أجوبة القرآن الكريم عن شبهات المنكرين للمعاد
من خلال إحتجاجات القرآن الكريم ومناظراته مع منكري المعاد ومن خلال اسلوب أجوبته على مزاعمهم، يبدو انه كانت هناك شبهات في أذهانهم، ونحن نستعرضها وننظمها بما يتناسب والاجوبة عنها.
1- شبهة إعادة المعدوم
إن القرآن الكريم أجاب أولئك الذين كانوا يقولون "كيف يحيى الإنسان من جديد بعد أن يضمحل ويتلاشى بدنه؟" بما مفاده: أن هويتكم قائمة بروحكم، لا بأعضاء بدنكم الذي يتفرق في الأرض1.
ويمكن أن يكون الدافع لإنكار الكفار المعاد هو تلك الشبهة التي يعبر عنها في الفلسفة بـ (إستحالة إعادة المعدوم)، اي أن هؤلاء كانوا يعتقدون بأن الإنسان هو هذا البدن المادي الذي يتلاشى وينعدم بالموت، وإذا ردت له الحياة من جديد بعد الموت، فهو إنسان آخر، إذ إن اعادة المعدوم أمر محال وممتنع، وليس لها امكان ذاتي.
ويتضح الجواب عن هذه الشبهة من القرآن الكريم، وأن الهوية الشخصية لكل إنسان وحقيقته متمثلة بروحه، وبعبارة أخرى: إن المعاد ليس من اعادة (المعدوم)، بل عودة (الروح الموجودة).
2- شبهة عدم قابلية البدن للحياة الجديدة
الشبهة السابقة كانت مرتبطة بالإمكان الذاتي للمعاد، أما هذه الشبهة فهي ناظرة لإمكانه الوقوعي، بمعنى: أن عودة الروح للبدن وإن لم تكن محالاً عقلياً، ولا يلزم التناقض من إفتراضها، ولكن وقوع العودة فعلاً وخارجاً مشروط بقابلية البدن، ونحن نرى أن حصول الحياة منوط بشروط وأسباب خاصة، لا بد من توفرها تدريجياً، فمثلاً: لا بد من أن تستقر النطفة في الرحم ولا بد من توفر شروط مناسبة لنموها وتكاملها، لتصبح جنينا متكاملا بالتدريج، ولتكون بصورة إنسان، ولكن البدن الذي يتلاشى يفقد قابليته وإستعداده للحياة.
والجواب عن هذه الشبهة: أن النظام المشهود في عالم الدنيا، ليس هو النظام الممكن وحده، والشروط والأسباب التي نتعرف عليها من خلال التجربة ليست أسباباً وعللاً منحصرة، والشاهد على ذلك وقوع بعض الظواهر والحوادث الحياتية الخارقة للعادة في هذا العالم نفسه، أمثال إحياء بعض الحيوانات أو الناس.
ويمكن التوصل لمثل هذا الجواب من ذكر بعض الظواهر الخارقة للعادة في القرآن الكريم.
3- الشبهة في مجال قدرة الفاعل
الشبهة الأخرى: انه يشترط في وقوع أيّة ظاهرة من الظواهر وتحققها: قدرة الفاعل على ذلك، إضافة للإمكان الذاتي وقابلية القابل، ومن أين نعرف أن الله تعالى يملك القدرة على إحياء الموتى؟!
وهذه الشبهة الضعيفة، إنما تطرح من قبل أولئك الذين يجهلون قدرة الله اللامتناهية، والجواب عنها: أن القدرة الالهية ليس لها حدود، وتتعلق بكل شيء ممكن الوقوع، كما هو الملاحظ بأنه تعالى خلق هذا الكون الواسع بكل ما يتمتع به من عظمة مثيرة للدهشة والإعجاب: ?أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير?(الأحقاف:33)2.
إضافة أن الخلق الجديد ليس أكثر صعوبة من الخلق الأول، ولا يحتاج إلى قدرة أكثر، بل من الممكن القول أنه أهون وأسهل، إذ ليس فيه إلا إعادة الروح الموجودة: ?فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُم?(الإسراء:51)3. ?وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْه?(الروم:27).
4- الشبهة في مجال علم الفاعل
الشبهة الأخرى هي ما يقال: أنه إذا أراد الله إحياء الناس، ومجازاة أعمالهم ثواباً أو عقاباً فيلزم من جانب أن يمّيز بين الأبدان التي لا تعد ولا تحصى، ليعيد كل روح إلى بدنها، ومن جانب آخر، لا بد من أن يتذكر جميع الأعمال الحسنة والسيئة، ليجازي كلا منها بما تستحقه من الثواب أو العقاب، ولكن كيف يمكن التمييز والتعرف على الأبدان التي تحولت إلى تراب، واختلطت ذراتها واجزاؤها؟ وكيف يمكنه أن يضبط ويتذكر أعمال البشر كلها خلال الآلاف بل الملايين من السنين ليحاسبها؟
وهذه الشبهة طرحها أولئك الذين يجهلون العلم الإلهي غير المتناهي، حيث قاسوا العلم الإلهي بعلومهم الناقصة المحدودة، والجواب عن هذه الشبهة أن العلم الإلهي ليس له حدود، وله إحاطة بكل شيء، ولا ينسى الله تعالى أي شيء.
وينقل القرآن الكريم عن فرعون قوله لموسى عليه السلام: ?قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى?؟ فقال موسى عليه السلام: ?عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى?(طه:51-52)4.
وقد ذكر في آية أخرى الجواب عن الشبهتين الاخيرتين: ?قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيم?(يس:79).
--------------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
1- سورة السجدة:10-11
2- وانظر أيضا: سورة يس:81، والإسراء:99، والصافات:11، والنازعات:27.
3- انظر ايضاً العنكبوت:19-20، وق:15، والواقعة:62، ويس:80، والحج:5، والطارق:8.
4- وتراجع ايضاً: سورة ق:2-4.
من خلال إحتجاجات القرآن الكريم ومناظراته مع منكري المعاد ومن خلال اسلوب أجوبته على مزاعمهم، يبدو انه كانت هناك شبهات في أذهانهم، ونحن نستعرضها وننظمها بما يتناسب والاجوبة عنها.
1- شبهة إعادة المعدوم
إن القرآن الكريم أجاب أولئك الذين كانوا يقولون "كيف يحيى الإنسان من جديد بعد أن يضمحل ويتلاشى بدنه؟" بما مفاده: أن هويتكم قائمة بروحكم، لا بأعضاء بدنكم الذي يتفرق في الأرض1.
ويمكن أن يكون الدافع لإنكار الكفار المعاد هو تلك الشبهة التي يعبر عنها في الفلسفة بـ (إستحالة إعادة المعدوم)، اي أن هؤلاء كانوا يعتقدون بأن الإنسان هو هذا البدن المادي الذي يتلاشى وينعدم بالموت، وإذا ردت له الحياة من جديد بعد الموت، فهو إنسان آخر، إذ إن اعادة المعدوم أمر محال وممتنع، وليس لها امكان ذاتي.
ويتضح الجواب عن هذه الشبهة من القرآن الكريم، وأن الهوية الشخصية لكل إنسان وحقيقته متمثلة بروحه، وبعبارة أخرى: إن المعاد ليس من اعادة (المعدوم)، بل عودة (الروح الموجودة).
2- شبهة عدم قابلية البدن للحياة الجديدة
الشبهة السابقة كانت مرتبطة بالإمكان الذاتي للمعاد، أما هذه الشبهة فهي ناظرة لإمكانه الوقوعي، بمعنى: أن عودة الروح للبدن وإن لم تكن محالاً عقلياً، ولا يلزم التناقض من إفتراضها، ولكن وقوع العودة فعلاً وخارجاً مشروط بقابلية البدن، ونحن نرى أن حصول الحياة منوط بشروط وأسباب خاصة، لا بد من توفرها تدريجياً، فمثلاً: لا بد من أن تستقر النطفة في الرحم ولا بد من توفر شروط مناسبة لنموها وتكاملها، لتصبح جنينا متكاملا بالتدريج، ولتكون بصورة إنسان، ولكن البدن الذي يتلاشى يفقد قابليته وإستعداده للحياة.
والجواب عن هذه الشبهة: أن النظام المشهود في عالم الدنيا، ليس هو النظام الممكن وحده، والشروط والأسباب التي نتعرف عليها من خلال التجربة ليست أسباباً وعللاً منحصرة، والشاهد على ذلك وقوع بعض الظواهر والحوادث الحياتية الخارقة للعادة في هذا العالم نفسه، أمثال إحياء بعض الحيوانات أو الناس.
ويمكن التوصل لمثل هذا الجواب من ذكر بعض الظواهر الخارقة للعادة في القرآن الكريم.
3- الشبهة في مجال قدرة الفاعل
الشبهة الأخرى: انه يشترط في وقوع أيّة ظاهرة من الظواهر وتحققها: قدرة الفاعل على ذلك، إضافة للإمكان الذاتي وقابلية القابل، ومن أين نعرف أن الله تعالى يملك القدرة على إحياء الموتى؟!
وهذه الشبهة الضعيفة، إنما تطرح من قبل أولئك الذين يجهلون قدرة الله اللامتناهية، والجواب عنها: أن القدرة الالهية ليس لها حدود، وتتعلق بكل شيء ممكن الوقوع، كما هو الملاحظ بأنه تعالى خلق هذا الكون الواسع بكل ما يتمتع به من عظمة مثيرة للدهشة والإعجاب: ?أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير?(الأحقاف:33)2.
إضافة أن الخلق الجديد ليس أكثر صعوبة من الخلق الأول، ولا يحتاج إلى قدرة أكثر، بل من الممكن القول أنه أهون وأسهل، إذ ليس فيه إلا إعادة الروح الموجودة: ?فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُم?(الإسراء:51)3. ?وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْه?(الروم:27).
4- الشبهة في مجال علم الفاعل
الشبهة الأخرى هي ما يقال: أنه إذا أراد الله إحياء الناس، ومجازاة أعمالهم ثواباً أو عقاباً فيلزم من جانب أن يمّيز بين الأبدان التي لا تعد ولا تحصى، ليعيد كل روح إلى بدنها، ومن جانب آخر، لا بد من أن يتذكر جميع الأعمال الحسنة والسيئة، ليجازي كلا منها بما تستحقه من الثواب أو العقاب، ولكن كيف يمكن التمييز والتعرف على الأبدان التي تحولت إلى تراب، واختلطت ذراتها واجزاؤها؟ وكيف يمكنه أن يضبط ويتذكر أعمال البشر كلها خلال الآلاف بل الملايين من السنين ليحاسبها؟
وهذه الشبهة طرحها أولئك الذين يجهلون العلم الإلهي غير المتناهي، حيث قاسوا العلم الإلهي بعلومهم الناقصة المحدودة، والجواب عن هذه الشبهة أن العلم الإلهي ليس له حدود، وله إحاطة بكل شيء، ولا ينسى الله تعالى أي شيء.
وينقل القرآن الكريم عن فرعون قوله لموسى عليه السلام: ?قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى?؟ فقال موسى عليه السلام: ?عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى?(طه:51-52)4.
وقد ذكر في آية أخرى الجواب عن الشبهتين الاخيرتين: ?قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيم?(يس:79).
--------------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
1- سورة السجدة:10-11
2- وانظر أيضا: سورة يس:81، والإسراء:99، والصافات:11، والنازعات:27.
3- انظر ايضاً العنكبوت:19-20، وق:15، والواقعة:62، ويس:80، والحج:5، والطارق:8.
4- وتراجع ايضاً: سورة ق:2-4.
تعليق