بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم (افمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير)(1).
ان الله سبحانه وتعالى في هذه الدنيا له أسباب ووسائل يفيض من خلالها لطفه ورحمته على عباده، وبعض هذه الوسائل إنما يكون تحققها بيد العبد نفسه، فالله تعالى هو الرزاق ولكن فيض رزقه يكون عن طريق العمل مثلا، وهو تعالى الشافي ولكن فيض شفائه يكون عن طريق الطبيب وتناول الدواء، وهكذا الأمر بالنسبة لرضا الله تعالى فان فيض رضاه له أسباب ومجار تكون بيد الإنسان، وبملاحظة الآيات القرآنية والروايات الشريفة يمكن ان نجمل القول في هذه الأسباب بالنقاط التالية:
أولا: زيادة الاستغفار والتواضع والصدقة: عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) قال: (ثلاث يبلغن بالعبد رضوان الله، كثرة الاستغفار وخفض الجانب وكثرة الصدقة)(2).
ثانيا: طاعة الله تعالى: عن أمير المؤمنين علي(ع) قال: (إن الله تبارك وتعالى.. أخفى رضاه في طاعته، فلا تستصغرن شيئا من طاعته فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم)(3).
ثالثا: التقوى: عن أمير المؤمنين علي(ع) قال: (وأوصاكم بالتقوى، وجعلها منتهى رضاه، وحاجته من خلقه)(4).
رابعا: الصبر على طاعة الله تعالى: عن أمير المؤمنين علي(ع): (من اسخط بدنه أرضى ربه)(5).
خامسا: الرضا بقضاء الله تعالى: أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى(ع): (إن رضاي في رضاك بقضائي)(6)، من العوامل المهمة لجلب رضا الله تعالى هو رضا العبد بقضاء الله وخضوعه التام سواء كان هذا القضاء مطابقا لما يحبه العبد ويميل إليه أم مخالفا له، فحب الله تعالى المستلزم لطلب مرضاته لا يعني فقط أن يكون الإنسان شاكرا لله وسعيدا بقضائه في حال النعمة فقط، بل يعني أيضا الصبر على مرارة المصائب، لان الله تعالى هو الخير المطلق وكل ما يصدر عنه هو خير دنيوي أو أخروي.
ان نبي الله يعقوب(ع) ابتلي بفراق يوسف(ع) وكان هذا البلاء شديدا جدا على يعقوب، ولكن القران الكريم يحدثنا عن مدى صبر يعقوب(ع) من اجل رضا الله تعالى، حيث يقول على لسان يعقوب(ع): (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون)(7)، غاية الأمر أن هذا الصبر الجميل لا بد للإنسان من دعاء الله تعالى والاستعانة به لتحصيله.
عن أبي عبد الله الصادق(ع): (رأس طاعة الله الصبر والرضا عن الله في ما أحب العبد أو كره)(8).
ينقل أن احد الصالحين كان له ولدا مريضا، فراه صاحبه في حالة من الحزن والارتباك والخوف على طفله، وشاهده يدخل ويخرج من باب بيته ويدعو الله عز وجل ان يشفيه، وبعد ساعات مضت رآه وقد خرج من منزله وهو مرتاح، فظن صاحبه ان الطفل قد شفي، فقال له: الحمد لله على شفاء الولد. فقال له الرجل الصالح: لقد مات الطفل. فتعجب الرجل وقال له: رأيتك أثناء مرضه وأنت حزين خائف عليه، والآن وقد مات أراك مرتاحا؟!، فقال له الرجل الصالح: كان علينا أن ندعو الله عز وجل أثناء مرضه، وان نأتي بالطبيب والدواء، ولكن الطفل قد مات وقد رضينا بقضاء الله وقدره(9).
عن الإمام زين العابدين(ع): (من اتكل على حسن الاختيار من الله لم يتمن انه في غير الحال التي اختارها الله له)(10).
إذن فخلاصة الكلام أن الشكر في مقابل النعمة حكم عقلي دنيوي، أما الشكر في مقابل مرارة المصيبة فهو حكم الحب ومقام الرضا الإلهي.
هذه الأمور التي ذكرناها هي الأسباب التي من خلالها يمكن للإنسان أن يحصل على الرضا الإلهي فيكون موضع عناية الله تبارك وتعالى ورحمته ولكفه وبركاته، وهناك أمور يستطيع الإنسان من خلالها أن يعرف انه في منطقة الرضا الإلهي أم خارج عنها نذكر منها:
أولاً: توفيق الطاعة من الله تعالى والابتعاد عن المعصية: عن نبي الله موسى(ع): (يا رب اخبرني عن آية رضاك عن عبدك. فأوحى الله تعالى إليه: إذا رأيتني أهيئ عبدي لطاعتي واصرفه عن معصيتي فذلك اية رضاي)(11).
ثانيا: الشكر ومداومة الذكر ومحبة الله تعالى: (في حديث المعراج: فمن عمل برضاي ألزمه ثلاث خصال: اعرفه شكرا لا يخالطها الجهل، وذكرا لا يخالطه النسيان، ومحبة لا يؤثر على محبتي محبة المخلوقين)(12).
ثالثا: العدل في المجتمع: عن رسول الله(ص): (علامة رضا الله تعالى في خلقه عدل سلطانهم ورخص أسعارهم)(13).
إذن فالإنسان لا بد أن يسعى لتحصيل الأسباب التي من خلالها يحصل على رضا الله تبارك وتعالى، وان يراقب نفسه دائما لئلا يخرج عن منطقة الرضا الإلهي لتي هي منطقة العناية والرحمة الإلهية والفوز بقرب الله تعالى في الدنيا والآخرة.
الهوامش:
1. سورة آل عمران/162.
2. مستدرك سفينة البحار، ج4 ص146.
3. وسائل الشيعة، ج1 ص116.
4. نهج البلاغة خ183.
5. بحار الأنوار، ج67 ص312.
6. مستدرك الوسائل، ج2 ص412.
7. سورة يوسف/18.
8. الكافي، ج2 ص60.
9. الأخلاق والآداب الإسلامية، ص472.
10. بحار الأنوار، ج75 ص106.
11. ميزان الحكمة، ج2 ص1099.
12. بحار الأنوار، ج74 ص28.
13. الكافي، ج5 ص162.
ان الله سبحانه وتعالى في هذه الدنيا له أسباب ووسائل يفيض من خلالها لطفه ورحمته على عباده، وبعض هذه الوسائل إنما يكون تحققها بيد العبد نفسه، فالله تعالى هو الرزاق ولكن فيض رزقه يكون عن طريق العمل مثلا، وهو تعالى الشافي ولكن فيض شفائه يكون عن طريق الطبيب وتناول الدواء، وهكذا الأمر بالنسبة لرضا الله تعالى فان فيض رضاه له أسباب ومجار تكون بيد الإنسان، وبملاحظة الآيات القرآنية والروايات الشريفة يمكن ان نجمل القول في هذه الأسباب بالنقاط التالية:
أولا: زيادة الاستغفار والتواضع والصدقة: عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) قال: (ثلاث يبلغن بالعبد رضوان الله، كثرة الاستغفار وخفض الجانب وكثرة الصدقة)(2).
ثانيا: طاعة الله تعالى: عن أمير المؤمنين علي(ع) قال: (إن الله تبارك وتعالى.. أخفى رضاه في طاعته، فلا تستصغرن شيئا من طاعته فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم)(3).
ثالثا: التقوى: عن أمير المؤمنين علي(ع) قال: (وأوصاكم بالتقوى، وجعلها منتهى رضاه، وحاجته من خلقه)(4).
رابعا: الصبر على طاعة الله تعالى: عن أمير المؤمنين علي(ع): (من اسخط بدنه أرضى ربه)(5).
خامسا: الرضا بقضاء الله تعالى: أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى(ع): (إن رضاي في رضاك بقضائي)(6)، من العوامل المهمة لجلب رضا الله تعالى هو رضا العبد بقضاء الله وخضوعه التام سواء كان هذا القضاء مطابقا لما يحبه العبد ويميل إليه أم مخالفا له، فحب الله تعالى المستلزم لطلب مرضاته لا يعني فقط أن يكون الإنسان شاكرا لله وسعيدا بقضائه في حال النعمة فقط، بل يعني أيضا الصبر على مرارة المصائب، لان الله تعالى هو الخير المطلق وكل ما يصدر عنه هو خير دنيوي أو أخروي.
ان نبي الله يعقوب(ع) ابتلي بفراق يوسف(ع) وكان هذا البلاء شديدا جدا على يعقوب، ولكن القران الكريم يحدثنا عن مدى صبر يعقوب(ع) من اجل رضا الله تعالى، حيث يقول على لسان يعقوب(ع): (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون)(7)، غاية الأمر أن هذا الصبر الجميل لا بد للإنسان من دعاء الله تعالى والاستعانة به لتحصيله.
عن أبي عبد الله الصادق(ع): (رأس طاعة الله الصبر والرضا عن الله في ما أحب العبد أو كره)(8).
ينقل أن احد الصالحين كان له ولدا مريضا، فراه صاحبه في حالة من الحزن والارتباك والخوف على طفله، وشاهده يدخل ويخرج من باب بيته ويدعو الله عز وجل ان يشفيه، وبعد ساعات مضت رآه وقد خرج من منزله وهو مرتاح، فظن صاحبه ان الطفل قد شفي، فقال له: الحمد لله على شفاء الولد. فقال له الرجل الصالح: لقد مات الطفل. فتعجب الرجل وقال له: رأيتك أثناء مرضه وأنت حزين خائف عليه، والآن وقد مات أراك مرتاحا؟!، فقال له الرجل الصالح: كان علينا أن ندعو الله عز وجل أثناء مرضه، وان نأتي بالطبيب والدواء، ولكن الطفل قد مات وقد رضينا بقضاء الله وقدره(9).
عن الإمام زين العابدين(ع): (من اتكل على حسن الاختيار من الله لم يتمن انه في غير الحال التي اختارها الله له)(10).
إذن فخلاصة الكلام أن الشكر في مقابل النعمة حكم عقلي دنيوي، أما الشكر في مقابل مرارة المصيبة فهو حكم الحب ومقام الرضا الإلهي.
هذه الأمور التي ذكرناها هي الأسباب التي من خلالها يمكن للإنسان أن يحصل على الرضا الإلهي فيكون موضع عناية الله تبارك وتعالى ورحمته ولكفه وبركاته، وهناك أمور يستطيع الإنسان من خلالها أن يعرف انه في منطقة الرضا الإلهي أم خارج عنها نذكر منها:
أولاً: توفيق الطاعة من الله تعالى والابتعاد عن المعصية: عن نبي الله موسى(ع): (يا رب اخبرني عن آية رضاك عن عبدك. فأوحى الله تعالى إليه: إذا رأيتني أهيئ عبدي لطاعتي واصرفه عن معصيتي فذلك اية رضاي)(11).
ثانيا: الشكر ومداومة الذكر ومحبة الله تعالى: (في حديث المعراج: فمن عمل برضاي ألزمه ثلاث خصال: اعرفه شكرا لا يخالطها الجهل، وذكرا لا يخالطه النسيان، ومحبة لا يؤثر على محبتي محبة المخلوقين)(12).
ثالثا: العدل في المجتمع: عن رسول الله(ص): (علامة رضا الله تعالى في خلقه عدل سلطانهم ورخص أسعارهم)(13).
إذن فالإنسان لا بد أن يسعى لتحصيل الأسباب التي من خلالها يحصل على رضا الله تبارك وتعالى، وان يراقب نفسه دائما لئلا يخرج عن منطقة الرضا الإلهي لتي هي منطقة العناية والرحمة الإلهية والفوز بقرب الله تعالى في الدنيا والآخرة.
الهوامش:
1. سورة آل عمران/162.
2. مستدرك سفينة البحار، ج4 ص146.
3. وسائل الشيعة، ج1 ص116.
4. نهج البلاغة خ183.
5. بحار الأنوار، ج67 ص312.
6. مستدرك الوسائل، ج2 ص412.
7. سورة يوسف/18.
8. الكافي، ج2 ص60.
9. الأخلاق والآداب الإسلامية، ص472.
10. بحار الأنوار، ج75 ص106.
11. ميزان الحكمة، ج2 ص1099.
12. بحار الأنوار، ج74 ص28.
13. الكافي، ج5 ص162.
تعليق