ورأيت سحابة بيضاء تنزل من السماء حتّى غشيته، فسمعت نداءً: طوفوا لمحمّد شرق الأرض وغربها والبحار لتعرفوه باسمه ونعته وصورته، ثمّ انجلت عنه الغمامة فإذا أنا به في ثوب أبيض من اللبن وتحته حريرة خضراء وقد قبض على ثلاثة مفاتيح من اللؤلؤ الرطب، وقائل يقول: قبض محمّد على مفاتيح النصرة والريح والنبوّة.
ثمّ أقبلت سحابة اُخرى فغيّبته عن وجهي أطول من المرّة الاُولى، وسمعت نداءً: طوفوا بمحمّد الشرق والغرب واعرضوه على روحاني الجنّ والإنس والطير والسباع وأعطوه صفاء آدم ورقّة نوح وخلّة إبراهيم ولسان إسماعيل وكمال يوسف وبشرى يعقوب وصوت داود وزهد يحيى وكرم عيسى (عليهم السلام).
ثمّ انكشف عنه فإذا أنا به وبيده حريرة بيضاء قد طويت طيّاً شديداً وقد قبض عليها وقائل يقول: قد قبض محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)على الدنيا كلّها فلم يبق شيء إلاّ دخل في قبضته.
ثمّ إنّ ثلاثة نفر كأنّ الشمس تطلع من وجوههم، في يد أحدهم إبريق فضّة ونافجة(25) مسك، وفي يد الثاني طست من زمردة خضراء لها أربع جوانب من كل جانب لؤلؤة بيضاء وقائل يقول: هذه الدنيا فاقبض عليها يا حبيب الله، فقبض على وسطها، وقائل يقول: قبض الكعبة، وفي يد الثالث حريرة بيضاء مطوية فنشرها فأخرج منها خاتماً تحار أبصار الناظرين فيه، فغسّل بذلك الماء من الإبريق سبع مرّات ثمّ ضرب الخاتم على كتفيه وتفل في فيه فاستنطقه فنطق، فلم أفهم ما قال إلاّ أنّه قال: في أمان الله وحفظه وكلاءته قد حشوت قلبك إيماناً وعلماً ويقيناً وعقلاً وشجاعة، أنت خير البشر، طوبى لمن اتّبعك وويل لمن تخلّف عنك، ثمّ أدخل بين أجنحتهم ساعة وكان الفاعل به هذا رضوان، ثمّ انصرف وجعل يلتفت إليه ويقول: أبشر يا عزّ الدنيا والآخرة، ورأيت نوراً يسطع من رأسه حتّى بلغ السماء ورأيت قصور الشامات كأنّها شعلة نار نوراً، ورأيت حولي من القطا(26) أمراً عظيماً قد نشرت أجنحتها(27).
(25) النافجة المسك: سمّيت بذلك لنفاستها، (مجمع البحرين) مادّة نفج.
(26) القطا: طائر معروف سمّي بذلك لثقل مشيه، (لسان العرب) مادّة قطو.
(27) بحار الأنوار ج15 ص272.
تعليق