في فضائل الامام علي بن ابي طالب
(عليه السلام)
وهي كثيرة عظيمة شهيرة، حتّى قال أحمد: ما جاء لأحد من الفضائل مثل ما جاء لعليّ.(عليه السلام)
وقال إسماعيل القاضي والنسائي وأبو علي النيسابوري: لم يرد في حقّ أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان، أكثر ممّا جاء في علي (عليه السلام).
وقال بعض المتأخرين من ذريّة أهل البيت النبوي: وسبب ذلك ـ والله أعلم ـ أن الله تعالى أطلع نبيّه على ما يكون بعده مما ابتلي به علي، وما وقع من الاختلاف لما آل إليه أمر الخلافة، فاقتضى ذلك نصح الأمة بإشهاره بتلك الفضائل لتحصل النجاة لمن تمسّك به ممّن بلغته.
ثمّ لمّا وقع ذلك الاختلاف والخروج عليه، نشر من سمع من الصحابة تلك الفضائل، وبثّها نصحاً للأمة أيضاً، ثم لما اشتدّ الخطب واشتغلت طائفة من بني أميّة بتنقيصه وسبّه على المنابر، ووافقهم الخوارج، لعنهم الله، بل قالوا بكفره، اشتغلت جهابذة الحفاظ من أهل السنة(6) ببث فضائله حتى كثرت، نصحاً للأمة ونصرة للحق.
ثم أعلم أنه سيأتي في فضائل أهل البيت أحاديث مستكثرة من فضائله، فلتكن منك على ذكر، وقد اقتصرتُ هنا على أربعين حديثاً لأنها من غرر فضائله:
الحديث الأول:
أخرج الشيخان عن سعد بن أبي وقاص وأحمد البزّاز، عن أبي سعيد الخدري، والطبراني عن أسماء بنت عميس، وأمّ سلمة، وحبيش بن جنادة، وابن عمر، وابن عباس، وجابر بن سمرة، وعلي، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خلّف علي بن أبي طالب (عليه السلام) في غزوة تبوك فقال: يا رسول الله تخلّفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبيّ بعدي.
الحديث الثاني:
أخرج الشيخان أيضاً عن سهل بن سعد، والطبراني عن ابن عمر، وابن أبي ليلى وعمران بن حصين، والبزاز، عن ابن عباس: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فبات الناس يذكرون ـ أي يخوضون ويتحدثّون ليلتهم ـ أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كلّهم يرجو أن يُعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: يشتكي عينيه، قال: أرسلوا إليه، فأتِي به، فبصق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عينيه ودعا له فبرىء حتى كان كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية.
وأخرج الترمذي عن عائشة: كانت فاطمة أحبّ الناس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وزوجها علي أحبّ الرجال إليه.
الحديث الثالث:
أخرج مسلم، عن سعد بن أبي وقاص قال: لمّا نزلت هذه الآية: (ندع أبناءنا وأبناءكم)(7) دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً وفاطمة حسناً وحسيناً، فقال: اللهم هؤلاء أهلي.
الحديث الرابع:
قال (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم غدير خم: (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه) الحديث.
وإنه رواه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثون صحابياً، وإن كثيراً من طرقه صحيح أو حسن.
وروى البيهقي أنه ظهر علي من البعد، فقال رسول الله: هذا سيّد العرب، فقالت عائشة: ألست سيّد العرب؟ فقال: أنا سيّد العالمين وهو سيّد العرب.
ورواه الحاكم في صحيحه عن ابن عباس بلفظ: أنا سيّد ولد آدم وعليّ سيّد العرب. وقال: إنّه صحيح.
الحديث الخامس:
أخرج الترمذي والحاكم وصححه عن بريدة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله أمرني بحب أربعة، وأخبرني أنه يحبّهم، قيل: يا رسول الله سمهم لنا، قال: «علي منهم ـ يقول ذلك ثلاثاً ـ وأبو ذر والمقداد وسلمان».
الحديث السادس:
أخرج أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، عن حبيش بن جنادة قال: قال رسول الله: عليّ منّي وأنا من علي، ولا يؤديّ عنّي إلاّ أنا وعلي.
الحديث السابع:
أخرج الترمذي عن ابن عمر: آخى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بين أصحابه فجاء عليّ تدمع عيناه، فقال: يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخِ بيني وبين أحد؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم: أنت أخي في الدنيا والآخرة.
الحديث الثامن:
أخرج مسلم عن علي قال: والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة أنه لعهد النبي الأمي إلى أنه لا يحبني إلاّ مؤمن ولا يبغضني إلاّ منافق.
وأخرج الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: كنا نعرف المنافقين ببغضهم عليّاً.
الحديث التاسع:
أخرج البزاز والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله، والطبراني والحاكم والعقيلي في الضعفاء وابن عدي عن ابن عمر، والترمذي والحاكم عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنا مدينة العلم وعلي بابها.
وفي رواية: فمن أراد العلم فيأت الباب.
وفي أخرى عن الترمذي عن علي: أنا دار الحكمة وعلي بابها.
وفي أخرى عن ابن عدي: علي باب علمي.
وبالغ الحاكم على عادته، وقال: إن الحديث صحيح وصوّب بعض محقّقي المتأخّرين المطّلعين على الحديث أنه حديث حسن.
الحديث العاشر:
أخرج الحاكم وصححه عن علي قال: «بعثني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى اليمن، فقلت: يا رسول الله بعثتني وأنا شاب أقضي بينهم لا أدري ما القضاء؟! فضرب صدري بيده ثم قال: اللهم اهدِ قلبه وثبّت لسانه، فوالذي فلق الحبّة ما شككتُ في قضاء بين اثنين».
قيل: «وسبب قوله: أقضاكم علي، إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان جالساً مع جماعة من أصحابه، فجاءه خصمان فقال أحدهما: يا رسول الله إن لي حماراً وإن لهذا بقرة وإن بقرته قد قتلت حماري، فبدأ رجل من الحاضرين فقال: لا ضمان على البهائم، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): اقضِ بينهما يا علي، فقال علي لهما: أكانا مرسلين أم مشدودين أم أحدهما مشدوداً والآخر مرسلاً؟ فقالا: كان الحمار مشدوداً والبقرة مرسلة وصاحبها معها، فقال: على صاحب البقرة ضمان الحمار. فأقرّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حكمه وأمضى قضاءه».
الحديث الحادي عشر:
أخرج ابن سعد عن علي أنه قيل له: ما لك أكثر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حديثاً؟ قال: «إني كنت إذا سألته أنبأني وإذا سكتُّ ابتدأني».
الحديث الثاني عشر:
أخرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف على جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله: «الناس من شجر شتّى وأنا وعلي من شجرة واحدة».
الحديث الثالث عشر:
أخرج البزار عن سعد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ: «لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك».
الحديث الرابع عشر:
أخرج الطبراني والحاكم وصحّحه، عن أمّ سلمة قالت: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا غضب لم يجترئ أحد أن يكلّمه إلاّ علي».
الحديث الخامس عشر:
أخرج الطبراني والحاكم، عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «النظر إلى عليّ عبادة»، إسناده حسن.
الحديث السادس عشر:
أخرج أبو يعلى والبزاز عن سعد بن أبي وقاص، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من آذى عليّاً فقد آذاني»(8).
الحديث السابع عشر:
أخرج الطبراني بسند حسن، عن أم سلمة، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من أحبّ علياً فقد أحبّني، ومن أحبّني فقد أحبّ الله، ومن أبغض عليّاً فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله».
الحديث الثامن عشر:
أخرج أحمد والحاكم وصحّحه، عن أم سلمة، قال: سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «من سبّ علياً فقد سبّني»(9).
الحديث التاسع عشر:
أخرج أحمد والحاكم بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعليّ: «إنك تقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله».
الحديث العشرون:
أخرج البزاز وأبو يعلى والحاكم عن عليّ قال: «دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: إن فيك مثلاً من عيسى، أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبّته النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذي ليس به، ألا وإنه يهلك فيّ اثنان: محبّ مفرط يقرضني بما ليس في، ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني».
الحديث الحادي والعشرون:
أخرج الطبراني في الأوسط، عن أمّ سلمة قالت: «سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: علي مع القرآن والقرآن مع علي، لا يفترقان حتّى يردا عليَّ الحوض».
الحديث الثاني والعشرون:
أخرج أحمد والحاكم بسند صحيح عن عمّار بن ياسر: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي: أشقى الناس رجلان أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا علي على هذه – يعني قرنه- حتى يبلّ منه هذه ـ يعني لحيته ــ.
وقد ورد ذلك من حديث علي وصهيب وجابر بن سمرة وغيرهم.
أخرج أبو يعلى عن عائشة، قالت: «رأيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) التزم علياً وقبله وهو يقول: بأبي الوحيد الشهيد».
وروى الطبراني وأبو يعلى بسند رجاله ثقاة إلاّ واحد منهم فإنه موثق أيضاً: إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له يوماً من أشقى الأولّين؟ قال: الذي عقر الناقة يا رسول الله، قال: صدقت، قال: فمن أشقى الآخرين؟ قال: لا علم لي يا رسول الله. قال: الذي يضربك على هذه ـ وأشار(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى يافوخه ــ.
فكان عليّ (عليه السلام) يقول لأهل العراق ـ أي عند تضجّره منهم ـ: (وددتُ أنه قد انبعث أشقاكم فخضب هذه ـ يعني لحيته ـ من هذه) ووضع يده على مقدم رأسه.
وصحّ أيضاً أن ابن سلام قال له: «لا تقدم العراق فإني أخشى أن يصيبك بها ذباب السيف، فقال علي: وأيم الله لقد أخبرني به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)».
قال أبو الأسود: فما رأيتُ كاليوم قطّ محارباً يخبر بذا عن نفسه.
الحديث الثالث والعشرون:
أخرج الحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري قال: «اشتكى الناس علياً فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فينا خطيباً فقال: لا تشكو علياً فوالله إنه لأخيشن في ذات الله وفي سبيل الله».
الحديث الرابع والعشرون:
أخرج أحمد والضياء، عن زيد بن أرقم: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إني أمرت بسدّ هذه الأبواب غير باب علي، فقال فيه قائلكم، وإني والله ما سددتُ شيئاً ولا فتحته ولكني أمرت بشيء فاتبعته».
الحديث الخامس والعشرون:
أخرج الترمذي والحاكم عن عمران بن حصين: «أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ما تريدون من علي؟! ما تريدون من علي؟! ما تريدون من علي؟! إنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي».
الحديث السادس والعشرون:
أخرج الطبراني عن ابن مسعود: «إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن الله تبارك وتعالى أمرني أن أزوّج فاطمة من عليّ».
الحديث السابع والعشرون:
أخرج الطبراني عن جابر، والخطيب عن ابن عباس: «إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن الله جعل ذريّة كل نبي في صلبه، وجعل ذريّتي في صلب علي بن أبي طالب».
الحديث الثامن والعشرون:
أخرج الديلمي عن عائشة: «أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: خير إخوتي علي وخير أعمامي حمزة».
الحديث التاسع والعشرون:
أخرج الديلمي أيضاً عن عائشة، والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس: «أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: السبق ثلاثة: فالسابق إلى موسى يوشع بن نون، والسابق إلى عيسى صاحب يس، والسابق إلى محمد علي بن أبي طالب».
الحديث الثلاثون:
أخرج ابن النجار عن ابن عباس: «أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الصدّيقون ثلاثة: حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجّار صاحب يس، وعلي بن أبي طالب».
الحديث الحادي والثلاثون:
أخرج أبو نعيم وابن عساكر عن أبي ليلى: «أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الصدّيقون ثلاثة: حبيب النجّار، ومؤمن آل يس، قال: يا قوم اتّبعوا المرسلين، وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربّي الله، وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم».
الحديث الثاني والثلاثون:
أخرج الخطيب عن أنس: «إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: عنوان صحيفة المؤمن حُبُّ عليّ بن أبي طالب».
الحديث الثالث والثلاثون:
أخرج الحاكم عن جابر: «إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: علي إمام البررة وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله».
الحديث الرابع والثلاثون:
أخرج الدارقطني في الأفراد عن ابن عباس: «أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: علي باب حطّة، من دخل منه كان مؤمناً، ومن خرج منه كان كافراً».
الحديث الخامس والثلاثون:
أخرج الخطيب عن البراء، والديلمي عن ابن عباس: «أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: علي منّي بمنزلة رأسي من بدني».
الحديث السادس والثلاثون:
أخرج البيهقي والديلمي عن أنس: «أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: علي يزهو في الجنّة ككوكب الصبح لأهل الدنيا».
الحديث السابع والثلاثون:
أخرج ابن عدي عن علي: «أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: علي يعسوب المؤمنين والمال يعسوب المنافقين».
الحديث الثامن والثلاثون:
أخرج البزاز عن أنس: «أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: علي يقضي دَيْني».
الحديث التاسع والثلاثون:
أخرج الترمذي والحاكم: «أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن الجنّة لتشتاق إلى ثلاثة: عليّ وعمّار وسلمان».
الحديث الأربعون:
أخرج الشيخان عن سهل: «أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجد علياً مضطجعاً في المسجد وقد سقط رداؤه عن شقه فأصابه تراب، فجعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يمسحه ويقول: قم أبا تراب، فلذلك كانت هذه الكنية أحب الكنى إليه، لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كناه بها».
وأخرج النسائي والحاكم عن علي: «أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن كل نبي أعطِي سبعة نجباء رفقاء، وأعطيت أنا أربعة عشر: علي والحسن والحسين وجعفر وحمزة» الحديث.
وأخرج ابن المظفر وابن أبي الدنيا عن أبي سعيد الخدري قال: «خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مرضه الذي توفّي فيه ونحن في صلاة الغداة(10) فقال: إني تركت فيكم كتاب الله عزّ وجلّ وسنّتي(11)، فاستنطقوا القرآن بسنتي فإنه لن تعمى أبصاركم ولن تزل أقدامكم ولن تقصر أيديكم ما أخذتم بها، ثم قال: أوصيكم بهذين خيراً، وأشار إلى علي والعبّاس، لا يكف عنهما أحد ولا يحفظهما علي إلا أعطاه الله نوراً حتى يرد به علي يوم القيامة».
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن عوف قال: «لما فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مكة انصرف إلى الطائف فحصرها سبع عشرة ليلة أو تسعة عشرة ليلة، ثم قام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أوصيكم بعترتي خيراً، وإن موعدكم الحوض، والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة ولتؤتن الزكاة، ولأبعثن إليكم رجلاً منّي أو كنفسي يضرب أعناقكم، ثمّ أخذ بيد علي ثم قال: هو هذا».
وفي رواية: «إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في مرض موته: أيها الناس يوشك أن أقبض قبضاً سريعاً فينطلق بي، وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم، ألا أني مخلف فيكم كتاب ربي عزّ وجل وعترتي أهل بيتي، ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا على الحوض، فأسألهما ما خلفت فيهما».
وأخرج أحمد في المناقب عن علي قال: «طلبني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حائط فضربني برجله وقال: قم فوالله لأرضيك، أنت أخي وأبو ولدي، فقاتل على سنّتي من مات على عهدي فهو في كنز الجنّة، ومن مات على عهدك فقد قضى نحبه، ومن مات يحبك بعد موتك ختم الله له بالأمن والإيمان ما طلعت شمس أو غربت».
وأخرج الدارقطني: «إن علياً قال للستّة الذين جعل عمر الأمر شورى بينهم كلاماً طويلاً من جملته: أنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي أنت قسيم الجنّة والنار يوم القيامة غيري؟ قالوا: اللهم لا».
ومعناه ما رواه عنترة عن علي الرضا «أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له: أنت قسيم الجنّة والنار، فيوم القيامة تقول للنار: هذا لي وهذا لك».
وروى ابن السماك: «إن أبا بكر قال له: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: لا يجوز أحد الصراط إلاّ من كتب له عليّ الجواز».
وأخرج البخاري عن علي (عليه السلام) أنه قال: «أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة، قال قيس: وفيهم نزلت هذه الآية هذان خصمان اختصموا في ربهم قال: هم الذين بارزوا يوم بدر: عليّ وحمزة وعبيدة وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة».
في ثناء الصحابة والسلف (ع)
أخرج ابن سعد عن أبي هريرة قال: قال عمر بن الخطاب: عليّ أقضانا.وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال: أقضى أهل المدينة عليّ.
وأخرج عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر بن الخطّاب يتعوّذ بالله من معضلة ليس لها أبوالحسن ـ يعني علياً ــ.
وأخرج عنه قال: لم يكن أحد من الصحابة يقول سلوني إلاّ عليّ.
وأخرج ابن عساكر عن ابن مسعود قال: افرض أهل المدينة وأقضاها عليّ وذكر عند عائشة فقالت: إنه أعلم من بقي في السنة.
وقال مسروق: انتهى علم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى عمر(12) وعلي وابن مسعود.
وقال عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة: كان لعلي ما شئت من ضرس قاطع في العلم وكان له القدم في الإسلام والصهر برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والفقه في السنّة، والنجدة في الحرب، والجود في المال.
وأخرج الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ما أنزل الله: (يا أيّها الذين آمنوا) إلا وعليّ شريفها وأميرها. ولقد عاتب الله أصحاب محمد في غير مكان وما ذكر علياًّ إلاّ بخير.
وأخرج ابن عساكر عنه قال: ما نزل في أحد من كتاب الله تعالى ما نزل في عليّ.
وأخرج عنه أيضاً قال: نزل في عليّ ثلاثمائة آية.
وأخرج الطبراني عنه قال: كانت لعليّ ثماني عشرة منقبة ما كانت لأحد من هذه الأمة.
وأخرج أبو يعلي عن أبي هريرة قال: قال عمر بن الخطاب: لقد أُعطي علي ثلاث خصال لأن تكون لي خصلة منها أحبّ إلى من حمر النعم، فسئل ما هي؟ قال: تزويجه ابنته، وسكناه في المسجد لا يحل لي فيه ما يحل له، والراية يوم خيبر.
وروى أحمد بسند صحيح عن ابن عمر نحوه.
وأخرج أحمد وأبو يعلى بسند صحيح عن علي قال: ما رمدتُ ولا صرعتُ منذ مسح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجهي وتفل في عيني يوم خيبر حين أعطاني الراية.
ولماّ دخل الكوفة دخل عليه حكيم من العرب فقال: والله يا أمير المؤمنين لقد زيّنت الخلافة وما زيّنتك، ورفعتها وما رفعتك، وهي كانت أحوج إليك منك إليها.
وأخرج السلفي في الطيوديات عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن عليّ ومعاوية فقال: أعلم أن علياً كان كثير الأعداء ففتش له أعداؤه شيئاً فلم يجدوه فجاءوا إلى رجل قد حاربه وقاتله فأطروه كيداً منهم له.
6 ـ نعم قيض الله رجالاً من أمثال حجر بن عدي الطائي، وعمرو بن الحمق الخزاعي، وميثم التمار، وسعيد ابن جبير وأمثال هؤلاء على مر التاريخ ممن ضحى بنفسه في بيان فضائله (عليه السلام) وإبلاغ مناقبه ومآثره إلى الأجيال جيلاً بعد جيل.
7 ـ آل عمران 61: (فمن حاجَّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءَنا ونساءَكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين).
8 ـ وقال تعالى في كتابه العزيز: (إنَّ الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً) الأحزاب 57.
9 ـ إذا كان الساب لعليّ (عليه السلام) ساباً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فما حكم من سن سب علي عليه السلام حتى جروا عليه سبعين عاماً؟!
10 ـ وهنا قصة مفصلة لم يتعرض الراوي لها ينبغي مراجعتها في مظانها لنرى كيف لم يرتض الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من صلى بهم الغداة يومئذ حيث جذبه (صلى الله عليه وآله وسلم) من ردائه واستأنف الصلاة بهم.
11 ـ وفي كثير من الأحاديث كتاب الله وعترتي مع أن سنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كما رأيت فيما مر عليك من الأحاديث تؤكد على اختيار الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً (عليه السلام) بأمر من الله تعالى وصياً وإماماً وخليفة من بعده.
12 ـ لقد اعترف ـ كما رأيت ـ بأن علياً (عليه السلام) اقضاهم.