تشرف رجل من بقالي النجف الأشرف بلقائه (عجل الله فرجه الشريف) في مسجد السهلة
قال السيد محمد بن أحمد بن حيدر الحسني الحسيني: لما كنت مجاوراً في النجف الأشرف لأجل تحصيل العلوم الدينية وذلك في حدود السنة الخامسة والسبعين بعد المائتين والألف من الهجرة النبوية كنت أسمع جماعة من أهل العلم وغيرهم من أهل الديانة، يصفون رجلاً يبيع البقل وشبهه أنه رأى مولانا الإمام المنتظر سلام الله عليه، فطلبت معرفة شخصه حتى عرفته، فوجدته رجلاً صالحاً متديناً وكنت أحب الاجتماع معه، في مكان خال لأستفهم منه كيفية رؤيته مولانا الحجة روحي فداه، فصرت كثيراً ما أسلم عليه وأشتري منه مما يتعاطى ببيعه، حتى صار بيني وبينه نوع مودة، كل ذلك مقدمة لتعرُّف خبره المرغوب في سماعه عندي حتى اتفق لي أني توجهت إلى مسجد السهلة للاستجارة فيه، والصلاة والدعاء في مقاماته الشريفة ليلة الأربعاء.
فلما وصلت إلى باب المسجد رأيت الرجل المذكور على الباب، فاغتنمت الفرصة وكفلته المقام معي تلك الليلة، فأقام معي حتى فرغنا من العمل الموظف في مسجد سهيل وتوجهنا إلى المسجد الأعظم مسجد الكوفة على القاعدة المتعارفة في ذلك الزمان، حيث لم يكن في مسجد السهلة معظم الإضافات الجديدة من الخدام والمساكن.
فلما وصلنا إلى المسجد الشريف، واستقر بنا المقام، وعملنا بعض الأعمال الموظفة فيه، سألته عنه خبره والتمست منه أن يحدثني بالقصة تفصيلاً، فقال ما معناه:
إني كنت كثيراً ما أسمع من أهل المعرفة والديانة أن من لازم عمل الاستجارة في مسجد السهلة أربعين ليلة أربعاء متوالية، بنية رؤية الإمام المنتظر (عليه السلام) وفق لرؤيته، وأن ذلك قد جربت مراراً فاشتاقت نفسي إلى ذلك، ونويت ملازمة عمل الاستجارة في كل ليلة أربعاء، ولم يمنعني من ذلك شدة حر ولا برد، ولا مطر ولا غير ذلك، حتى مضى لي ما يقرب من مدة سنة، وأنا ملازم لعمل الاستجارة وأبات في مسجد الكوفة على القاعدة المتعارفة.
ثم إني خرجت عشية يوم الثلاثاء ماشياً على عادتي وكان الزمان شتاء، وكانت تلك العشية مظلمة جداً لتراكم الغيوم مع قليل مطر، فتوجهت إلى المسجد وأنا مطمئن بمجيء الناس على العادة المستمرة، حتى وصلت إلى المسجد، وقد غربت الشمس واشتد الظلام وكثر الرعد والبرق، فاشتد بي الخوف وأخذني الرعب من الوحدة لأني لم أصادف في المسجد الشريف أحداً أصلاً حتى أن الخادم المقرر للمجيء ليلة الأربعاء لم يجيء تلك الليلة.
فاستوحشت لذلك للغاية ثم قلت في نفسي: ينبغي أن أُصلي المغرب وأعمل عمل الاستجارة عجالة، وأمضي إلى مسجد الكوفة فصبّرت نفسي، وقمت إلى الصلاة المغرب فصليتها، ثم توجهت لعمل الاستجارة، وصلاتها ودعائها، وكنت أحفظه.
فبينما أنا في صلاة الاستجارة إذ حانت مني التفاتة إلى المقام الشريف المعروف بمقام صاحب الزمان (عليه السلام)، وهو في قبلة مكان مصلاي، فرأيت فيه ضياء كاملاً وسمعت فيه قراءة مصل فطابت نفسي، وحصل كمال الأمن والاطمئنان، وظننت أن في المقام الشريف بعض الزوار، وأنا لم أطلع عليهم وقت قدومي إلى المسجد فأكملت عمل الاستجارة، وأنا مطمئن القلب.
ثم توجهت نحو المقام الشريف ودخلته، فرأيت فيه ضياء عظيماً لكني لم أر بعيني سراجاً ولكني في غفلة عن التفكر في ذلك، ورأيت فيه سيداً جليلاً مُهاباً بصورة أهل العلم، وهو قائم يصلي فارتاحت نفسي إليه، وأن أظن أنه من الزوار الغرباء لأني تأملته في الجملة فعلمت أنه من سكنة النجف الأشرف.
فشرعت في زيارة مولانا الحجة سلام الله عليه عملاً بوظيفة المقام، وصليت صلاة الزيارة، فلما فرغت أردت أكلّمه في المضيِّ إلى مسجد الكوفة، فهبته وأكبرته، وأنا أنظر إلى خارج المقام، فأرى شدة الظلام، وأسمع صوت الرعد والمطر، فالتفت إلي بوجهه الكريم برأفة وابتسام، وقال لي: تحب أن تمضي إلى مسجد الكوفة؟
فقلت: نعم يا سيدنا عادتنا أهل النجف إذا تشرفنا بعمل هذا المسجد نمضي إلى مسجد الكوفة، ونبات فيه، لأن فيه سكاناً وخدّاماً وماء.
فقام، وقال: قم بنا نمضي إلى مسجد الكوفة، فخرجت معه وأنا مسرور به وبحسن صحبته فمشينا في ضياء وحسن هواء وأرض يابسة لا تعلق بالرجل وأنا غافل عن حال المطر والظلام الذي كنت أراه، حتى وصلنا إلى بابا المسجد وهو روحي فداه معي وأنا في غاية السرور والأمن بصحبته، ولم أر ظلاماً ولا مطراً.
فطرقت باب الخارجة عن المسجد، وكانت مغلقة فأجابني الخادم من الطارق؟ فقلت: افتح الباب، فقال: من أين أقبلت في هذه الظلمة والمطر الشديد؟ فقلت: من مسجد السهلة، فلما فتح الخادم الباب التفت إلى ذلك السيد الجليل فلم أره وإذا بالدنيا مظلمة للغاية، وأصابني المطر فجعلت أنادي يا سيدنا يا مولانا تفضل فقد فتحت الباب، ورجعت ورائي أتفحص عنه وأنادي فلم أر أحداً أصلاً وأضرَّ بي الهواء والمطر والبرد في ذلك الزمان القليل.
فدخلت المسجد وانتبهت من غفلتي وكأني كنت نائماً فاستيقظت وجعلت ألوم نفسي على عدم التنبه لما كنت أرى من الآيات الباهرة، وأتذكر ما شاهدته وأنا غافل من كراماته: من الضياء العظيم في المقام الشريف مع أني لم أر سراجاً ولو كان في ذلك المقام عشرون سراجاً لما وفي بذلك الضياء وذكرت أن ذلك السيد الجليل سماني باسمي مع أني لم أعرفه ولم أره قبل ذلك.
وتذكرت أني لما كنت في المقام كنت أنظر إلى فضاء المسجد، فأرى الظلام الشديد، وأسمع صوت المطر والرعد، وإني لما خرجت من المقام مصاحباً له سلام الله عليه، كنت أمشي في ضياء بحيث أرى موضع قدمي، والأرض يابسة والهواء عذب، حتى وصلنا إلى باب المسجد، ومنذ فارقني شاهدت الظلمة والمطر وصعوبة الهواء، إلى غير ذلك من الأمور العجيبة، التي أفادتني اليقين بأنه الحجة صاحب الزمان (عليه السلام) الذي كنت أتمنى من فضل الله التشرف برؤيته، وتحملت مشاقَّ عمل الاستجارة عند قوة الحر والبرد لمطالعة حضرته سلام الله عليه فشكرت الله تعالى شأنه والحمد لله.
قال السيد محمد بن أحمد بن حيدر الحسني الحسيني: لما كنت مجاوراً في النجف الأشرف لأجل تحصيل العلوم الدينية وذلك في حدود السنة الخامسة والسبعين بعد المائتين والألف من الهجرة النبوية كنت أسمع جماعة من أهل العلم وغيرهم من أهل الديانة، يصفون رجلاً يبيع البقل وشبهه أنه رأى مولانا الإمام المنتظر سلام الله عليه، فطلبت معرفة شخصه حتى عرفته، فوجدته رجلاً صالحاً متديناً وكنت أحب الاجتماع معه، في مكان خال لأستفهم منه كيفية رؤيته مولانا الحجة روحي فداه، فصرت كثيراً ما أسلم عليه وأشتري منه مما يتعاطى ببيعه، حتى صار بيني وبينه نوع مودة، كل ذلك مقدمة لتعرُّف خبره المرغوب في سماعه عندي حتى اتفق لي أني توجهت إلى مسجد السهلة للاستجارة فيه، والصلاة والدعاء في مقاماته الشريفة ليلة الأربعاء.
فلما وصلت إلى باب المسجد رأيت الرجل المذكور على الباب، فاغتنمت الفرصة وكفلته المقام معي تلك الليلة، فأقام معي حتى فرغنا من العمل الموظف في مسجد سهيل وتوجهنا إلى المسجد الأعظم مسجد الكوفة على القاعدة المتعارفة في ذلك الزمان، حيث لم يكن في مسجد السهلة معظم الإضافات الجديدة من الخدام والمساكن.
فلما وصلنا إلى المسجد الشريف، واستقر بنا المقام، وعملنا بعض الأعمال الموظفة فيه، سألته عنه خبره والتمست منه أن يحدثني بالقصة تفصيلاً، فقال ما معناه:
إني كنت كثيراً ما أسمع من أهل المعرفة والديانة أن من لازم عمل الاستجارة في مسجد السهلة أربعين ليلة أربعاء متوالية، بنية رؤية الإمام المنتظر (عليه السلام) وفق لرؤيته، وأن ذلك قد جربت مراراً فاشتاقت نفسي إلى ذلك، ونويت ملازمة عمل الاستجارة في كل ليلة أربعاء، ولم يمنعني من ذلك شدة حر ولا برد، ولا مطر ولا غير ذلك، حتى مضى لي ما يقرب من مدة سنة، وأنا ملازم لعمل الاستجارة وأبات في مسجد الكوفة على القاعدة المتعارفة.
ثم إني خرجت عشية يوم الثلاثاء ماشياً على عادتي وكان الزمان شتاء، وكانت تلك العشية مظلمة جداً لتراكم الغيوم مع قليل مطر، فتوجهت إلى المسجد وأنا مطمئن بمجيء الناس على العادة المستمرة، حتى وصلت إلى المسجد، وقد غربت الشمس واشتد الظلام وكثر الرعد والبرق، فاشتد بي الخوف وأخذني الرعب من الوحدة لأني لم أصادف في المسجد الشريف أحداً أصلاً حتى أن الخادم المقرر للمجيء ليلة الأربعاء لم يجيء تلك الليلة.
فاستوحشت لذلك للغاية ثم قلت في نفسي: ينبغي أن أُصلي المغرب وأعمل عمل الاستجارة عجالة، وأمضي إلى مسجد الكوفة فصبّرت نفسي، وقمت إلى الصلاة المغرب فصليتها، ثم توجهت لعمل الاستجارة، وصلاتها ودعائها، وكنت أحفظه.
فبينما أنا في صلاة الاستجارة إذ حانت مني التفاتة إلى المقام الشريف المعروف بمقام صاحب الزمان (عليه السلام)، وهو في قبلة مكان مصلاي، فرأيت فيه ضياء كاملاً وسمعت فيه قراءة مصل فطابت نفسي، وحصل كمال الأمن والاطمئنان، وظننت أن في المقام الشريف بعض الزوار، وأنا لم أطلع عليهم وقت قدومي إلى المسجد فأكملت عمل الاستجارة، وأنا مطمئن القلب.
ثم توجهت نحو المقام الشريف ودخلته، فرأيت فيه ضياء عظيماً لكني لم أر بعيني سراجاً ولكني في غفلة عن التفكر في ذلك، ورأيت فيه سيداً جليلاً مُهاباً بصورة أهل العلم، وهو قائم يصلي فارتاحت نفسي إليه، وأن أظن أنه من الزوار الغرباء لأني تأملته في الجملة فعلمت أنه من سكنة النجف الأشرف.
فشرعت في زيارة مولانا الحجة سلام الله عليه عملاً بوظيفة المقام، وصليت صلاة الزيارة، فلما فرغت أردت أكلّمه في المضيِّ إلى مسجد الكوفة، فهبته وأكبرته، وأنا أنظر إلى خارج المقام، فأرى شدة الظلام، وأسمع صوت الرعد والمطر، فالتفت إلي بوجهه الكريم برأفة وابتسام، وقال لي: تحب أن تمضي إلى مسجد الكوفة؟
فقلت: نعم يا سيدنا عادتنا أهل النجف إذا تشرفنا بعمل هذا المسجد نمضي إلى مسجد الكوفة، ونبات فيه، لأن فيه سكاناً وخدّاماً وماء.
فقام، وقال: قم بنا نمضي إلى مسجد الكوفة، فخرجت معه وأنا مسرور به وبحسن صحبته فمشينا في ضياء وحسن هواء وأرض يابسة لا تعلق بالرجل وأنا غافل عن حال المطر والظلام الذي كنت أراه، حتى وصلنا إلى بابا المسجد وهو روحي فداه معي وأنا في غاية السرور والأمن بصحبته، ولم أر ظلاماً ولا مطراً.
فطرقت باب الخارجة عن المسجد، وكانت مغلقة فأجابني الخادم من الطارق؟ فقلت: افتح الباب، فقال: من أين أقبلت في هذه الظلمة والمطر الشديد؟ فقلت: من مسجد السهلة، فلما فتح الخادم الباب التفت إلى ذلك السيد الجليل فلم أره وإذا بالدنيا مظلمة للغاية، وأصابني المطر فجعلت أنادي يا سيدنا يا مولانا تفضل فقد فتحت الباب، ورجعت ورائي أتفحص عنه وأنادي فلم أر أحداً أصلاً وأضرَّ بي الهواء والمطر والبرد في ذلك الزمان القليل.
فدخلت المسجد وانتبهت من غفلتي وكأني كنت نائماً فاستيقظت وجعلت ألوم نفسي على عدم التنبه لما كنت أرى من الآيات الباهرة، وأتذكر ما شاهدته وأنا غافل من كراماته: من الضياء العظيم في المقام الشريف مع أني لم أر سراجاً ولو كان في ذلك المقام عشرون سراجاً لما وفي بذلك الضياء وذكرت أن ذلك السيد الجليل سماني باسمي مع أني لم أعرفه ولم أره قبل ذلك.
وتذكرت أني لما كنت في المقام كنت أنظر إلى فضاء المسجد، فأرى الظلام الشديد، وأسمع صوت المطر والرعد، وإني لما خرجت من المقام مصاحباً له سلام الله عليه، كنت أمشي في ضياء بحيث أرى موضع قدمي، والأرض يابسة والهواء عذب، حتى وصلنا إلى باب المسجد، ومنذ فارقني شاهدت الظلمة والمطر وصعوبة الهواء، إلى غير ذلك من الأمور العجيبة، التي أفادتني اليقين بأنه الحجة صاحب الزمان (عليه السلام) الذي كنت أتمنى من فضل الله التشرف برؤيته، وتحملت مشاقَّ عمل الاستجارة عند قوة الحر والبرد لمطالعة حضرته سلام الله عليه فشكرت الله تعالى شأنه والحمد لله.
تعليق