يذكر اللغويون أن كلمة العيد مشتقة من (عاد) ويُقصد عودة الفرح والسرور، وبعضهم عممه للحزن. وتطلق هذه الكلمة على اليوم الذي يُجتمع فيه. قال ابن منظور في لسان العرب: العيد كل يوم فيه جمع، واشتقاقه من عاد يعود كأنهم عادوا إليه[1].
أما العلامة الطريحي، فقال: و(العيد) واحد الأعياد: هو كل يوم مجمع، وقيل: معناه اليوم الذي يعود فيه الفرح والسرور، إلى أن قال: وفي الحديث (إنما جعل يوم الفطر العيد ليكون للمسلمين مجتمعا يجتمعون فيه فيحمدون الله على ما من عليهم ولأنه أول يوم من السنة يحل فيه الأكل والشرب لان أول السنة عند أهل الحق شهر رمضان[2].
وصرح ابن الأعرابي بسبب التسمية فقال: سمي العيد عيداً؛ لأنه يعود كل سنة بفرحٍ مجدّد[3].
ونقل عن الأزهري في لسان العرب قوله: والعيد عند العرب الوقت الذي يعود فيه الفرح والحزن[4].
أعياد المسلمين
وأعياد المسلمين أربعة: يوم الجمعة، ويوم الفطر، ويوم الأضحى، ويوم الغدير الذي هو عيد الله الأكبر.
جاء في الخصال: عن المفضل بن عمر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كم للمسلمين من عيد؟ فقال: أربعة أعياد، قال: قلت: قد عرفت العيدين والجمعة، فقال لي: أعظمها وأشرفها يوم الثامن عشر من ذي الحجة، وهو اليوم الذي أقام فيه رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام ونصبه للناس علما)[5].
معنى العيد في الإسلام
ومعنى العيد إسلاميا هو انتصار الإنسان على الشيطان، ولذا ورد عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام انه قال: (وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد)[6].
والمسلم في هذه الأعياد الأربعة بعد أن يقضي مدة من الزمن في طاعة الله والتقرب إليه بتركه للحرمات يكون قد دحر الشيطان وانتصر عليه.
فمثلاً يقضي المؤمن شهراً من الصيام والقيام يسمو فيه وينمو إيمانه وترتفع درجته، عن أمير المؤمنين عليه السلام: (إنما هو عيد لمن قبل الله من صيامه وشكر قيامه)[7] وهكذا في عيد الأضحى يقضي الإنسان فترة من الزمان يتجنب فيها المحرمات بل حتى بعض المباحات التي كانت مباحة له في غير زمان الحج ومكانه، فيربي بذلك نفسه ويختم حجّه برمي الجمار ليعلن بذلك انه قد انتصر على الشيطان.
اذاً، فالعيد موسم عبادة يفرح فيه الإنسان بنيل رضا الله ولطفه ورحمته. ولا يراد منه اللهو واللعب وفعل المنكرات كما يتصوره البعض ويفعله بعض أهل زماننا كما كان يفعله أهل الجاهلية، عن النبي صلى الله عليه وآله: (قدمت المدينة ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية، وان الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما، يوم الفطر ويوم النحر)[8].
قال الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي في قول الله عز وجل: (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا)[9]: حيث سخروا به واستهزؤا منه وبنوا أمر دينهم على التشهي، أو جعلوا عيدهم الذي جعل ميقات عبادتهم زمان لعب ولهو[10].
وجاء في تحف العقول أن الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام):
مر في يوم فطر بقوم يلعبون ويضحكون فوقف على رؤوسهم فقال: (إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه، فيستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا وقصر آخرون فخابوا.
فالعجب كل العجب من ضاحك لاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون، وأيم الله لو كشف الغطاء لعلموا أن المحسن مشغول بإحسانه والمسيء مشغول بإساءته، ثم مضى)[11].
وقال في الإقبال في معنى العيد: وانه من مقامات السعود وانجاز الوعود، وإقبال الله تعالى على العبيد وإحضارهم بين يدي مقدس سرادق المجيد، وإطلاق خلع الحب على القلب ونشر ألوية القرب من الرب، وإشراق شموس الإقبال على وجوه الآمال، وتباشر الأعمال والابتهال بالقبول وإجابة السؤال، وتقديم الممالك والاتكاء على الأرائك وتسليم مفاتيح دار الرضا والرضوان، وسطر كتب الأمن والأمان، وتهيئة ما يحتاج هذا العبد المسعود إليه في المنزل الذي يقدم عليه[12].
ثم قال في موضع آخر: اعلم أن كل عيد جديد أطلق الله جل جلاله فيه شيئا من الجود لعبد سعيد، فإنما يكون إطلاقه جل جلاله لذلك الإحسان لمن ظفر بمعرفة الله جل جلاله ومعرفة رسوله صلوات الله عليه وإمام الزمان، وكان صحيح الإيمان، فان النقل عن صاحب الشريعة النبوية ورد متظاهرا انه من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية[13].
عمل المسلم في العيد
بعد أن عرفت مفهوم العيد في الإسلام، قد تسأل ما هو موقفنا كمؤمنين في العيد؟
أعلم قد وردت أعمال كثيرة في ليالي وأيام هذه الأعياد المباركة، وإحصاء جميع هذه الأعمال ليس مقصد هذه المقالة[14]، ولكن لا بأس هنا أن يعرف المؤمن بعض الأعمال العامة ونترك التفصيل إلى محله.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (زينوا أعيادكم بالتكبير)[15]. وقال: (زينوا العيدين بالتهليل، والتكبير، والتحميد، والتقديس)[16].
وكذلك ما رواه إمامنا الصادق عليه السلام عن جده أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال:
خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الناس يوم الفطر، فقال: (أيها الناس، إن يومكم هذا يوم يثاب فيه المحسنون، ويخسر فيه المسيئون، وهو أشبه يوم بيوم قيامتكم، فاذكروا بخروجكم من منازلكم إلى مصلاكم خروجكم من الأجداث إلى ربكم، واذكروا بوقوفكم في مصلاكم وقوفكم بين يدي ربكم، واذكروا برجوعكم إلى منازلكم رجوعكم إلى منازلكم في الجنة أو النار، واعلموا -عباد الله- أن أدنى ما للصائمين والصائمات أن يناديهم ملك في آخر يوم من شهر رمضان: أبشروا عباد الله، فقد غفر لكم ما سلف من ذنوبكم، فانظروا كيف تكونون فيما تستأنفون)[17].
وفي هذه الرواية إشارة مهمة إلى أن الإنسان ينبغي عليه أن يتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بقلب طاهر نظيف، ويفتح صفحة جديدة من صحف أعماله كي يزينها بالعمل الصالح ما ينال به سعة رحمة الله ورضوانه، خصوصا وقد ورد أن السنة العبادية للمؤمن تبدأ في الأول من شهر شوال، فبعد أن ينتهي من أطول موسم عبادي في الإسلام، تصل النوبة إلى يوم الجوائز والعطايا كما قدمنا ذلك، وبه يتعهد الإنسان بسنة جديدة وصحيفته بيضاء إن شاء الله تعالى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] - لسان العرب 3: 319، فصل العين المهملة.
[2] - مجمع البحرن3: 274، باب ع.
[3] - لسان العرب3 : 319، فصل العين المهملة.
[4] - نفس المصدر السابق.
[5] - الخصال : 264، باب الأربعة، ح 145.
[6] - نهج البلاغة 4: 100، باب المختار من حكم أمير المؤمنين... رقم(428) شرح محمد عبده.
[7] - نفس المصدر السابق.
[8] - ميزان الحكمة 3: 2196، كتاب العيد (378).
[9] - سورة الأنعام: 70
[10] - التفسير الصافي 2 : 129
[11] - تحف العقول: 236، من قصار كلماته (عليه السلام)
[12] - إقبال الأعمال1 : 457.
[13] - نفسه: 2: 252.
[14] - يمكن مراجعة ذلك تفصيلا في كتاب: زاد المعاد في ليالي وأيام الأعياد.
[15] - ميزان الحكمة 3: 2198، زينة الأعياد (3007).
[16] - نفسه.
[17] - أمالي الصدوق: 160، المجلس الحادي والعشرين، ح10.
أما العلامة الطريحي، فقال: و(العيد) واحد الأعياد: هو كل يوم مجمع، وقيل: معناه اليوم الذي يعود فيه الفرح والسرور، إلى أن قال: وفي الحديث (إنما جعل يوم الفطر العيد ليكون للمسلمين مجتمعا يجتمعون فيه فيحمدون الله على ما من عليهم ولأنه أول يوم من السنة يحل فيه الأكل والشرب لان أول السنة عند أهل الحق شهر رمضان[2].
وصرح ابن الأعرابي بسبب التسمية فقال: سمي العيد عيداً؛ لأنه يعود كل سنة بفرحٍ مجدّد[3].
ونقل عن الأزهري في لسان العرب قوله: والعيد عند العرب الوقت الذي يعود فيه الفرح والحزن[4].
أعياد المسلمين
وأعياد المسلمين أربعة: يوم الجمعة، ويوم الفطر، ويوم الأضحى، ويوم الغدير الذي هو عيد الله الأكبر.
جاء في الخصال: عن المفضل بن عمر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كم للمسلمين من عيد؟ فقال: أربعة أعياد، قال: قلت: قد عرفت العيدين والجمعة، فقال لي: أعظمها وأشرفها يوم الثامن عشر من ذي الحجة، وهو اليوم الذي أقام فيه رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام ونصبه للناس علما)[5].
معنى العيد في الإسلام
ومعنى العيد إسلاميا هو انتصار الإنسان على الشيطان، ولذا ورد عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام انه قال: (وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد)[6].
والمسلم في هذه الأعياد الأربعة بعد أن يقضي مدة من الزمن في طاعة الله والتقرب إليه بتركه للحرمات يكون قد دحر الشيطان وانتصر عليه.
فمثلاً يقضي المؤمن شهراً من الصيام والقيام يسمو فيه وينمو إيمانه وترتفع درجته، عن أمير المؤمنين عليه السلام: (إنما هو عيد لمن قبل الله من صيامه وشكر قيامه)[7] وهكذا في عيد الأضحى يقضي الإنسان فترة من الزمان يتجنب فيها المحرمات بل حتى بعض المباحات التي كانت مباحة له في غير زمان الحج ومكانه، فيربي بذلك نفسه ويختم حجّه برمي الجمار ليعلن بذلك انه قد انتصر على الشيطان.
اذاً، فالعيد موسم عبادة يفرح فيه الإنسان بنيل رضا الله ولطفه ورحمته. ولا يراد منه اللهو واللعب وفعل المنكرات كما يتصوره البعض ويفعله بعض أهل زماننا كما كان يفعله أهل الجاهلية، عن النبي صلى الله عليه وآله: (قدمت المدينة ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية، وان الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما، يوم الفطر ويوم النحر)[8].
قال الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي في قول الله عز وجل: (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا)[9]: حيث سخروا به واستهزؤا منه وبنوا أمر دينهم على التشهي، أو جعلوا عيدهم الذي جعل ميقات عبادتهم زمان لعب ولهو[10].
وجاء في تحف العقول أن الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام):
مر في يوم فطر بقوم يلعبون ويضحكون فوقف على رؤوسهم فقال: (إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه، فيستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا وقصر آخرون فخابوا.
فالعجب كل العجب من ضاحك لاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون، وأيم الله لو كشف الغطاء لعلموا أن المحسن مشغول بإحسانه والمسيء مشغول بإساءته، ثم مضى)[11].
وقال في الإقبال في معنى العيد: وانه من مقامات السعود وانجاز الوعود، وإقبال الله تعالى على العبيد وإحضارهم بين يدي مقدس سرادق المجيد، وإطلاق خلع الحب على القلب ونشر ألوية القرب من الرب، وإشراق شموس الإقبال على وجوه الآمال، وتباشر الأعمال والابتهال بالقبول وإجابة السؤال، وتقديم الممالك والاتكاء على الأرائك وتسليم مفاتيح دار الرضا والرضوان، وسطر كتب الأمن والأمان، وتهيئة ما يحتاج هذا العبد المسعود إليه في المنزل الذي يقدم عليه[12].
ثم قال في موضع آخر: اعلم أن كل عيد جديد أطلق الله جل جلاله فيه شيئا من الجود لعبد سعيد، فإنما يكون إطلاقه جل جلاله لذلك الإحسان لمن ظفر بمعرفة الله جل جلاله ومعرفة رسوله صلوات الله عليه وإمام الزمان، وكان صحيح الإيمان، فان النقل عن صاحب الشريعة النبوية ورد متظاهرا انه من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية[13].
عمل المسلم في العيد
بعد أن عرفت مفهوم العيد في الإسلام، قد تسأل ما هو موقفنا كمؤمنين في العيد؟
أعلم قد وردت أعمال كثيرة في ليالي وأيام هذه الأعياد المباركة، وإحصاء جميع هذه الأعمال ليس مقصد هذه المقالة[14]، ولكن لا بأس هنا أن يعرف المؤمن بعض الأعمال العامة ونترك التفصيل إلى محله.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (زينوا أعيادكم بالتكبير)[15]. وقال: (زينوا العيدين بالتهليل، والتكبير، والتحميد، والتقديس)[16].
وكذلك ما رواه إمامنا الصادق عليه السلام عن جده أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال:
خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الناس يوم الفطر، فقال: (أيها الناس، إن يومكم هذا يوم يثاب فيه المحسنون، ويخسر فيه المسيئون، وهو أشبه يوم بيوم قيامتكم، فاذكروا بخروجكم من منازلكم إلى مصلاكم خروجكم من الأجداث إلى ربكم، واذكروا بوقوفكم في مصلاكم وقوفكم بين يدي ربكم، واذكروا برجوعكم إلى منازلكم رجوعكم إلى منازلكم في الجنة أو النار، واعلموا -عباد الله- أن أدنى ما للصائمين والصائمات أن يناديهم ملك في آخر يوم من شهر رمضان: أبشروا عباد الله، فقد غفر لكم ما سلف من ذنوبكم، فانظروا كيف تكونون فيما تستأنفون)[17].
وفي هذه الرواية إشارة مهمة إلى أن الإنسان ينبغي عليه أن يتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بقلب طاهر نظيف، ويفتح صفحة جديدة من صحف أعماله كي يزينها بالعمل الصالح ما ينال به سعة رحمة الله ورضوانه، خصوصا وقد ورد أن السنة العبادية للمؤمن تبدأ في الأول من شهر شوال، فبعد أن ينتهي من أطول موسم عبادي في الإسلام، تصل النوبة إلى يوم الجوائز والعطايا كما قدمنا ذلك، وبه يتعهد الإنسان بسنة جديدة وصحيفته بيضاء إن شاء الله تعالى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] - لسان العرب 3: 319، فصل العين المهملة.
[2] - مجمع البحرن3: 274، باب ع.
[3] - لسان العرب3 : 319، فصل العين المهملة.
[4] - نفس المصدر السابق.
[5] - الخصال : 264، باب الأربعة، ح 145.
[6] - نهج البلاغة 4: 100، باب المختار من حكم أمير المؤمنين... رقم(428) شرح محمد عبده.
[7] - نفس المصدر السابق.
[8] - ميزان الحكمة 3: 2196، كتاب العيد (378).
[9] - سورة الأنعام: 70
[10] - التفسير الصافي 2 : 129
[11] - تحف العقول: 236، من قصار كلماته (عليه السلام)
[12] - إقبال الأعمال1 : 457.
[13] - نفسه: 2: 252.
[14] - يمكن مراجعة ذلك تفصيلا في كتاب: زاد المعاد في ليالي وأيام الأعياد.
[15] - ميزان الحكمة 3: 2198، زينة الأعياد (3007).
[16] - نفسه.
[17] - أمالي الصدوق: 160، المجلس الحادي والعشرين، ح10.
تعليق