بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
قال سبحانه وتعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ))الصف 2
لاشك انّ كل موال لآل البيت عليهم السلام قد عاش أجواء إيمانية إبتداءً من الأول من محرم حتى نهاية صفر الخير..
وقد تزوّد العبد من هذه المحطة المهمة في حياته بكل ما يحتاجه لتسمو نفسه وترتقي، فهي بالنسبة للمؤمن إستزادة والصعود كمالاً، أما بالنسبة للمذنب فهي غسل لذنوبه والعودة من جديد، وعلى كل حال فالغاية هي القربة..
لكن هناك مسألة مهمة وهي مابعد ذلك، فهل يستمر ذلك العبد ويبقى يدور ضمن هذه الأجواء، أم سرعان ما تخبو ويرجع الى سابق عهده كأن هناك واجباً عليه قد قضاه وانتهى- فيكون مثل طالب المدرسة فهو مواضب على دراسته طوال أيام الدراسة فما أن تحل الاجازة السنوية حتى يرجع الى لهوه ولعبه-..
أنا أذكر ذلك لأنّ الغالبية أراها تعيش كذلك..
فما الفائدة من ذلك إن كانت القضية الحسينية لم تدفعه الى الأمام، فلا ينفع الانسان أن يبكي على مصيبة الحسين عليه السلام وفعله عكس ما يريده عليه السلام ((كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ))الصف 3، فهو عندما يعيش مع الحسين عليه السلام في تلك الأيام فهو يقرّ بالقضية الحسينية وأهدافها، ومن ثمّ يعود الى لهوه ولعبه بعد ذلك فهذا مجاهرة بالعصيان ..
فالحسين عليه السلام عندما بذل نفسه الزكية فداءً للدين والمذهب لم يبذلها حتى نبكي عليه فقط أو نعيش ذلك خلال فترة معينة فقط بل أراد أن يكون ذلك مسارنا طول الحياة، فرسالته واضحة المعالم..
فهو عليه السلام أراد ان يكون كل يوم عاشوراء، وذلك باحياء الدين ومحاربة الفساد..
فلو لم نتعلم ذلك ونستفيد من هذه المحطة يكون عملنا هباءً منثوراً بل يكون وبالاً علينا لأنه كما يقال (ان كنت لا تدري فتلك مصيبة وان كنت تدري فالمصيبة أعظم)..
فلنجعل من أيام الحسين عليه السلام إنطلاقتنا الحقيقية نحو الحرية الحقّة، بأن نتحرر من تلك القيود التي تجرّنا الى الأسفل، ونجعل أنفسنا تحلّق في سماء الطاعة فتستحق ما وعدها ربّها من النعيم المقيم متباعدة ما أعده العظيم الجبّار للعصاة المعاندين، مستنيرين بالنور الحسيني مبقين عليه متوقداً في قلوبنا وبالتالي تظهر آثاره على أفعالنا وتصرفاتنا، فنكون مفخرة لأئمتنا عليهم السلام..
وخاصة ونحن نعلم بأنّ أعمالنا تعرض على نبينا الأكرم صلّى الله عليه وآله، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال ((ما لكم تسوؤن رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال له رجل: كيف نسوؤه؟ فقال: أما تعلمون أن أعمالكم تعرض عليه، فإذا رأى فيها معصية ساءه ذلك، فلا تسوؤا رسول الله صلى الله عليه وآله وسرّوه))..
تعليق