بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم واهلك اعدائهم من الجن والانس من الاولين والاخرين
بقلم : جواد الحسين
تخيل أنك في الصف الأول من المعركة، وصوت الحسين العظيم ينادي: ألا هل من ناصر ينصرنا؟ وإنك كفرد مطلوب منك أن تجيب أو تستجيب لهذ النداء قبل أن تدبك سنابك الخيول على صدر الحسين العظيم، وعندما تصحو من هذه المخيلة، ومعركة الحسين قد انتهت مكانياً وزمانياً، ستكتشف أن الامتحان لم ينته، وأن نداء الحسين مازال حتى اللحظة يصرخ بالأجيال ويستحثها ويشعل جذوتها، لكي يبقى طريق الحق مفترقاً عن طريق الباطل، ولكي لا يبقى طريق الحق موحشاً لقلة سالكيه.. عندئذ ستكون نفسك هي من تطلب منك بصوتها الخفي أن تتخذ القرار.
ولكي أسهل لك مهمة اتخاذ القرار، إسمع هذه القصة التي لا يعرفها إلا القليل القليل، وقد حكاها لنا من عاش تفاصيلها، وهو رجل كبير السن، يقول:
في العام 1991 وبعد دخول قوات الحرس الجمهوري إلى مدينة كربلاء وقمعها الانتفاضة الشعبانية وضرب القبتين الحسينية والعباسية الشريفتين ، والدمار منتشر في كل مكان، والجثث منتشرة بين أنقاض البنايات، وآلة الموت الصدامية تسحق بجنازير الدبابات كل شيء يتحرك، والقوات المختصة وأجهزتها الرهيبة تسوق الآلاف من الشباب إلى المذابح..
كنا حوالي ثلاث سيارات، والأجهزة تأخذنا لا نعرف إلى أين، ولكن باتجاه الصحراء خارج كربلاء.
يقول: وفي الطريق وجدنا قوات أخرى، فحوّلوا مسارنا باتجاه طريق فرعي، وهناك أنزلونا في أرض مستوية، تحيط بها التلال، وبركلات الجنود والضرب بأخمص البنادق والشتائم القذرة، وجدنا أنفسنا وجهاً لوجه مع المجرم حسين كامل، فقلنا مع أنفسنا: هذه هي نهايتنا!
كان متغطرساً مشمئزا، وكنا نتقصد التحديق في التراب، لكي لا نرى بشاعة وجهه، ولكن بشاعة ألفاظه وعصبيته تجبرنا للنظر إليه، وفي كل لحظة نقول: سيصدر أمره بإطلاق النار علينا، ونعيد التشهد في كل لحظة، ثم قال ما خلاصته: من منكم مع صدام حسين، ومن منكم مع الحسين؟
يقول الرجل: إرتعدنا لهذه المقارنة، وعشرات من فوّهات البنادق مصوبة إلينا، ولم يطل تفكيرنا وخيارنا، حتى نهض شاب في حوالي السادسة عشرة من عمره، وقال بصوت جريء وثابت: أنا مع الحسين!
فقال له المجرم حسين كامل: إذهب وقف هناك!
ثم ساد صمت رهيب، وكان المجرم يتخطى فوق رقابنا ويتبختر، ثم رفع يده فاندفع أحد كلابه وناوله بندقية، وهيأها للرمي، فسددها باتجاه الشاب وأفرغ فيه طلقات البندقية كاملة، فسقط الشاب مضرجاً بدمائه، ثم عاد والتفت إلينا وأعاد سؤاله ثانية: من منكم مع صدام حسين، ومن منكم مع الحسين؟
فنهض شاب آخر بعمر الأول تقريباً وقال: أنا مع الحسين.
فقال له المجرم: إذهب وقف هناك بجانب تلك الجيفة (وطبعاً كان يقصد الشهيد الذي أطلق النار عليه قبل قليل).
فذهب الشاب بخطوات ثابتة، ولكن قبل أن يصل أطلق عليه النار، وسقط هو الآخر مضرّجاً بدمه.
يقول الرجل: كان حسين كامل مرعوباً، رغم أنه هو الآمر الناهي، ولم يكرر السؤال، كيلا يتفاجأ بأن الجميع يمكن أن يكونوا مع الحسين.
يقول الرجل: ثم انهال علينا بأقذع الشتائم والسباب في أعراضنا وشرفنا ونسائنا.. ثم قال لنا: يله ولّوا، أي اذهبوا!
يقول الرجل: لم نصدق كلماته الأخيرة إلا حين انهالت علينا الركلات ثانية، فنهضنا بأسرع ما يمكن، وهرولنا على غير هدى، ونحن نتلفت مذعورين، ونتفرّس في وجهي الشهيدين لكي نحفظ ملامحهما جيدا، ولكي نعرف على الأقل من هما؟
يقول الرجل ساخراً من نفسه: ذهبنا نحن جماعة صدام حسين إلى بيوتنا، وفي الليل في عالم الرؤيا رأيت الحسين العظيم قادما، ومن خلفه الشهداء بكل مهابة على خيولهم البيضاء، فتوقف الإمام الحسين عند الشهيد الثاني، فترجل وقبل الشهيد وحمله ووضعه على فرسه، ثم قال للشهداء: هذا الرجل يدفن معي في الضريح.
ثم خطى باتجاه الشهيد الذي قتل أولاً، وقبله أيضاً وحمله على فرس أحد الشهداء وقال: أما هذا فيدفن مع الشهداء في ضريحهم.
فسأله أحد الشهداء: لماذا يا سيدي والاثنان استشهدا في سبيل الله؟
فأجاب الإمام: نعم، الاثنان استشهدا في سبيل الله، ولكن الثاني رأى الموت بعينيه وقال: أنا مع الحسين!
اسالكم الدعاء
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم واهلك اعدائهم من الجن والانس من الاولين والاخرين
بقلم : جواد الحسين
تخيل أنك في الصف الأول من المعركة، وصوت الحسين العظيم ينادي: ألا هل من ناصر ينصرنا؟ وإنك كفرد مطلوب منك أن تجيب أو تستجيب لهذ النداء قبل أن تدبك سنابك الخيول على صدر الحسين العظيم، وعندما تصحو من هذه المخيلة، ومعركة الحسين قد انتهت مكانياً وزمانياً، ستكتشف أن الامتحان لم ينته، وأن نداء الحسين مازال حتى اللحظة يصرخ بالأجيال ويستحثها ويشعل جذوتها، لكي يبقى طريق الحق مفترقاً عن طريق الباطل، ولكي لا يبقى طريق الحق موحشاً لقلة سالكيه.. عندئذ ستكون نفسك هي من تطلب منك بصوتها الخفي أن تتخذ القرار.
ولكي أسهل لك مهمة اتخاذ القرار، إسمع هذه القصة التي لا يعرفها إلا القليل القليل، وقد حكاها لنا من عاش تفاصيلها، وهو رجل كبير السن، يقول:
في العام 1991 وبعد دخول قوات الحرس الجمهوري إلى مدينة كربلاء وقمعها الانتفاضة الشعبانية وضرب القبتين الحسينية والعباسية الشريفتين ، والدمار منتشر في كل مكان، والجثث منتشرة بين أنقاض البنايات، وآلة الموت الصدامية تسحق بجنازير الدبابات كل شيء يتحرك، والقوات المختصة وأجهزتها الرهيبة تسوق الآلاف من الشباب إلى المذابح..
كنا حوالي ثلاث سيارات، والأجهزة تأخذنا لا نعرف إلى أين، ولكن باتجاه الصحراء خارج كربلاء.
يقول: وفي الطريق وجدنا قوات أخرى، فحوّلوا مسارنا باتجاه طريق فرعي، وهناك أنزلونا في أرض مستوية، تحيط بها التلال، وبركلات الجنود والضرب بأخمص البنادق والشتائم القذرة، وجدنا أنفسنا وجهاً لوجه مع المجرم حسين كامل، فقلنا مع أنفسنا: هذه هي نهايتنا!
كان متغطرساً مشمئزا، وكنا نتقصد التحديق في التراب، لكي لا نرى بشاعة وجهه، ولكن بشاعة ألفاظه وعصبيته تجبرنا للنظر إليه، وفي كل لحظة نقول: سيصدر أمره بإطلاق النار علينا، ونعيد التشهد في كل لحظة، ثم قال ما خلاصته: من منكم مع صدام حسين، ومن منكم مع الحسين؟
يقول الرجل: إرتعدنا لهذه المقارنة، وعشرات من فوّهات البنادق مصوبة إلينا، ولم يطل تفكيرنا وخيارنا، حتى نهض شاب في حوالي السادسة عشرة من عمره، وقال بصوت جريء وثابت: أنا مع الحسين!
فقال له المجرم حسين كامل: إذهب وقف هناك!
ثم ساد صمت رهيب، وكان المجرم يتخطى فوق رقابنا ويتبختر، ثم رفع يده فاندفع أحد كلابه وناوله بندقية، وهيأها للرمي، فسددها باتجاه الشاب وأفرغ فيه طلقات البندقية كاملة، فسقط الشاب مضرجاً بدمائه، ثم عاد والتفت إلينا وأعاد سؤاله ثانية: من منكم مع صدام حسين، ومن منكم مع الحسين؟
فنهض شاب آخر بعمر الأول تقريباً وقال: أنا مع الحسين.
فقال له المجرم: إذهب وقف هناك بجانب تلك الجيفة (وطبعاً كان يقصد الشهيد الذي أطلق النار عليه قبل قليل).
فذهب الشاب بخطوات ثابتة، ولكن قبل أن يصل أطلق عليه النار، وسقط هو الآخر مضرّجاً بدمه.
يقول الرجل: كان حسين كامل مرعوباً، رغم أنه هو الآمر الناهي، ولم يكرر السؤال، كيلا يتفاجأ بأن الجميع يمكن أن يكونوا مع الحسين.
يقول الرجل: ثم انهال علينا بأقذع الشتائم والسباب في أعراضنا وشرفنا ونسائنا.. ثم قال لنا: يله ولّوا، أي اذهبوا!
يقول الرجل: لم نصدق كلماته الأخيرة إلا حين انهالت علينا الركلات ثانية، فنهضنا بأسرع ما يمكن، وهرولنا على غير هدى، ونحن نتلفت مذعورين، ونتفرّس في وجهي الشهيدين لكي نحفظ ملامحهما جيدا، ولكي نعرف على الأقل من هما؟
يقول الرجل ساخراً من نفسه: ذهبنا نحن جماعة صدام حسين إلى بيوتنا، وفي الليل في عالم الرؤيا رأيت الحسين العظيم قادما، ومن خلفه الشهداء بكل مهابة على خيولهم البيضاء، فتوقف الإمام الحسين عند الشهيد الثاني، فترجل وقبل الشهيد وحمله ووضعه على فرسه، ثم قال للشهداء: هذا الرجل يدفن معي في الضريح.
ثم خطى باتجاه الشهيد الذي قتل أولاً، وقبله أيضاً وحمله على فرس أحد الشهداء وقال: أما هذا فيدفن مع الشهداء في ضريحهم.
فسأله أحد الشهداء: لماذا يا سيدي والاثنان استشهدا في سبيل الله؟
فأجاب الإمام: نعم، الاثنان استشهدا في سبيل الله، ولكن الثاني رأى الموت بعينيه وقال: أنا مع الحسين!
اسالكم الدعاء
تعليق