لماذا نبداء بـ : بسم الله الرحم الرحيم
المفردات
بسم: أي نبتدأ بهذا الإسم المبارك.
الرحمن: ذو الرحمة الشاملة.
الرحيم: ذو الرحمة الدائمة.
المدخل
هذه الآية الكريمة هي شعار القرآن حيث تبتدأ سور القرآن كلها بهذه الآية - باستثناء سوة التوبة، حيث أنها بدأت بإعلان الحرب على الكفار فلا يناسب ذلك افتتاحها بالرحمة.
وحيث أن القرآن الكريم يحتوي على 114 سورة، وحيث أن البسملة تكررت في سورة النمل مرتين - مرة في مفتتحها ومرة في قوله تعالى حكايةً عن بلقيس ملكة سبأ حين ألقي عليها كتاب كريم: ((إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)) - لذا فالبسملة تكررت في القرآن الكريم 114 مرة بعدد سوره تماماً. ولعل هذا التطابق يرمز إلى أن النظام التشريعي - الذي احتوى عليه القرآن الكريم - يبدأ من الله وتلفه الرحمة من أوله إلى آخره (كما أن النظام الكوني الذي يستوعب الكون كله - كذلك).
كما إن هذه الآية الكريمة هي شعار المسلم في كل عمل يقوم به حيث ورد في الحديث الشريف: "كل أمر ذي بال لم يذكر فيه بسم الله فهو أبتر."1 وفي حديث آخر عن الإمام الباقر (عليه السلام): "سرقوا أكرم آية في كتاب الله ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))، وينبغي الإتيان به عند كل أمر عظيم أو صغير ليبارك فيه"2
لماذا البدء بالبسملة؟
من الضروري أن يكون هنالك تطابق تام بين "الواقع الشعوري" و"الحقيقية الخارجية" لكي تكون مسيرة الفرد سليمة في الحياة، أما إذا حدث الانفصام بين الواقع الشعوري والحقيقة الخارجية فإن ذلك يؤدي إلى اختلال المسيرة وارتباك الأمور، ويتضح ذلك إذا لاحظنا الحقيقتين التاليتين:
الحقيقة الأولى: أن المحرك للإنسان هو الشيء بـ"وجوده العلمي" لا بـ"وجوده العيني"، فلكل شيء وجودان حقيقيان: "عيني" يتمثل في الوجود الخارجي للشيء كوجود الشمس الخارجية في كبد السماء، "علمي" يتمثل في الوجود الذهني للشيء كوجود الشمس في لوحة ذهنك حينما تتصورها - وإن كنت في الظلام البهيم. (هذا مضافاً إلى وجودين آخرين اعتباريين هما "الوجود اللفظي" و"الوجود الكتبي".)
والذي يحرك الإنسان هو الوجود العلمي للشيء لا الوجود العيني. فإذا تصور الإنسان وجود خطر داهم يهدد حياته - كحيوان مفترس يحاول أن يلتهمه - فإنه سوف يفر بنفسه وإن لم يكن هذا التصور يملك أي رصيد من الواقع، وبالعكس، إذا كان هنالك خطر حقيقي يهدد حياته لكنه لم يشعر بذلك الخطر فإنه سوف يظل في مكانه دون أن يفكر في النجاة بنفسه.
فالمحرك للإنسان - بل لكل كائن واع - هو الشيء بوجوده العلمي لا بوجوده العيني (حسبما تبين ببرهان الدوران الترديد الذي مر آنفاً).
الحقيقة الثانية: إن للحقائق الخارجية آثاراً وضعية لا تناط بالعلم بها، بل تترتب عليها. فالنظام الكوني نظام صارم، لا يتحمل أية معارضة، فكل خروج على هذا النظام يستتبع عواقب وخيمة دون فرق بين أن يكون الخارج على النظام عالماً بعواقب خروجه أو جاهلاً بذلك.
إن الجهل بالقانون أو بالآثار المترتبة قد يشفع لصاحبه في ارتفاع المؤاخذة القانونية، لكنه لن يكون شفيعاً له في ارتفاع الآثار التكوينية، فمن تحدى قانون الجاذبية وحاول أن يطير إلى السماء من سطح عمارة شاهقة فسوف تطرحه الجاذبية أرضاً وتتركه جثة مهشمة دون جراك وإن تصور أنه يستطيع أن يقلد الطيور في طيرانها، وهكذا في سائر الأمثلة.
وعلى ضوء هاتين الحقيقتين نستطيع أن نعرف أن أي انفصام بين الواقع الشعوري والحقيقة الخارجية سوف يجر الفرد إلى الجري العملي وفق تصوراته الذهنية المناقضة للواقع، وعندئذ، يطاله عقاب التمرد على النظام الكوني دون هوادة.
عودة إلى الآية
وانطلاقاً مما تقدم نقول: إن الله سبحانه وتعالى - في الواقع الخارجي - مبدأ لكل شيء، ومصدر لكل شيء، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن، فكل "الذوات" تستمد كينونتها من كينونته، وكل "الصفات" تستمد وجودها من وجوده، لأن كل "الذوات" وكل "الصفات" أمورٌ ممكنةُ الوجود - أن <أي> لا تستمد الوجود من ذاتها - فأنت لم تكن ثم كنت، وعلمك لم يكن ثم كان، ولا يستطيع أحد أن يدعي أن وجوده مستمد من ذاته، إذ أن "فاقد الشيء لا يعطيه،" فلابد أن ينتهي وجودك الإمكاني إلى وجود واجب الذات - وهو الله سبحانه وتعالى - ولابد أن ينتهي علمك الإمكاني إلى علم واجب بالذات - وهو علم الله سبحانه وتعالى، وحسب التعبير الفلسفي: "فإن كل ما بالغير لابد أن ينتهي إلى ما بالذات." فدسومة كل شيء من الدهن، أما دسومة الدهن فمن ذاته، ونورية كل شيء من الضوء، أما نورية الضوء فمن ذاته.
وإذا كان الله سبحانه وتعالى قبل كل شيء في الواقع الخارجي فيجب أن يكون قبل كل شيء في الواقع الشعوري لكي تتطابق الواقعيتان ولا يحدث أي انفصام بينهما، فقبل كل شيء لابد أن نرى الله سبحانه ونستشعر بوجوده وقدرته وهيمنته. ولذا ورد في الحديث الشريف: "ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله قبله وبعده ومعه."
والالتفات إلى هذه الحقيقة ذو آثار جمة في فكر الإنسان وسلوكه، إذ سوف يتجه الإنسان بكله إلى ربه، ويتوكل عليه، ويستمد كل شيء منه، ولا يعود يتخذ أرباباً من دون الله سبحانه بتوهم أنها تنفعه أو تضره، إذ كل شيء في هذا الوجود مرهون بمشيئته سبحانه وتعالى.
أزمة الأمور طراً بيده والكل مستمدة من مدده
وقد روي أنه لما أمر الملك بحبس يوسف (عليه السلام) بالسجن ألهمه الله تعالى تأويل الرؤيا، فكان يعبر لأهل السجن، فلما سأله الفتيان الرؤيا وعبّر لهما، وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك، لم يفزع في تلك الحال إلى الله فأوحى الله إليه: "من أراك الرؤيا التي رأيتها؟"
قال يوسف: "أنت يارب."
قال: "فمن حببك إلى أبيك؟"
قال يوسف: "أنت يارب."
قال: "فمن وجّه إليك السيارة التي رأيتها؟"
قال يوسف: "أنت يارب."
قال: "فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعلت لك من الجب فرجا؟"
قال يوسف: "أنت يارب."
قال: "فمن أنطق الصبي بعذرك؟"
قال يوسف: "أنت يارب."
قال: "فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟"
قال يوسف: "أنت يارب."
فقال سبحانه له: "فكيف استعنت بغيري ولم تستعن بي، وأملت عبد من عبيدي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي وفي قبضتي ولم تفزع إليّ؟ إلبث في السجن بضع سنين /عقوبة على ترك الأولى/."3
وعن الصادق (عليه السلام): "أنها كانت سبع سنين"4
وقد روي أيضاً أن جبرائيل (عليه السلام) أتى يوسف (عليه السلام)، فضرب برجله حتى كشط له في الأرض السابعة، فقال له: "يا يوسف انظر، ماذا ترى؟"
فقال: "أرى حجراً صغيراً،"
ففلق الحجر فقال: "ماذا ترى؟"
قال: "دودة صغيرة،"
قال: "فمن رازقها؟"
قال: "الله،"
قال: فإن ربك يقول: "لَمْ أنس هذه الدودة في ذلك الحجر في قعر الأرض السابعة، أظننت أني أنساك حتى تقول للفتى: 'اذكرني عند ربك'؟ لتلبثن في السجن بمقالتك هذه بضع سنين."
فبكى يوسف عند ذلك، فتأذى به أهل السجن فصالحهم على أن يبكي يوماً ويسكت يوماً، فكان اليوم الذي يسكت فيه أسوء حالاً.5
طبعاً هذا لا يعني عدم التوسل بالأسباب الطبيعية، بل يعني أن يعرف الإنسان أن وراء كل الأسباب - سبب الأسباب - وهو الله سبحانه وتعالى، وعلى كل، فتكرار البسملة أمام كل سورة - وقبل كل عمل - إلفات إلى هذه الحقيقة، فـ"بسم الله" يعني أننا نبدأ بهذا الإسم المبارك، وتكرار ذلك قبل كل شيء يركز في الذهن هذه الحقيقة - حقيقة بدء كل شيء بالله - في الواقع الخارجي، فينبغي الالتفات إلى هذه المبدئية في الواقع الشعوري، وإعلان هذا الالتفات في التلفظ بكلمة "بسم الله" أمام كل عمل في الحياة.
(1) البحار - ج 89 - ص 242
(2) الميزان - ج 1 - ص - 23 - ط 3
(3) بحار الأنوار - ج 12 - ص 246، وراجع أيضاً البحار - ج 68 - ص 113
(4) الأنبياء حياتهم قصصهم - للحسيني - ص 193
(5) النور المبين - للجزائري - ص 213، 214.
سلامي الى المفيد ماحبيت امر وما أشارك هنا
المفردات
بسم: أي نبتدأ بهذا الإسم المبارك.
الرحمن: ذو الرحمة الشاملة.
الرحيم: ذو الرحمة الدائمة.
المدخل
هذه الآية الكريمة هي شعار القرآن حيث تبتدأ سور القرآن كلها بهذه الآية - باستثناء سوة التوبة، حيث أنها بدأت بإعلان الحرب على الكفار فلا يناسب ذلك افتتاحها بالرحمة.
وحيث أن القرآن الكريم يحتوي على 114 سورة، وحيث أن البسملة تكررت في سورة النمل مرتين - مرة في مفتتحها ومرة في قوله تعالى حكايةً عن بلقيس ملكة سبأ حين ألقي عليها كتاب كريم: ((إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)) - لذا فالبسملة تكررت في القرآن الكريم 114 مرة بعدد سوره تماماً. ولعل هذا التطابق يرمز إلى أن النظام التشريعي - الذي احتوى عليه القرآن الكريم - يبدأ من الله وتلفه الرحمة من أوله إلى آخره (كما أن النظام الكوني الذي يستوعب الكون كله - كذلك).
كما إن هذه الآية الكريمة هي شعار المسلم في كل عمل يقوم به حيث ورد في الحديث الشريف: "كل أمر ذي بال لم يذكر فيه بسم الله فهو أبتر."1 وفي حديث آخر عن الإمام الباقر (عليه السلام): "سرقوا أكرم آية في كتاب الله ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))، وينبغي الإتيان به عند كل أمر عظيم أو صغير ليبارك فيه"2
لماذا البدء بالبسملة؟
من الضروري أن يكون هنالك تطابق تام بين "الواقع الشعوري" و"الحقيقية الخارجية" لكي تكون مسيرة الفرد سليمة في الحياة، أما إذا حدث الانفصام بين الواقع الشعوري والحقيقة الخارجية فإن ذلك يؤدي إلى اختلال المسيرة وارتباك الأمور، ويتضح ذلك إذا لاحظنا الحقيقتين التاليتين:
الحقيقة الأولى: أن المحرك للإنسان هو الشيء بـ"وجوده العلمي" لا بـ"وجوده العيني"، فلكل شيء وجودان حقيقيان: "عيني" يتمثل في الوجود الخارجي للشيء كوجود الشمس الخارجية في كبد السماء، "علمي" يتمثل في الوجود الذهني للشيء كوجود الشمس في لوحة ذهنك حينما تتصورها - وإن كنت في الظلام البهيم. (هذا مضافاً إلى وجودين آخرين اعتباريين هما "الوجود اللفظي" و"الوجود الكتبي".)
والذي يحرك الإنسان هو الوجود العلمي للشيء لا الوجود العيني. فإذا تصور الإنسان وجود خطر داهم يهدد حياته - كحيوان مفترس يحاول أن يلتهمه - فإنه سوف يفر بنفسه وإن لم يكن هذا التصور يملك أي رصيد من الواقع، وبالعكس، إذا كان هنالك خطر حقيقي يهدد حياته لكنه لم يشعر بذلك الخطر فإنه سوف يظل في مكانه دون أن يفكر في النجاة بنفسه.
فالمحرك للإنسان - بل لكل كائن واع - هو الشيء بوجوده العلمي لا بوجوده العيني (حسبما تبين ببرهان الدوران الترديد الذي مر آنفاً).
الحقيقة الثانية: إن للحقائق الخارجية آثاراً وضعية لا تناط بالعلم بها، بل تترتب عليها. فالنظام الكوني نظام صارم، لا يتحمل أية معارضة، فكل خروج على هذا النظام يستتبع عواقب وخيمة دون فرق بين أن يكون الخارج على النظام عالماً بعواقب خروجه أو جاهلاً بذلك.
إن الجهل بالقانون أو بالآثار المترتبة قد يشفع لصاحبه في ارتفاع المؤاخذة القانونية، لكنه لن يكون شفيعاً له في ارتفاع الآثار التكوينية، فمن تحدى قانون الجاذبية وحاول أن يطير إلى السماء من سطح عمارة شاهقة فسوف تطرحه الجاذبية أرضاً وتتركه جثة مهشمة دون جراك وإن تصور أنه يستطيع أن يقلد الطيور في طيرانها، وهكذا في سائر الأمثلة.
وعلى ضوء هاتين الحقيقتين نستطيع أن نعرف أن أي انفصام بين الواقع الشعوري والحقيقة الخارجية سوف يجر الفرد إلى الجري العملي وفق تصوراته الذهنية المناقضة للواقع، وعندئذ، يطاله عقاب التمرد على النظام الكوني دون هوادة.
عودة إلى الآية
وانطلاقاً مما تقدم نقول: إن الله سبحانه وتعالى - في الواقع الخارجي - مبدأ لكل شيء، ومصدر لكل شيء، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن، فكل "الذوات" تستمد كينونتها من كينونته، وكل "الصفات" تستمد وجودها من وجوده، لأن كل "الذوات" وكل "الصفات" أمورٌ ممكنةُ الوجود - أن <أي> لا تستمد الوجود من ذاتها - فأنت لم تكن ثم كنت، وعلمك لم يكن ثم كان، ولا يستطيع أحد أن يدعي أن وجوده مستمد من ذاته، إذ أن "فاقد الشيء لا يعطيه،" فلابد أن ينتهي وجودك الإمكاني إلى وجود واجب الذات - وهو الله سبحانه وتعالى - ولابد أن ينتهي علمك الإمكاني إلى علم واجب بالذات - وهو علم الله سبحانه وتعالى، وحسب التعبير الفلسفي: "فإن كل ما بالغير لابد أن ينتهي إلى ما بالذات." فدسومة كل شيء من الدهن، أما دسومة الدهن فمن ذاته، ونورية كل شيء من الضوء، أما نورية الضوء فمن ذاته.
وإذا كان الله سبحانه وتعالى قبل كل شيء في الواقع الخارجي فيجب أن يكون قبل كل شيء في الواقع الشعوري لكي تتطابق الواقعيتان ولا يحدث أي انفصام بينهما، فقبل كل شيء لابد أن نرى الله سبحانه ونستشعر بوجوده وقدرته وهيمنته. ولذا ورد في الحديث الشريف: "ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله قبله وبعده ومعه."
والالتفات إلى هذه الحقيقة ذو آثار جمة في فكر الإنسان وسلوكه، إذ سوف يتجه الإنسان بكله إلى ربه، ويتوكل عليه، ويستمد كل شيء منه، ولا يعود يتخذ أرباباً من دون الله سبحانه بتوهم أنها تنفعه أو تضره، إذ كل شيء في هذا الوجود مرهون بمشيئته سبحانه وتعالى.
أزمة الأمور طراً بيده والكل مستمدة من مدده
وقد روي أنه لما أمر الملك بحبس يوسف (عليه السلام) بالسجن ألهمه الله تعالى تأويل الرؤيا، فكان يعبر لأهل السجن، فلما سأله الفتيان الرؤيا وعبّر لهما، وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك، لم يفزع في تلك الحال إلى الله فأوحى الله إليه: "من أراك الرؤيا التي رأيتها؟"
قال يوسف: "أنت يارب."
قال: "فمن حببك إلى أبيك؟"
قال يوسف: "أنت يارب."
قال: "فمن وجّه إليك السيارة التي رأيتها؟"
قال يوسف: "أنت يارب."
قال: "فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعلت لك من الجب فرجا؟"
قال يوسف: "أنت يارب."
قال: "فمن أنطق الصبي بعذرك؟"
قال يوسف: "أنت يارب."
قال: "فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟"
قال يوسف: "أنت يارب."
فقال سبحانه له: "فكيف استعنت بغيري ولم تستعن بي، وأملت عبد من عبيدي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي وفي قبضتي ولم تفزع إليّ؟ إلبث في السجن بضع سنين /عقوبة على ترك الأولى/."3
وعن الصادق (عليه السلام): "أنها كانت سبع سنين"4
وقد روي أيضاً أن جبرائيل (عليه السلام) أتى يوسف (عليه السلام)، فضرب برجله حتى كشط له في الأرض السابعة، فقال له: "يا يوسف انظر، ماذا ترى؟"
فقال: "أرى حجراً صغيراً،"
ففلق الحجر فقال: "ماذا ترى؟"
قال: "دودة صغيرة،"
قال: "فمن رازقها؟"
قال: "الله،"
قال: فإن ربك يقول: "لَمْ أنس هذه الدودة في ذلك الحجر في قعر الأرض السابعة، أظننت أني أنساك حتى تقول للفتى: 'اذكرني عند ربك'؟ لتلبثن في السجن بمقالتك هذه بضع سنين."
فبكى يوسف عند ذلك، فتأذى به أهل السجن فصالحهم على أن يبكي يوماً ويسكت يوماً، فكان اليوم الذي يسكت فيه أسوء حالاً.5
طبعاً هذا لا يعني عدم التوسل بالأسباب الطبيعية، بل يعني أن يعرف الإنسان أن وراء كل الأسباب - سبب الأسباب - وهو الله سبحانه وتعالى، وعلى كل، فتكرار البسملة أمام كل سورة - وقبل كل عمل - إلفات إلى هذه الحقيقة، فـ"بسم الله" يعني أننا نبدأ بهذا الإسم المبارك، وتكرار ذلك قبل كل شيء يركز في الذهن هذه الحقيقة - حقيقة بدء كل شيء بالله - في الواقع الخارجي، فينبغي الالتفات إلى هذه المبدئية في الواقع الشعوري، وإعلان هذا الالتفات في التلفظ بكلمة "بسم الله" أمام كل عمل في الحياة.
(1) البحار - ج 89 - ص 242
(2) الميزان - ج 1 - ص - 23 - ط 3
(3) بحار الأنوار - ج 12 - ص 246، وراجع أيضاً البحار - ج 68 - ص 113
(4) الأنبياء حياتهم قصصهم - للحسيني - ص 193
(5) النور المبين - للجزائري - ص 213، 214.
سلامي الى المفيد ماحبيت امر وما أشارك هنا
تعليق