احتجاج أمير المؤمنين بأحقيته
أنا أحق بهذا الأمر منه و أنتم أولى بالبيعة لى، أخذتم هذا الأمر من الأنصار و احتججتم عليهم بالقرابة من الرسول و تأخذونه منا أهل البيت غصبا، ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لمكانكم من رسول الله(ص) فاعطوكم المقادة و سلموا لكم الإمارة، و أنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار، أنا أولى برسول الله حيا و ميتا، و أنا وصيه و وزيره و مستودع سره و علمه، و أنا الصديق الأكبر و الفاروق الأعظم، أول من آمن به و صدقه، و أحسنكم بلاء فى جهاد المشركين و أعرفكم بالكتاب و السنة و أفقهكم فى الدين و أعلمكم بعواقب الأمور، و أذربكم لسانا (1) و أثبتكم جنانا، فعلام تنازعونا هذا الأمر؟ أنصوفنا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم، و أعرفوا لنا الأمر مثل ما عرفته لكم الأنصار، و إلا فبوءوا بالظلم و العدوان و أنتم تعلمون .
فقال عمر: يا على أما لك بأهل بيتك اسوة؟
فقال على(ع): سلوهم عن ذلك، فابتدر القوم الذين بايعوا من بنىهاشم فقالوا: و الله ما بيعتنا لكم بحجة على على، و معاذ الله أن نقول إنا نوازيه فى الهجرة و حسن الجهاد و المحل من رسول الله(ص).
فقال عمر: إنك لست متروكا حتى تبايع طوعا أو كرها.
فقال على عليه السلام إحلب حلبا لك شطره، اشدد له اليوم ليرد عليك غدا، إذا و الله لا أقبل قولك و لا أحفل بمقامك و لا ابايع فقال أبو بكر: مهلا يا أبا الحسن ما نشك فيك و لا نكرهك.
فقام أبوعبيدة إلى على عليه السلام فقال: يابن عم لسنا ندفع قرابتك و لا سابقتك و لا علمك و لا نصرتك و لكنك حدث السن ـ و كان لعلى عليه السلام يومئذ ثلاث و ثلاثون سنة ـ و أبو بكر شيخ من مشايخ قومك، و هو أحمل لثقل هذا الأمر، و قد مضى الأمر بما فيه فسلم له، فإن عمرك الله يسلموا هذا الأمر إليك، و لا يختلف فيك اثنان بعد هذا إلا و أنت به خليق و له حقيق، و لا تبعث الفتنة فى أوان الفتنة فقد عرفت ما فى قلوب العرب و غيرهم عليك.
فقال امير المؤمنين عليه السلام: يا معاشر المهاجرين و الأنصار الله الله لا تنسوا عهد نبيكم إليكم فى أمرى، و لا تخرجوا سلطان محمد من داره و قعر بيته إلى دوركم و قعر بيوتكم، و لا تدفعوا أهله عن حقه و مقامه فى الناس.
فو الله معاشر الجمع إن الله قضى و حكم و نبيه أعلم و أنتم تعلمون بأنا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم، أما كان القارىء منكم لكتاب الله الفقيه فى دين الله المضطلع بأمر الرعية، و الله إنه لفينا لا فيكم فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا و تفسدوا قديمكم بشر من حديثكم.
فقال بشير بن سعد الأنصارى الذى وطأ الارض لأبىبكر و قالت جماعة من الأنصار: يا أبا الحسن لو كان هذا الامر سمعته منك الأنصار قبل بيعتها لأبى بكر ما اختلف فيك اثنان.
فقال على عليه السلام: يا هؤلاء كنت أدع رسول الله مسجى لا أواريه و أخرج انازع فى سلطانه، و الله ما خفت أحدا يسمو له و ينازعنا أهل البيت فيه و يستحل ما استحللتموه، و لاعلمت أن رسول الله(ص) ترك يوم غدير خم لأحد حجة و لا لقائل مقالا، فأنشد الله رجلا سمع النبى يوم غدير خم يقول: «من كنت مولاه فهذا على مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله» أن يشهد الآن بما سمع.
قال زيد بن أرقم: فشهد إثنا عشر رجلا بدريا بذلك و كنت ممن سمع القول من رسول الله(ص) فكتمت الشهادة يومئذ، فدعا على على فذهب بصرى.
قال: و كثر الكلام فى هذا المعنى و ارتفع الصوت و خشى عمر أن يصغى الناس إلى قول على عليه السلام، ففسح المجلس و قال: إن الله يقلب القلوب، ولا تزال يا أبا الحسن ترغب عن قول الجماعة، فانصرفوا يومهم ذلك.
تعليقة:
(1) الذرب ككتف.حديدة الاسكاف التى يقطع بها، و ذرب اللسان: حديده.
الاحتجاج ج 1
ابي منصور احمد بن علي بن ابي طالب الطبرسي
أنا أحق بهذا الأمر منه و أنتم أولى بالبيعة لى، أخذتم هذا الأمر من الأنصار و احتججتم عليهم بالقرابة من الرسول و تأخذونه منا أهل البيت غصبا، ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لمكانكم من رسول الله(ص) فاعطوكم المقادة و سلموا لكم الإمارة، و أنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار، أنا أولى برسول الله حيا و ميتا، و أنا وصيه و وزيره و مستودع سره و علمه، و أنا الصديق الأكبر و الفاروق الأعظم، أول من آمن به و صدقه، و أحسنكم بلاء فى جهاد المشركين و أعرفكم بالكتاب و السنة و أفقهكم فى الدين و أعلمكم بعواقب الأمور، و أذربكم لسانا (1) و أثبتكم جنانا، فعلام تنازعونا هذا الأمر؟ أنصوفنا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم، و أعرفوا لنا الأمر مثل ما عرفته لكم الأنصار، و إلا فبوءوا بالظلم و العدوان و أنتم تعلمون .
فقال عمر: يا على أما لك بأهل بيتك اسوة؟
فقال على(ع): سلوهم عن ذلك، فابتدر القوم الذين بايعوا من بنىهاشم فقالوا: و الله ما بيعتنا لكم بحجة على على، و معاذ الله أن نقول إنا نوازيه فى الهجرة و حسن الجهاد و المحل من رسول الله(ص).
فقال عمر: إنك لست متروكا حتى تبايع طوعا أو كرها.
فقال على عليه السلام إحلب حلبا لك شطره، اشدد له اليوم ليرد عليك غدا، إذا و الله لا أقبل قولك و لا أحفل بمقامك و لا ابايع فقال أبو بكر: مهلا يا أبا الحسن ما نشك فيك و لا نكرهك.
فقام أبوعبيدة إلى على عليه السلام فقال: يابن عم لسنا ندفع قرابتك و لا سابقتك و لا علمك و لا نصرتك و لكنك حدث السن ـ و كان لعلى عليه السلام يومئذ ثلاث و ثلاثون سنة ـ و أبو بكر شيخ من مشايخ قومك، و هو أحمل لثقل هذا الأمر، و قد مضى الأمر بما فيه فسلم له، فإن عمرك الله يسلموا هذا الأمر إليك، و لا يختلف فيك اثنان بعد هذا إلا و أنت به خليق و له حقيق، و لا تبعث الفتنة فى أوان الفتنة فقد عرفت ما فى قلوب العرب و غيرهم عليك.
فقال امير المؤمنين عليه السلام: يا معاشر المهاجرين و الأنصار الله الله لا تنسوا عهد نبيكم إليكم فى أمرى، و لا تخرجوا سلطان محمد من داره و قعر بيته إلى دوركم و قعر بيوتكم، و لا تدفعوا أهله عن حقه و مقامه فى الناس.
فو الله معاشر الجمع إن الله قضى و حكم و نبيه أعلم و أنتم تعلمون بأنا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم، أما كان القارىء منكم لكتاب الله الفقيه فى دين الله المضطلع بأمر الرعية، و الله إنه لفينا لا فيكم فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا و تفسدوا قديمكم بشر من حديثكم.
فقال بشير بن سعد الأنصارى الذى وطأ الارض لأبىبكر و قالت جماعة من الأنصار: يا أبا الحسن لو كان هذا الامر سمعته منك الأنصار قبل بيعتها لأبى بكر ما اختلف فيك اثنان.
فقال على عليه السلام: يا هؤلاء كنت أدع رسول الله مسجى لا أواريه و أخرج انازع فى سلطانه، و الله ما خفت أحدا يسمو له و ينازعنا أهل البيت فيه و يستحل ما استحللتموه، و لاعلمت أن رسول الله(ص) ترك يوم غدير خم لأحد حجة و لا لقائل مقالا، فأنشد الله رجلا سمع النبى يوم غدير خم يقول: «من كنت مولاه فهذا على مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله» أن يشهد الآن بما سمع.
قال زيد بن أرقم: فشهد إثنا عشر رجلا بدريا بذلك و كنت ممن سمع القول من رسول الله(ص) فكتمت الشهادة يومئذ، فدعا على على فذهب بصرى.
قال: و كثر الكلام فى هذا المعنى و ارتفع الصوت و خشى عمر أن يصغى الناس إلى قول على عليه السلام، ففسح المجلس و قال: إن الله يقلب القلوب، ولا تزال يا أبا الحسن ترغب عن قول الجماعة، فانصرفوا يومهم ذلك.
تعليقة:
(1) الذرب ككتف.حديدة الاسكاف التى يقطع بها، و ذرب اللسان: حديده.
الاحتجاج ج 1
ابي منصور احمد بن علي بن ابي طالب الطبرسي