تؤدي مشكلة الإجهاد النفسي التي يتعرض لها المعلم إلى استنزاف جسمي وانفعالي، وأهم مظاهره فقدان الاهتمام بالتلاميذ وتبلد المشاعر، ونقص الدافعية، والأداء النمطي للعمل، ومقاومة التغير وفقدان الابتكارية. ويؤدي افتقاد المعلم إلى الدعم الاجتماعي ومهارات التكيف لمستوى الأحداث إلى زيادة احتمال وقوع المعلم فريسة للاحتراق النفسي وتعدد مصادر الإجهاد النفسي المسببة للاحتراق النفسي للمعلم بين سلوك التلاميذ، وعلاقة المعلم بالموجه، وعلاقته العلمية بزملائه، والصراعات المدرسية، وعلاقة المعلم بالإدارة، والأعباء الإدارية، وضيق الوقت، وغياب التفاهم بين المعلم والإدارة، والمعلم وأولياء الأمور.
وتشير دراسة «شواب وايوانيكى» إلى أن صراع الدور أدى إلى الإجهاد النفسي وتبلد المشاعر، كما أن المعلمين من فئة العمر (20-39) كان لديهم إجهاد نفسي أكثر من المعلمين في عمر خمسين عاماً فأعلى، كما أظهر المعلمون الذكور اتجاهات سلبية نحو التلاميذ أشد من اتجاهات المعلمات, ومن هنا رأى الباحث أهمية دراسة هذا الموضوع و التي صاغ مشكلته في الإجابة على السؤال التالي . ( محسن خضر : 23 )
س / هل هنالك علاقة بين الإجهاد النفسي للمعلم ومستوى أدائه ؟
أهداف البحث /
1- التعرف على مدى علاقة الإجهاد النفسي للمعلم و مستوى أدائه .
2- التعرف على أهم الضغوطات النفسية للمعلم المسببة للإجهاد النفسي .
الدراسات السابقة:
1- دراسة ساندرز وواتكنز:
تهدف دراسة وواتكنز إلى بيان علاقة "ضغوط الحياة وأسلوب حياة المعلم" بضغوط مهنة التدريس ، حيث طبقت على 1400 معلم بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية بولاية لينويا الأمريكية بمقياس clark للضغط المهني واستبيان everly لأسلوب حياة المعلم وقد أوضحت أن المعلم الذي يعانى من ضغوط في حياته العامة هو أكثر أحساسَا بضغوط المهنة وأن ضغوط المهنة ترجع لمصادر أهمها العائد الاقتصادي للمهنة وعلاقة المعلم بطلابه وتلاميذه .
2- دراسة بول بوردن :
وكان هدفها دراسة العوامل المؤثرة على النمو المهني للمعلم ; فقد استخدم بوردن أسلوب المقابلة المتعمقة مع 15 معلم بالمرحلة الابتدائية تترواح مدة الخبرة لديهم بين 4 : 28 سنة ، حيث قسمت سنوات الخبرة إلى ثلاثة مستويات ( 1- 5 ) ، ( 6-10) ، ( 11 سنة فأكثر) ، ومن خلال المقابلات المكثفة والطويلة مع المعلمين تبين التأثير الإيجابي على النمو المهني للمعلم لكل من : سنوات الخبرة ، خصائص شخصية المعلم ، اتجاهاته نحو مهنة التدريس ، العلاقة بالزملاء والطلاب .
3- دراسة سكوب ريتشارد ولونسكى ادوارد :
وقد هدفت إلى الإجابة على التساؤل : هل الراتب عامل ضغط أم دفع للمعلم ؟ حيث أجريت الدراسة على 24 من قيادات التعليم و165 معلم من مقاطعة نيوهامبشير الأمريكية ، وذلك من خلال كفاءة العمل كمًا وكيفًا ، ورضا المعلم عن البيئة المدرسية بكل محتوياتها من طلاب وزملاء وإدارة العمل اليومي واتجاهات المعلم نحو التدريس وضغوط العمل ، وقد تم ذلك من خلال المقابلات مع أفراد العينة ، وكذلك الإجابة على استبيان اتجاهات المعلم نحو : الطلاب، البيئة المدرسية، التعليم وقد أوضحت النتائج أن من أهم أسباب النمو المهني للمعلم واتجاهاته الموجبة نحو مهنة التعليم هو الراتب الكافي وأيضًا الاتجاهات الايجابية والمساندة من المجتمع المحيط بالمدرسة .
4- دراسة هيبس وهابلين :
وكانت بهدف دراسة ضغوط مهنة التدريس وعلاقتها بمركز الضبط ومستوى الإنجازات المتوقعة من المعلم ، حيث طبق -على عينة مكونة من 219 معلم ومعلمة بالمرحلة الثانوية و85 مشرفًا تربويًا- مقياس الضغوط المهنية ومقياس روتر لمركز الضبط ومقياس مستوى الإنجاز، فأوضحت النتائج المطلوبة وجود علاقة ارتباطية سالبة بين درجات المعلم والضغوط المهنية ومستوى إنجازاته ، وبين ذوي مركز الضبط الداخلي .
5- دراسة هيبس ومالبن :
وهدفت إلى دراسة علاقة مهنة التدريس ومركز الضبط لدى المعلم بظاهرة الاحتراق النفسي حيث طبقت على 242 معلمًا بالمرحلة الثانوية و65 مشرفًا تربويًا مقاييس : الاحتراق النفسي لماسلاش وجاكسون ومركز الضبط لروتر وضغوط العمل ، فأوضحت النتائج أن المعلمين الأكثر إحساسًا بضغوط العمل هم الأكثر احتراقًا نفسيًا بأبعاد : الإنهاك العصبي ، وتبلد المشاعر، ونقص الإنجازات ، وهم أيضًا ذوو مركز ضبط خارجي .
6- دراسة دنيهام ستيف :
وقد بحث فيها أسباب استقالة المعلمين من مهنة التدريس حيث أن الاستقالة هي استجابة واضحة للتعرض لضغوط قوية جداً وقد أجريت الدراسة على 57 معلم حديثي الاستقالة من التعليم الابتدائي بمقاطعة نيووويلز باستراليا وتمت في المقابلات الشخصية سؤال هؤلاء المعلمين عن رؤيتهم للأسباب التي أدت بهم إلى ترك المهنة وقد بينت النتائج أن من أهم أسباب الاستقالة كان وصول المعلم إلى نقطة حرجة في اتجاهات نحو مهنة التدريس تلك التي يعجز المدرس فيها عن مسايرة التغيرات في العملية التعليمية ومقاومتها ، وأيضًا معاناته من الاتجاهات السلبية للمجتمع نحو مهنة التدريس ونقص العائد المادي وسوء أخلاق الطلاب وسوء العلاقة مع الزملاء .
7- دراسة فيلدنج وجل :
وكانت عن ضغوط مهنة التدريس والاحتراق النفسي وعلاقة المعلم بطلابه لدى المعلمين من الجنسين ، حيث طبقت على عينة من 162 معلم ومعلمة بالمرحلتين الإعدادية والثانوية مقاييس الاحتراق النفسي لسلاش جاكسون وضغوط المهنة وعلاقة المعلم بطلابه، فأوضحت النتائج أن المعلمات أكثر من المعلمين إحساسًا بضغوط المهنة وأكثر احتراقًا نفسيًا وأن المعلمين من الجنسين ذوي الاتجاهات السالبة نحو الطلاب هم الأكثر معاناة من ضغوط المهنة وأكثر احتراقًا نفسيًا.
8- دراسة كاد فيد ولوننبرج :
هدفت إلى دراسة العلاقة بين ضغوط المهنة ومركز الضبط لدى المعلم ، حيث طبقت على عينة من 191 معلمًا بالمرحلة الثانوية مقاييس مركز الضبط ( داخلي / خارجي) وضغوط مهنة التدريس فأوضحت النتائج وجود فروق دالة إحصائيًا بين المعلمين ذوي مركز الضبط الداخلي وذوي مركز الضبط الخارجي وفي ضغوط المهنة وهي لصالح ذوي مركز الضبط الخارجي .
9- دراسة شوقيه إبراهيم 1993 :
كانت بهدف دراسة الضغط النفسي لدى الفئات الخاصة ومعلمي التعليم العام في ضوء جنس المعلم ومدة خبرته وعلاقته بتلاميذه وبزملائه وحاجاته الإرشادية، حيث طبقت -على 80 معلم من معلمي الفئات الخاصة ، و100 معلم بالتعليم العام بالمنصورة - مقاييس الإنهاك النفسي للمعلم، العلاقات الشخصية بمدرسته ويشمل علاقته بتلاميذه وزملاؤه وإدارة مدرسته ، فأوضحت النتائج أن معلمي التربية الخاصة أكثر ضغوطًا من معلمي التعليم العام كما أوضحت ارتباطًا سالبًا بين مدة خبرة المعلم والضغوط النفسية لمهنة التدريس وبالنسبة لنوعية المعلمين فالمعلمون الأكثر ضغوطًا هم الأكثر اضطرابًا في علاقاتهم بتلاميذهم وبزملائهم وبإدارة المدرسة ، وقد أوضحت الدراسة أن أهم مصادر ضغوط مهنة التدريس هي : علاقة المعلم بطلابه وبزملائه وبإدارة مدرسته، وصراع وعبء الدور واتجاهات المجتمع نحو هذه المهنة .
10- دراسة يوسف نصر مقابلة :
وقد بحث فيها عن العلاقة بين مركز الضبط كسمة للمعلم وظاهرة الاحتراق النفسي كنتيجة للتعرض لضغوط المهنة وعدم القدرة على التوافق معها - حيث أجريت على عينة من 309 من معلمي المرحلة الثانوية بالأردن منهم 199 معلم و 110 معلمة - وقد طبق عليهم مقياس الاحتراق النفسي لماسلاش وقد أوضحت النتائج أن المعلمين من الجنسين ذوي الضبط الخارجي كانوا أكثر احتراقًا نفسيًا من غيرهم .
11- دراسة عزت عبد الحميد :
وهدفت إلى بحث العلاقة الاجتماعية السائدة التي يلقاها المعلم ، وضغوط مهنة التدريس برضائه عن عمله حيث أجريت الدراسة على عينة من 187 معلم ومعلمة بالمرحلة الابتدائية منهم 97 ذكور و90 إناث ، وطبق عليهم استبيان ضغوط العمل لهامل وبراكن ومقياس المساندة الاجتماعية والرضا عن العمل للِسْتَرْ.
وأوضحت نتائج الدراسة : أن المعلمين أكثر ضغوطًا من المعلمات في بعد استغلال المهارات ، ولم توجد فروق بين الجنسين في الدرجة الكلية لضغط العمل، كما وجد ارتباط سالب بين ضغوط العمل ورضا المعلم عن عمله لدى الجنسين ، والمعلمات كنَّ أكثر رضا عن العمل من المعلمين، وسنوات الخبرة أيضًا ترتبط إيجابيًا برضا المعلم عن عمله أما المساندة الاجتماعية فلا تخفف من ضغط العمل إلا في بُعدَيْ : المساندة المالية ومساندة أسرة المعلم له .
12- دراسة فوقية محمد راضى :
وكانت بهدف دراسة الإنهاك النفسي لمعلمي الفئات الخاصة من الجنسين في ضوء بعض المتغيرات مثل : نوع إعاقة الطفل ، إعداد المعلم ، سنوات الخبرة مع المؤسسة ( حكومية / خاصة ) ، كثافة الفصل، وسمات شخصية المعلم ; كما يقيسها اختبار شخصية المعلم كما يقيسها الاختبار متعدد الأوجه أجريت الدراسة على 60 معلم متوسط أعمارهم ( م = 33.89) و60 معلمة ( م = 30.86) بالمنصورة والقاهرة والزقازيق وقد طبق عليهم : مقياس الإنهاك النفسي لمعلمي الفئات الخاصة -الخاص بالباحثة- ومقياس نمط السلوك للباحثة ومقياس اتجاهات المعلم نحو الطلاب المعاقين للباحثة واختبار الشخصية متعدد الأوجه تعريب لويس كال وعطية هنا وعماد الدين إسماعيل . (محمد الأنوار ,2005 : 62)
وقد أوضحت النتائج الآتي :
1- أن المعلمات كن أكثر إنهاكًا نفسيًا من المعلمين .
2- ارتباط سالب بين مدة خبرة المعلم والإنهاك النفسي .
3- معلمي المؤسسات الحكومية أكثر إنهاكًا نفسيًا من معلمي المؤسسات الخاصة.
4- الإنهاك النفسي للمعلم يرتبط ايجابيًا بكثافة الفصل .
5- الإنهاك النفسي للمعلم يرتبط إيجابيا بأبعاد شخصية المعلم : توهم المرض – الاكتئاب – الهستيريا – الانطواء الاجتماعي.
الإجهاد النفسي للمعلم العربي:-
يروي فدريكو مايور ثاراجوتا مدير عام منظمة اليونسكو في كتابه «تأملات في مستقبل البشرية» هذه الواقعة لدى زيارته لواحدة من أفقر الدول الأفريقية، فعند زيارته لإحدى المدارس الريفية دخل أحد الفصول بصحبة ناظرها وكان المعلم مشغولاً بتعليم الطلبة أسرار الأبجدية ومفاتيح المعرفة، لم يجد مايور في الفصل سبورة أو طباشير، كانت بلا إمكانات تقريباً، وقدمه الناظر إلى المعلم والتلاميذ، قائلاً:
- أقدم لكم البروفسور مايور.
فما كان من مايور إلا أن التفت إليه، معترضاً وقائلاً:
قبل دخولي إلى هذه الحجرة كنت البروفسور مايور، أما الآن فأنت الأستاذ بحق، بل أنت البطل، ووجه عبارته إلى هذا المعلم المجهول الذي يمارس مهنته في مثل هذه الظروف.
نتحدث إذاً عن مئات الألوف من أبطالنا الذين يقوم العمل التربوي على أكتافهم، والذين يعملون أحيانا في ظروف صعبة، وإمكانات ضعيفة، لكنهم يحملون على كاهلهم، ويضعون في قلوبهم آمال المجتمع وثقته في إنجاز هذه الرسالة النبيلة نحو تلاميذهم.
استرقاق الأنا
وإذا كانت هذه المداخلة تتناول إحدى الظواهر الشائعة في المدرسة العربية وهي ظاهرة الإجهاد النفسي للمعلم Burnout فإننا نشير إلى أن دور المعلم يقع ضمن رؤية شبكية للتعليم يدغم فيها السياسي والفني، وهو ما يشير إليه المفكر التربوي حامد عمار: «إن للتعليم بعدين رئيسيين: أحدهما هو البعد السياسي بمفهومه الشامل الذي يحكم حركة المجتمع داخلياً وخارجياً في فترة زمنية معينة، والبعد الثاني هو البعد الفني الذي تحكمه القواعد والعلوم التربوية والتنشئة الاجتماعية وغيرها من العلوم الاجتماعية، حيث يتشابك هذان البعدان ويتفاعلان مع مختلف أنشطة النظام التعليمي .
إن التعليم الذي نعنيه أقرب إلى عملية التفتح، إنه عملية تحرير المتعلم من استرقاق الأنا وضغط المؤسسة والجماعة، واكتشاف طاقاته وقدراته وملكاته، كما يقول الروائي الروسي الكبير تولستوي «إن الحرية شرط لازم لكل ت من أهمِّ عليم حقيقي»، فماذا عن موقع المعلم العربي في هذا التعليم؟ ( عبداللطيف الجعفري ,
مظاهر ومسببات الإجهاد النفسي
مظاهرها
ومن مظاهر الإجهاد النفسي فقدان الحماس للاهتمام بالعمل وبعملائه واللامبالاة، ويعيش المعلم العربي في مناخ تنظيمي معقد وبارد: فصول مكدسة بتلاميذ ينتمون إلى مستويات وأسر مختلفة، يفتقد أغلبهم الاهتمام بالتعليم، ويظهر ذلك في محاولاتهم الخروج على النظام، وتكبله سلطات بيروقراطية متربصة به وبعمله.
ويشعر المعلم بالعزلة، وغياب المساندة، والتجريد من السلطات، والنظرة المتشككة إلى ولائه وأدائه، والاستهتار بآرائه وخبراته عند إدخال تغييرات في العملية التعليمية، ويفتقد مؤازرة النقابات والتنظيمات المهنية كغيرها من نقابات المهن الأخرى، وتطارده الصورة المهزوزة التي يكرسها الإعلام الجماهيري عنه.
مسبباته .
إن البحث عن أسباب الإجهاد النفسي لا يختلف عن البحث في أسباب الضغوط المهنية . وذلك من منطق تشابه الظروف والخلفية التي ينمو فيها كل منهما . علما بأن شعور الفرد بالمضغوط المهنية أو الضغوط النفسية في مجال العمل لا يعنى بالضرورة إصابته بالإجهاد النفسي ولكن إصابة الفرد بالإجهاد هو حتما نتيجة لمعاناته من الضغوط النفسية الناجمة عن ظروف العمل.
ومن بين العوامل المسببة لإحباط المعلم وإجهاده النفسي تدخل الآباء في عمل المعلمين. فكثير من الآباء يجادلون المعلمين في عملهم، ويخطئونهم في أساليب تعاملهم مع أبنائهم، ويتشككون في قدراتهم وكفاءتهم، مما يهز ثقة المعلم في نفسه، ويقلل من كون التعليم مهنة مغلقة ويحولونها إلى مهنة مكشوفة يتزاحم فيها غير المؤهلين سواء من الآباء أو من معلمي الضرورة غير المؤهلين.
وتؤدي هذه الضغوط إلى سلب المعلم هويته المهنية المتخصصة دون غيره من المهن الأخرى في المجتمع. (عدنان الفرح , 1999 : 33 )
كما يتصل بالظاهرة نفسها انخفاض المكانة الاجتماعية للمعلم، فيلاحظ تقرير «لجنة هولمز» الأمريكية أن الطلاب لم يعودوا يقبلون على دراسة التربية ليعملوا بالتدريس، ولم تعد تلك الدراسة تلقى إقبالاً يماثل الإقبال على الدراسات الأخرى التي تؤهل الطالب لممارسة مهن تتمتع بقدر أكبر من المكانة الاجتماعية، أضف إلى هذا أن التدريس مهنة لا يحظى ممارسوها بالتقدير المادي المناسب.
فالمعلم يصاب بالإجهاد النفسي في ظل العوائق التي تحول دون قيامه بمهمته المهنية بشكل كامل بما يصيبه بالإحباط وضعف الدافعية.( زيد محمد ,1999 :64 )
وفي هذا الصدد ذكرت إحدى الدراسات من خلال استعراض أربعة عشر دراسة بحث عن أسباب وأعراض الإجهاد النفسي وتبين فيها وجود ثمانية أسباب رئيسية للإجهاد النفسي وهي:
1- العمل لفترات طويلة دون الحصول على قسط كاف من الراحة .
2- غموض الدور.
3- فقدان الشعور بالسيطرة على مخرجات العمل أو الإنتاج.
4- الشعور بالعزلة في العمل وضعف العلاقات المهنية.
5- الزيادة في عبء العمل وتعدد المهام المطلوبة.
6- الرتابة والملل في العمل.
7- ضعف استعداد الفرد للتعامل مع ضغوط العمل.
وعن أعراض ومؤشرات الإجهاد النفسي تؤكد إحدى الدراسات بأنه يمكن أن نستدل على وجود الإجهاد النفسي بواسطة ثلاثة مؤشرات أو إعراض بارزة هي :
1- شعور الفرد بالإنهاك الجسمي والنفسي مما يؤدي إلى شعور الفرد بفقدان الطاقة النفسية أو المعنوية وضعف الحيوية والنشاط وبالتالي إلى فقدان الشعور بتقدير الذات
2- الاتجاه السلبي نحو العمل والفئة التي يقدم له الخدمة (طلاب, مرضى, مسترشدين) وفقدان الدافعية نحو العمل.
3- النظرة السلبية للذات و الإحساس باليأس والعجز والفشل. (السرطاوي, ,54 )
الضغوطات النفسية المسببة للإجهاد النفسي
لقد استخلاص الباحث أهم الضغوطات النفسية المسببة للإجهاد النفسي من خلال دراسته الوصفية و عرض لبعض الدراسات السابقة و التي سيتيح فيها عرض أثارها على كل من المعلم و الطالب و المدرسة. ولهذا الضغط النفسي علامات، منها:
1. الشعور بالنفور من التدريس والملل من الفصل والطلاب.
2. انخفاض الدافعية للمشاركة في أنشطة المدرسة.
3. عدم الاهتمام بالإعداد للدرس، وأداؤه بأقل قدر من الجهد والوقت.
4. التأخر في الذهاب للفصل وعدم متابعة واجبات الطلاب.
5. الإكثار من ذم الطلاب واتهامهم بالكسل وعدم الفهم.
6. كثرة التذمر من أوضاع المدرسة وأوضاع التعليم بشكل عام.
أثارهــا :
هذه الحالة إذا لم يسارع في علاجها فقد يكون لها أثر سيء على الطلاب وعلى جو المدرسة العام بل قد يتعدى أثرها إلى مستقبل المعلم التعليمي نفسه، بحيث تترسخ هذه النظرة فتؤثر على نظرة المعلم للطلاب والتعليم بشكل عام.
*آثارها على الطلاب:
الطلاب مركز التعليم، فأي خلل أو ضعف في أحد عناصر العملية التعليمية، خاصة المعلم، يكون أثرها كبيرا عليهم.
وفي هذه الحالة، فالأثر مباشر وعميق. فالطالب الذي لا يرى المعلم لا يبالي بالإعداد للدرس أو يتأخر في الحضور أو لا يهتم بالواجبات المدرسية سيتولد لديه شعور مماثل بعدم الاهتمام بهذه الأشياء. وبرود المعلم في أدائه لدرسه
سيفقد الطلاب الدافيعة للتعلم، مما يجعل الدرس مملا. وهذا بدوره يزيد من الضغط النفسي لدى المعلم.
*أيضا القرارات التي يتخذها المعلم في تقويم طلابه وهو في هذه الحالة يرجح أنها لا تكون دقيقة.
:
تعاون المعلمين ونشاطهم أساس نجاح المدرسة. والمعلم الذي يمر بهذه الحالة ليس لديه دافعية للتعاون والمشاركة.
بل قد يزيد الأمر سوءا بأن يأخذ في تثبيط زملائه من العمل الجماعي والتعاون في نشاطات المدرسة.
فيفتقد بذلك الجو الجماعي التعاوني في المدرسة لتصبح مجموعة من الأفراد الذين لا يجمعهم إلا المكان فقط.
فلا تربطهم اهداف مشتركة ولا هموم ومطالب مشتركة.
وهذا الجو أيضا يزيد في الضغط النفسي للمعلم، بحيث تتسع دائرته، فبدلا من الفصل تصبح المدرسة ذاتها
غير مريحة له، فلا يشعر بالرغبة في البقاء فيها.
ويلاحظ هنا أن بعض نتائج وآثار المشكلة أصبحت تعزز المشكلة وتعمقها وتوسع دائرتها، بحيث تدخل المشكلة
في حلقة مفرغة كلما تقدم بها الوقت، يصعب معها العلاج.
*أثارها على المعلم:
المعلم بشر، يتأثر بعواطفه وما يتعرض له من ضغوط وما يدور في بيئته. وهذا النوع من الضغط النفسي إذا لم
يبادر بعلاجه يتسبب في تعب نفسي شديد للمعلم قد يتسبب في اتخاذ قرارات غير سليمة، مثل قرارات المشاركة
في بعض الأنشطة المدرسية أو أنشطة النمو العلمي، وقد تصل تلك القرارات إلى ترك التدريس بالكلية.
*أيضا تؤثر هذه الحالة سلبا على نظرة المعلم للعملية التعليمية، ونظرته للطلاب، وهي نظرة إذا لم تعدل فقد تتأصل فتصبح دائمة، بحيث يكون لدى المعلم قناعة بأن الطلاب كسالى ولا يفهمون وأن العمل معهم جهد ضائع، وأن المعلم
فقط مسؤول عن أداء درسه ولو بأقل جهد، وليس له علاقة بزملائه في المدرسة ما دام قائما بدرسه.
*أسبابــها:-
الأسباب التي تتعلق بالطالب
ـ. سوء السلوك في الصف ـ انخفاض الدافعية للتعلم ـ بطء التعلم ـ إهمال الواجبات.
*الأسباب التي تتعلق بالمعلم:-
1. عدم إلمامه بالقواعد الصحيحة للتعلم. فمن المعلمين من يرى أن إلقاء الدرس كاف لإفهام الطلاب فيصاب بإحباط عند عدم تحقق ذلك.
2. عدم إلمامه بالخصائص النفسية للطلاب. فمن المعلمين من يجهل خصائص المرحلة التي يعلم فيها. فلا يعلم خصائص فترة المراهقة المبكرة، مثلا، وما يصاحبها من سلوكيات. فيفسر تصرفات الطلاب بقياسها على تصرفات الراشدين
ويقيس قدراتهم في التعليم والتذكر والتصور المجرد على قدرات الراشدين.
وهذا ما يجعله يتوقع أشياء كثيرة من الطلاب فيفاجأ بالقليل. أيضا عدم الإلمام بالفروق الفردية بين المتعلمين واختلاف أساليب الطلاب المفضلة في التعلم. فمنهم ـ مثلا ـ من يفضل الأساليب الفردية، ومنهم من يفضل الجماعية ومنهم من يفضل أسلوب الشرح من المعلم ومنهم من يفضل أسلوب المناقشة والاستنتاج أو أسلوب التجريب العملي.
3. عدم التحلي بالصبر. من أهم صفات المعلم الصبر. فالتعلم يحتاج إلى وقت حتى يحدث وتظهر آثاره
وافتراض أن كل الطلاب يجب أن يتعلموا بنفس المستوى بمجرد انتهاء الدرس أمر غير واقعي بل لابد من التكرار وتنويع أساليب التعليم والمراجعة. ومع ذلك توقع اختلاف مستويات التعلم.
4. الركون إلى أسلوب واحد في التدريس، وعدم التجديد والإبداع. وهذا يجعل الفصل يسير بطريقة رتيبه، ويساهم في إملال الطلاب، وقد يعيق تعلم بعضهم، وهو أيضا يساهم في خفض مستوى الدافيعة للمشاركة وكل ذلك يجعل المعلم يرى عملية التعليم مملة أو ميته.
* أسباب تتعلق بالمدرسة:
1. وجود مشاكل داخل المدرسة بين المعلم وزملائة أو المعلم ومدير المدرسة أو المعلم والأختصاصي الإجتماعي.
2. عدم توفير الجو المدرسي الأخوي وأنشطة المدرسية التي تستحث المعلم وتدفعه للمشاركة، وتوجد له قنوات لمناقشة مشاكله في الفصل أو في المدرسة.
3. عدم وجود البيئة المدرسية التي تساعد المعلم على حل مشاكلة. ومن ذلك عدم اهتمام مدير المدرسة بهذا الجانب والتنبه له ولأعراضه.
4. عدم طرح الموضوعات التي تتعلق بالجانب النفسي للمعلم في المدرسة وجانب العلاقة بينه وبين عناصر المدرسة الأخرى، في اللقاءات التربوية على مستوى المدرسة أو على مستويات أعلى.
5. الضغط في عبء الدروس اليوميه على المعلم.
6. عدم توفر متطلبات إنجاح الدرس وتفعيله، مثل غرف الأنشطة والمختبرات والصالات المناسبة أو الوسائل ونحو ذلك .
*هذه جملة من الأسباب العامة وقد يوجد في كل مدرسة أسباب خاصة أخرى، على مدير المدرسة ملاحظتها.
* العـــلاج:-
من المنطقي في العلاج تتبع الأسباب ومحاولة القضاء عليها. إلا أنه ينبغي التنبه إلى أن الأسباب التي تتعلق بالطالب ينبغي أن لا نحمل الطالب فيها المسئولية كاملة. فالطالب هو محور العملية التعليمية، وينبغي أن نقبله كما هوومن واجب المعلم والمدرسة تقبله وتعديل سلوكه غير المرغوب فيه. وفيما يلي بعض الخطوات العملية للعلاج:-
1. رفع الروح المعنوية للمعلمين بشكل عام، وإشعارهم دائما بقيمة ما يبذلونه من جهد. وهذه الخطوة يقوم بها مدير
المدرسة والموجه. وتذكيرهم دائما بأنهم بعملهم هذا يقومون بخدمة عظيمة لدينهم ولأمتهم وأنهم إذا أحسنوا النية في عباده يثابون عليها.
2. توعية المعلمين وتذكيرهم بالقواعد الأساسية في التعلم، والتعامل مع الطلاب، وبيان أهمية الصبر في هذا كله.
3. تحسس حاجات المعلمين النفسية، ومراعاة الجوانب الإنسانية في التعامل معهم، وإشعارهم بالدعم في المواطن الحرجة.
4. السعي للإبداع والابتكار في جو المدرسة العام، والبعد عن الرتابة، مع مراعاة قواعد عملية التغيير وأساليبه وما يصاحبها من ردود أفعال أو إحجام أو عداء أحيانا. فعدم الانتباه إلى هذه القواعد قد يولد ضغوطا نفسية ايضا.
5. السعي لتنمية المعلمين وتطوير أدائهم وإكسابهم وسائل وطرق تدريس جديدة، بالمشاركة في الدورات التربوية خاصة ما يتعلق منها بجانب إدارة الصف وأساليب وطرق التدريس.
6 ضرورة الابتعاد عن النظرة المـــثالية للطــلاب.
أفكار للحد من المشكلة :
أولاً : تعظيم قدرة المعلم على التأثير والتغيير التربوي
وذلك بإنهاء الانفصال المؤسسي بين المعرفة النظرية والممارسة في التربية، نتيجة تقسيم العمل التقليدي بين منتج المعرفة وممارسها، وذلك ببناء مفهوم نقدي جديد لمعنى مهنية التعليم، وبناء علاقات بنيوية بين كليات التربية الجامعية وبين المدارس ومؤسسات التعليم المختلفة، وذلك لتفسير الظروف البيئية التي يتم من خلالها إنتاج النظرية وأداء الممارسة بإدخال مشروع للتدريب الدائم للمعلمين داخل المدرسة ليخلق مدرسة متمركزة حول التدريب المستمر في أثناء الخدمة بحيث يكون تدريباً متصلاً بواقع الحياة اليومية في المدرسة، وبناء مشاريع تتيح للأساتذة الأكاديميين في كليات التربية الجامعية العمل داخل المدارس بعض الوقت كخبراء أو مستشارين ومشرفين، أو في الجماعات المهنية أو في المشروعات البحثية للمعلمين داخل مدارسهم.
ثانياً: تطوير نظم الإعداد بكليات التربية:
ويتم هذا عن طريق الإصلاح التعليمي الشامل، وزيادة التدقيق في تمهين التعليم وفرز الزبائن الملتحقين بالمهنة، وربما أقل قليلاً مما يطمح إليه تقرير لجنة هولمز (لا ينبغي بأن يسمح بأن ينضم إلى هذه المهنة سوى الأذكياء والمتفوقين) ورفع ما يسمى بالمحتوى المعرفي ومحتوى التقنيات التي تُتِم هذه المهنة داخل كليات التربية والاهتمام بالتربية العملية، أي تطوير إعداد معلم المعلم.
فلابد من تغيير الإعداد والتغيير بتطوير نظم إعداد المعلم العربي وتدريبه نحو مزيد من الإبداع، والكفاءة، والمكانة الاجتماعية.
ويلاحظ تعدد الاتجاهات المعاصرة في إعداد المعلم وتدريبه بين اتجاهات قائمة على أساس الكفايات وتطوير أدوار المعلم، واتجاهات قائمة على أساس استخدام النماذج (تنموي/ سلوكي/ إنساني) واتجاه قائم على أسلوب تحليل النظم واتجاه قائم على أسلوب التدريس المصغر، واتجاه قائم على أساس التعليم من بعد، ويجب ألا يقتصر التجديد على برامج إعداد المعلمين قبل الخدمة، بل بالنسبة لبرامج التدريب في أثناء الخدمة أيضاً.
ثالثاً- تشجيع المعلم على أداء دوره النقدي :
أي المبادرة بالتطور التربوي المعقول، وتجديد الموقف التعليمي، ونقد الطريقة والمحتوى ومواصلة دراساته العليا وربطها بترقياته، وهذا النوع من العلميين المسؤولين والناقدين والمتعاونين والشجعان يجعل المعلم ركيزة كل تغيير وتجديد، وكما يشير تقرير لجنة هولمز «من المهم أن تتيح هذه المهنة المجال للمبرزين والمتفوقين في الممارسة حتى يقودوا مسيرة التطور وحتى يكون لهم دورهم في إدخال كل جديد وفعال، ويساهموا في تدريب زملائهم وتطوير أدائهم التربوي .
انطلاقاً من مبدأ اعتبار التعليم قضية أمن قومي، وربط الحق في التعليم بحقوق الإنسان والديموقراطية كإطار أوسع، فإن تطوير المدارس لكي تكون مكاناً أفضل للعمل والتعلم تصب في هذا الاتجاه، ومن هنا فإن دعم المعلمين، وتحسين ظروف عملهم وفي مقدمتها توسيع الحرية الأكاديمية، وتخفيف كثافة الفصول، ودعم تنظيماتهم المهنية، وتحسين أوضاعهم المادية تظل شروطاً مهيأة لتخفيف احتراقهم النفسي، وإحباطاتهم المتزايدة. وتلخص خيرية قدوح هذا المسعى بقولها: «هل يمكن أن نتوصل إلى أن نقدم للمعلمين فعلاً لا قولاً مستلزمات احترام الذات المنشودة دائماً، وذلك من خلال تأمين الشروط الاقتصادية والثقافية اللازمة لمثل هذا الإحساس أو ما ينتج عنه من مواقف أو سلوكيات؟ .
التوصيات /
في ضوء ما تم عرضه في الورقة البحثية يوصي الباحث بالتوصيات الاتية :-
1 ـ تنمية احترام الذات لدى المعلمين وذلك بالتشجيع والشكر , والاعتراف بفضلهم . ويمكن تحقيق ذلك من خلال إبراز النواحي الإيجابية في عملهم , وإرسال رسائل شكر وتقدير لهم .
2 .ـ إحداث بعض التغيرات من أجل النمو والتطوير المهني , مثل منحهم تفرغا علميا بغرض تجديد فعالياتهم وطاقاتهم .
3 ـ دمج الأهداف الشخصية للمعلمين مع أهداف البرامج والأهداف المدرسية مثل : جعل المعلمين يشاركون في التخطيط للنشاطات والبرامج
4- ـ تنمية العلاقات الفعالة بين المعلمين ، مثل : تشجيع مجموعات المساندة والدعم المعنوي .
5- ـ إعطاء المعلمين فرصة لممارسة المهارات القيادية والإدارية الفعالة مثل المشاركة في الأعمال المكتبية , جدولة الاجتماعات , والإشراف عليها , واتخاذ القرارات الهامة
المقتـــرحات
1ـ إقامة دورات تدريبية إضافية للمعلمين حول الإجهاد النفسي , والعنف , داخل المدرسة , وأفضل الطرق للتعامل معها .
2- ـ استجابة إدارة المدرسة وتدخلها لوقف مشاكل الطلاب وعنفهم .
3- ـ إحساس أكبر من قبل إدارة المدرسة بمشاكل المعلمين , والعمل على حلها .
4- ـ الاشتراك في أداء التمارين الرياضية والأنشطة الخارجية .
5- ـ تغير مهام المعلمين بصورة دورية .
6- ـ رفع مستويات الوعي بين أفراد المجتمع حول دور المعلمين وأهميتهم .
7- ـ إيجاد فرق تدخل لحل مشاكل المدارس .
8- ـ بناء اتصالات وعلاقات جيدة بين المعلمين , والجهاز الإداري , وأولياء الأمور , والقياديين في المنطقة