أجرته مجلة (پاسدار اسلام)[1]
ترجمة ونشر: دار الولاية للثقافة والإعلام
www.alwelayah.net
تعريف موجز:
الدكتور غلام علي حداد عادل ولد في طهران عاصمة جمهورية إيران الإسلامية عام: 1324ﻫ.ش الموافق: 1945م، أكمل تعليمه الأساسي حتى الثانوية العامة في مدرسة (علوي) في طهران عام: 1963م وكان من الطلبة المجتهدين، حصل على شهادة بكالوريوس في علم الفيزياء, عام: 1967م، عين بعد مدة قصيرة معيداً (مساعد دكتور) في كلية العلوم في جامعة شيراز، وهناك التحق بالدراسات العليا وواصل دراساته ومسيرته العلمية والعملية، وحصل على شهادة الماجستير في علم الطبيعة عام: 1969م. وبعد أن حصل على الشهادة من قسم الفيزياء غير تخصصه وانظم إلى العلوم الإنسانية، حيث حصل على الليسانس في العلوم الاجتماعية من كلية الآداب جامعة طهران عام: 1972م. وحاز على شهادة دكتوراه في علم الفلسفة في رسالة عنوانها (آراء كانت حول ما وراء الطبيعة) وذلك في عام 1975م. وقد شغل الدكتور حداد عادل وظيفة المسئول الأول عن اللغة الفارسية التي اعتبرتها قيادة الثورة والنظام الإسلامي من أهم مقتنياتها ووسائلها لتبليغ رسالتها الإسلامية ونشرها. ظهر في عالم السياسية أثناء نجاحه في الوصول إلى عضوية مجلس الشورى الإسلامي عن دائرة طهران العاصمة. وقد انتخب رئيساً لمجلس الشورى الإسلامي الإيراني.
وكالة أنباء فارس: باعتقادي أنه يعد أحد قادة الثورة القلائل ممن تميزوا بمعرفتهم الواسعة باللغة والأدب والتاريخ، وكذلك معرفته الواسعة بفنون الأدب والشعر الفارسي إضافة إلى الأدب والشعر العربي.
وقد أشار التقرير الذي قدمته مجموعة (فضاى مجازى) في وكالة أنباء فارس أن مجلة (پاسدار اسلام) قد أجرت في عددها الأخير حوارا مع الدكتور حداد عادل تحدث فيه عن الجوانب الخفية في سيرة ومواقف قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى السيد الخامنئي.
** وجاء في مقدمة هذا الحوار: نُقدم لكم النص الكامل للحوار الذي أجرته مجلة (پاسدار اسلام) في جلستين مع الدكتور حداد عادل للتعريف بالسلوك الفردي والاجتماعي لقائد الثورة الإسلامية. وقد تحدث الدكتور بدقة متناهية حول هذا الموضوع برغم إدراكه أن الحديث في مثل هذه المواضيع يسبب انـزعاجا وعدم ارتياح لدى قائد الثورة، لكن ما دفعه للقبول بهذا الحوار هو حرصه الشديد على توضيح هذه الجوانب الأخلاقية في السلوك الفردي والاجتماعي لقائد الثورة الإسلامية وبيانها لجيل الشباب هذا من جهة، ومن جهة أخرى سعيه لتفنيد الشائعات التي يطلقها بعض المخادعين بين الفينة والأخرى، فنشكره على قبوله إجراء هذا الحوار معه. ونأمل من خلال هذه الحوارات المفيدة أن نقدم للعاشقين في درب الحرية والإسلام شربة من هذا البحر تروي عطشهم وتطفئ ظمأهم.
تاريخ العلاقة مع الإمام الخامنئي (دام ظله):
1ـ نرجو منكم أن تتحدثوا لنا عن تاريخ علاقتكم بقائد الثورة الإسلامية، وكيف استمرت وتطورت هذه العلاقة فيما بعد؟
بسم الله الرحمن الرحيم، قبل قيام الثورة الإسلامية لم أكن على علاقة شخصية مع قائد الثورة لكني سمعت كثيرا باسمه وقرأتُ بعضَ كتبه مثل ترجمته لكتاب صلح الإمام الحسن (عليه السلام) وكتابه حول دور المسلمين في نهضة التحرر الهندية، حيث ارتسمت لهُ في ذهني صورة لرجل الدين الشاب المُحب للشباب وتطلعاتهم الثورية. وقد سمعتُ في تلك الفترة عن قدرته التحليلية الواسعة في تاريخ الأئمة وتدوين هذا التاريخ، لكن بما أني كنتُ أسكن في طهران وهو في مشهد لم تسنح لي فرصة لقائه والتعرف عليه عن قرب، حتى قامت الثورة الإسلامية وتم تأسيس الحزب الجمهوري الإسلامي حيث وُجِهَت الدعوة لأعضائه للاجتماع في طهران، فحظيتُ بفرصة لقائه والتعرف عليه للمرة الأولى بعد عدة أيام من يوم 22 بهمن عام 1357ﻫ.ش، حيث أحسست منذ الجلسة الأولى أنه يختلف عن الآخرين، فرغم معرفتي بأغلب الحضور وصفاتهم الأخلاقية المتميزة أكثر من معرفتي بالسيد الخامنئي لكني أدركت منذ الوهلة الأولى ما يتميز به من مؤهلات فكرية وشخصية خاصة.
وتدريجيا تطورت معرفتي وعلاقتي بسماحته، فكانت بالنسبة لي علاقة الإرادة والإخلاص وبالنسبة له علاقة العطف والمحبة. وفي تلك الفترة كان أخي الشهيد مجيد قد عاد من انجلترا ليكون في خدمة الثورة، فاتصل بالسيد الخامنئي لتنشأ بينهم علاقة خاصة ويشاركه في نشاطاتهم السياسية والاجتماعية. وفي بداية الثورة كنا نلتقي في اجتماعات الحزب مرتين على الأقل في الأسبوع، حيث أُلقيت علينا مسؤوليات واسعة ومتعددة في تلك الفترة، من بينها الإعداد لإجراء الاستفتاء العام لتعيين نوع الحكومة في أقل من شهرين بعد انتصار الثورة الإسلامية، فكنا مشغولين جداً في تلك الأيام مما زاد في وثاقة الارتباط والعلاقة بيننا. وقد استمرت هذه العلاقة حتى أُقيل قطب زادة من رئاسة الإذاعة والتلفزيون في شهر آذر من عام: 1358، حيث تم انتخابي من قبل شورى الثورة عضواً في شورى إدارة الإذاعة والتلفزيون، فكانت وسيلة أخرى للاستفادة من آرائه وتوجيهاته رغم أن الشهيد باهنر[2] كان هو الرابط بيننا وبين شورى الثورة.
وفي شهر مهر عام: (1360ﻫ.ش) عاد أخي إلى طهران بعد إقالته من منصب محافظ كرمانشاه وإيلام، فتركزت اهتماماتنا بعد ذلك في الأمور الثقافية والأدبية، حيث كنتُ أعمل في التلفزيون وهو في الإذاعة، فكان السيد الخامنئي أفضل شخص نلجأ إليه لاستشارته في المسائل الأدبية والثقافية. وكان سماحته يصطحب معه أخي مجيد كلما سافر إلى المناطق الغربية في البلاد ممثلاً عن الإمام الراحل (قدس سره)، لمعرفته الواسعة بهذه المناطق، وقد أدت هذه العلاقة بينهما إلى طلبه من أخي تولي مسؤولية إدارة مكتبه قبل أيام من بدء انتخابات رئاسة الجمهورية التي أُقيمت بعد استشهاد الشهيد رجائي[3]، حيث طلب من أخي يوم الأحد الخامس من شهر مهر تولي مسؤولية إدارة مكتبه، في حين أُقيمت الانتخابات يوم الجمعة العاشر من شهر مهر، وطلب منه أن يقدم تقريراً شاملاً يبين فيه هيكلية المكتب وكيفية إدارته، فجاء مجيد وأطلعني على هذا الأمر للتشاور فيه.
واتفق في نفس ذلك اليوم أن زار البلاد عدد من الصحفيين الأجانب للإطلاع على تفاصيل الانتصار الذي حققه الجيش الإيراني في عمليات ثامن الأئمة وكان يعد الانتصار الأول لإيران في الحرب، لذا تم إرسال مجيد ظهر يوم الأحد إلى جبهات القتال لمرافقتهم في هذه الزيارة، وفي يوم الثلاثاء وصلنا خبر استشهاد مجيد، فتأثر السيد الخامنئي بشدة وحزن كثيراً لهذا الخبر. وقد كانت العلاقة بين سماحته والشهيد مجيد قوية جداً، بحيث يتطلب الحديث عنها بحثاً مستقلاً يُخرجنا عن دائرة موضوعنا الأساس في هذا الحوار.
عوامل قوة العلاقة مع الإمام القائد:
2ـ ما هي العوامل التي أدت إلى تقوية علاقتكم بالسيد الخامنئي؟
منذ الأشهر الأولى التي أعقبت انتصار الثورة الإسلامية كنتُ أشعر بتقارب وتناغم شديد بين اهتماماتي واهتمامات سماحته، حيث كلما فكرت في موضوع معين أو سعيت للكتابة أو البحث فيه، وجدتُ سماحته قد سبقني بأشواط في ذلك، وما شدني للارتباط بسماحته منذ اليوم الأول لمعرفتي به هو رصانته الفكرية وبصيرته في إبداء الآراء وطرح الأفكار، حيث كان يتميز بدقة آرائه ورعايته جانب الإنصاف والاعتدال في طرحها، فقد كان يبتعد دائماً في مواقفه عن الإفراط والتفريط، فلا يرفع الشخص إلى القمة لمجرد قيامه بعمل حسن، ولا ينـزله إلى الحضيض لمجرد ارتكابه خطأ معينا، فرغم إيمانه والتزامه الشديد بمجوعة من المبادئ والأصول الثابتة إلاّ أنه كان يسعى دائما في آرائه حول الأفراد رعاية جانب الإنصاف والاحتياط الشديد وعدم التجاوز على حقوق الآخرين. وطيلة الثلاثين السنة لمعرفتي به أدركت مدى تشابهه بالإمام الراحل في الكثير من الموارد والصفات خاصة في رعايته جانب الاحتياط بالنسبة لإبداء الرأي حول الآخرين.
وأنتم تتذكرون الأيام الأولى التي أعقبت انتصار الثورة الإسلامية التي تميزت باضطراب الأوضاع السياسية في البلاد وعدم استقرار الأنظمة الإدارية في مؤسسات الدولة، إضافة إلى اضطراب الأنظمة الفكرية والذهنية عند الأفراد آنذاك، لكن السيد الخامنئي تميز عن الآخرين في تلك الفترة ببصيرته ورصانته الفكرية.
فكان سماحته رفيعاً في طرحه وأفكاره مجسداً المعنى الحقيقي لأهل المعرفة، وفيا في صداقته، منصفا حتى مع أعدائه، يحمل في شخصيته كلا صفات الجذب والطرد، فكان وجوده مهما ومؤثرا بالنسبة لي ولمريديه.
وفي عام: (1361) تم تعييني في إدارة وزارة التربية والتعليم حيث كنت مسؤولاً عن كتابة وتنقيح المنهاج الدراسية.
في وزارة التربية والتعليم:
3ـ من كان وزير التربية آنذاك؟
السيد پرورش. وبالطبع كان لتوصية السيد الخامنئي تأثيرا كبيرا في تعيني بهذا المنصب. وبعد أن توليت هذه المسؤولية كنت أستفيد باستمرار من توجيهات سماحته الدقيقة في وضع البرامج التعليمية وتأليف المناهج الدراسية، وكنتُ استمع إلى توجيهاته المهمة في حل المشاكل التعليمية والتربوية التي كانت تواجهنا آنذاك، وكان سماحته يشجعنا دائما على جهودنا الايجابية في هذا المجال. وفي المرة الأولى التي أردنا فيها إرسال وفد طلابي إلى كوبا للمشاركة في الأولمبياد العلمي هناك، حضرت مع ستة من التلاميذ المنتخبين للقاء السيد الخامنئي فشجعهم سماحته وقدم بعض النصائح والتوجيهات لهم، ورغم أننا لم نكن نعلم آنذاك بالنتائج التي يمكن أن نكسبها من هذه المشاركة، لكننا أدركنا فيما بعد مدى أهمية هذه النتائج التي حققت الافتخارات الكبيرة للبلاد.
وقد استمرت هذه العلاقة والارتباط بيني وبين سماحته، حيث كنت أستفيد دائما من توجيهاته السديدة في تأليف المناهج الدراسية خاصة ما يتعلق بالمناهج التاريخية والأدبية والدينية، وقد زاد هذا الارتباط بيننا بعد وفاة الإمام (رحمه الله) وتوليه منصب قائد الثورة. ومن بين الموارد التي استفدت فيها كثيراً من توجيهات سماحته، كان في تأليف الأجزاء الأربعة من كتاب «درسهايى از قرآن» (دروس من القرآن), فبعد أن أضفت هذا الدرس إلى المناهج الدراسية انتخبت بعض الآيات لشرحها وتوضيحها، فاستفدت من آراء سماحته في انتخاب هذه الآيات وفي تنظيم مواضيعها. وقد تضمنت هذه الأجزاء الأربعة من الكتاب بعض المواضيع التي أُدرجت حسب توجيهات سماحته، وسأشير إلى بعضها. وبالطبع بعض هذه الدروس التي كانت موجودة في السبعينات لم تعد موجودة الآن، وقد قمتُ بنشر هذه الأجزاء الأربعة في كتاب واحد تحت عنوان «درسهايى از قرآن».
ومن بين الدروس التي أوصى سماحته بإدراجها في الكتاب قصة طالوت وجالوت، حيث بيّن سماحته أن هذه القصة تتضمن المعايير الأساسية لانتخاب الشخص المناسب لقيادة المجتمع، فبعد أن طلب أشراف بني إسرائيل من نبيهم أن يختار لهم قائدا سياسيا، اختار لهم نبيهم بأمر الله قائدا لهم، فقال له بنو إسرائيل كيف يكون ملكا علينا ولم يؤت سعة من المال ولا معروفا بيننا: «إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا...»[4]، حيث طلب سماحته إضافة هذه الآيات في المناهج الدراسية.
وطلب إضافة قصة يوسف في المرحلة النهائية من الدراسة الثانوية، فقلت: «لقد أضفنا قصة مريم»، فرد سماحته: «هذه القصة قصة مناسبة للمحافظة على عفاف البنات، وقصة يوسف مناسبة للمحافظة على عفاف الأولاد»، قلت: «هؤلاء الأولاد لا يعرفون قصة يوسف وستواجههم مشكلة في فهمها، وأنتم تطلبون إضافة قصة يوسف؟»، ثم قرأت له هذا الشعر: «به سرما خورده لرزيدن مياموز»[5]. فضحك سماحته وقال: «سواء أضفتم هذه القصة أو لا، فإن هذه المشاكل ستبقى موجودة عند هذا الجيل، ضعوا هذه القصة القرآنية كنموذج بارز على تقوى وعفاف الرجال». وبعد أن رأيتُ دقة ومتانة هذا الرأي أضفتُ هذه القصة في المناهج الدراسية.
وقد أضفنا في المناهج الدراسية قسماً من تاريخ الثورة تحدث عن الفترة بين من 15 خرداد حتى بهمن (1357ﻫ.ش)، فعرضت هذه المواضيع على سماحته فأبدى ملاحظاته عليها. كما أضفنا بعض المواضيع التي تحدثت عن الفترة بين انتصار الثورة وتولي سماحته قيادة الثورة. وبهذا الشكل كنا نستفيد من خبرته ودقة آرائه في الكثير من الموارد والمواضيع.
تأسيس دائرة المعارف الإسلامية[6]:
4ـ نرجو أن تتحدثوا لنا عن ذكرياتكم حول تأسيس دائرة المعارف الإسلامية في تلك الفترة.
كان تأسيس دائرة المعارف الإسلامية أحد وسائل الارتباط بيني وبين سماحة القائد، ففي عام: (1362ﻫ.ش) وبعد سنتين من توليه رئاسة الجمهورية وجه السيد مير سليم الدعوة لتسعة أشخاص كنتُ أحدهم للحضور إلى مكتب سماحته، وأخبرنا هناك بضرورة تأليف دائرة المعارف الإسلامية، إذ لا معنى لأن يرجع محققونا ومؤلفونا إلى دائرة المعارف الأوربية أو تلك التي ألفها المسيحيون العرب في بيروت عند حاجتهم لمعلومات في المواضيع المختلفة، وقد حان الوقت الآن لأن نؤلف دائرة معارف إسلامية خاصة بنا. وعلى هذا الأساس، تم تشكيل لجنة من تسعة أشخاص للإشراف على هذا الموضوع، ورغم العجز المالي الذي كانت تواجهه الدولة آنذاك، تمكن سماحته من توفير الميزانية المالية الخاصة بهذه المؤسسة. وقد كنت مع بقية أعضاء الأمانة العامة لدائرة المعارف نلتقي بسماحته باستمرار للاستفادة من توجيهاته في مختلف المواضيع المتعلقة بهذه المؤسسة.
أعضاء دائرة المعارف:
5ـ من هم الأعضاء التسعة لهذه اللجنة؟
المرحوم الدكتور شهيدي، الدكتور مهدي محقق، الدكتور أبو القاسم كرجي وكان هؤلاء الثلاثة الأكبر سنا بيننا، والسيد شيرازيان الذي تعرف على السيد الخامنئي عندما كان طالبا في حوزة قم، والمهندس مير سليم[7]، والدكتور بور جوادي، والدكتور سروش، وأنا، وقد استمر الدكتور سروش ضمن هذه اللجنة حتى السنوات القليلة الماضية، إلى درجة أن البعض وبسبب مواقفه سألوا قائد الثورة: «هل سيبقى في هذه اللجنة أم لا؟» فأجاب سماحته: «أفضل أن لا نكون البادئين بالانفصال»، فلاحظوا مدى حرص سماحته على الاحتفاظ بالأفراد والشخصيات وعدم خسارتهم قدر الإمكان، لكن السيد سروش قد قطع علاقته فيما بعد بما هو أعلى من قائد الثورة فكيف بقائد الثورة نفسه!.
على كل حال، كان هؤلاء الأشخاص يمثلون أعضاء الأمانة العامة لدائرة المعارف التي تأسست ببركة جهود سماحة القائد ولازالت بعد 27 سنة من تأسيسها منشأ للكثير من الخير والبركات، والحديث عنها يحتاج إلى بحث مستقل.
إدارة دائرة المعارف:
6ـ متى توليتم مسؤولية إدارتها؟
منذ عام 1374ﻫ.ش، فقد كان الدكتور مهدي محقق أول من تولى إدارتها واستمر في منصبه لسنتين، ثم أعقبه الدكتور بور جوادي لسنة واحدة، ثم المهندس ميرسليم لخمس سنوات متوالية، ثم توليت هذه المسؤولية في فروردين عام: 1374 لأن النظام الداخلي للمؤسسة كان يشترط في مديرها أن يكون أحد أعضاء الأمانة العامة. وفيما بعد ازداد عدد أعضاء الأمانة العامة حيث انضم إليها آية الله سبحاني، والمرحوم آية الله معرفة، والدكتور ولايتي، والمهندس طارمي الذي يشغل حاليا منصب المعاون العلمي للمؤسسة، والدكتور علي خوشرو الذي كان مسؤولاً في وزارة الخارجية. وحاليا انتقل إلى رحمة الله الدكتور شهيدي، وآية الله معرفة[8]، في حين انفصل الدكتور سروش عن دنيانا!
مجالات العمل المشترك مع القائد:
7ـ ما هي المجالات والاهتمامات الأخرى التي كانت مشتركة بينكما؟
من الاهتمامات الأخرى المشتركة بيننا هي علاقتنا الشديدة بالشعر والأدب، فباعتقادي أنه يعد أحد قادة الثورة القلائل ممن تميزوا بمعرفتهم الواسعة باللغة والأدب والتاريخ، وكذلك معرفته الواسعة بفنون الأدب والشعر الفارسي إضافة إلى الأدب والشعر العربي، حيث كان سماحته يتميز بتبحره الواسع في فنون وأساليب النثر العربي، فكان يكتب بأسلوب جميل وبليغ ولم يكن يكتب بأسلوب القدماء بل بالأساليب النثرية الحديثة. وهذا التبحر الواسع بفنون الشعر والأدب خاصة فيما يتعلق بنقد الشعر، كان أحد الاهتمامات المشتركة التي زادت من قوة العلاقة بيننا. فقد كنت اهتم بكتابة الشعر كثيرا حتى أني في المرحلة الإعدادية وبداية المرحلة الجامعية كنت أكتب الشعر أحيانا، لكن بعد دخولي المرحلة الجامعية في قسم بعيد عن الأدب، ابتعدت عن كتابة الشعر فلم أكتب سوى أبيات قليلة من الشعر طيلة عشرة إلى خمسة عشر سنة، لكن بعد استشهاد أخي مجيد كتبت بعض الأبيات الشعرية في رثائه، وعرضت هذه الأبيات على سماحته لما علمته وسمعته من تأثره وحزنه على فقدانه، وكان مطلعها: «بهار عمر مرا برگ و بارى بودى تو / دل خزان زدهام را بهار بودى تو/ ستاره سحر من چرا پر از خون است؟/ كرانهاى كه در آن آشكار بودى تو»[9]. فعندما سمع سماحته هذه الأبيات أعجب بها وبدأ بنقدها وتحليلها، واقترح إضافة بعض الإصلاحات عليها، ثم شجعني على الاستمرار في كتابة الشعر ولازال يشجعني على ذلك حتى الآن، بحيث عندما أزوره أحيانا وبعد الانتهاء من المناقشات والأحاديث السياسية يطلب مني بلطف أن أقرأ له بعض الأبيات الشعرية، ويشجعني على كتابته، ثم يقوم بتحليل ونقد هذا الشعر، فقد كان سماحته دقيقا جدا في هذا الموضوع بحيث كان ينتقد حتى الأشعار التي تعرض في البرامج التلفزيونية، لأنه كان يؤمن بضرورة الترويج لنقد الشعر في المحافل الأدبية.
منتدى الشعر والأدب الفارسي:
8ـ متى توليتم مسؤولية إدارة منتدى الشعر والأدب الفارسي، وما هي نوع العلاقة التي كانت تربطكم مع سماحة القائد في هذا المجال؟
كانت عضويتي ومسؤوليتي في منتدى اللغة والأدب الفارسي أحد الوسائل التي زادت من متانة العلاقة بيني وبين قائد الثورة الإسلامية. فبعد سنوات من بداية عمل المنتدى واستقالة السيد حسن حبيبي النائب الأول لرئيس الجمهورية آنذاك وعدم رغبته في العمل في منصبين، تم اختياري من قبل الهيئة الإدارية للمنتدى رئيسا له. وقد كنتُ على ارتباط مستمر مع سماحة القائد طيلة فترة عملي في هذا المنتدى لأعرض عليه تقاريرا مفصلة عن عمل المنتدى ونشاطاته.
ومن بين الموارد التي شعرتُ فيها برصانته الفكرية وروحيته العالية وتواضعه، هي في مواقفه وتعامله مع نشاطات هذا المنتدى، ولا بأس أن أذكر هنا نموذجا بارزا لهذا التعامل، فقد أرسل سماحته بيانا بمناسبة التجمع السنوي للصلاة، وذكر في هذا البيان: «من المناسب أن نخصص مكاناً للصلاة في المتنـزهات العامة، وذكر كلمة (بوستان) تعبيراً عن المتنـزهات بدلاً من كلمة (پارك)»، فقد كان سماحته شديد الاهتمام باللغة الفارسية ويندر أن يستخدم الاصطلاحات الأجنبية في أحاديثه وبياناته إلا عند الضرورة، لكننا في المنتدى كنا قد اخترنا كلمة (باغ) بدلا عن كلمة (پارك)، فلذلك أشرت على سماحته: «أننا في المنتدى استعملنا كلمة (باغ) بدلا عن كلمة (پارك) لكنكم استعملتم كلمة (بوستان)، فماذا نفعل الآن؟»، فقال سماحته: «إن استعمالي كلمة (بوستان) يعود للذوق الشخصي، ومادمتم قد استعملتم كلمة أخرى فهذا شأنكم، وعليكم استعمال الكلمة التي صادقتم عليها في المنتدى، لأن استعمالي لهذه الكلمة لا يعني التدخل في عملكم».
ومثل هذه الموارد حدثت في القوات المسلحة أيضاً، فعندما تذكر أمامه أحيانا بعض الاصطلاحات الأجنبية يبدي بعض الملاحظات عليها ويحاول تصحيحها. وبعد فترة قدمتُ له تقريرا حول هذه الكلمة فأيد رأي المنتدى.
9ـ حتى لو كان مجتهداً وله رأي خاص في ذلك الموضوع..؟
المهم أنه يقبل برأي الآخرين إذا كان مؤيدا بالأدلة والبرهان، فقد كان سماحته يكن كثيرا من الاحترام للمختصين وأصحاب الخبرة. إن هذه الأمور كانت من جملة الموارد التي زادت من قوة ارتباطي وعلاقتي به. وعلى كلٍ حسب قول الشاعر: «گر بگويم كه مرا با تو سر وكارى نيست/ در و ديوار گواهى بدهد كارى هست»[10]، فهذا الشعر يبين طبيعة العلاقة بيني وبين سماحته، وأن: «با صد هزار جلوه برون آمدى كه من / با صد هزار ديده تماشا كنم تو را»[11].
نعم، لقد كان سماحته مَصدرا مهما لإرشاد الآخرين وتوجيههم في مختلف المسائل السياسية، والسياسة الخارجية، والسياسة الداخلية، ومعرفة التيارات والأحزاب، والمسائل الدولية وغيرها، فقد كان يتميز بسعة معلوماته ومطالعاته بحيث يندر أن أتحدث معه في أحد المسائل الاجتماعية والسياسية ولا يبدي فيها ملاحظاته الدقيقة والجديدة، فقد كان التنوع في مطالعاته ومعلوماته يثير الدهشة والحيرة، حتى أني في بعض الأحيان أتحدث معه حول موضوع قرأته في أحد الكتب مؤخراً، فيرشدني إلى اثنين أو ثلاثة كتب تبحث نفس الموضوع. وكان سماحته يعرفُ شخصياً الشعراء والمؤلفين الشباب ويطلع على نشاطاتهم ومؤلفاتهم ويقوم بتقييمها.
لقد كان حب هذه البلاد وهذا الشعب والاعتقاد بالإسلام والثورة يملأ كل كيانه، وكانت التقوى السياسية وإطاعة الإمام من الأمور التي لطالما أوصانا بضرورة الالتزام بها منذ السنوات الأولى التي أعقبت انتصار الثورة الإسلامية. فكان سماحته يلتزم دون بحث أو تردد بإطاعة كل ما يصدر عن الإمام الراحل، لهذا نجد الله تعالى قد وفقه طيلة هذه السنوات لما أبداه من تقوى والتزام بأوامره تعالى وسيوفقه في هذا الطريق إن شاء الله.
وبعد انتخابي في مجلس الشورى الإسلامي منذ عام 1376ﻫ.ش، بدأت مرحلة جديدة من علاقتي وارتباطي مع سماحة القائد تركزت على بحث ومناقشة مسائل المجلس وعالم السياسة والحوادث التي أعقبت الثاني من خرداد والمسائل المرتبطة بالتيار الإصلاحي والأصولي وأمثال هذه المواضيع، وقد أدركت طيلة هذه السنوات بعد نظره ودقته في مختلف المسائل.
اهتمام الإمام الخامنئي (دام ظله) باللغة والأدب
10ـ نحن نعلم أن سماحة القائد عادةً ما يبدي الامتعاض والانزعاج عند مدحه وتمجيده، وكنتم قد كتبتم شعراً في مدحه، فأولاً نود أن تقرأ لنا هذا الشعر، وثانياً نود أن نعرف رد فعل سماحته عليه.
كما أشرت سابقا كان الاهتمام باللغة والأدب الفارسي خاصة الشعر أحد الاهتمامات المشتركة بيني وبين سماحته. ومن بين الخصائص التي تميز بها سماحته وزادت من ارتباطه بالشعر والأدب هو كونه من أهل خراسان، واهتمامه وذوقه الخاص باللغة والأدب الفارسي، فكان في مرحلة شبابه كثير الاهتمام بقراءة الشعر ونقده والاستماع إلى أشعار الشعراء الكبار والمشاركة في المحافل والمنتديات الأدبية التي كانت تقام آنذاك في خراسان.
11ـ من هم هؤلاء الشعراء الكبار؟
دانش بزرگنيا، مؤيد ثابتي، ممن كانوا في سنه تقريبا، أو من هم أكبر سنا منه مثل المرحوم قدسي، المرحوم كمال وصاحبكار وقهرمان وباقرزاده، ولا زال سماحته على ارتباط مع الأحياء منهم حتى الآن. وعلى كل حال، كان سماحته يشارك في المنتديات والمحافل الأدبية في خراسان، يستمع فيها إلى نقد الشعر الذي كان شائعا آنذاك في هذه المحافل. وكان اهتمامه بالأدب والشعر وقابليته الشعرية سببا لزيادة ارتباطي بسماحته وفتحت بيننا أبوابا للبحث والنقاش في مثل هذه المواضيع وخاصة الشعر. فقد كان سماحته يعتبر الشعر جزءا من الفن، والفن هو الأساس لدوام الحقيقة وبقائها، ويعتبره الوسيلة التي تحول الحقيقة إلى نوع من الثقافة ثم يقوم بتثبيتها وتقويتها، ثم يعمل على نشرها بين أفراد المجتمع. وكان يهتم بالشعر والشعراء المبدعين ويسعى إلى دعمهم ومساندتهم نظراً لاهتمامه الشديد بالشعر، واطلاعه الواسع على أشعار الشعراء المعاصرين سواء الذين يكتبون بالأسلوب القديم أو الحديث، وتجربته للدور الاجتماعي والسياسي الذي لعبه الشعر في مرحلة النضال ضد الدكتاتورية. وأنتم تعلمون أن من بين الجلسات الثابتة التي كان سماحته يقيمها سنويا هي جلسته مع الشعراء خاصة الشباب في ليلة ولادة الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) في شهر رمضان المبارك، حيث كان يتناول الحاضرون في بداية الجلسة الإفطار ثم يقدم الشعراء ما لديهم من شعر، ثم تبث هذه الجلسة في التلفزيون. وكما قلتُ سابقا، المرة الأولى التي قرأت فيها الشعر أمام سماحته كانت بعد مضي حوالي شهرين أو ثلاثة أشهر من استشهاد أخي مجيد، بعد فترة طويلة من انقطاعي عن كتابة الشعر، لكن استشهاد أخي أثار في نفسي روحا جديدة صورتها لسماحته في هذه العبارات: «سيدي! هل سمعتم بحدوث زلزال في بعض المناطق نتيجة لارتعاشات شديدة في سطح الأرض، تظهر على أثرها عيون جديدة لم تكن موجودة سابقا؟ لقد ظهرت في نفسي عين من الشعر تغلي في داخلي. ورغم أني قد قلت شيئا من الشعر سابقا لكن استشهاد مجيد قد بث في نفسي روحا جديدة دفعتني لقول هذه الأبيات من الغزل»، فقرأت له هذه الأبيات وكانت على ما أظن ثلاثة عشر بيتا، مما جعله يشجعني دائما على كتابة الشعر، وقد قرأت لكم بيتين من هذا الرثاء، ومنها: «لطيف و ساده و شورآفرين، ولى زيبا/ ترانهاى به لب روزگار بودى تو»[12]، فأخذ سماحته نسخة من هذه الأبيات، وعندما زرته في المرة التالية، قال: «لقد وجدت عنوانا مناسبا لشعرك استخرجته من نفس الأبيات، اجعل عنوان هذه الأبيات (ترانهاي بر لب روزگار)»[13]، فهذا أفضل عنوان لهذا الشعر. بعد ذلك كنت أزوره مرة كل شهرين أو ثلاثة أشهر، أقرأ له فيها ما كنت أكتبه أحيانا من الشعر، وقد قال لي مرة: «عندما يتقدم الإنسان في العمر عادة ما تخفت قريحته الشعرية، لكنك وفلان (وذكر اسم شخص آخر) ما زالت قريحتكم الشعرية جيدة رغم بلوغكم هذه السن (42 و43 سنة)».
وبعد تولي سماحته قيادة الثورة أدركت أبعاداً جديدة في شخصيته من قدرة روحية ومعنوية وحنكة سياسية وصحة في التشخيص، مما زاد في شدة علاقتي وارتباطي به، فخطر في ذهني أن أكتب شعرا يمجد هذه الشخصية، خاصة وقد سبق أن كتبت شعرا عن بعض المقربين مني، فتساءلت في نفسي لماذا لا أكتب شعرا حول شخصية القائد مع كل هذا الحب والتقدير الذي أكنه له في نفسي؟ ولم أكن أروم أبدا من هذا الأمر أي نوع من الدعاية أو التملق والشهرة. فلا أحد يتوقع من الشخصيات العلمية والأكاديمية من أمثالي ممن يتعاملون مع جيل الشباب والجامعيين والمثقفين أن يكتب شعرا في مدح أحد السياسيين، فلا يتعجب أحد إن لم أكتب شعرا من هذا النوع، لكنهم يتعجبون إذا كتبت مثل هذا الشعر.
وكنت أدرك أن الطبقات المثقفة قد تصور هذا العمل بصورة المداهنة والتملق، لكني لم أذكر في هذا الشعر سوى ما اعتقده قلبي، وعبرت فيه عن حبي وارتباطي بشخصية سماحته، ورأيت أن من واجبي تأييد هذه الشخصية وعلى الإنسان العمل بواجباته. فكتبت شعرا في مدحه وقد أطلعته عليه في أحد لقاءات الرسمية معه، حيث قلت له في نهاية الجلسة: «سيدي! لقد كتبت شعرا في مدحكم، ولن أقرأه إلا بشرط، فأنا أعلم أنكم لا تحبون المدح من الآخرين خاصة بمثل هذا النوع من الشعر، لكني أرجو أن تخبروني عن رأيكم في هذا الشعر حسب المعايير الشعرية والأدبية بغض النظر عن الجوانب الأخلاقية والروحية والمعنوية لسماحتكم، فإن كان الشعر جيدا أقسم عليكم بالله عدم الطعن به مراعاة لجوانب شخصيتكم الأخلاقية والروحية والمعنوية»، حتى أني أتذكر بدقة أني استعملت هذا التعبير «أقسم عليكم بالله»، فتعجب سماحته من هذا الكلام ثم قال «حسنا!»، فقرأت الشعر، فقال لي: «حقا، كان شعرا جيدا لكن عيبه الوحيد أنك كتبته في حقي».
12ـ مع ذلك انتقد الشعر...
نعم، كما رجوته فصل سماحته بين المعايير الأدبية ورغبته الشخصية، وبعد أن استحسن الشعر وأيده، قلت: «إن كل شاعر يطلب حاجة في قبال الشعر الذي يلقيه، وأنا أطلب حاجة إزاء هذا الشعر»، فقال سماحته: «ماذا تريد؟»، قلت: «أريد إحدى العباءات التي ترتديها»، وبعد أسبوع أو اثنين اتصل بي الشيخ محمدي گلپايگاني وقال: «الظاهر أنكم كنتم قد طلبتم من سماحة القائد عباءة، فما هو قياسكم؟ حتى نوصي بخياطتها لكم».
إن هذه الحادثة تعود إلى العام: 1371ﻫ.ش ولا ترتبط أبدا بعلاقتي العائلية مع سماحته، ولم يكن هذا الأمر مطروحا فيها أبدا. ولم أنشر هذا الشعر حتى السنة الماضية في أي صحيفة أو مجلة، وإنما قرأته شفهيا أمام بعض المقربين فقط، ولم أكن أسعى لنشره، وطيلة هذه السنوات لم يتحدث سماحة القائد معي حول هذا الشعر أبداً. وفي أحد الأيام طرحتُ هذا الموضوع، فقال سماحته: «أشعر بحساسية شديدة تجاه هذا الموضوع حتى لا يتحول إلى نوع من المبالغة وعبادة الأشخاص ويؤدي إلى إشاعة هذه العيوب في المجتمع، حتى أني في أحد الأيام عندما بث التلفزيون شعرا في مدحي امتعضت بشدة وخرجت من الغرفة قبل أن يكتمل الشعر، ثم اتصلت بالمسؤولين في الإذاعة والتلفزيون وانتقدتهم على هذا الأمر وطلبت منهم عدم بث هذا الشعر مرة أخرى».
فقد كان سماحته حساسا بشدة تجاه هذا الموضوع، وأنا أيضا لما كنت قد كتبت هذا الشعر تعبيرا عن المشاعر التي كنت أحملها في قلبي لسماحته، لم أكن بحاجة لنشرها في أي مكان، لكن قبل حوالي سنتين اتصلت بي صحيفة جام جم وأخبروني أنهم بصدد إصدار عدد خاص بمناسبة الذكرى السنوية العشرين لتولي الإمام الخامنئي منصب قيادة الثورة، وطلبوا إجراء لقاء صحفي معي أتحدث فيه عن الأبعاد الثقافية في شخصية سماحته، وبالطبع امتد الحديث إلى المباحث الأدبية، وقد رأيت من المناسب نشر هذا الشعر في هذه الصحيفة، لأني في تلك الفترة لم أكن أرى سببا وجيها يمنعني من ذكر هذا الشعر، بل رأيت من واجبي نشر هذا الشعر خاصة بعد حملات التشويه والإجحاف الذي تعرض له سماحته خاصة العداء والحقد الذي أبداه البعض تجاه سماحته، وبعد ذلك تم نشر هذا الشعر في مختلف المواقع الالكترونية. وإني ألاحظ الآن انتشار هذا الشعر بين أبناء الثورة والمحبين للشعر والأدب والمحبين لسماحته ومريديه، وأحيانا يقرأه هذا الشخص أو ذاك.
13ـ والآن اقرأه لنا أنت.
حسنا، تقول هذه الأبيات:
اى دو چشـمانت چراغ شام يلداى همه آفـتاب صـورتت خورشيد فرداى همه
اى دل دريـايى ات كشتى نشينان را اميد اى دو چشـم روشنت فانوس درياي همه
خندههاى گاه گاهت خنده خورشيد صبح شـعله لرزان آهـت شـمع شبهاي همه
اى پيـام دلـنشينت بـارش بـاران نور وى كـلام آتـشينت آتـش نـاى همه
قـامـتت نـخل بـلند گلـشن آزادگى سرو سـرسبزي سـزاوار تماشاي همه
گر كسى از من نشانى از تو جويد گويمش خـانهاى در كوچه باغ دل، پذيراى همه
لالـهزار عمر يك دم بى گل رويت مباد اى گل رويـت بهار عالم آراى همه[14]
وكما تلاحظون خلا هذا الشعر من أي إسم لسماحته أو أي إشارة تدل عليه، وإنما كان خطابا له اختص بوصفه ومدحه.
فقائد الثورة الإسلامية كان يعيد إلى الشعب كل ما يقدم كهدية لسماحته.
يتبع
ترجمة ونشر: دار الولاية للثقافة والإعلام
www.alwelayah.net
تعريف موجز:
الدكتور غلام علي حداد عادل ولد في طهران عاصمة جمهورية إيران الإسلامية عام: 1324ﻫ.ش الموافق: 1945م، أكمل تعليمه الأساسي حتى الثانوية العامة في مدرسة (علوي) في طهران عام: 1963م وكان من الطلبة المجتهدين، حصل على شهادة بكالوريوس في علم الفيزياء, عام: 1967م، عين بعد مدة قصيرة معيداً (مساعد دكتور) في كلية العلوم في جامعة شيراز، وهناك التحق بالدراسات العليا وواصل دراساته ومسيرته العلمية والعملية، وحصل على شهادة الماجستير في علم الطبيعة عام: 1969م. وبعد أن حصل على الشهادة من قسم الفيزياء غير تخصصه وانظم إلى العلوم الإنسانية، حيث حصل على الليسانس في العلوم الاجتماعية من كلية الآداب جامعة طهران عام: 1972م. وحاز على شهادة دكتوراه في علم الفلسفة في رسالة عنوانها (آراء كانت حول ما وراء الطبيعة) وذلك في عام 1975م. وقد شغل الدكتور حداد عادل وظيفة المسئول الأول عن اللغة الفارسية التي اعتبرتها قيادة الثورة والنظام الإسلامي من أهم مقتنياتها ووسائلها لتبليغ رسالتها الإسلامية ونشرها. ظهر في عالم السياسية أثناء نجاحه في الوصول إلى عضوية مجلس الشورى الإسلامي عن دائرة طهران العاصمة. وقد انتخب رئيساً لمجلس الشورى الإسلامي الإيراني.
وكالة أنباء فارس: باعتقادي أنه يعد أحد قادة الثورة القلائل ممن تميزوا بمعرفتهم الواسعة باللغة والأدب والتاريخ، وكذلك معرفته الواسعة بفنون الأدب والشعر الفارسي إضافة إلى الأدب والشعر العربي.
وقد أشار التقرير الذي قدمته مجموعة (فضاى مجازى) في وكالة أنباء فارس أن مجلة (پاسدار اسلام) قد أجرت في عددها الأخير حوارا مع الدكتور حداد عادل تحدث فيه عن الجوانب الخفية في سيرة ومواقف قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى السيد الخامنئي.
** وجاء في مقدمة هذا الحوار: نُقدم لكم النص الكامل للحوار الذي أجرته مجلة (پاسدار اسلام) في جلستين مع الدكتور حداد عادل للتعريف بالسلوك الفردي والاجتماعي لقائد الثورة الإسلامية. وقد تحدث الدكتور بدقة متناهية حول هذا الموضوع برغم إدراكه أن الحديث في مثل هذه المواضيع يسبب انـزعاجا وعدم ارتياح لدى قائد الثورة، لكن ما دفعه للقبول بهذا الحوار هو حرصه الشديد على توضيح هذه الجوانب الأخلاقية في السلوك الفردي والاجتماعي لقائد الثورة الإسلامية وبيانها لجيل الشباب هذا من جهة، ومن جهة أخرى سعيه لتفنيد الشائعات التي يطلقها بعض المخادعين بين الفينة والأخرى، فنشكره على قبوله إجراء هذا الحوار معه. ونأمل من خلال هذه الحوارات المفيدة أن نقدم للعاشقين في درب الحرية والإسلام شربة من هذا البحر تروي عطشهم وتطفئ ظمأهم.
تاريخ العلاقة مع الإمام الخامنئي (دام ظله):
1ـ نرجو منكم أن تتحدثوا لنا عن تاريخ علاقتكم بقائد الثورة الإسلامية، وكيف استمرت وتطورت هذه العلاقة فيما بعد؟
بسم الله الرحمن الرحيم، قبل قيام الثورة الإسلامية لم أكن على علاقة شخصية مع قائد الثورة لكني سمعت كثيرا باسمه وقرأتُ بعضَ كتبه مثل ترجمته لكتاب صلح الإمام الحسن (عليه السلام) وكتابه حول دور المسلمين في نهضة التحرر الهندية، حيث ارتسمت لهُ في ذهني صورة لرجل الدين الشاب المُحب للشباب وتطلعاتهم الثورية. وقد سمعتُ في تلك الفترة عن قدرته التحليلية الواسعة في تاريخ الأئمة وتدوين هذا التاريخ، لكن بما أني كنتُ أسكن في طهران وهو في مشهد لم تسنح لي فرصة لقائه والتعرف عليه عن قرب، حتى قامت الثورة الإسلامية وتم تأسيس الحزب الجمهوري الإسلامي حيث وُجِهَت الدعوة لأعضائه للاجتماع في طهران، فحظيتُ بفرصة لقائه والتعرف عليه للمرة الأولى بعد عدة أيام من يوم 22 بهمن عام 1357ﻫ.ش، حيث أحسست منذ الجلسة الأولى أنه يختلف عن الآخرين، فرغم معرفتي بأغلب الحضور وصفاتهم الأخلاقية المتميزة أكثر من معرفتي بالسيد الخامنئي لكني أدركت منذ الوهلة الأولى ما يتميز به من مؤهلات فكرية وشخصية خاصة.
وتدريجيا تطورت معرفتي وعلاقتي بسماحته، فكانت بالنسبة لي علاقة الإرادة والإخلاص وبالنسبة له علاقة العطف والمحبة. وفي تلك الفترة كان أخي الشهيد مجيد قد عاد من انجلترا ليكون في خدمة الثورة، فاتصل بالسيد الخامنئي لتنشأ بينهم علاقة خاصة ويشاركه في نشاطاتهم السياسية والاجتماعية. وفي بداية الثورة كنا نلتقي في اجتماعات الحزب مرتين على الأقل في الأسبوع، حيث أُلقيت علينا مسؤوليات واسعة ومتعددة في تلك الفترة، من بينها الإعداد لإجراء الاستفتاء العام لتعيين نوع الحكومة في أقل من شهرين بعد انتصار الثورة الإسلامية، فكنا مشغولين جداً في تلك الأيام مما زاد في وثاقة الارتباط والعلاقة بيننا. وقد استمرت هذه العلاقة حتى أُقيل قطب زادة من رئاسة الإذاعة والتلفزيون في شهر آذر من عام: 1358، حيث تم انتخابي من قبل شورى الثورة عضواً في شورى إدارة الإذاعة والتلفزيون، فكانت وسيلة أخرى للاستفادة من آرائه وتوجيهاته رغم أن الشهيد باهنر[2] كان هو الرابط بيننا وبين شورى الثورة.
وفي شهر مهر عام: (1360ﻫ.ش) عاد أخي إلى طهران بعد إقالته من منصب محافظ كرمانشاه وإيلام، فتركزت اهتماماتنا بعد ذلك في الأمور الثقافية والأدبية، حيث كنتُ أعمل في التلفزيون وهو في الإذاعة، فكان السيد الخامنئي أفضل شخص نلجأ إليه لاستشارته في المسائل الأدبية والثقافية. وكان سماحته يصطحب معه أخي مجيد كلما سافر إلى المناطق الغربية في البلاد ممثلاً عن الإمام الراحل (قدس سره)، لمعرفته الواسعة بهذه المناطق، وقد أدت هذه العلاقة بينهما إلى طلبه من أخي تولي مسؤولية إدارة مكتبه قبل أيام من بدء انتخابات رئاسة الجمهورية التي أُقيمت بعد استشهاد الشهيد رجائي[3]، حيث طلب من أخي يوم الأحد الخامس من شهر مهر تولي مسؤولية إدارة مكتبه، في حين أُقيمت الانتخابات يوم الجمعة العاشر من شهر مهر، وطلب منه أن يقدم تقريراً شاملاً يبين فيه هيكلية المكتب وكيفية إدارته، فجاء مجيد وأطلعني على هذا الأمر للتشاور فيه.
واتفق في نفس ذلك اليوم أن زار البلاد عدد من الصحفيين الأجانب للإطلاع على تفاصيل الانتصار الذي حققه الجيش الإيراني في عمليات ثامن الأئمة وكان يعد الانتصار الأول لإيران في الحرب، لذا تم إرسال مجيد ظهر يوم الأحد إلى جبهات القتال لمرافقتهم في هذه الزيارة، وفي يوم الثلاثاء وصلنا خبر استشهاد مجيد، فتأثر السيد الخامنئي بشدة وحزن كثيراً لهذا الخبر. وقد كانت العلاقة بين سماحته والشهيد مجيد قوية جداً، بحيث يتطلب الحديث عنها بحثاً مستقلاً يُخرجنا عن دائرة موضوعنا الأساس في هذا الحوار.
عوامل قوة العلاقة مع الإمام القائد:
2ـ ما هي العوامل التي أدت إلى تقوية علاقتكم بالسيد الخامنئي؟
منذ الأشهر الأولى التي أعقبت انتصار الثورة الإسلامية كنتُ أشعر بتقارب وتناغم شديد بين اهتماماتي واهتمامات سماحته، حيث كلما فكرت في موضوع معين أو سعيت للكتابة أو البحث فيه، وجدتُ سماحته قد سبقني بأشواط في ذلك، وما شدني للارتباط بسماحته منذ اليوم الأول لمعرفتي به هو رصانته الفكرية وبصيرته في إبداء الآراء وطرح الأفكار، حيث كان يتميز بدقة آرائه ورعايته جانب الإنصاف والاعتدال في طرحها، فقد كان يبتعد دائماً في مواقفه عن الإفراط والتفريط، فلا يرفع الشخص إلى القمة لمجرد قيامه بعمل حسن، ولا ينـزله إلى الحضيض لمجرد ارتكابه خطأ معينا، فرغم إيمانه والتزامه الشديد بمجوعة من المبادئ والأصول الثابتة إلاّ أنه كان يسعى دائما في آرائه حول الأفراد رعاية جانب الإنصاف والاحتياط الشديد وعدم التجاوز على حقوق الآخرين. وطيلة الثلاثين السنة لمعرفتي به أدركت مدى تشابهه بالإمام الراحل في الكثير من الموارد والصفات خاصة في رعايته جانب الاحتياط بالنسبة لإبداء الرأي حول الآخرين.
وأنتم تتذكرون الأيام الأولى التي أعقبت انتصار الثورة الإسلامية التي تميزت باضطراب الأوضاع السياسية في البلاد وعدم استقرار الأنظمة الإدارية في مؤسسات الدولة، إضافة إلى اضطراب الأنظمة الفكرية والذهنية عند الأفراد آنذاك، لكن السيد الخامنئي تميز عن الآخرين في تلك الفترة ببصيرته ورصانته الفكرية.
فكان سماحته رفيعاً في طرحه وأفكاره مجسداً المعنى الحقيقي لأهل المعرفة، وفيا في صداقته، منصفا حتى مع أعدائه، يحمل في شخصيته كلا صفات الجذب والطرد، فكان وجوده مهما ومؤثرا بالنسبة لي ولمريديه.
وفي عام: (1361) تم تعييني في إدارة وزارة التربية والتعليم حيث كنت مسؤولاً عن كتابة وتنقيح المنهاج الدراسية.
في وزارة التربية والتعليم:
3ـ من كان وزير التربية آنذاك؟
السيد پرورش. وبالطبع كان لتوصية السيد الخامنئي تأثيرا كبيرا في تعيني بهذا المنصب. وبعد أن توليت هذه المسؤولية كنت أستفيد باستمرار من توجيهات سماحته الدقيقة في وضع البرامج التعليمية وتأليف المناهج الدراسية، وكنتُ استمع إلى توجيهاته المهمة في حل المشاكل التعليمية والتربوية التي كانت تواجهنا آنذاك، وكان سماحته يشجعنا دائما على جهودنا الايجابية في هذا المجال. وفي المرة الأولى التي أردنا فيها إرسال وفد طلابي إلى كوبا للمشاركة في الأولمبياد العلمي هناك، حضرت مع ستة من التلاميذ المنتخبين للقاء السيد الخامنئي فشجعهم سماحته وقدم بعض النصائح والتوجيهات لهم، ورغم أننا لم نكن نعلم آنذاك بالنتائج التي يمكن أن نكسبها من هذه المشاركة، لكننا أدركنا فيما بعد مدى أهمية هذه النتائج التي حققت الافتخارات الكبيرة للبلاد.
وقد استمرت هذه العلاقة والارتباط بيني وبين سماحته، حيث كنت أستفيد دائما من توجيهاته السديدة في تأليف المناهج الدراسية خاصة ما يتعلق بالمناهج التاريخية والأدبية والدينية، وقد زاد هذا الارتباط بيننا بعد وفاة الإمام (رحمه الله) وتوليه منصب قائد الثورة. ومن بين الموارد التي استفدت فيها كثيراً من توجيهات سماحته، كان في تأليف الأجزاء الأربعة من كتاب «درسهايى از قرآن» (دروس من القرآن), فبعد أن أضفت هذا الدرس إلى المناهج الدراسية انتخبت بعض الآيات لشرحها وتوضيحها، فاستفدت من آراء سماحته في انتخاب هذه الآيات وفي تنظيم مواضيعها. وقد تضمنت هذه الأجزاء الأربعة من الكتاب بعض المواضيع التي أُدرجت حسب توجيهات سماحته، وسأشير إلى بعضها. وبالطبع بعض هذه الدروس التي كانت موجودة في السبعينات لم تعد موجودة الآن، وقد قمتُ بنشر هذه الأجزاء الأربعة في كتاب واحد تحت عنوان «درسهايى از قرآن».
ومن بين الدروس التي أوصى سماحته بإدراجها في الكتاب قصة طالوت وجالوت، حيث بيّن سماحته أن هذه القصة تتضمن المعايير الأساسية لانتخاب الشخص المناسب لقيادة المجتمع، فبعد أن طلب أشراف بني إسرائيل من نبيهم أن يختار لهم قائدا سياسيا، اختار لهم نبيهم بأمر الله قائدا لهم، فقال له بنو إسرائيل كيف يكون ملكا علينا ولم يؤت سعة من المال ولا معروفا بيننا: «إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا...»[4]، حيث طلب سماحته إضافة هذه الآيات في المناهج الدراسية.
وطلب إضافة قصة يوسف في المرحلة النهائية من الدراسة الثانوية، فقلت: «لقد أضفنا قصة مريم»، فرد سماحته: «هذه القصة قصة مناسبة للمحافظة على عفاف البنات، وقصة يوسف مناسبة للمحافظة على عفاف الأولاد»، قلت: «هؤلاء الأولاد لا يعرفون قصة يوسف وستواجههم مشكلة في فهمها، وأنتم تطلبون إضافة قصة يوسف؟»، ثم قرأت له هذا الشعر: «به سرما خورده لرزيدن مياموز»[5]. فضحك سماحته وقال: «سواء أضفتم هذه القصة أو لا، فإن هذه المشاكل ستبقى موجودة عند هذا الجيل، ضعوا هذه القصة القرآنية كنموذج بارز على تقوى وعفاف الرجال». وبعد أن رأيتُ دقة ومتانة هذا الرأي أضفتُ هذه القصة في المناهج الدراسية.
وقد أضفنا في المناهج الدراسية قسماً من تاريخ الثورة تحدث عن الفترة بين من 15 خرداد حتى بهمن (1357ﻫ.ش)، فعرضت هذه المواضيع على سماحته فأبدى ملاحظاته عليها. كما أضفنا بعض المواضيع التي تحدثت عن الفترة بين انتصار الثورة وتولي سماحته قيادة الثورة. وبهذا الشكل كنا نستفيد من خبرته ودقة آرائه في الكثير من الموارد والمواضيع.
تأسيس دائرة المعارف الإسلامية[6]:
4ـ نرجو أن تتحدثوا لنا عن ذكرياتكم حول تأسيس دائرة المعارف الإسلامية في تلك الفترة.
كان تأسيس دائرة المعارف الإسلامية أحد وسائل الارتباط بيني وبين سماحة القائد، ففي عام: (1362ﻫ.ش) وبعد سنتين من توليه رئاسة الجمهورية وجه السيد مير سليم الدعوة لتسعة أشخاص كنتُ أحدهم للحضور إلى مكتب سماحته، وأخبرنا هناك بضرورة تأليف دائرة المعارف الإسلامية، إذ لا معنى لأن يرجع محققونا ومؤلفونا إلى دائرة المعارف الأوربية أو تلك التي ألفها المسيحيون العرب في بيروت عند حاجتهم لمعلومات في المواضيع المختلفة، وقد حان الوقت الآن لأن نؤلف دائرة معارف إسلامية خاصة بنا. وعلى هذا الأساس، تم تشكيل لجنة من تسعة أشخاص للإشراف على هذا الموضوع، ورغم العجز المالي الذي كانت تواجهه الدولة آنذاك، تمكن سماحته من توفير الميزانية المالية الخاصة بهذه المؤسسة. وقد كنت مع بقية أعضاء الأمانة العامة لدائرة المعارف نلتقي بسماحته باستمرار للاستفادة من توجيهاته في مختلف المواضيع المتعلقة بهذه المؤسسة.
أعضاء دائرة المعارف:
5ـ من هم الأعضاء التسعة لهذه اللجنة؟
المرحوم الدكتور شهيدي، الدكتور مهدي محقق، الدكتور أبو القاسم كرجي وكان هؤلاء الثلاثة الأكبر سنا بيننا، والسيد شيرازيان الذي تعرف على السيد الخامنئي عندما كان طالبا في حوزة قم، والمهندس مير سليم[7]، والدكتور بور جوادي، والدكتور سروش، وأنا، وقد استمر الدكتور سروش ضمن هذه اللجنة حتى السنوات القليلة الماضية، إلى درجة أن البعض وبسبب مواقفه سألوا قائد الثورة: «هل سيبقى في هذه اللجنة أم لا؟» فأجاب سماحته: «أفضل أن لا نكون البادئين بالانفصال»، فلاحظوا مدى حرص سماحته على الاحتفاظ بالأفراد والشخصيات وعدم خسارتهم قدر الإمكان، لكن السيد سروش قد قطع علاقته فيما بعد بما هو أعلى من قائد الثورة فكيف بقائد الثورة نفسه!.
على كل حال، كان هؤلاء الأشخاص يمثلون أعضاء الأمانة العامة لدائرة المعارف التي تأسست ببركة جهود سماحة القائد ولازالت بعد 27 سنة من تأسيسها منشأ للكثير من الخير والبركات، والحديث عنها يحتاج إلى بحث مستقل.
إدارة دائرة المعارف:
6ـ متى توليتم مسؤولية إدارتها؟
منذ عام 1374ﻫ.ش، فقد كان الدكتور مهدي محقق أول من تولى إدارتها واستمر في منصبه لسنتين، ثم أعقبه الدكتور بور جوادي لسنة واحدة، ثم المهندس ميرسليم لخمس سنوات متوالية، ثم توليت هذه المسؤولية في فروردين عام: 1374 لأن النظام الداخلي للمؤسسة كان يشترط في مديرها أن يكون أحد أعضاء الأمانة العامة. وفيما بعد ازداد عدد أعضاء الأمانة العامة حيث انضم إليها آية الله سبحاني، والمرحوم آية الله معرفة، والدكتور ولايتي، والمهندس طارمي الذي يشغل حاليا منصب المعاون العلمي للمؤسسة، والدكتور علي خوشرو الذي كان مسؤولاً في وزارة الخارجية. وحاليا انتقل إلى رحمة الله الدكتور شهيدي، وآية الله معرفة[8]، في حين انفصل الدكتور سروش عن دنيانا!
مجالات العمل المشترك مع القائد:
7ـ ما هي المجالات والاهتمامات الأخرى التي كانت مشتركة بينكما؟
من الاهتمامات الأخرى المشتركة بيننا هي علاقتنا الشديدة بالشعر والأدب، فباعتقادي أنه يعد أحد قادة الثورة القلائل ممن تميزوا بمعرفتهم الواسعة باللغة والأدب والتاريخ، وكذلك معرفته الواسعة بفنون الأدب والشعر الفارسي إضافة إلى الأدب والشعر العربي، حيث كان سماحته يتميز بتبحره الواسع في فنون وأساليب النثر العربي، فكان يكتب بأسلوب جميل وبليغ ولم يكن يكتب بأسلوب القدماء بل بالأساليب النثرية الحديثة. وهذا التبحر الواسع بفنون الشعر والأدب خاصة فيما يتعلق بنقد الشعر، كان أحد الاهتمامات المشتركة التي زادت من قوة العلاقة بيننا. فقد كنت اهتم بكتابة الشعر كثيرا حتى أني في المرحلة الإعدادية وبداية المرحلة الجامعية كنت أكتب الشعر أحيانا، لكن بعد دخولي المرحلة الجامعية في قسم بعيد عن الأدب، ابتعدت عن كتابة الشعر فلم أكتب سوى أبيات قليلة من الشعر طيلة عشرة إلى خمسة عشر سنة، لكن بعد استشهاد أخي مجيد كتبت بعض الأبيات الشعرية في رثائه، وعرضت هذه الأبيات على سماحته لما علمته وسمعته من تأثره وحزنه على فقدانه، وكان مطلعها: «بهار عمر مرا برگ و بارى بودى تو / دل خزان زدهام را بهار بودى تو/ ستاره سحر من چرا پر از خون است؟/ كرانهاى كه در آن آشكار بودى تو»[9]. فعندما سمع سماحته هذه الأبيات أعجب بها وبدأ بنقدها وتحليلها، واقترح إضافة بعض الإصلاحات عليها، ثم شجعني على الاستمرار في كتابة الشعر ولازال يشجعني على ذلك حتى الآن، بحيث عندما أزوره أحيانا وبعد الانتهاء من المناقشات والأحاديث السياسية يطلب مني بلطف أن أقرأ له بعض الأبيات الشعرية، ويشجعني على كتابته، ثم يقوم بتحليل ونقد هذا الشعر، فقد كان سماحته دقيقا جدا في هذا الموضوع بحيث كان ينتقد حتى الأشعار التي تعرض في البرامج التلفزيونية، لأنه كان يؤمن بضرورة الترويج لنقد الشعر في المحافل الأدبية.
منتدى الشعر والأدب الفارسي:
8ـ متى توليتم مسؤولية إدارة منتدى الشعر والأدب الفارسي، وما هي نوع العلاقة التي كانت تربطكم مع سماحة القائد في هذا المجال؟
كانت عضويتي ومسؤوليتي في منتدى اللغة والأدب الفارسي أحد الوسائل التي زادت من متانة العلاقة بيني وبين قائد الثورة الإسلامية. فبعد سنوات من بداية عمل المنتدى واستقالة السيد حسن حبيبي النائب الأول لرئيس الجمهورية آنذاك وعدم رغبته في العمل في منصبين، تم اختياري من قبل الهيئة الإدارية للمنتدى رئيسا له. وقد كنتُ على ارتباط مستمر مع سماحة القائد طيلة فترة عملي في هذا المنتدى لأعرض عليه تقاريرا مفصلة عن عمل المنتدى ونشاطاته.
ومن بين الموارد التي شعرتُ فيها برصانته الفكرية وروحيته العالية وتواضعه، هي في مواقفه وتعامله مع نشاطات هذا المنتدى، ولا بأس أن أذكر هنا نموذجا بارزا لهذا التعامل، فقد أرسل سماحته بيانا بمناسبة التجمع السنوي للصلاة، وذكر في هذا البيان: «من المناسب أن نخصص مكاناً للصلاة في المتنـزهات العامة، وذكر كلمة (بوستان) تعبيراً عن المتنـزهات بدلاً من كلمة (پارك)»، فقد كان سماحته شديد الاهتمام باللغة الفارسية ويندر أن يستخدم الاصطلاحات الأجنبية في أحاديثه وبياناته إلا عند الضرورة، لكننا في المنتدى كنا قد اخترنا كلمة (باغ) بدلا عن كلمة (پارك)، فلذلك أشرت على سماحته: «أننا في المنتدى استعملنا كلمة (باغ) بدلا عن كلمة (پارك) لكنكم استعملتم كلمة (بوستان)، فماذا نفعل الآن؟»، فقال سماحته: «إن استعمالي كلمة (بوستان) يعود للذوق الشخصي، ومادمتم قد استعملتم كلمة أخرى فهذا شأنكم، وعليكم استعمال الكلمة التي صادقتم عليها في المنتدى، لأن استعمالي لهذه الكلمة لا يعني التدخل في عملكم».
ومثل هذه الموارد حدثت في القوات المسلحة أيضاً، فعندما تذكر أمامه أحيانا بعض الاصطلاحات الأجنبية يبدي بعض الملاحظات عليها ويحاول تصحيحها. وبعد فترة قدمتُ له تقريرا حول هذه الكلمة فأيد رأي المنتدى.
9ـ حتى لو كان مجتهداً وله رأي خاص في ذلك الموضوع..؟
المهم أنه يقبل برأي الآخرين إذا كان مؤيدا بالأدلة والبرهان، فقد كان سماحته يكن كثيرا من الاحترام للمختصين وأصحاب الخبرة. إن هذه الأمور كانت من جملة الموارد التي زادت من قوة ارتباطي وعلاقتي به. وعلى كلٍ حسب قول الشاعر: «گر بگويم كه مرا با تو سر وكارى نيست/ در و ديوار گواهى بدهد كارى هست»[10]، فهذا الشعر يبين طبيعة العلاقة بيني وبين سماحته، وأن: «با صد هزار جلوه برون آمدى كه من / با صد هزار ديده تماشا كنم تو را»[11].
نعم، لقد كان سماحته مَصدرا مهما لإرشاد الآخرين وتوجيههم في مختلف المسائل السياسية، والسياسة الخارجية، والسياسة الداخلية، ومعرفة التيارات والأحزاب، والمسائل الدولية وغيرها، فقد كان يتميز بسعة معلوماته ومطالعاته بحيث يندر أن أتحدث معه في أحد المسائل الاجتماعية والسياسية ولا يبدي فيها ملاحظاته الدقيقة والجديدة، فقد كان التنوع في مطالعاته ومعلوماته يثير الدهشة والحيرة، حتى أني في بعض الأحيان أتحدث معه حول موضوع قرأته في أحد الكتب مؤخراً، فيرشدني إلى اثنين أو ثلاثة كتب تبحث نفس الموضوع. وكان سماحته يعرفُ شخصياً الشعراء والمؤلفين الشباب ويطلع على نشاطاتهم ومؤلفاتهم ويقوم بتقييمها.
لقد كان حب هذه البلاد وهذا الشعب والاعتقاد بالإسلام والثورة يملأ كل كيانه، وكانت التقوى السياسية وإطاعة الإمام من الأمور التي لطالما أوصانا بضرورة الالتزام بها منذ السنوات الأولى التي أعقبت انتصار الثورة الإسلامية. فكان سماحته يلتزم دون بحث أو تردد بإطاعة كل ما يصدر عن الإمام الراحل، لهذا نجد الله تعالى قد وفقه طيلة هذه السنوات لما أبداه من تقوى والتزام بأوامره تعالى وسيوفقه في هذا الطريق إن شاء الله.
وبعد انتخابي في مجلس الشورى الإسلامي منذ عام 1376ﻫ.ش، بدأت مرحلة جديدة من علاقتي وارتباطي مع سماحة القائد تركزت على بحث ومناقشة مسائل المجلس وعالم السياسة والحوادث التي أعقبت الثاني من خرداد والمسائل المرتبطة بالتيار الإصلاحي والأصولي وأمثال هذه المواضيع، وقد أدركت طيلة هذه السنوات بعد نظره ودقته في مختلف المسائل.
اهتمام الإمام الخامنئي (دام ظله) باللغة والأدب
10ـ نحن نعلم أن سماحة القائد عادةً ما يبدي الامتعاض والانزعاج عند مدحه وتمجيده، وكنتم قد كتبتم شعراً في مدحه، فأولاً نود أن تقرأ لنا هذا الشعر، وثانياً نود أن نعرف رد فعل سماحته عليه.
كما أشرت سابقا كان الاهتمام باللغة والأدب الفارسي خاصة الشعر أحد الاهتمامات المشتركة بيني وبين سماحته. ومن بين الخصائص التي تميز بها سماحته وزادت من ارتباطه بالشعر والأدب هو كونه من أهل خراسان، واهتمامه وذوقه الخاص باللغة والأدب الفارسي، فكان في مرحلة شبابه كثير الاهتمام بقراءة الشعر ونقده والاستماع إلى أشعار الشعراء الكبار والمشاركة في المحافل والمنتديات الأدبية التي كانت تقام آنذاك في خراسان.
11ـ من هم هؤلاء الشعراء الكبار؟
دانش بزرگنيا، مؤيد ثابتي، ممن كانوا في سنه تقريبا، أو من هم أكبر سنا منه مثل المرحوم قدسي، المرحوم كمال وصاحبكار وقهرمان وباقرزاده، ولا زال سماحته على ارتباط مع الأحياء منهم حتى الآن. وعلى كل حال، كان سماحته يشارك في المنتديات والمحافل الأدبية في خراسان، يستمع فيها إلى نقد الشعر الذي كان شائعا آنذاك في هذه المحافل. وكان اهتمامه بالأدب والشعر وقابليته الشعرية سببا لزيادة ارتباطي بسماحته وفتحت بيننا أبوابا للبحث والنقاش في مثل هذه المواضيع وخاصة الشعر. فقد كان سماحته يعتبر الشعر جزءا من الفن، والفن هو الأساس لدوام الحقيقة وبقائها، ويعتبره الوسيلة التي تحول الحقيقة إلى نوع من الثقافة ثم يقوم بتثبيتها وتقويتها، ثم يعمل على نشرها بين أفراد المجتمع. وكان يهتم بالشعر والشعراء المبدعين ويسعى إلى دعمهم ومساندتهم نظراً لاهتمامه الشديد بالشعر، واطلاعه الواسع على أشعار الشعراء المعاصرين سواء الذين يكتبون بالأسلوب القديم أو الحديث، وتجربته للدور الاجتماعي والسياسي الذي لعبه الشعر في مرحلة النضال ضد الدكتاتورية. وأنتم تعلمون أن من بين الجلسات الثابتة التي كان سماحته يقيمها سنويا هي جلسته مع الشعراء خاصة الشباب في ليلة ولادة الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) في شهر رمضان المبارك، حيث كان يتناول الحاضرون في بداية الجلسة الإفطار ثم يقدم الشعراء ما لديهم من شعر، ثم تبث هذه الجلسة في التلفزيون. وكما قلتُ سابقا، المرة الأولى التي قرأت فيها الشعر أمام سماحته كانت بعد مضي حوالي شهرين أو ثلاثة أشهر من استشهاد أخي مجيد، بعد فترة طويلة من انقطاعي عن كتابة الشعر، لكن استشهاد أخي أثار في نفسي روحا جديدة صورتها لسماحته في هذه العبارات: «سيدي! هل سمعتم بحدوث زلزال في بعض المناطق نتيجة لارتعاشات شديدة في سطح الأرض، تظهر على أثرها عيون جديدة لم تكن موجودة سابقا؟ لقد ظهرت في نفسي عين من الشعر تغلي في داخلي. ورغم أني قد قلت شيئا من الشعر سابقا لكن استشهاد مجيد قد بث في نفسي روحا جديدة دفعتني لقول هذه الأبيات من الغزل»، فقرأت له هذه الأبيات وكانت على ما أظن ثلاثة عشر بيتا، مما جعله يشجعني دائما على كتابة الشعر، وقد قرأت لكم بيتين من هذا الرثاء، ومنها: «لطيف و ساده و شورآفرين، ولى زيبا/ ترانهاى به لب روزگار بودى تو»[12]، فأخذ سماحته نسخة من هذه الأبيات، وعندما زرته في المرة التالية، قال: «لقد وجدت عنوانا مناسبا لشعرك استخرجته من نفس الأبيات، اجعل عنوان هذه الأبيات (ترانهاي بر لب روزگار)»[13]، فهذا أفضل عنوان لهذا الشعر. بعد ذلك كنت أزوره مرة كل شهرين أو ثلاثة أشهر، أقرأ له فيها ما كنت أكتبه أحيانا من الشعر، وقد قال لي مرة: «عندما يتقدم الإنسان في العمر عادة ما تخفت قريحته الشعرية، لكنك وفلان (وذكر اسم شخص آخر) ما زالت قريحتكم الشعرية جيدة رغم بلوغكم هذه السن (42 و43 سنة)».
وبعد تولي سماحته قيادة الثورة أدركت أبعاداً جديدة في شخصيته من قدرة روحية ومعنوية وحنكة سياسية وصحة في التشخيص، مما زاد في شدة علاقتي وارتباطي به، فخطر في ذهني أن أكتب شعرا يمجد هذه الشخصية، خاصة وقد سبق أن كتبت شعرا عن بعض المقربين مني، فتساءلت في نفسي لماذا لا أكتب شعرا حول شخصية القائد مع كل هذا الحب والتقدير الذي أكنه له في نفسي؟ ولم أكن أروم أبدا من هذا الأمر أي نوع من الدعاية أو التملق والشهرة. فلا أحد يتوقع من الشخصيات العلمية والأكاديمية من أمثالي ممن يتعاملون مع جيل الشباب والجامعيين والمثقفين أن يكتب شعرا في مدح أحد السياسيين، فلا يتعجب أحد إن لم أكتب شعرا من هذا النوع، لكنهم يتعجبون إذا كتبت مثل هذا الشعر.
وكنت أدرك أن الطبقات المثقفة قد تصور هذا العمل بصورة المداهنة والتملق، لكني لم أذكر في هذا الشعر سوى ما اعتقده قلبي، وعبرت فيه عن حبي وارتباطي بشخصية سماحته، ورأيت أن من واجبي تأييد هذه الشخصية وعلى الإنسان العمل بواجباته. فكتبت شعرا في مدحه وقد أطلعته عليه في أحد لقاءات الرسمية معه، حيث قلت له في نهاية الجلسة: «سيدي! لقد كتبت شعرا في مدحكم، ولن أقرأه إلا بشرط، فأنا أعلم أنكم لا تحبون المدح من الآخرين خاصة بمثل هذا النوع من الشعر، لكني أرجو أن تخبروني عن رأيكم في هذا الشعر حسب المعايير الشعرية والأدبية بغض النظر عن الجوانب الأخلاقية والروحية والمعنوية لسماحتكم، فإن كان الشعر جيدا أقسم عليكم بالله عدم الطعن به مراعاة لجوانب شخصيتكم الأخلاقية والروحية والمعنوية»، حتى أني أتذكر بدقة أني استعملت هذا التعبير «أقسم عليكم بالله»، فتعجب سماحته من هذا الكلام ثم قال «حسنا!»، فقرأت الشعر، فقال لي: «حقا، كان شعرا جيدا لكن عيبه الوحيد أنك كتبته في حقي».
12ـ مع ذلك انتقد الشعر...
نعم، كما رجوته فصل سماحته بين المعايير الأدبية ورغبته الشخصية، وبعد أن استحسن الشعر وأيده، قلت: «إن كل شاعر يطلب حاجة في قبال الشعر الذي يلقيه، وأنا أطلب حاجة إزاء هذا الشعر»، فقال سماحته: «ماذا تريد؟»، قلت: «أريد إحدى العباءات التي ترتديها»، وبعد أسبوع أو اثنين اتصل بي الشيخ محمدي گلپايگاني وقال: «الظاهر أنكم كنتم قد طلبتم من سماحة القائد عباءة، فما هو قياسكم؟ حتى نوصي بخياطتها لكم».
إن هذه الحادثة تعود إلى العام: 1371ﻫ.ش ولا ترتبط أبدا بعلاقتي العائلية مع سماحته، ولم يكن هذا الأمر مطروحا فيها أبدا. ولم أنشر هذا الشعر حتى السنة الماضية في أي صحيفة أو مجلة، وإنما قرأته شفهيا أمام بعض المقربين فقط، ولم أكن أسعى لنشره، وطيلة هذه السنوات لم يتحدث سماحة القائد معي حول هذا الشعر أبداً. وفي أحد الأيام طرحتُ هذا الموضوع، فقال سماحته: «أشعر بحساسية شديدة تجاه هذا الموضوع حتى لا يتحول إلى نوع من المبالغة وعبادة الأشخاص ويؤدي إلى إشاعة هذه العيوب في المجتمع، حتى أني في أحد الأيام عندما بث التلفزيون شعرا في مدحي امتعضت بشدة وخرجت من الغرفة قبل أن يكتمل الشعر، ثم اتصلت بالمسؤولين في الإذاعة والتلفزيون وانتقدتهم على هذا الأمر وطلبت منهم عدم بث هذا الشعر مرة أخرى».
فقد كان سماحته حساسا بشدة تجاه هذا الموضوع، وأنا أيضا لما كنت قد كتبت هذا الشعر تعبيرا عن المشاعر التي كنت أحملها في قلبي لسماحته، لم أكن بحاجة لنشرها في أي مكان، لكن قبل حوالي سنتين اتصلت بي صحيفة جام جم وأخبروني أنهم بصدد إصدار عدد خاص بمناسبة الذكرى السنوية العشرين لتولي الإمام الخامنئي منصب قيادة الثورة، وطلبوا إجراء لقاء صحفي معي أتحدث فيه عن الأبعاد الثقافية في شخصية سماحته، وبالطبع امتد الحديث إلى المباحث الأدبية، وقد رأيت من المناسب نشر هذا الشعر في هذه الصحيفة، لأني في تلك الفترة لم أكن أرى سببا وجيها يمنعني من ذكر هذا الشعر، بل رأيت من واجبي نشر هذا الشعر خاصة بعد حملات التشويه والإجحاف الذي تعرض له سماحته خاصة العداء والحقد الذي أبداه البعض تجاه سماحته، وبعد ذلك تم نشر هذا الشعر في مختلف المواقع الالكترونية. وإني ألاحظ الآن انتشار هذا الشعر بين أبناء الثورة والمحبين للشعر والأدب والمحبين لسماحته ومريديه، وأحيانا يقرأه هذا الشخص أو ذاك.
13ـ والآن اقرأه لنا أنت.
حسنا، تقول هذه الأبيات:
اى دو چشـمانت چراغ شام يلداى همه آفـتاب صـورتت خورشيد فرداى همه
اى دل دريـايى ات كشتى نشينان را اميد اى دو چشـم روشنت فانوس درياي همه
خندههاى گاه گاهت خنده خورشيد صبح شـعله لرزان آهـت شـمع شبهاي همه
اى پيـام دلـنشينت بـارش بـاران نور وى كـلام آتـشينت آتـش نـاى همه
قـامـتت نـخل بـلند گلـشن آزادگى سرو سـرسبزي سـزاوار تماشاي همه
گر كسى از من نشانى از تو جويد گويمش خـانهاى در كوچه باغ دل، پذيراى همه
لالـهزار عمر يك دم بى گل رويت مباد اى گل رويـت بهار عالم آراى همه[14]
وكما تلاحظون خلا هذا الشعر من أي إسم لسماحته أو أي إشارة تدل عليه، وإنما كان خطابا له اختص بوصفه ومدحه.
فقائد الثورة الإسلامية كان يعيد إلى الشعب كل ما يقدم كهدية لسماحته.
يتبع
تعليق