بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله في محكم كتابة الكريم بسم الله الرحمن الرحيم ((يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدىً ورحمةٌ للمؤمنين )) صدق الله العلي العظيم
وصف القران نفسه بأنه شفاء فهذا يعني أنه ينبئ عن افتراض اصابة نفوس ابناء البشر بالإمراض كما الجسم يصاب بالمرض
ان مرض الجسم يعني وجود خلل في جهاز او عضو من أعضائه فيُمنع هذا العضو من اداء دوره بشكل طبيعي فينتج عن ذلك مضاعفات والآم وتعويق وحينما يحصل المرض في جسم الانسان فانه يندفع لمعالجته لان بقائه يسبب له مشاكل كما ان ابقاءه دون علاج يرشح المرض للتطور والزيادة
ومثل هذا ما تصاب به النفس فالنفس هي مجموعة من المشاعر والعواطف والغرائز الموجودة عند الانسان وكل عاطفة من عواطفه وكل جانب من جوانبه يؤدي دوره المهم في تكوين نفسيته وما انتظام حياة الانسان الا بانتظام هذه الغرائز واداء كل واحدة دورها الطبيعي الذي خلقت لأجله .
والمشكلة في الجانب الروحي ان كثيراً من اعراضه يصعب استشعارها لدرجة ان الانسان يمارس حياته وكأنه انسان طبيعي سوي وهو يحمل في طوايا تلك النفس اخبث الامراض واخطرها على نفسه وعلى الانسانيه اجمع
المرض النفسي ربما يبدأ بسيطاً لكنه يتضخم حتى يفقد الانسان توازنه ويسبب له التعويق في تعاطيه مع ربه ومع نفسه ومع الناس وعلى هذا فينبغي علاج النفس كما نعالج خلل البدن لئلا يزداد ويستفحل ومن ثم يعيق مسيرة حياة الانسان السوي على هذه الارض .
وربما كان هذا الامر بيناً واضحاً لدى بني البشر ولكن السؤال المحير كيف نعالج هذه الامراض النفسيه ..
لقد قدم الانسان كثيراً من الضحايا وكثيراً من التجارب حتى وصل الى ماهو عليه الان من تكنولوجيا الطب وتقنيته وصار له في المجال الجسمي أطباءه وصيادلته ومستشفياته ومصحاته وتمكن من معالجة الكثير من الامراض التي كانت تخفى على الاطباء بالامس
وكذلك الامراض النفسيه تحتاج للعلاج ولكن لو ترك الانسان وعقله وفطرته فانه قد يصل الى الحل لكنه سيدفع من اجل ذلك الكثير الكثير من المعاناة ويسير التخبط لزمن طويل
وما يزيد الامر خطورة ان الامراض الجسمية ليس هناك مراكز قوى ومصالح في الغالــــــب تسعى للإطاحة بجسم الانسان وتعويقة كما في مراكز القوى التي تكرس جهودها لتخدير الشعوب والعبث بنفوسهم وعقولهم فاختصر الله الخالق سبحانه للانسانية العلاج للخلاص من امراضهم النفسية والروحـــيـــة بهذا الهدي الإلهي
الذي جاء في اخر صورة منه بعد سلسلة الانبياء والمرسلين متمثلاً القران الكريم
ولهذا جاء التعبير القرآني ( يا ايها الناس ) ليكون خطاباً لكل الناس لكل البشر الذين يتعرضون للمرض
( قد جاءتكم ) تقصدكم وتتعرض لكم انتم ثم جاءت الآية الشريفة تحكي مراحل التربية والتزكية
المرحلة الاولى :- مرحلة الموعظة الحسنة والنصيحة (موعظةٌ من ربكم )
المرحلة الثانية :- تطهير الروح من الرذائل والنقائض ( وشفاء لما في الصدور)
المرحلة الثالثة :- الهداية الى المعارف الحقه والاخلاق الكريمة والاعمال الصالحة ( وهدىً )
المرحلة الرابعة والاخيرة :- وهي مرحلة الاستقرار في الرحمة والنعمة والسعادة ( ورحمةٌ للمؤمنين )
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه والهِ وسلم (القران هو الدواء ) دواء لأمراض النفس والمجتمعات وكل مشاكل الحياة
وقال الامام علي عليه السلام في خطبته عن القران ( واعلمو ان هذا القران هو الناصح الذي لا يغش والهادي
الذي لا يضل والمحدث الذي لا يكذب وما جالس هذا القران احد الا قام عنه بزيادة او نصان زيادة في هدى او نقصان من عمى واعلمو انه ليس على احد بعد القران من فاقه ولا لأحد بعد القران من غنى فاستشفوه من ادوائكم
واستعينوا به على لأوالكم فانه فيه شفاء من اكبر الداء
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصل اللهم على محمد والهِ الطاهرين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
1 – راجع تفسير الامثل (6 - 353 )
2 – طالع الخطبه (176 ) من نهج البلاغة
تعليق