الحبــل القــرآني
كثير من البحوث العلمية أجريت في محاولة من أصحابها لمعرفة حقيقة القرآن ، أو العلوم المنطوية بين ثناياه إلا إن أغلب هذه البحوث عقيمة ومتشابهة وتقليدية تؤدي إلى نفس النتائج .
لأن هؤلاء الباحثون معتقدون ومطمئنون لظاهر القرآن المتمثل بالمصاحف والآيات الموجودة فيها ، متجاهلين سعة بطون القرآن وعلاقتها المباشرة في سريان هذا الكون والموجودات ككل ، فتراه يقول إن القرآن عظيم ولكنه يجهل معنى هذه الكلمة .
وعندما يتناول البحث أو إيضاح عظمة القرآن يلتزم بظاهره وعلومه الظاهرية فقط وكأن القرآن لا يحوي بين دفتيه سوى علم اللغة والمنطق والتلاوة والأحاديث والقصص القرآنية والأحكام الفقهية ، ولا يخفى إن هذا يمثل الظاهر أيضاً فهم إلى الآن لم يُخرِجوا من ظاهره ما يليق به .
فالحقيقة كما قالها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) : ( ظاهره أنيق وباطنه عميق له نجوم ولنجومه نجوم لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه )( ).
لذا فالتنزيل هو ظاهر القرآن والتأويل هو باطن القرآن ، وكما هو معلوم إن الباطن أفضل من الظاهر لأن الباطن هو الذي يعطي الحجم الحقيقي للشيء وليس ظاهره ، لسبب بسيط لأن الظاهر محدد ومقيد وأما الباطن فهو غير محدد وغير مقيد ، لأنه يمثل المادة الحقيقية والمصداق الوجودي للشيء فكثير من الأشياء ظاهرها مرئي إلا أن باطنها غير مرئي ، فباطن الشيء يعني حقيقته الوجودية الفعلية وهي أفضل من ظاهره المحدود بشكل قد يشير إلى وجود شيء وقد لا يشير على الرغم من إن الظاهر مرئي والباطن مخفي عن الأنظار .
والباطن تأثيره مرئي على الأشياء والموجودات ، مثل شعاع الشمس ( الضوء ) الضوء حقيقته غير مرئية ولكن نرى انعكاسه على الأشياء لذا فالضوء موجود على رغم إن ظاهره غير مرئي ولكن باطنه مرئي بتأثيره على الأشياء وانعكاسه منها .
فنستنتج من هذا المثال إنه من الممكن أن يكون الظاهر غير مرئي ومن الممكن أيضاً أن يكون مرئي أما باطن الشيء ( حقيقته ) في كلا الحالتين غير مرئي ولكن الاستدلال على وجودها هو تأثيرها بالموجودات .
الذي نريد قوله هو إن باطن الشيء هو الأفضل لأنه يمثل حقيقته الفعلية وأما الظاهر ما هو إلا جزء بسيط جداً من تلك الحقيقة ، ومن هذا الاعتبار فليس من المنطقي الاعتماد على ظاهر الشيء للاستدلال على حقيقة عظمته كما هو الحال مع عظمة القرآن ، من الكلام السابق أستطيع القول :
إن علوم اللغة والأحكام الفقهية والعلمية والتلاوة والمعاني ليست دليل على إعجاز القرآن ، بل إن حقيقة الباطن القرآني الذي يمثل التأويل القرآني هو الإعجاز القرآني وإثبات الإلهيته وكونه المعجزة الكبرى للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) .
حيث ورد عن الفضيل بن يسار قال : ( سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الرواية ما في القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن وما فيه حرف إلا وله حد ولكل حد مطلع ، ما يعني بقوله لها ظهر وبطن ؟
قال : ظهره تنزيله وبطنه تأويله منه ما مضى ومنه ما لم يكن بعد ، يجري كما يجري الشمس والقمر كلما جاء منه شيء وقع ، قال الله {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} نحن نعلمه )( ) .
ون أقوى التعابير القرآنية والروائية على حقيقة القرآن هو كونه حبل الله وكونه ممدود من السماء إلى الأرض ، هذا التعبير يمثل الصورة الحقيقية لعلاقة التنزيل والتأويل ( الظاهر والباطن ) بالكون والموجودات التي فيه من ظواهر ومخلوقات وما شابهها ...
عن أبان بن تغلب قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) عن قول الله تعالى : {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ} قال : ما يقول الناس فيها ؟ قال :
( قلت : يقولون : حبل من الله كتابه وحبل من الناس عهده الذي عهد إليهم . قال : كذبوا .
قلت : فما تقول فيها ؟ قال : فقال لي : حبل من الله كتابه وحبلٌ من الناس علي بن أبي طالب )( ).
عن يونس بن عبد الرحمن رفعوه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله {إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ} قال : ( الحبل من الله كتاب الله ، والحبل من الناس علي بن أبي طالب (عليه السلام) )( ).
{إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ} عن الباقر (عليه السلام) : ( الحبل من الله كتاب الله والحبل من الناس علي بن أبي طالب )( ).
وفي نهج البلاغة عن أمير المؤمنين بحديث طويل إلى أن قال : ( ...وإن الله سبحانه لم يعظ أحداً بمثل القرآن فإنه حبل الله المتين وسببه الأمين وفيه ربيع القرآن ...)( ).
القرآن حبلٌ ممدود بين السماء والأرض
لا يمكن تصور معنى أو مقصود الحبل الممدود هو عبارة عن حبل غليظ جداً من الأصواف أو البلاستيك طرفه الأول مربوط بأحد أرجل (العرش) والطرف الآخر معقود حول إحدى جبال الأرض .
والحقيقة العلمية في هذا الموضوع هي إن القرآن في صورته الحقيقية يشترك مع الحبل بالمبدأ ، فلو عدنا إلى مبدأ الحبل وتساءلنا ما هو الحبل ؟ أستطيع أن أعطي تعريفاً عاماً للحبل هو إنه عبارة عن حزمة من الألياف الصوفية المتراصة والمفتولة مع بعضها تستعمل للربط بين شيئين ، وإن للحبل طرفين .
وعند مطابقة هذا المبدأ مع فكرة كون كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض نستنتج إن لكتاب الله صورة أو شكل وجودي يجسد هذا المبدأ ، وهذه الصورة عبارة عن حزمة من أجزاء نسبتها للقرآن كنسبة الألياف الخيطية إلى الحبل ، وإن لهذه الصورة أو التشكيل الوجودي طرفان .
إن للقرآن حقائق ملكوتية وجودية تجري بين السماء والأرض ، وبتطبيق مبدأ الحبل يكون المقصود من حبل الله إنه ((عبارة عن حزمة من الحقائق الملكوتية الوجودية وهذه الحزمة تكون ممدودة بين السماء والأرض أي إن هذه الحزمة (حزمة الحقائق الملكوتية) تهبط من السماء إلى الأرض)).
هذا الأمر أشبه بهبوط سيل من الشحنات أو الفوتونات على شكل حزمة تدخل إلى الكون وتهبط على الأرض أو بعبارة أخرى أشبه بفيض مغناطيسي هابط من السماء إلى الأرض ليستقبله قلب المعصوم الذي يعمل كعمل قطب مغناطيسي (طرف ثاني للحبل الممدود) مقابل لقطب مغناطيسي مقابل من الجهة الأولى (طرف أول للحبل) ، وكما هو معلوم إن الفيض المغناطيسي ينطلق من القطب الموجب إلى القطب السالب .
لذا يمكن تمثيل طرف الحبل عند الله باعتباره هو الباعث لهذا الفيض الملكوتي فيكون هذا الطرف هو القطب الموجب ، ويمكن تمثيل الطرف الثاني للحبل والذي يمثله قلب المعصوم بالقطب السالب للمغناطيس .
لذا سيتحرك الفيض المغناطيسي الذي يمثله حزمة الحقائق الملكوتية من القطب الموجب (الله سبحانه وتعالى) إلى القطب السالب (قلب المعصوم) .
من هذا المنطلق نستطيع أن نضع نصاً لنظرية الحبل القرآنية :
(( إن هناك حزمة من الحقائق التأويلية الملكوتية تنطلق من الله سبحانه وتعالى بصورة أشبه ما تكون بالفيض المغناطيسي المنطلق من القطب الموجب وهابط إلى القطب السالب المتمثل بقلب المعصوم )).
المخطط التالي يوضح ذلك :
كثير من البحوث العلمية أجريت في محاولة من أصحابها لمعرفة حقيقة القرآن ، أو العلوم المنطوية بين ثناياه إلا إن أغلب هذه البحوث عقيمة ومتشابهة وتقليدية تؤدي إلى نفس النتائج .
لأن هؤلاء الباحثون معتقدون ومطمئنون لظاهر القرآن المتمثل بالمصاحف والآيات الموجودة فيها ، متجاهلين سعة بطون القرآن وعلاقتها المباشرة في سريان هذا الكون والموجودات ككل ، فتراه يقول إن القرآن عظيم ولكنه يجهل معنى هذه الكلمة .
وعندما يتناول البحث أو إيضاح عظمة القرآن يلتزم بظاهره وعلومه الظاهرية فقط وكأن القرآن لا يحوي بين دفتيه سوى علم اللغة والمنطق والتلاوة والأحاديث والقصص القرآنية والأحكام الفقهية ، ولا يخفى إن هذا يمثل الظاهر أيضاً فهم إلى الآن لم يُخرِجوا من ظاهره ما يليق به .
فالحقيقة كما قالها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) : ( ظاهره أنيق وباطنه عميق له نجوم ولنجومه نجوم لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه )( ).
لذا فالتنزيل هو ظاهر القرآن والتأويل هو باطن القرآن ، وكما هو معلوم إن الباطن أفضل من الظاهر لأن الباطن هو الذي يعطي الحجم الحقيقي للشيء وليس ظاهره ، لسبب بسيط لأن الظاهر محدد ومقيد وأما الباطن فهو غير محدد وغير مقيد ، لأنه يمثل المادة الحقيقية والمصداق الوجودي للشيء فكثير من الأشياء ظاهرها مرئي إلا أن باطنها غير مرئي ، فباطن الشيء يعني حقيقته الوجودية الفعلية وهي أفضل من ظاهره المحدود بشكل قد يشير إلى وجود شيء وقد لا يشير على الرغم من إن الظاهر مرئي والباطن مخفي عن الأنظار .
والباطن تأثيره مرئي على الأشياء والموجودات ، مثل شعاع الشمس ( الضوء ) الضوء حقيقته غير مرئية ولكن نرى انعكاسه على الأشياء لذا فالضوء موجود على رغم إن ظاهره غير مرئي ولكن باطنه مرئي بتأثيره على الأشياء وانعكاسه منها .
فنستنتج من هذا المثال إنه من الممكن أن يكون الظاهر غير مرئي ومن الممكن أيضاً أن يكون مرئي أما باطن الشيء ( حقيقته ) في كلا الحالتين غير مرئي ولكن الاستدلال على وجودها هو تأثيرها بالموجودات .
الذي نريد قوله هو إن باطن الشيء هو الأفضل لأنه يمثل حقيقته الفعلية وأما الظاهر ما هو إلا جزء بسيط جداً من تلك الحقيقة ، ومن هذا الاعتبار فليس من المنطقي الاعتماد على ظاهر الشيء للاستدلال على حقيقة عظمته كما هو الحال مع عظمة القرآن ، من الكلام السابق أستطيع القول :
إن علوم اللغة والأحكام الفقهية والعلمية والتلاوة والمعاني ليست دليل على إعجاز القرآن ، بل إن حقيقة الباطن القرآني الذي يمثل التأويل القرآني هو الإعجاز القرآني وإثبات الإلهيته وكونه المعجزة الكبرى للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) .
حيث ورد عن الفضيل بن يسار قال : ( سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الرواية ما في القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن وما فيه حرف إلا وله حد ولكل حد مطلع ، ما يعني بقوله لها ظهر وبطن ؟
قال : ظهره تنزيله وبطنه تأويله منه ما مضى ومنه ما لم يكن بعد ، يجري كما يجري الشمس والقمر كلما جاء منه شيء وقع ، قال الله {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} نحن نعلمه )( ) .
ون أقوى التعابير القرآنية والروائية على حقيقة القرآن هو كونه حبل الله وكونه ممدود من السماء إلى الأرض ، هذا التعبير يمثل الصورة الحقيقية لعلاقة التنزيل والتأويل ( الظاهر والباطن ) بالكون والموجودات التي فيه من ظواهر ومخلوقات وما شابهها ...
عن أبان بن تغلب قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) عن قول الله تعالى : {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ} قال : ما يقول الناس فيها ؟ قال :
( قلت : يقولون : حبل من الله كتابه وحبل من الناس عهده الذي عهد إليهم . قال : كذبوا .
قلت : فما تقول فيها ؟ قال : فقال لي : حبل من الله كتابه وحبلٌ من الناس علي بن أبي طالب )( ).
عن يونس بن عبد الرحمن رفعوه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله {إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ} قال : ( الحبل من الله كتاب الله ، والحبل من الناس علي بن أبي طالب (عليه السلام) )( ).
{إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ} عن الباقر (عليه السلام) : ( الحبل من الله كتاب الله والحبل من الناس علي بن أبي طالب )( ).
وفي نهج البلاغة عن أمير المؤمنين بحديث طويل إلى أن قال : ( ...وإن الله سبحانه لم يعظ أحداً بمثل القرآن فإنه حبل الله المتين وسببه الأمين وفيه ربيع القرآن ...)( ).
القرآن حبلٌ ممدود بين السماء والأرض
لا يمكن تصور معنى أو مقصود الحبل الممدود هو عبارة عن حبل غليظ جداً من الأصواف أو البلاستيك طرفه الأول مربوط بأحد أرجل (العرش) والطرف الآخر معقود حول إحدى جبال الأرض .
والحقيقة العلمية في هذا الموضوع هي إن القرآن في صورته الحقيقية يشترك مع الحبل بالمبدأ ، فلو عدنا إلى مبدأ الحبل وتساءلنا ما هو الحبل ؟ أستطيع أن أعطي تعريفاً عاماً للحبل هو إنه عبارة عن حزمة من الألياف الصوفية المتراصة والمفتولة مع بعضها تستعمل للربط بين شيئين ، وإن للحبل طرفين .
وعند مطابقة هذا المبدأ مع فكرة كون كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض نستنتج إن لكتاب الله صورة أو شكل وجودي يجسد هذا المبدأ ، وهذه الصورة عبارة عن حزمة من أجزاء نسبتها للقرآن كنسبة الألياف الخيطية إلى الحبل ، وإن لهذه الصورة أو التشكيل الوجودي طرفان .
إن للقرآن حقائق ملكوتية وجودية تجري بين السماء والأرض ، وبتطبيق مبدأ الحبل يكون المقصود من حبل الله إنه ((عبارة عن حزمة من الحقائق الملكوتية الوجودية وهذه الحزمة تكون ممدودة بين السماء والأرض أي إن هذه الحزمة (حزمة الحقائق الملكوتية) تهبط من السماء إلى الأرض)).
هذا الأمر أشبه بهبوط سيل من الشحنات أو الفوتونات على شكل حزمة تدخل إلى الكون وتهبط على الأرض أو بعبارة أخرى أشبه بفيض مغناطيسي هابط من السماء إلى الأرض ليستقبله قلب المعصوم الذي يعمل كعمل قطب مغناطيسي (طرف ثاني للحبل الممدود) مقابل لقطب مغناطيسي مقابل من الجهة الأولى (طرف أول للحبل) ، وكما هو معلوم إن الفيض المغناطيسي ينطلق من القطب الموجب إلى القطب السالب .
لذا يمكن تمثيل طرف الحبل عند الله باعتباره هو الباعث لهذا الفيض الملكوتي فيكون هذا الطرف هو القطب الموجب ، ويمكن تمثيل الطرف الثاني للحبل والذي يمثله قلب المعصوم بالقطب السالب للمغناطيس .
لذا سيتحرك الفيض المغناطيسي الذي يمثله حزمة الحقائق الملكوتية من القطب الموجب (الله سبحانه وتعالى) إلى القطب السالب (قلب المعصوم) .
من هذا المنطلق نستطيع أن نضع نصاً لنظرية الحبل القرآنية :
(( إن هناك حزمة من الحقائق التأويلية الملكوتية تنطلق من الله سبحانه وتعالى بصورة أشبه ما تكون بالفيض المغناطيسي المنطلق من القطب الموجب وهابط إلى القطب السالب المتمثل بقلب المعصوم )).
المخطط التالي يوضح ذلك :
تعليق