كان رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أكمل الناس خلقًا،
وأكرمهم أصلاً،
وأهداهم سبيلاً،
وأرجحهم عقلاً،
وأصدقهم قولاً وفعلاً ،
أدبه ربه – عز وجل - فأحسن تأديبه،
ورباه فأحسن تربيته،
وأثنى عليه - سبحانه -في كتابه الكريم فقال :
"وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ "
القلم : (4)
وهذه بعض من المواقف العظيمة من حياة نبينا محمد- صلىالله عليه وسلم- حتى نتعلم منه-صلىالله عليه وسلم- ونتخذه أسوة حسنه لنا، ونقتدي به في جميع أمورنا وأحوالنا .
العفو :
-في السنة الثامنة من الهجرة نصر الله عبده ونبيه محمدا- صلى الله عليه وآله وسلم- على كفار "قريش" ،
ودخل النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- "مكة المكرمة" فاتحًا منتصرًا،
وأمام الكعبة المشرفة وقف جميع أهل "مكة"،
وقد امتلأت قلوبهم رعبًا وهلعًا،
وهم يفكرون في حيرة وقلق فيما سيفعله معهم رسول الله- صلىالله عليه وسلم- بعد أن تمكن منهم،
ونصره الله عليهم ،
وهم الذين آذوه،
وأهالوا التراب على رأسه الشريف وهو ساجد لربه،
وهم الذين حاصروه في شعب أبي طالب ثلاث سنين ،
حتى أكل هو ومن معه ورق الشجر،
بل وتآمروا عليه بالقتل -صلى الله عليه وآله وسلم- ، وعذبوا أصحابه أشد العذاب ،
وسلبوا أموالهم،
وديارهم،
وأجلوهم عن بلادهم ،
لكن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- قابل كل تلك الإساءات بالعفو والصفح والحلم قائلاً:
"يامعشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم ؟
قالوا : خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم ،
فقال-صلى الله عليه وآله وسلم- :
"اذهبوا فأنتم الطلقاء" .
- ذات يوم كان رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- يسير مع خادمه "أنس بن مالك"،
وكان النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يلبس بردا نجرانيا يعني رداء كان يلتحف به ،
ونجران بلد بين الحجاز واليمن ،
وكان طرف هذا البرد غليظا جدًا ،
فأقبل ناحية النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أعرابي من البدو فجذبه من ردائه جذبًا شديدًا ،
فتأثر عاتق النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ،
(المكان الذي يقع ما بين المنكب والعنق)
من شدة الجذبة،
ثم قال له في غلظة وسوء أدب :
يا محمد أعطني من مال الله الذي عندك ،
فتبسم له النبي الكريم- صلى الله عليه وآله وسلم- في حلم وعفو ورحمة،
ثم أمر له ببعض المال .
- خرج رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- في غزوة ناحية بلاد "نجد" من أرض الحجاز،
وفى طريق عودته - صلى الله عليه وآله وسلم - من تلك الغزوة مر بوادِ به شجر كثير الشوك ،
في وقت الظهيرة ،
فأمر رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- الجيش بالتوقف في هذا المكان لينالوا قسطًا من الراحة ،
فنام الجيش ،
ونام رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- تحت ظل شجرة كثيرة الأوراق وقد علق بها سيفه ،
وبعد فترة نادى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - على المسلمين فتجمعوا حوله – صلى الله عليه وآله وسلم - ،
فإذا برجل أعرابي يجلس أمامه فقال رسول الله - صلى عليه وسلم-:
إن هذا الرجل أخذ سيفي وأنا نائم ،
فاستيقظت وسيفي في يده،
فقال لي :
من يمنعك منى ؟!
(أي من يمنعني من قتلك الآن) ،
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-
(في ثبات عظيم وثقة وإيمان بالله) :
الله،
فارتعد الأعرابي بشدة ،
ووقع السيف من يده ،
فأخذه رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- ،
وقال له :
من يمنعك منى ؟
فقال الرجل لا أحد ،
ولم يقابل النبي الكريم إساءة هذا الأعرابي له بمثلها ،
بل- صلى الله عليه وآله وسلم- عفا عنه فأسلم الرجل ،
وعاد إلى قومه ،
وأخبرهم بخلق النبي ،
وجميل عفوه وصفحه فأسلم معه خلق كثير .
الشجاعة :
- بعد أن فتح الله "مكة" على رسوله- صلى الله عليه وآله وسلم- دخلت القبائل العربية في دين الله أفواجًا إلا أن بعض القبائل المتغطرسة المتكبرة وفي مقدمتها "هوازن" و"ثقيف" رفضت الدخول في دين الله ،
وقررت حرب المسلمين ،
فخرج إليهم النبي- صلى الله عليه وآله وسلم - في اثني عشر ألف من المسلمين ،
وكان ذلك في شهر "شوال" سنة (8 ﻫ) ،
وعند الفجر بدأ المسلمون يتجهون نحو وادي "حنين"،
وهم لا يدرون أن جيوش الكفار تختبئ لهم في مضايق هذا الوادي ،
وبينما هم كذلك انقضت عليهم كتائب العدو في شراسة ،
ففر المسلمون راجعين ,
ولم يبق مع النبي في هذا الموقف العصيب إلا عدد قليل من المهاجرين ،
وحينئذٍ ظهرت شجاعة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - التي لا نظير لها ،
وأخذ يدفع بغلته ناحية جيوش الأعداء ،
وهو يقول في ثبات وقوة وثقة : "أنا النبي لا كذب .. أنا ابن عبد المطلب" ،
ثم أمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عمه "العباس" أن ينادي على أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فتلاحقت كتائب المسلمين الواحدة تلو الأخرى ،
والتحمت في قتال شديد مع كتائب المشركين ،
وما هي إلا ساعات قلائل حتى تحولت الهزيمة إلى نصر مبين .
ذات ليلة سمع أهل المدينة صوتًا أفزعهم ،
فهب المسلمون من نومهم مذعورين وحسبوه عدوًا يتربص بهم،
ويستعد للهجوم عليهم في جنح الليل فخرجوا ناحية هذا الصوت ،
وحين كانوا في الطريق قابلوا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- راجعًا راكبًا فرسه بدون سرج ويحمل سيفه ،
فطمأنهم النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وأمرهم بالرجوع بعد أن استطلع الأمر بنفسه - صلى الله عليه وآله وسلم - فلم تسمح مروءة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وشجاعته أن ينتظر حتى يخبره المسلمون بحقيقة الأمر .
الجود والكرم :
- لقد كان رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أجود الناس ،
وأكرم الناس ،
وما سأله أحد شيئًا من متاع هذه الدنيا إلاأعطاه - صلى الله عليه وآله وسلم- ،
حتى إن رجلاً فقيرًا جاء إليه - صلى الله عليه وآله وسلم - يطلب صدقة فأعطاه النبي غنمًا كثيرة تملأ ما بين جبلين ،
فرجع الرجل إلى قومه فرحًا سعيدًا بهذا العطاء الكبير ،
وأخذ يدعو قومه إلى الإسلام ،
واتباع النبي الكريم ،
وهو يخبرهم عن عظيم سخاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- ،
وغزارة جوده وكرمه فهو يعطي عطاء من لا يخاف الفقر أو الحاجة .
فعن أنس قال :
"ما سُئل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- على الإسلام شيئًا إلا أعطاه .
قال فجاءه رجل فأعطاه غنمًا بين جبلين فرجع إلي قومه فقال :
يا قوم أسلموا فإن محمدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة"
(رواه مسلم)
الأمانة :
عُرف النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بين أهل "مكة" قبل الإسلام بالاستقامة والصدق والأمانة فلقبوه بالصادق الأمين ،
وكان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - موضع ثقة أهل "مكة" جميعًا ؛
فكان كل من يملك مالاً أو شيئًا نفيسًا يخاف عليه من الضياع أو السرقة يودعه أمانة عند رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- ،
وكان النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يحافظ على هذه الأمانات ،
ويردها إلى أصحابها كاملة حين يطلبونها ،
وعندما اشتد أذى الكفار له - صلى الله عليه وآله وسلم - أذن الله له بالهجرة إلى "المدينة" ،
وكان عند النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أمانات كثيرة لهؤلاء الكفار وغيرهم ،
لكن الأمين - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يهاجر إلا بعد أن كلّف ابن عمه علي ابن أبي طالب أن يمكث في مكة ليرد تلك الأمانات إلى أهلها ،
في حين كان أصحاب تلك الأمانات يدبرون مؤامرة لقتل النبي- صلى الله عليه وآله وسلم!!!
فما أجمل خلقك يا حبيبي يا رسول الله
اللهم صل وسلم وبارك على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
الشورى والتعاون :
في السنة الخامسة من الهجرة تجمع حول المدينة جيش كبير من قريش وبعض القبائل العربية بلغ عدده نحو عشرة آلاف مقاتل ،
وذلك بتحريض من اليهود الغادرين ،
ولما بلغت هذه الأحزاب أسوار "المدينة" جمع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أصحابه ليستشيرهم في خطة الدفاع عن "المدينة" ،
فأشار عليه الصحابي "سلمان الفارسي" قائلاً :
يا رسول الله ،
إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا ،
أي حفرنا خندقًا يحول بيننا وبين عدونا .
فاستحسن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - رأي "سلمان" ،
وأخذ بمشورته ،
وشرع في تنفيذ هذه الخطة الرائعة التي لم تكن تعرفها العرب من قبل .
وقام المسلمون بجد ونشاط يحفرون الخندق ،
ورسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يحثهم على الحفر بل كان - صلى الله عليه وآله وسلم - يحفر كما يحفرون ،
ويحمل التراب كما يحملون .
وبفضل الشورى ،
والتعاون ،
والحب وصدق الإيمان حمى الله المدينة من جيوش المشركين ،
وأرسل عليهم ريحًا عاتية قلعت خيامهم وردتهم إلي ديارهم خائبين خاسرين مهزومين .
العدل والمساواة :
قلقت قبيلة "قريش" قلقًا شديدًا بعد أن سرقت امرأة قرشية من "بني مخزوم" ،
ولم يكن قلقهم بسبب ما أقدمت عليه تلك المرأة من السرقة بقدر ما كان قلقهم من إقامة الحد عليها ،
وقطع يدها ،
فاجتمع أشراف قريش،
يفكرون في طريقة يحولون بها دون تنفيذ تلك العقوبة على امرأة منهم ،
وانتهت محاوراتهم إلى توسيط الصحابي الجليل "أسامة بن زيد" حب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ،
فهو أقدر الناس على مخاطبة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا الأمر،
فقبل "أسامة" رجاءهم ،
وتقدم إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يشفع في درء حد السرقة عن تلك المرأة ،
فتَلَوّن وجه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ،
وغضب غضبًا شديدًا ،
واستنكر أن يشفع أسامة في تطبيق حد من حدود الله ،
فأدرك أسامة خطأه ،
وطلب من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يستغفر له .
وقد كان هلاك الأمم السابقة أنهم كانوا ينفذون العقوبة على الضعفاء والفقراء ،
ولا ينفذونها على الأقوياء والأغنياء ،
فجاء الإسلام وسوى بين الناس فى الحقوق والواجبات .
وقد طبق رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حدود الله على الجميع بلا استثناء ،
حتى إنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أقسم لو أن فاطمة بنته سرقت لقطع - صلى الله عليه وآله وسلم - يدها ،
فقال صلى الله عليه وآله وسلم :
(وأيم الله , لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) ,
أيم الله : أي أقسم بالله ,
وحاشاها سلام الله عليها
ثم أمر- صلى الله عليه وآله وسلم - بتنفيذ حد الله في السارقة فقطعت يدها ،
ولقد تابت تلك المرأة عن فعلتها ،
وحسنت توبتها ،
وتزوجت بعد ذلك ،
وكانت تتردد على بيت النبوة فتجد فيه الود والرعاية والقبول .
وكان ذلك قمّة في العدل
وأكرمهم أصلاً،
وأهداهم سبيلاً،
وأرجحهم عقلاً،
وأصدقهم قولاً وفعلاً ،
أدبه ربه – عز وجل - فأحسن تأديبه،
ورباه فأحسن تربيته،
وأثنى عليه - سبحانه -في كتابه الكريم فقال :
"وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ "
القلم : (4)
وهذه بعض من المواقف العظيمة من حياة نبينا محمد- صلىالله عليه وسلم- حتى نتعلم منه-صلىالله عليه وسلم- ونتخذه أسوة حسنه لنا، ونقتدي به في جميع أمورنا وأحوالنا .
العفو :
-في السنة الثامنة من الهجرة نصر الله عبده ونبيه محمدا- صلى الله عليه وآله وسلم- على كفار "قريش" ،
ودخل النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- "مكة المكرمة" فاتحًا منتصرًا،
وأمام الكعبة المشرفة وقف جميع أهل "مكة"،
وقد امتلأت قلوبهم رعبًا وهلعًا،
وهم يفكرون في حيرة وقلق فيما سيفعله معهم رسول الله- صلىالله عليه وسلم- بعد أن تمكن منهم،
ونصره الله عليهم ،
وهم الذين آذوه،
وأهالوا التراب على رأسه الشريف وهو ساجد لربه،
وهم الذين حاصروه في شعب أبي طالب ثلاث سنين ،
حتى أكل هو ومن معه ورق الشجر،
بل وتآمروا عليه بالقتل -صلى الله عليه وآله وسلم- ، وعذبوا أصحابه أشد العذاب ،
وسلبوا أموالهم،
وديارهم،
وأجلوهم عن بلادهم ،
لكن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- قابل كل تلك الإساءات بالعفو والصفح والحلم قائلاً:
"يامعشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم ؟
قالوا : خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم ،
فقال-صلى الله عليه وآله وسلم- :
"اذهبوا فأنتم الطلقاء" .
- ذات يوم كان رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- يسير مع خادمه "أنس بن مالك"،
وكان النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يلبس بردا نجرانيا يعني رداء كان يلتحف به ،
ونجران بلد بين الحجاز واليمن ،
وكان طرف هذا البرد غليظا جدًا ،
فأقبل ناحية النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أعرابي من البدو فجذبه من ردائه جذبًا شديدًا ،
فتأثر عاتق النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ،
(المكان الذي يقع ما بين المنكب والعنق)
من شدة الجذبة،
ثم قال له في غلظة وسوء أدب :
يا محمد أعطني من مال الله الذي عندك ،
فتبسم له النبي الكريم- صلى الله عليه وآله وسلم- في حلم وعفو ورحمة،
ثم أمر له ببعض المال .
- خرج رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- في غزوة ناحية بلاد "نجد" من أرض الحجاز،
وفى طريق عودته - صلى الله عليه وآله وسلم - من تلك الغزوة مر بوادِ به شجر كثير الشوك ،
في وقت الظهيرة ،
فأمر رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- الجيش بالتوقف في هذا المكان لينالوا قسطًا من الراحة ،
فنام الجيش ،
ونام رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- تحت ظل شجرة كثيرة الأوراق وقد علق بها سيفه ،
وبعد فترة نادى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - على المسلمين فتجمعوا حوله – صلى الله عليه وآله وسلم - ،
فإذا برجل أعرابي يجلس أمامه فقال رسول الله - صلى عليه وسلم-:
إن هذا الرجل أخذ سيفي وأنا نائم ،
فاستيقظت وسيفي في يده،
فقال لي :
من يمنعك منى ؟!
(أي من يمنعني من قتلك الآن) ،
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-
(في ثبات عظيم وثقة وإيمان بالله) :
الله،
فارتعد الأعرابي بشدة ،
ووقع السيف من يده ،
فأخذه رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- ،
وقال له :
من يمنعك منى ؟
فقال الرجل لا أحد ،
ولم يقابل النبي الكريم إساءة هذا الأعرابي له بمثلها ،
بل- صلى الله عليه وآله وسلم- عفا عنه فأسلم الرجل ،
وعاد إلى قومه ،
وأخبرهم بخلق النبي ،
وجميل عفوه وصفحه فأسلم معه خلق كثير .
الشجاعة :
- بعد أن فتح الله "مكة" على رسوله- صلى الله عليه وآله وسلم- دخلت القبائل العربية في دين الله أفواجًا إلا أن بعض القبائل المتغطرسة المتكبرة وفي مقدمتها "هوازن" و"ثقيف" رفضت الدخول في دين الله ،
وقررت حرب المسلمين ،
فخرج إليهم النبي- صلى الله عليه وآله وسلم - في اثني عشر ألف من المسلمين ،
وكان ذلك في شهر "شوال" سنة (8 ﻫ) ،
وعند الفجر بدأ المسلمون يتجهون نحو وادي "حنين"،
وهم لا يدرون أن جيوش الكفار تختبئ لهم في مضايق هذا الوادي ،
وبينما هم كذلك انقضت عليهم كتائب العدو في شراسة ،
ففر المسلمون راجعين ,
ولم يبق مع النبي في هذا الموقف العصيب إلا عدد قليل من المهاجرين ،
وحينئذٍ ظهرت شجاعة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - التي لا نظير لها ،
وأخذ يدفع بغلته ناحية جيوش الأعداء ،
وهو يقول في ثبات وقوة وثقة : "أنا النبي لا كذب .. أنا ابن عبد المطلب" ،
ثم أمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عمه "العباس" أن ينادي على أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فتلاحقت كتائب المسلمين الواحدة تلو الأخرى ،
والتحمت في قتال شديد مع كتائب المشركين ،
وما هي إلا ساعات قلائل حتى تحولت الهزيمة إلى نصر مبين .
ذات ليلة سمع أهل المدينة صوتًا أفزعهم ،
فهب المسلمون من نومهم مذعورين وحسبوه عدوًا يتربص بهم،
ويستعد للهجوم عليهم في جنح الليل فخرجوا ناحية هذا الصوت ،
وحين كانوا في الطريق قابلوا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- راجعًا راكبًا فرسه بدون سرج ويحمل سيفه ،
فطمأنهم النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وأمرهم بالرجوع بعد أن استطلع الأمر بنفسه - صلى الله عليه وآله وسلم - فلم تسمح مروءة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وشجاعته أن ينتظر حتى يخبره المسلمون بحقيقة الأمر .
الجود والكرم :
- لقد كان رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أجود الناس ،
وأكرم الناس ،
وما سأله أحد شيئًا من متاع هذه الدنيا إلاأعطاه - صلى الله عليه وآله وسلم- ،
حتى إن رجلاً فقيرًا جاء إليه - صلى الله عليه وآله وسلم - يطلب صدقة فأعطاه النبي غنمًا كثيرة تملأ ما بين جبلين ،
فرجع الرجل إلى قومه فرحًا سعيدًا بهذا العطاء الكبير ،
وأخذ يدعو قومه إلى الإسلام ،
واتباع النبي الكريم ،
وهو يخبرهم عن عظيم سخاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- ،
وغزارة جوده وكرمه فهو يعطي عطاء من لا يخاف الفقر أو الحاجة .
فعن أنس قال :
"ما سُئل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- على الإسلام شيئًا إلا أعطاه .
قال فجاءه رجل فأعطاه غنمًا بين جبلين فرجع إلي قومه فقال :
يا قوم أسلموا فإن محمدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة"
(رواه مسلم)
الأمانة :
عُرف النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بين أهل "مكة" قبل الإسلام بالاستقامة والصدق والأمانة فلقبوه بالصادق الأمين ،
وكان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - موضع ثقة أهل "مكة" جميعًا ؛
فكان كل من يملك مالاً أو شيئًا نفيسًا يخاف عليه من الضياع أو السرقة يودعه أمانة عند رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- ،
وكان النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يحافظ على هذه الأمانات ،
ويردها إلى أصحابها كاملة حين يطلبونها ،
وعندما اشتد أذى الكفار له - صلى الله عليه وآله وسلم - أذن الله له بالهجرة إلى "المدينة" ،
وكان عند النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أمانات كثيرة لهؤلاء الكفار وغيرهم ،
لكن الأمين - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يهاجر إلا بعد أن كلّف ابن عمه علي ابن أبي طالب أن يمكث في مكة ليرد تلك الأمانات إلى أهلها ،
في حين كان أصحاب تلك الأمانات يدبرون مؤامرة لقتل النبي- صلى الله عليه وآله وسلم!!!
فما أجمل خلقك يا حبيبي يا رسول الله
اللهم صل وسلم وبارك على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
الشورى والتعاون :
في السنة الخامسة من الهجرة تجمع حول المدينة جيش كبير من قريش وبعض القبائل العربية بلغ عدده نحو عشرة آلاف مقاتل ،
وذلك بتحريض من اليهود الغادرين ،
ولما بلغت هذه الأحزاب أسوار "المدينة" جمع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أصحابه ليستشيرهم في خطة الدفاع عن "المدينة" ،
فأشار عليه الصحابي "سلمان الفارسي" قائلاً :
يا رسول الله ،
إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا ،
أي حفرنا خندقًا يحول بيننا وبين عدونا .
فاستحسن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - رأي "سلمان" ،
وأخذ بمشورته ،
وشرع في تنفيذ هذه الخطة الرائعة التي لم تكن تعرفها العرب من قبل .
وقام المسلمون بجد ونشاط يحفرون الخندق ،
ورسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يحثهم على الحفر بل كان - صلى الله عليه وآله وسلم - يحفر كما يحفرون ،
ويحمل التراب كما يحملون .
وبفضل الشورى ،
والتعاون ،
والحب وصدق الإيمان حمى الله المدينة من جيوش المشركين ،
وأرسل عليهم ريحًا عاتية قلعت خيامهم وردتهم إلي ديارهم خائبين خاسرين مهزومين .
العدل والمساواة :
قلقت قبيلة "قريش" قلقًا شديدًا بعد أن سرقت امرأة قرشية من "بني مخزوم" ،
ولم يكن قلقهم بسبب ما أقدمت عليه تلك المرأة من السرقة بقدر ما كان قلقهم من إقامة الحد عليها ،
وقطع يدها ،
فاجتمع أشراف قريش،
يفكرون في طريقة يحولون بها دون تنفيذ تلك العقوبة على امرأة منهم ،
وانتهت محاوراتهم إلى توسيط الصحابي الجليل "أسامة بن زيد" حب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ،
فهو أقدر الناس على مخاطبة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا الأمر،
فقبل "أسامة" رجاءهم ،
وتقدم إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يشفع في درء حد السرقة عن تلك المرأة ،
فتَلَوّن وجه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ،
وغضب غضبًا شديدًا ،
واستنكر أن يشفع أسامة في تطبيق حد من حدود الله ،
فأدرك أسامة خطأه ،
وطلب من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يستغفر له .
وقد كان هلاك الأمم السابقة أنهم كانوا ينفذون العقوبة على الضعفاء والفقراء ،
ولا ينفذونها على الأقوياء والأغنياء ،
فجاء الإسلام وسوى بين الناس فى الحقوق والواجبات .
وقد طبق رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حدود الله على الجميع بلا استثناء ،
حتى إنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أقسم لو أن فاطمة بنته سرقت لقطع - صلى الله عليه وآله وسلم - يدها ،
فقال صلى الله عليه وآله وسلم :
(وأيم الله , لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) ,
أيم الله : أي أقسم بالله ,
وحاشاها سلام الله عليها
ثم أمر- صلى الله عليه وآله وسلم - بتنفيذ حد الله في السارقة فقطعت يدها ،
ولقد تابت تلك المرأة عن فعلتها ،
وحسنت توبتها ،
وتزوجت بعد ذلك ،
وكانت تتردد على بيت النبوة فتجد فيه الود والرعاية والقبول .
وكان ذلك قمّة في العدل
تعليق