ؛ لانّ بوح الانسان بمعاصيه معصية اخرى.. بيد انّى فهمت - من خلال كلامها - انّها كانت كذلك.
وها هى ذى قد نهضت من كبوتها، وبدات روحها تتطّلع الى الاعالي. بادئ ذي بدء ينبغى لها ان تسلك طريق التوبة. هذا ما يقرّره المنهج المألوف فى السير والسلوك الى اللّه (تعالى) بعد اليقظة والإفاقة. اوضحت لها منهج التوبة، وذكرت لها العلامات التى يفهم منها التائب انّ توبته قد قبلت،(3) وقلت لها: اجلسى الليلة وحدك فى غرفة منفردة، و انت مكشوفة الراس، واعلنى بين يدى اللّه اسفك وندمك، وتضرّعى بتوسل و بكاء، واعتذرى الى اللّه (جلّ جلاله) بعبارات الاستغفار، وذكر (اليونسيّة)(4) حتى تبدو لك تلك العلامات. واذا بدت لك علامات قبول التوبة فانّ سائر مراحل السّير السلوك تمسى هيّنة امامك.
ذهب هذه المراة، ويبدو انها عكفت منذ تلك الليلة على تنفيذ هذا البرنامج، وتضرّعت بين يدى اللّه (تبارك وتعالى) مئات المرّات بعبارة: (استغفر اللّه وأتوب إليه)، ومئات المرّات بـ " لااله الاّ انت سبحانك انّى كنت من الظالمين "، مع توجّه الى معناهما الخاصّ الذى كنت قد ذكرته لها. كانت تبكى وتتضرّع بين يدى اللّه كثيرا، ملتزمة التزاما وثيقا بشروط التوبة. بعدئذ ذكرت هى:
فى وقت السّحر - وقد تعبت عينى، فكانت تؤ لمنى كثيرا بحيث احسست فيها بلذعة تمنعنى من اطباق جفنىّ - وجدت فجاءة تلك العلامات التى ذكرتها لقبول التوبة، وقد صارت توبتى إنشاء اللّه توبة نصوحا. وانا بانتظار ان تدلّنى على المراحل الاخرى للسير والسلوك.
قلت لها: منذ الآن عليك بالمراقبة بأن لا تعودي الى المعاصي القديمة، وحاسبى كلّ ليلة نفسك. واذا كنت قد عملت معصيه - لاسمح اللّه - فعليك ان تتلافيها على الفور.
الى جانب هذا.. عليك منذ اليوم - وانت تريدين المسير تلقاء الحقائق والمعنويّات - ان تحددّى هدفك، وان تعدّى عدّة السير.
قالت: قل لي إذَنْ ماذا ينبغى ان يكون الهدف؟ قلت:
افضل هدف وخير غاية هو ان تبلغى الكمالات الروحية، اى ان تنسلخى من الرذائل، و تتلبسى بالخصال الانسانية الحسنة. وخلاصتها انّ قلبك ينبغى ان يغدو نقيا كالمرآة.. حتى تنعكس فيه صفات " الانسان الكامل ".. الذى هو الامام بقيّة اللّه (ارواحنا فداه) مرآة كلّ المظاهر الالهيّة، وحتى تغدو روحك مبرّاة من كلّ سوء. وهذا هو هدفنا الذى علينا جميعا ان نسلك الطريق اليه.
اما الوسائل القادرة على البلوغ بنا الى هذا الهدف فهى الرياضات الشرعية المستمدّة من اهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السّلام)، فبدون مددهم لا يتمّ شيء. والخلاصة انى شرحت لها خلال اقامتها فى مشهد تلك الايام القليلة مراحل السير والسلوك، منذ " اليقظة و الافاقة " الى " الخلوص ". وكانت هى تدوّن ما تسمعه من تعليمات فى دفتر كان بيدها.
ثم حملته معها الى مدينتها. ورغم التزاماتها المنزلية والاسريّة فانها انجزت خلال سنة واحدة ماينجزه آخرون خلال سنوات.. حتى بلغت مقام " الاخلاص " ثم " الخلوص " وغدت ذات روح طاهرة تشاهد العوالم الاخرى الكامنة وراء هذا العالم. وحدث لها ان ارتبطت ارتباطا روحيّا كاملا بالامام ولىّ العصر (ارواحنا فداه). وخلاصتها انها قد وصلت - خلال مدّتها هذه - الى مقام الانقطاع التامّ عن غير الحقّ، والى الاتّصال بالحقّ جلّ وعلا.
انّ المسألة هى كما تعلم - وكما لوحظ كثيرا - تشبه حالة المريض او الشخص الذى يعيش " حالة اضطرار "، فينقطع نظره عن الوسائل الظاهرية - ولو لحظة - و يتّصل بمركز القدرة الالهيّة - اعنى امام الزمان () - فانه يشفى فى اللحظة من مرضه الذى لاشفاء له او يزال اضطراره. انّ الشخص البالغ مقام الخلوص والانقطاع والواصل الى مقصوده تغدو كلّ اوقات عمره تماما مثل تلك اللحظة التى فاز بها المريض وحدثت له فيها المعجزة.
معنى هذا انّه اذا اراد.. فانّه يتقلّب دائما فى معجزات وينال كلّ ما يشاء، ويكون كما فى الحديث القدسيّ الذي يقول اللّه (عزّ وجلّ) فيه: (عبدى أطعني تكن مثلى تقول للشيء كن.. فيكون، و تقول للشيء لا تكن.. فلا يكون) سوف تغدو أنت كذلك من هذا النمط.
وفى الحديث الا خر:
(ما يزال العبد يتقرّب الىّ بالنوافل حتّى احبّه، فاذا احببته كنت عينه التى يبصر بها واذنه التى يسمع بها ولسانه الذى ينطق به).
اجل، ما اكثر قدرات الانسان على بلوغ الكمالات الروحيّة! ولكن ما اشدّ غفلته فى الوقت نفسه! وما اكثر ما يقع فى حبائل الشيطان الذى اقسم ان يغويه و يُرْديه!
وهنّ اكثر استعدادا لخروج حبّ الدنيا من قلوبهنّ ممّا لدى الرجال. وهناك دلائل على هذا يطول بيانها. واكتفى هنا بالاشارة الى واقعة واحدة كنموذج.
امراة من (آذربيجان) كانت قد قرات كتاب (معراج الروح).. اتّصلت بى يوما عن طريق الهاتف، قائلة انها تريد ان تلتقى بى ؛ لانّ لديها اسئلة حول كتاب (معراج الروح) قلت: لامانع. اذا جئت الى مشهد فيمكنك ان تساءلى عمّا بدا لك. لم تمرّ بضعة ايّام حتى جاءت الى دارنا، و ناولتنى ورقة كانت قد سجّلت عليها ما تريد من اسئلة، وقالت: هذه المسائل التى اريد السؤال عنها.
عندما نظرت الى الورقة وجدت انّ اجابات هذه المسائل مدوّنة فى كتاب (المصلح الغيبى) وكتاب (اجابتنا). اعطيتها الكتابين وقلت: اجابة اسئلتك فى هذين الكتابين، فاقرئيهما. واذا بقيت لديك اسئلة اخرى فسأجيب عنها باذن اللّه. اخذت الكتابين وانصرفت. وفى اليوم التالى عادت وقالت انها قراتهما، ووجدت فيها الاجابة عمّا تريد. واضافت: ولكنى لا أدرى ماذا ينبغى ان افعل لاوفق لتزكية النفس وازالة الحجب الظلمانية و النورانية.
عندئذ طلبت منها ان تحكى لى عن اوضاعها، فرَوَتْ لى طرفا من سيرتها. ويؤ سفنى القول انى فهمت عن هذه المراة انّها قلّما تركت ذنبا لم ترتكبه، وقلّما كانت ثمّة صفة سيئة لم تتّصف بها.
لاتظنوا انها باحت لى بذنوبها ؛ لانّ بوح الانسان بمعاصيه معصية اخرى.. بيد انّى فهمت - من خلال كلامها - انّها كانت كذلك.
وها هى ذى قد نهضت من كبوتها، وبدات روحها تتطّلع الى الاعالي. بادئ ذي بدء ينبغى لها ان تسلك طريق التوبة. هذا ما يقرّره المنهج المألوف فى السير والسلوك الى اللّه (تعالى) بعد اليقظة والإفاقة. اوضحت لها منهج التوبة، وذكرت لها العلامات التى يفهم منها التائب انّ توبته قد قبلت،(3) وقلت لها: اجلسى الليلة وحدك فى غرفة منفردة، و انت مكشوفة الراس، واعلنى بين يدى اللّه اسفك وندمك، وتضرّعى بتوسل و بكاء، واعتذرى الى اللّه (جلّ جلاله) بعبارات الاستغفار، وذكر (اليونسيّة)(4) حتى تبدو لك تلك العلامات. واذا بدت لك علامات قبول التوبة فانّ سائر مراحل السّير السلوك تمسى هيّنة امامك.
ذهب هذه المراة، ويبدو انها عكفت منذ تلك الليلة على تنفيذ هذا البرنامج، وتضرّعت بين يدى اللّه (تبارك وتعالى) مئات المرّات بعبارة: (استغفر اللّه وأتوب إليه)، ومئات المرّات بـ " لااله الاّ انت سبحانك انّى كنت من الظالمين "، مع توجّه الى معناهما الخاصّ الذى كنت قد ذكرته لها. كانت تبكى وتتضرّع بين يدى اللّه كثيرا، ملتزمة التزاما وثيقا بشروط التوبة. بعدئذ ذكرت هى:
فى وقت السّحر - وقد تعبت عينى، فكانت تؤ لمنى كثيرا بحيث احسست فيها بلذعة تمنعنى من اطباق جفنىّ - وجدت فجاءة تلك العلامات التى ذكرتها لقبول التوبة، وقد صارت توبتى إنشاء اللّه توبة نصوحا. وانا بانتظار ان تدلّنى على المراحل الاخرى للسير والسلوك.
قلت لها: منذ الآن عليك بالمراقبة بأن لا تعودي الى المعاصي القديمة، وحاسبى كلّ ليلة نفسك. واذا كنت قد عملت معصيه - لاسمح اللّه - فعليك ان تتلافيها على الفور.
الى جانب هذا.. عليك منذ اليوم - وانت تريدين المسير تلقاء الحقائق والمعنويّات - ان تحددّى هدفك، وان تعدّى عدّة السير.
قالت: قل لي إذَنْ ماذا ينبغى ان يكون الهدف؟ قلت:
افضل هدف وخير غاية هو ان تبلغى الكمالات الروحية، اى ان تنسلخى من الرذائل، و تتلبسى بالخصال الانسانية الحسنة. وخلاصتها انّ قلبك ينبغى ان يغدو نقيا كالمرآة.. حتى تنعكس فيه صفات " الانسان الكامل ".. الذى هو الامام بقيّة اللّه (ارواحنا فداه) مرآة كلّ المظاهر الالهيّة، وحتى تغدو روحك مبرّاة من كلّ سوء. وهذا هو هدفنا الذى علينا جميعا ان نسلك الطريق اليه.
اما الوسائل القادرة على البلوغ بنا الى هذا الهدف فهى الرياضات الشرعية المستمدّة من اهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السّلام)، فبدون مددهم لا يتمّ شيء. والخلاصة انى شرحت لها خلال اقامتها فى مشهد تلك الايام القليلة مراحل السير والسلوك، منذ " اليقظة و الافاقة " الى " الخلوص ". وكانت هى تدوّن ما تسمعه من تعليمات فى دفتر كان بيدها.
ثم حملته معها الى مدينتها. ورغم التزاماتها المنزلية والاسريّة فانها انجزت خلال سنة واحدة ماينجزه آخرون خلال سنوات.. حتى بلغت مقام " الاخلاص " ثم " الخلوص " وغدت ذات روح طاهرة تشاهد العوالم الاخرى الكامنة وراء هذا العالم. وحدث لها ان ارتبطت ارتباطا روحيّا كاملا بالامام ولىّ العصر (ارواحنا فداه). وخلاصتها انها قد وصلت - خلال مدّتها هذه - الى مقام الانقطاع التامّ عن غير الحقّ، والى الاتّصال بالحقّ جلّ وعلا.
انّ المسألة هى كما تعلم - وكما لوحظ كثيرا - تشبه حالة المريض او الشخص الذى يعيش " حالة اضطرار "، فينقطع نظره عن الوسائل الظاهرية - ولو لحظة - و يتّصل بمركز القدرة الالهيّة - اعنى امام الزمان () - فانه يشفى فى اللحظة من مرضه الذى لاشفاء له او يزال اضطراره. انّ الشخص البالغ مقام الخلوص والانقطاع والواصل الى مقصوده تغدو كلّ اوقات عمره تماما مثل تلك اللحظة التى فاز بها المريض وحدثت له فيها المعجزة.
معنى هذا انّه اذا اراد.. فانّه يتقلّب دائما فى معجزات وينال كلّ ما يشاء، ويكون كما فى الحديث القدسيّ الذي يقول اللّه (عزّ وجلّ) فيه: (عبدى أطعني تكن مثلى تقول للشيء كن.. فيكون، و تقول للشيء لا تكن.. فلا يكون) سوف تغدو أنت كذلك من هذا النمط.
وفى الحديث الا خر:
(ما يزال العبد يتقرّب الىّ بالنوافل حتّى احبّه، فاذا احببته كنت عينه التى يبصر بها واذنه التى يسمع بها ولسانه الذى ينطق به).
اجل، ما اكثر قدرات الانسان على بلوغ الكمالات الروحيّة! ولكن ما اشدّ غفلته فى الوقت نفسه! وما اكثر ما يقع فى حبائل الشيطان الذى اقسم ان يغويه و يُرْديه!
الهوامش
(3) ورد تفصيل مسألة التوبة وعلائم القبول في كتاب (سير إلى الله) للمؤلف.
(4) أي عبارة (لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين) المترجم
(4) أي عبارة (لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين) المترجم
تعليق