عناصره النفسية
وقــــع الـــــعذاب على جـــــيوش أميّة***مـــــن بــــاسل هـــــو في الوقائع معلم
مــــا راعــــهم إلا تقـــــحم ضــــيـــــغم***غيران يعجـــــم لفـــــظه ويـــــدمـــــدم
عبـــــست وجـــوه القـوم خوف الموت***والعبّـــــاس فـــــيهم ضـــــاحك يـتبسّم
قــــلب اليمين على الشمال وغاص في***الأوســـــاط يـــــحصد للرؤوس ويحطم
مــــا كرّ ذو بــــــأس لــــه متـــــقـــدماً***إلا وفـــــرّ ورأســـــه المـــــــــتـــــــقدّم
صبــــــغ الخـــــيول بـــرمحه حتى غدا***ســــــيان أشقــــــر لـــــونـــها والأدهم
مـــــا شـــــدّ غــــــضباناً عـلى ملمومه***إلا وحــــــلّ بـــــها البــــــلاء المــــبرم
ولـــــه إلـــــى الإقــــدام نـــزعة هارب***فــــــكأنّما هـــــو بــــــالتقدم يـــــــسـلم
بـــــطل تــــــورث مـــــن أبـيه شجاعة***فــــــيها أنـــــوف بـــني الضلالة ترغم
ويستمرّ السيد الحلّي في وصف شجاعة أبي الفضل فيقول:
بـــــطل إذا ركـــــب المـــطهم خلته***جــــبلاً أشمّ يخـــــف فـــــيه مطهم
قـــــسماً بصارمه الصقــــيل وانني***في غير صــــاعقة السماء لا أقسم
لــــولا القــضا لمحا الوجود بسيفه***والله يـــــقضي مـــــا يـشاء ويحكم
وتـــــعبس مــــن خوف وجوه أميّة***إذا كـــــرّ عـــــبّاس الـوغى يتبسّم
عـــــليم بـــــتأويل الـــــمنيّة سـيفه***تـــــزول عـــلى من بالكريهة معلم
وان عــــاد لـيل الحرب بالنقع أليلا***فـــــيوم عـــــداه مـــنه بالشر أيوم
عــــلم للــــجهاد فــي كل زحف***عــــلم فـــي الثــبات عند اللقاء
قــــد نــــما فــيه كل بأس وعـزّ***من عــــليّ بــــــنـــجدة وإبــاء
هـــو ثــبت الجنان في كل روع***وهو روع الجـــنان من كل راء
فــــارتقى صـــــهوة الـــجواد مطلاً***علـــــماً فـــــوق قــــــلعة شــــــمّاء
وتــــــجلّى والحــــرب لـــيل قــــثام***قــــــمراً فـــي غـــــياهب الظــلماء
فــــاســـتطارت مــن الكـــماة قلوب***أفرغــــت مــــن ضـلوعها كالهواء
وتــــهاوت جسـومهم وهي صرعى***واستــــطارت رؤوســـــهم كالهباء
وهـــو يرمـي الكتائب السود رجماً***بــــالمنايــا مــــن اليد البيضاء(1)
كان سيّدنا العباس (عليه السلام) دنيا من الفضائل والمآثر، فما من صفة كريمة أو نزعة رفيعة إلا وهي من عناصره وذاتياته، وحسبه فخراً أنّه نجل الإمام أمير المؤمنين الذي حوى جميع فضائل الدنيا، وقد ورث أبو الفضل فضائل أبيه وخصائصه، حتى صار عند المسلمين رمزاً لكل فضيلة وعنواناً لجميع القيم الرفيعة، ونلمح - بإيجاز - لبعض صفاته.
1- الشجاعة
أمّا الشجاعة فهي من أسمى صفات الرجولة لأنها تنمّ عن قوة الشخصية وصلابتها، وتماسكها أمام الأحداث، وقد ورث أبو الفضل هذه الصفة الكريمة من أبيه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي هو أشجع إنسان في دنيا الوجود، كما ورث هذه الصفة من أخواله الذين تميّزوا بهذه الظاهرة، وعرفوا بها من بين سائر الأحياء العربية.
لقد كان أبو الفضل دنيا في البطولات، فلم يخالج قلبه خوف ولا رعب في الحروب التي خاضها مع أبيه كما يقول بعض المؤرخين، وقد أبدى من الشجاعة يوم الطف ما صار مضرب المثل على امتداد التأريخ، فقد كان ذلك اليوم من أعظم الملاحم التي جرت في الإسلام، وقد برز فيه أبو الفضل أمام تلك القوى التي ملأت البيداء فجبّن الشجعان وأرعب قلوب عامة الجيش، فزلزلت الأرض تحت أقدامهم وخيّم عليهم الموت، وراحوا يمنّونه بإعطاء القيادة العامة إن تخلّى عن مساندة أخيه، فهزأ منهم العبّاس، وزاده ذلك تصلّباً في الدفاع عن عقيدته ومبادئه.
إن شجاعة أبي الفضل (عليه السلام)، وما أبداه من البسالة يوم الطفّ لم تكن من أجل مغنم مادي من هذه الحياة، وإنّما كانت دفاعاً عن أقدس المبادئ الماثلة في نهضة أخيه سيّد الشهداء المدافع الأوّل عن حقوق المظلومين والمضطهدين.
مع الشعراء:
وبهر شعراء الإسلام بشجاعة أبي الفضل، وقوّة بأسه وما ألحقه بالجيش الأموي من الهزيمة الساحقة، وفيما يلي بعض الشعراء الذين هاموا بشخصيته:
1- السيّد جعفر الحلّي:
ووصف الشاعر العلوي السيّد جعفر الحلّي في رائعته ما مني به الجيش الأموي من الرعب والفزع من أبي الفضل (عليه السلام) يقول:
1- الشجاعة
أمّا الشجاعة فهي من أسمى صفات الرجولة لأنها تنمّ عن قوة الشخصية وصلابتها، وتماسكها أمام الأحداث، وقد ورث أبو الفضل هذه الصفة الكريمة من أبيه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي هو أشجع إنسان في دنيا الوجود، كما ورث هذه الصفة من أخواله الذين تميّزوا بهذه الظاهرة، وعرفوا بها من بين سائر الأحياء العربية.
لقد كان أبو الفضل دنيا في البطولات، فلم يخالج قلبه خوف ولا رعب في الحروب التي خاضها مع أبيه كما يقول بعض المؤرخين، وقد أبدى من الشجاعة يوم الطف ما صار مضرب المثل على امتداد التأريخ، فقد كان ذلك اليوم من أعظم الملاحم التي جرت في الإسلام، وقد برز فيه أبو الفضل أمام تلك القوى التي ملأت البيداء فجبّن الشجعان وأرعب قلوب عامة الجيش، فزلزلت الأرض تحت أقدامهم وخيّم عليهم الموت، وراحوا يمنّونه بإعطاء القيادة العامة إن تخلّى عن مساندة أخيه، فهزأ منهم العبّاس، وزاده ذلك تصلّباً في الدفاع عن عقيدته ومبادئه.
إن شجاعة أبي الفضل (عليه السلام)، وما أبداه من البسالة يوم الطفّ لم تكن من أجل مغنم مادي من هذه الحياة، وإنّما كانت دفاعاً عن أقدس المبادئ الماثلة في نهضة أخيه سيّد الشهداء المدافع الأوّل عن حقوق المظلومين والمضطهدين.
مع الشعراء:
وبهر شعراء الإسلام بشجاعة أبي الفضل، وقوّة بأسه وما ألحقه بالجيش الأموي من الهزيمة الساحقة، وفيما يلي بعض الشعراء الذين هاموا بشخصيته:
1- السيّد جعفر الحلّي:
ووصف الشاعر العلوي السيّد جعفر الحلّي في رائعته ما مني به الجيش الأموي من الرعب والفزع من أبي الفضل (عليه السلام) يقول:
وقــــع الـــــعذاب على جـــــيوش أميّة***مـــــن بــــاسل هـــــو في الوقائع معلم
مــــا راعــــهم إلا تقـــــحم ضــــيـــــغم***غيران يعجـــــم لفـــــظه ويـــــدمـــــدم
عبـــــست وجـــوه القـوم خوف الموت***والعبّـــــاس فـــــيهم ضـــــاحك يـتبسّم
قــــلب اليمين على الشمال وغاص في***الأوســـــاط يـــــحصد للرؤوس ويحطم
مــــا كرّ ذو بــــــأس لــــه متـــــقـــدماً***إلا وفـــــرّ ورأســـــه المـــــــــتـــــــقدّم
صبــــــغ الخـــــيول بـــرمحه حتى غدا***ســــــيان أشقــــــر لـــــونـــها والأدهم
مـــــا شـــــدّ غــــــضباناً عـلى ملمومه***إلا وحــــــلّ بـــــها البــــــلاء المــــبرم
ولـــــه إلـــــى الإقــــدام نـــزعة هارب***فــــــكأنّما هـــــو بــــــالتقدم يـــــــسـلم
بـــــطل تــــــورث مـــــن أبـيه شجاعة***فــــــيها أنـــــوف بـــني الضلالة ترغم
أرأيتم هذا الوصف الرائع لبسالة أبي الفضل وقوة بأسه وشجاعته النادرة!.
أرأيتم كيف وصف الحلّي ماحلّ بالجيش الأموي من الجبن الشامل، والهزيمة الساحقة حينما برز إليهم قمر بني هاشم وبطل الإسلام فأنزل بهم العذاب الأليم، وترك صفوفهم تموج من الخوف والرعب، وكان العباس متبسّماً مثلوج الفؤاد مما ينزل بهم من الخسائر الفادحة!، فقد ملأ ساحات المعركة بجثث قتلاهم، وصبغ خيولهم بدمائهم، وفيما أحسب أنّه لم توصف البسالة والشجاعة بمثل هذا الوصف الرائع الدقيق، والذي لا مبالغة فيه حسبما تحدّث الرواة عمّا أنزله العباس (عليه السلام) بأهل الكوفة من الخسائر الجسيمة.
أرأيتم كيف وصف الحلّي ماحلّ بالجيش الأموي من الجبن الشامل، والهزيمة الساحقة حينما برز إليهم قمر بني هاشم وبطل الإسلام فأنزل بهم العذاب الأليم، وترك صفوفهم تموج من الخوف والرعب، وكان العباس متبسّماً مثلوج الفؤاد مما ينزل بهم من الخسائر الفادحة!، فقد ملأ ساحات المعركة بجثث قتلاهم، وصبغ خيولهم بدمائهم، وفيما أحسب أنّه لم توصف البسالة والشجاعة بمثل هذا الوصف الرائع الدقيق، والذي لا مبالغة فيه حسبما تحدّث الرواة عمّا أنزله العباس (عليه السلام) بأهل الكوفة من الخسائر الجسيمة.
ويستمرّ السيد الحلّي في وصف شجاعة أبي الفضل فيقول:
بـــــطل إذا ركـــــب المـــطهم خلته***جــــبلاً أشمّ يخـــــف فـــــيه مطهم
قـــــسماً بصارمه الصقــــيل وانني***في غير صــــاعقة السماء لا أقسم
لــــولا القــضا لمحا الوجود بسيفه***والله يـــــقضي مـــــا يـشاء ويحكم
لقد كان سيف أبي الفضل صاعقة مدمّرة قد حلّت بأهل الكوفة، ولولا قضاء الله لأتى العبّاس على الجيش، ومحاهم من ساحة الوجود.
2- الإمام كاشف الغطاء:
وبهر الإمام محمد الحسين كاشف الغطاء (رحمه الله) بشجاعة أبي الفضل فقال في قصيدته العصماء:
2- الإمام كاشف الغطاء:
وبهر الإمام محمد الحسين كاشف الغطاء (رحمه الله) بشجاعة أبي الفضل فقال في قصيدته العصماء:
وتـــــعبس مــــن خوف وجوه أميّة***إذا كـــــرّ عـــــبّاس الـوغى يتبسّم
عـــــليم بـــــتأويل الـــــمنيّة سـيفه***تـــــزول عـــلى من بالكريهة معلم
وان عــــاد لـيل الحرب بالنقع أليلا***فـــــيوم عـــــداه مـــنه بالشر أيوم
لقد عبست وجوه الجيش الأموي رعباً وخوفاً من أبي الفضل الذي حصد رؤوس أبطالهم، وحطّم معنوياتهم، وأذاقهم وابلاً من العذاب الأليم.
3- الفرطوسي:
وعرض شاعر أهل البيت(عليهم السلام) الشيخ عبد المنعم الفرطوسي نضّر الله مثواه في ملحمته الخالدة إلى شجاعة أبي الفضل وبسالته في ميدان الحرب قال:
3- الفرطوسي:
وعرض شاعر أهل البيت(عليهم السلام) الشيخ عبد المنعم الفرطوسي نضّر الله مثواه في ملحمته الخالدة إلى شجاعة أبي الفضل وبسالته في ميدان الحرب قال:
عــــلم للــــجهاد فــي كل زحف***عــــلم فـــي الثــبات عند اللقاء
قــــد نــــما فــيه كل بأس وعـزّ***من عــــليّ بــــــنـــجدة وإبــاء
هـــو ثــبت الجنان في كل روع***وهو روع الجـــنان من كل راء
وأضاف الفرطوسي مصوّراً ما أنزله أبوالفضل من الخسائر الفادحة في جيوش الأمويين قال:
فــــارتقى صـــــهوة الـــجواد مطلاً***علـــــماً فـــــوق قــــــلعة شــــــمّاء
وتــــــجلّى والحــــرب لـــيل قــــثام***قــــــمراً فـــي غـــــياهب الظــلماء
فــــاســـتطارت مــن الكـــماة قلوب***أفرغــــت مــــن ضـلوعها كالهواء
وتــــهاوت جسـومهم وهي صرعى***واستــــطارت رؤوســـــهم كالهباء
وهـــو يرمـي الكتائب السود رجماً***بــــالمنايــا مــــن اليد البيضاء(1)
إن شجاعة أبي الفضل قد أدهشت أفذاذ الشعراء، وصارت مضرب المثل على امتداد التأريخ، ومما زاد في أهميتها أنّها كانت لنصرة الحق والذبّ عن المثل والمبادئ التي جاء بها الإسلام، وأنها لم تكن بأي حال من أجل مغنم مادي من مغانم هذه الحياة.
تعليق