العهد الصادق
السلام عليك يا ابا عبد الله...
يا أبا عبد الله، إن كان لم يُجبك بدني عند استنصارك، فقد أجابك عقلي وقلبي وروحي، لأنك الإمام الذي أعطى كل حياته لله...
يا أبا عبد الله، إنّا نعاهدك والقوم يحيطون بنا من كلِّ جانب، كان جيش بني أمية يحيطون بك ويقولون لك أنزل على حكم يزيد وابن زياد وكانت وقفتك العزيزة الحرة تصيح بهم: «والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقرّ لكم إقرار العبيد»، «هيهات منّا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجورٌ طابت، وجدود طهرت، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام».
ونحن يا أبا عبد الله نقف في كربلاء العالم، وفي كربلاء الإسلام، نقف لنقول لهم، لنقول لأمريكا ولأوروبا: لا والله، لا نعطيكم بأيدينا إعطاء الذليل، ولا نقر لكم إقرار العبيد، لقد أردتم أن نقف بين السلة والذلة، وهيهات منّا الذلة.
يا أبا عبد الله، لن تكون دموعنا الهدية لك، إنما نعاهدك لنكون على خطك مع كل الطيبين والصالحين، ومع كلِّ الأحرار من المسلمين الذين نذروا أنفسهم لله، وعاهدوه على أن ينصروه بنصرته في قلب كل مؤمن. فينا أكثر من دمعة تختلط بكل المحبة والعاطفة، في عقل كل منا أكثر من قضية تنفتح على ما تحركت به في حياة كل واحد منا، لن نضرب رؤوسنا بالسيف، ولكننا سنضرب أعداء الأمة بكل ما نملك من سلاح، لن نتراجع، لن نضعف، لن نحزن.
يا أبا عبد الله، نحن في ذكراك نبايعك على أن نكون كما كنت، أن نطلب الإصلاح في أمة جدك، أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، أن نصبر لا صبر المنهزمين، بل صبر الأقوياء الذين يخططون والذين يصمدون والذين يثبتون. لن نخاف الموت في سبيل الإسلام، الشهادة لنا عادة، في كل تاريخنا وفي كل مراحلنا.
أيُّها الأحبَّة، لا بدّ لنا أن ندرس ما هي الخطة التي لا بدَّ للأمة من أن تخطها في مستقبل أيامنا، لأنه لا بد لكل عاشوراء من خطة تنفتح على صناعة المستقبل، مستقبل الإسلام كله والحرية كلها، فالمرحلة التي نعيشها الآن تستهدف إضعاف المسلمين وإسقاط كل معاني الإسلام، وفي مقدِّمة ذلك، تأتي الحملة على رسول الله(ص)، التي شوّهت قداسة صورته، فهم يصوّرونه إنساناً يلبس عمامة في شكل القنبلة، ليقولوا إن هذا الإنسان هو إنسان يعمل على قتل الناس وتدميرهم، إنهم يشوهون صورته في أخلاقياته وفي إنسانيته وفي كل معاني الحق والعدل في شخصيته
تعليق