يحكى بأن صديقين كانايعبران الصحراء القاحلة وخلال رحلتهما حدث بينهما شجار انتهى بأن ضرب أحدهما الآخرعلى وجهه.. تألم الصديق الذي ضُرب وجهه و بدون أن يقول أي كلمة كتب على الرمل"ضربني أعز صديق على وجهي"
وبعدها تابعاطريقهما حتى وصلا إلى واحة غنّاء فقررا الإستحمام في البحيرة ،فوقع الصديق الذي ضُرب في الطين وكاد أن يغرق إلا أن صديقه بادر بشجاعة وأنقذه ..وبعدما تمالك الغريق نفسه والتقط أنفاسه حفر على الصخرة"اليوم أنقذ صديقي حياتي"
تعجب صديقه وسأله لماذا في المرة الأولى كتبت على الرمل وفي الثانية نقشت على الصخر؟؟
فأجابه ببيتين من الشعر:
كتبت على الرمل أنـــــــــــــك آذيتني......حتى تجيء الرياح فتزيلهافأنساها
ونقشت على الصخر أنك أنقذتني......حتى تبقى دائما فلاأنســــــــــاها!
نعم لقد إختار الصديق نسيان الأذية وقرر التسامح مع صديقه..
لكن ماهو التسامح:
هو أن ننسى الماضي الأليم بكامل إرادتنا, إنه القرار بألا نعاني أكثر من ذلك وأن تعالج قلبك وروحك.إنه اختيار بألا يوجد قيمةللكره, أو الغضب , وإنه التخلى عن الرغبة في إيذاءالآخرين..
بسبب شيئ ماقد حدث في الماضي..
قال جيرالد جامبولكسي في كتابه التسامح أقوى علاج على الإطلاق:
قوة الحب والتسامح في حياتنا يمكن أن تصنع المعجزات.
القرار بعدم التسامح هو قرار بالمعاناة .
التسامح هو أقوى علاج على الإطلاق.
لكي أصبح سعيدا ًفما علي إلا أن أتخلى عن إصدارالأحكام.
فمادام للتسامح كل هذه القوة والميزات والفوائد فلماذا لا يتسامح كثير منا في مواقف كثيرةومع أشخاص كثر؟!
إنهاالمعتقدات الشائعة والبرمجة السلبية التي تجعلنا نفكر بصوت داخلي ونقوللأنفسنا:
هذا الشخص قدآذاك بالفعل فيستحق غضبك , ويستحق ألا يشعر بحبك نحوه, وكذلك يستحق أي عقاب آخر!
لا تكن أحمقاً, فإذا سامحت, سيكرر هذا الشخص نفس الفعل الذي ضايقك مرات ومرات .
إذا سامحت فأنت ضعيف !
إذا سامحت ذلك الشخص , فكأنك وافقته على فعله هذا.
إن تسامحك مع من آذوك يعد غباءً شديداً.
هذه وغيرها من العبارات التي انطبعت وتبرمجت في عقولنا الباطنة تشكل سداً منيعاً أمام قدرتنا على التسامح فنبتلى بالحقد والكره والغيرة وهي من أشد الآفات فتكاً بالفرد والمجتمع،فنرى الإسلام عني بهذه الناحية.. يقول الله تعالى داعياً للتسامح(فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
...
ومع تقدم العلوم النفسية والطبية اليوم أصبح من المعروف والمؤكد مايسببه عدم التسامح من آثار سلبية خطيرةعلينا.
الصداع ،آلام الظهر،آلام الرقبة،آلام المعدة وأعراض القرحة ،الاكتئاب، التوتر والانفعال،الأرق والقلق،الخوف(الخوف غير المرتبط بأي حادث معين) ،التعاسة.
وهنا قديسأل البعض من أسامح ؟
عليك أولاً أن تسامح نفسك وتغفر خطاياك في الماضي وتعتبر من تجاربك وتعيش يومك. سامح عائلتك وأفراد أسرتك فهم يعاملوك بما لديهم من برامج عقليةوقناعات ذاتية ولو استطاعوا لعاملوك بأفضل من ذلك!
سامح أصدقاءك في العمل وانتقل من تفكير الشح إلى تفكير الوفرة والمنفعة للجميع..
كم من الوقت نستغرقه في التسامح؟
إن ذلك يتوقف على معتقداتك فلو كنت تعتقد أن ذلك لن يحدث أبداً
فإنه لن يحدث أبداً،وإذا كنت تعتقد أن الأمر سيستغرق ستة أشهر فسيستغرق ستة أشهر،إذا كنت تعتقدأن ذلك لن يستغرق ثانية فإنه لن يستغرق أكثر من ذلك!!
تذكر بأن التسامح هو اختيار, وليس مفروضاً عليك أن تسامح أو تؤمن بالتسامح, لكن ابذل قصارى جهدك في النظر إلى نتائج اختيار التسامح أو عدم التسامح.
اجعل راحة البال هي هدفك الوحيد وليس تغيير الآخرين أو معاقبتهم. أدرك قوة التسامح وماتعطيك من صحة في الجسد وصفاء في الذهن وقوة في الطاقة!
اتخذ القرار الآن واتصل بكل من عاديته وقل له سامحتك.. فبصفحك عن الشخص الآخر إنما تسامح نفسك!
تعليق