أول الخلفاء الإثنى عشر هو الإمام علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام
الكاتب : الدكتور الشيخ جعفر الباقري
يلاحظ القارئ لحديث ( الخلفاء الإثني عشر ) عند اطلالته الأولية عليه أنَّ الدائرة التي تشمل هؤلاء الخلفاء قد تبدو واسعةً إلى حدٍ ما ، و لكن ، و من خلال النظر في القواسم المشتركة بين هياكل الحديث اللفظية المتنوعة التي أشرنا إليها سابقاً ، و من خلال الإطّلاع على القيود و المخصّصات الإضافية التي وردت على لسان طائفة معتدّ بها بنفس هذا المضمون . . من خلا هذا نستطيع وفقاَ للسير العلمي الإنتقال من تلك الدائرة الواسعة إلى دائرة أضيق ، و نقف على المقصود الواقعي من الحديث ، و تحديد هوية الأشخاص الذين أشار إليهم رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آلِهِ و سَلَّمَ ) من خلاله .
و من المفردات الأخرى التي تتجه بالحديث نحو هذا المسار من التحديد و التخصيص النصوص التي دلّت على أنَّ أول ( الخلفاء الإثنى عشر ) المقصودين بهذا الحديث هو علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) .
و مما لا يقبل الريب أنَّ جميع ما أستفيد من الأحاديث المتقدمة من إستنتاجات ينطبق على علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) تمام الإنطباق ، و يتجسد فيه بأجلى الصور و أوضحها ، فلنعد ، و ننظر في تلك القواسم المشتركة لنرى دقّة هذا التوافق و الإنسجام :
أولاً : عليُّ من قريش
إنّ الأحاديث المتقدمة قد نصّت على أنَّ ( الخلفاء الاثني عشر ) من ( قريش ) ، و علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) كذلك كما لا يخفى ، و أمّا الأحاديث التي دلّت على أنَّهم من ( بني هاشم ) ، فهي تكرّس هذه الحقيقة أيضا ، و تضيف إليها ما يوطدها ، و يؤكدها بشكل أوثق .
ثانياً : عليٌّ يتكفل حفظ الكيان الإسلامي
إنّ الأحاديث المتقدمة نصّت على أنَّ ( الخلفاء الإثني عشر ) يحفظون بقاء الإسلام و الأمر منيعاً ، عزيزاً ، قائماً ، صالحاً ، ماضياً ، مستقيماً ، ظاهراً ، منتصراً ، و لا يمكن لهذه الحقيقة أن تتخطى بطل الإسلام الأول علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) الذي ما فتيء يدافع عن رسالة الإسلام ، و يذّب عنها ، و يضحي من أجلها بكلّ وجوده .
فهو نجيّ رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آلِهِ و سَلَّمَ ) [1] ، و موضع سرِّه ، و قد كان له منزلة من رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آلِهِ و سَلَّمَ ) لم تكن لأحدٍ من الخلائق في هذا الخصوص .
و كان علي ( عَليهِ السَّلامُ ) آخر الناس عهداً برسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آلِهِ و سَلَّمَ ) [2] .
و كان ( عَليهِ السَّلامُ ) أول الناس به ( صَلّى اللهُ عليهِ و آلِهِ و سَلَّمَ ) لحوقاً و اشدهم به لزوقاً [3] .
و هو الذي آخاه رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) من بين جميع المهاجرين والأنصار [4] ، و هو الذي اختاره الله تعالى له ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) [5] .
و هو أعلم الناس بعد رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) ، كما تضافرت بذلك النصوص القاطعة الصريحة في مصادر ( مدرسة الصَّحابة ) [6] .
و قد رشَّحه رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) للمواقف الإسلامية الفاصلة ، و المهامّ الرسالية الكبرى من بين المسلمين قاطبةً .
فمن ذلك مبيته ( عَليهِ السَّلامُ ) على فراش النبي الخاتَم ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) ليلة الهجرة ليحميه من الأعداء ، و يذبُّ عنه بمهجته ، و يؤثره بالحياة ، حتى باهى الله تعالى به الملائكة [7] .
و منها أنه ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) هدد الكفار به ( عَليهِ السَّلامُ ) ، ليضرب رقابَهم على الدين و هم مجفلون إجفال النعم [8] .
ومنها أنَّه ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) دفع له ( عَليهِ السَّلامُ ) الراية يوم خيبر ، و وصفه بأنَّه يحبُّ اللهَ و رسولَه ، و يحبُّه اللهُ ورسولُه ، يفتح الله له ، ليس بفرّار ، و هو إذ ذاك أرمد العينين [9] .
و منها أنه ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) أسند إليه ( عَليهِ السَّلامُ ) تبليغ سورة براءة [10] . . . و غير ذلك من المهام الكبرى التي رقى إليها بطل الإسلام علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) .
إنَّ كل هذا يشير بمجموعه إلى عين الحقيقة التي وردت في حديث ( الخلفاء الإثنى عشر ) الذين افتُرض فيهم أن يكونوا حماةً للدين ، و روّاداً لمسيرة الرسالة الإسلامية ، و حفظة لتعاليمها المقدسة ، بحيث يبقى أمر الإسلام منيعاً ، عزيزاً ، قائماً ، صالحاً ، ماضياً ، مستقيماً ، ظاهراً ، منتصراً ، على حد تعبير الأحاديث المتقدمة .
و لا يفوتنا الإشارة في هذا المقام إلى أنَّ ما ذكرناه سابقاً لمعنى الحفظ الواقعي لمبادئ الإسلام و تعاليمه ، و أنَّه لا ينحصر في مسألة استلام السلطة ، و تقلّد مهام الحكم الإسلامي ظاهرياً .
و عند العودة إلى ما ذكرناه آنفا من تفسير الحفظ ، و الصيانة ، و المنعة ، و العزّة ، و القيمومة ، و الصلاح ، و المضي ، و الاستقامة ، و الظهور التي ورد ذكرها في روايات ( الخلفاء الإثنى عشر ) و أنَّه لا ينحصر في مسألة استلام السلطة ، و تقلّد مهام الحكم الإسلامي ظاهراً ، و إن كان ذلك ممكنا معه . . نجد أنَّ هذا التفسير يتجلى بكل وضوح في المواقف و المبادرات التي كان يتقدم فيها الإمام علي ( عَليهِ السَّلامُ ) ليصحح الأخطاء التي قد يقع فيها من استلم الخلافة الإسلامية الظاهرية قبله ، و تلافي كلّ ما يمكن له تلافيه من الإنحرافات التي تعترض مسيرة الشريعة الإسلامية ، و مراقبة التشريع و مبادئه عن كثب ، و معالجة كلّ حالة يمكن أن تخطو باتجاه التحريف ، و الخروج عن السنّة النبوية القاطعة .
و من الطبيعي أنَّ هذا السلوك المسؤول الذي يمارسه الإمام علي ( عَليهِ السَّلامُ ) تجاه التشريع الإسلامي على الرّغم من أنّه لم يكن متصدياً لشؤون الحكم لا يعني إلاّ تكريس الحقيقة التي أكّدها رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) في حديث ( الخلفاء الإثنى عشر ) من أنَّ هؤلاء الخلفاء سيقومون بهذا الدور طيلة مسيرة الرسالة ، و في مختلف الظروف التي تكتنف بها ، و في مختلف العصور و الأزمنة ، و إلى حين قيام الساعة .
إنَّ ممارسة ( الخلفاء الإثني عشر ) لدورهم الريادي هذا ، و أدائهم لمهام الخلافة التي أنيطت بهم كانت تمارس بغض النظر عن كونهم يجدون الطريق للإمساك بزمام الحكم الشرعي كما حدث في عهد الإمام علي ( عَليهِ السَّلامُ ) بعد مقتل عثمان ، فتجتمع بذلك الوظيفتان ، أو أنَّ الظرف تحول بينهم و بين ذلك ، فيبقى على عاتقهم الإضطلاع بالدور الحقيقي و الأساسي الموكل بهم ، كما حدث لعلي ( عَليهِ السَّلامُ ) في فترة استلام ( أبي بكر ) ، و ( عمر ) ، و ( عثمان ) للخلافة من قبله ، و كما حدث لبقيّة خلفاء الرسول إجمالاً .
ثالثاً : عليٌّ خليفة الرسول و وصيُّه
إنَّ الأحاديث المتقدمة قد نصّت جميعاً من خلال هياكلها اللفظية المتنوعة على كون هؤلاء ( الخلفاء الإثنى عشر ) هم خلفاء ، و أمراء ، و أوصياء لرسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) ، و قد تضافرت أحاديث أخرى عنه ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) تؤكد على كون علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) وصيّاً ، و خليفة على الأمّة من بعده ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) ، و تأمر المسلمين باتباعه ، و اقتفاء أثره ، و الأخذ عنه .
و بما أنَّ الأحاديث التي وردت عن رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) بهذا الصدد أحاديث غفيرة جداً ، و قد ذكرتها الكتب المتخصصة بهذا الشأن . . فنحن سوف نقتصر على ذكر الأهم منها في مصادر مدرسة الخلفاء على سبيل المثال .
فمن الأحاديث التي دلت علي كون علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) وصيّاً و خليفة لرسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) من بعده ما رواه ( الطبراني ) في ( المعجم الكبير ) عن ( عباية بن ربعي ) عن ( أبي أيوب الأنصاري ) من أنّ رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) قد قال لفاطمة ( عَليها السَّلامُ ) :
( أما علمتِ أنَّ الله عزَّ و جلَّ اطَّلع إلى أهل الأرض ، فاختار منهم أباكِ ، فبعثه نبيّاً ، ثمَّ اطَّلع الثانية ، فاختار بعلكِ ، فأوحى إليَّ ، فأنكحتُه ، و اتخذتُه وصيّاً ) [11] .
و روى ( الطبراني ) أيضاً عن ( أبي سعيد الخدري ) عن ( سلمان ) أنَّه قال :
( قلت : يا رسول الله ، لكلِّ نبيٍّ وصي ، فمن وصيُّك ؟ فسكت عني ، فلمّا بعد رآني فقال :
ـ يا سلمان!
فأسرعت إليه ، و قلت :
ـ لبيك! فقال ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) :
ـ تعلّم مَن وصيّ موسى ؟ قلت :
ـ نعم ، يوشع بن نون ، قال ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) :
ـ لم ؟ قلت :
ـ لأنَّه كان أعلمهم ، قال ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) :
ـ فانَّ وصيي ، و موضع سرّي ، و خير من اترك بعدي ، و ينجز عدتي ، و يقضي ديني ، علي بن أبي طالب ) [12] .
و جاء في ( مسند أحمد بن حنبل ) عن ( الأعمش ) عن ( المنهال ) عن ( عباد بن عبد الله الأسدي ) عن علي ( عَليهِ السَّلامُ ) أنه قال :
( لما نزلت هذه الآية ﴿ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [13] ، قال : جمع النبي ( صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم ) من أهل بيته ، فاجتمع ثلاثون ، فأكلوا ، و شربوا ، قال : فقال لهم :
ـ من يضمن عني ديني و مواعيدي ، و يكون معي في الجنة ، و يكون خليفتي في أهلي ؟
فقال رجل :
ـ يا رسول الله ! أنت كنت بحراً ، من يقوم بهذا ؟
قال : فعرض ذلك على أهل بيته ، فقال عليٌّ رضي الله عنه :
ـ أنا ) [14] .
و قد نقلت حادثة ( الدار ) هذه الكتب التأريخية المعتبرة لدى مدرسة الخلفاء ، و جاء في ( الكامل ) لـ ( ابن الأثير ) و ( تأريخ الطبري ) :
( إنَّ رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم ) أخذ بعد ذلك برقبة علي و قال :
ـ إنَّ هذا أخي ، و وصيي ، و خليفتي فيكم ، فاسمعوا له و أطيعوا .
فقام القوم يضحكون ، و يقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع ) [15] !
و ورد أيضا في ( المعجم الكبير ) بإسناده إلى ( ابن عمر ) أنّه قال :
( بينما أنا مع النبي ( صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم ) في ظل بالمدينة ، و هو يطلب علياً رضي الله عنه ، إذا انتهينا إلى حائط ، فنظرنا فيه ، فنظر إلى علي و هو نائم في الأرض ، و قد اغبرَّ فقال :
ـ لا ألوم الناس يكنّونك أبا تراب !
فلقد رأيت علياً تغيَّر وجهه ، و اشتد ذلك عليه ، فقال :
ـ ألا أرضيك يا علي ؟! قال :
ـ بلى يا رسول الله ! قال ( صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم ) :
ـ أنت أخي و وزيري ، تقضي ديني ، و تنجز موعدي ، و تبرئ ذمتي ، فمن أحبَّك في حياةٍ مني فقد قضي نحبه ، و من أحبَّك في حياة منك بعدي ختم الله له بالأمن و الإيمان ، و من أحبَّك بعدي ولم يركَ ختم الله له بالأمن و الإيمان ، و آمنه يوم الفزع الأكبر ، و من مات و هو يبغضك يا علي مات ميتة جاهلية ، يحاسبه الله بما عمل في الإسلام ) [16] .
و في ( مسند أحمد بن حنبل ) عن ( سعد ) أنَّه قال :
( لما خرج رسول الله في غزوة تبوك خلَّف علياً رضي الله عنه ، فقال :
ـ أتخلفني ؟ قال له :
ـ أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنَّه لا نبي بعدي ) [17] ؟!
و في ( حلية الأولياء ) ، و ( تأريخ ابن عساكر ) ، و ( شرح نهج البلاغة ) عن ( أنس ) :
( أنَّ الرسول توضأ ، و صلّى ركعتين ، و قال له :
ـ أول من يدخل عليك من هذا الباب إمام المتقين ، و سيد المسلمين ، و خاتم الوصيين .
فجاء علي ، فقال ( صَلّى اللهُ عليهِ و سلم ) :
ـ مَن جاء يا أنس ؟ فقلت :
ـ علي !
فقام إليه مستبشرا فاعتنقه . . ) [18] .
و في ( تأريخ دمشق ) و ( الرياض النضرة ) عن ( بريدة الأسلمي ) أنَّه قال :
( قال النبي صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم :
ـ لكلّ نبيٍّ وصي و وارث ، و إنَّ علياً وصيي و وارثي ) [19] .
و بنفس هذا المعنى وردت الأحاديث التي تعبّر عن علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) بأنَّه وليُّ كلِّ مؤمن و مؤمنة ، و تأمر المسلمين باتباعه ، و موالاته ، لتقلِّده هذا المنصب الرسالي العظيم ، و من أشهر هذه النصوص ( حديث الغدير ) المروي بتواتر في كتب المدرستين ، و كنموذج لهذا الحديث نورد ما روى في ( مسند أحمد بن حنبل ) باسناده إلى ( سعيد بن وهب ) و ( زيد بن يثيع ) أنَّهما قالا :
( نشدَ عليٌّ الناسَ في الرحبة :
ـ من سمع رسول الله يقول يوم غدير خُم إلاّ قام ؟
قال : فقام من قبل سعيد ستة ، و من قبل زيد ستة ، فشهدوا أنَّهم سمعوا رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم يقول لعلي رضي الله عنه يوم غدير خم :
ـ أليس الله أولى بالمؤمنين ؟ قالوا :
ـ بلى ، قال :
ـ اللهم مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ، اللهمَّ والِِ مَن والاه ، و عادِ مَن عاداه ، و انصر مَن نصره ، و اخذل مَن خذله ) [20] .
و ورد في ( سنن الترمذي ) بإسناده إلى ( عمران بن حصين ) أنَّه قال :
( بعث رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم جيشاً ، و استعمل عليهم علي بن أبي طالب ، فمضي في السرية ، فأصاب جارية فأنكروا عليه ، و تعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و واله سلم فقالوا :
ـ إذا لقينا رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم أخبرناه بما صنع علي . .
فأقبل رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم ، و الغضب يعرف في وجهه ، فقال :
ـ ما تريدون من علي ؟ ما تريدون من علي ؟ ما تريدون من علي ؟ إنَّ علي مني ، و أنا منه ، و هو ولي كل مؤمن بعدي ) [21] .
و في ( شواهد التنزيل ) لـ ( الحسكاني ) عن ( ابن عباس ) في قوله تعالى :
﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ [22] أنه قال :
ـ ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ ... ﴾ [23] : يعني ناصرُكم الله ، ﴿ ... وَرَسُولُهُ ... ﴾ [24] : يعني محمداً صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم ، ثمَّ قال : ﴿ ... وَالَّذِينَ آمَنُواْ ... ﴾ [25] فخصَّ من بين المؤمنين علي بن أبي طالب فقال : ﴿ ... الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ ... ﴾ [26] : يعني يتمّون وضوءها ، و قراءتها ، و ركوعها ، و سجودها ، ﴿ ... وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ [27] : و ذلك أنَّ رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم صلّى يوماً بأصحابه صلاة الظهر ، و انصرف هو و أصحابه ، فلم يبقَ في المسجد غير علي قائماً يصلّي بين الظهر و العصر ، إذ دخل عليه فقير من فقراء المسلمين ، فلم يرَ في المسجد أحداً خلا علياً ، فأقبل نحوه فقال : يا ولي الله ، بالذي تصلّى له أن تتصدق عليَّ بما أمكنك ، و له خاتم عقيق يماني أحمر ، كان يلبسه في الصلاة في يمينه ، فمدَّ يده فوضعها على ظهره ، و أشار إلى السائل بنزعه ، فنزعه و دعا له ، و مضى ، و هبط جبرئيل ، فقال النبي صَلّى اللهُ عليهِ و سلم لعلي :
ـ لقد باهى الله بك ملائكته اليوم ، اقرأ :
﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ... ﴾ [28][29] .
و روى ( أحمد بن حنبل ) بإسناده إلى ( بريدة ) أنَّه قال :
( بعث رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم بعثين إلى اليمن ، على أحدهما علي بن أبي طالب ، و على الآخر خالد بن الوليد ، فقال : إذا إلتقيتم فعليُّ على الناس ، و إن افترقتما فكلّ واحد منكما على جنده ، قال : فلقينا بني زيد من أهل اليمن ، فاقتتلنا فظفر المسلمون على المشركين ، فقتلنا المقاتلة ، و سبينا الذرية ، فاصطفى علي امرأة من السبي لنفسه ، قال بريدة : فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم يخبره بذلك ، فلما أتيت النبي صَلّى اللهُ عليهِ و سلم دفعتُ الكتاب ، فقرئ عليه ، فرأيت الغضب في وجه رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم ، فقلت :
ـ يا رسول الله ! هذا مكان العائذ ، بعثتني مع رجل و أمرتني أن أطيعه ، ففعلتُ ما أرست به .
فقال رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم :
ـ لا تقع في علي فإنَّه مني ، و أنا منه ، و هو وليُّكم بعدي ، و إنَّه مني ، و أنا منه ، و هو وليُّكم بعدي ) [30] .
ولنقرأ ما يرويه لنا ( ابن عباس ) حول منزلة علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) في الإسلام ، و رعاية الرسول الخاصة به ، و إعداده الإعداد النيابي الذي يمثِّل الخليفة ، و الوصي ، على أمور الدين من بعده ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) بكلّ ما لهذه الخلافة و الوصاية من معنى .
فقد جاء في ( المعجم الكبير ) لـ ( الطبراني ) بإسناده إلى ( عمرو بن ميمون ) أنَّه قال ما نصّه :
( كنّا عند ابن عباس ، فجاءه سبعة نفر ، و هو يومئذٍ صحيح قبل أن يعمى ، فقالوا : يا بن عباس ، قم معنا ، أو قال : أخلوا يا هؤلاء ، قال : بل أقوم معكم ، فقام معهم ، فما ندري ما قالوا ، فرجع ينفض ثوبه و يقول : أفٍ أفٍ ، وقعوا في رجلٍ قيل فيه ما أقول لكم الآن ، وقعوا في علي بن أبي طالب ، و قد قال نبي الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم :
ـ لأبعثن رجلاً لا يخزيه الله .
فبعث إلى علي و هو في الرحى يطحن ، و ما كان أحدكم يطحن ، فجاؤوا به أرمد ، فقال :
ـ يا نبي الله ! ما أكاد أبصر .
فنفث في عينه ، و هزَّ الراية ثلاث مرات ، ثم دفعها إليه ، ففتح له ، فجاء بصفية بنت حيي ، ثمَّ قال لبني عمه :
ـ أيُّكم يتولاني في الدنيا و الآخرة ؟ ـ ثلاثا ـ
حتى مرَّ على آخرهم ، فقال علي ( عَليهِ السَّلامُ ) :
ـ يا نبيَّ الله ! أنا وليُّك في الدنيا و الآخرة . فقال النبي صَلّى اللهُ عليهِ و سلم :
ـ أنت وليي في الدنيا و الآخرة .
قال : و بعث أبا بكر بسورة التوبة ، و بعث علياً على أثره ، فقال أبو بكر :
ـ يا علي ، لعل الله و نبيَّه سخطا عليَّ ! فقال علي :
ـ لا ، و لكنَّ نبيَّ الله قال :
ـ لا ينبغي أن يبلّغ عني إلاّ رجلٌ مني ، و أنا منه .
قال : و وضع نبي الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم ثوبه على علي ، و فاطمة ، و الحسن ، و الحسين ، و قال :
ـ ﴿ ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [31] .
و كان أول من أسلم بعد خديجة من الناس .
قال : و شرى علي نفسه ، لبس ثوب النبي صَلّى اللهُ عليهِ و سلم ، ثم قام مكانه ، قال : و كان المشركون يرمون رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم ، فجاء أبو بكر ، فقال :
ـ إليَّ يا رسول الله !
و أبو بكر يحسبه نبيَّ الله ، فقال علي :
ـ إنَّ نبي الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم انطلق نحو بئر ميمون فأدركه .
فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار ، و جعل علي يُرمى بالحجارة كما كان رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم يُرمى ، و هو يتضور ، قد لفَّ رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ، ثمَّ كشف رأسه حين أصبح ، فقالوا : إنك للئيم ، كان صاحبك نرميه بالحجارة فلا يتضور ، و أنت تتضور ، و قد استنكرنا ذلك .
قال : ثم خرج بالناس في غزاة تبوك ، فقال له علي :
ـ أخرج معك ؟
قال له النبي صَلّى اللهُ عليهِ و سلم :
ـ لا !
فبكى علي ، فقال له نبي الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم :
ـ أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون بن موسى ، إلاّ أنك لست بنبي ، إنَّه لا ينبغي أن أذهب إلاّ و أنت خليفتي .
قال : و قال له :
ـ أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي .
قال : و سدَّ رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم أبواب المسجد غير باب علي ، فيدخل المسجد جنباً ، و هو طريقه ، ليس له طريق غيره .
قال : و قال :
ـ مَن كنتُ مولاه فعلي مولاه . . ) [32] .
من خلال كلّ الذي تقدم يظهر لنا جلياً أنَّ هذه الأحاديث المرويّة عن رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) بخصوص تنصيب علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) خليفة و وصي من بعده ، و أمره للمسلمين بطاعته ، و اتباعه ، و موالاته ، تنسجم تماماً مع حديث ( الخلفاء الإثنى عشر ) ، من ناحية مضامينه ، و مداليله العامة ، كما ألمحنا إليه ، و من ناحية نصّ بعض ألفاظ هذا الحديث على أنَّ أول هؤلاء ( الخلفاء الإثنى عشر ) هو علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) ، و كونه من ( قريش ) و من ( بني هاشم ) كما تقدم [33] .
الكاتب : الدكتور الشيخ جعفر الباقري
يلاحظ القارئ لحديث ( الخلفاء الإثني عشر ) عند اطلالته الأولية عليه أنَّ الدائرة التي تشمل هؤلاء الخلفاء قد تبدو واسعةً إلى حدٍ ما ، و لكن ، و من خلال النظر في القواسم المشتركة بين هياكل الحديث اللفظية المتنوعة التي أشرنا إليها سابقاً ، و من خلال الإطّلاع على القيود و المخصّصات الإضافية التي وردت على لسان طائفة معتدّ بها بنفس هذا المضمون . . من خلا هذا نستطيع وفقاَ للسير العلمي الإنتقال من تلك الدائرة الواسعة إلى دائرة أضيق ، و نقف على المقصود الواقعي من الحديث ، و تحديد هوية الأشخاص الذين أشار إليهم رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آلِهِ و سَلَّمَ ) من خلاله .
و من المفردات الأخرى التي تتجه بالحديث نحو هذا المسار من التحديد و التخصيص النصوص التي دلّت على أنَّ أول ( الخلفاء الإثنى عشر ) المقصودين بهذا الحديث هو علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) .
و مما لا يقبل الريب أنَّ جميع ما أستفيد من الأحاديث المتقدمة من إستنتاجات ينطبق على علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) تمام الإنطباق ، و يتجسد فيه بأجلى الصور و أوضحها ، فلنعد ، و ننظر في تلك القواسم المشتركة لنرى دقّة هذا التوافق و الإنسجام :
أولاً : عليُّ من قريش
إنّ الأحاديث المتقدمة قد نصّت على أنَّ ( الخلفاء الاثني عشر ) من ( قريش ) ، و علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) كذلك كما لا يخفى ، و أمّا الأحاديث التي دلّت على أنَّهم من ( بني هاشم ) ، فهي تكرّس هذه الحقيقة أيضا ، و تضيف إليها ما يوطدها ، و يؤكدها بشكل أوثق .
ثانياً : عليٌّ يتكفل حفظ الكيان الإسلامي
إنّ الأحاديث المتقدمة نصّت على أنَّ ( الخلفاء الإثني عشر ) يحفظون بقاء الإسلام و الأمر منيعاً ، عزيزاً ، قائماً ، صالحاً ، ماضياً ، مستقيماً ، ظاهراً ، منتصراً ، و لا يمكن لهذه الحقيقة أن تتخطى بطل الإسلام الأول علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) الذي ما فتيء يدافع عن رسالة الإسلام ، و يذّب عنها ، و يضحي من أجلها بكلّ وجوده .
فهو نجيّ رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آلِهِ و سَلَّمَ ) [1] ، و موضع سرِّه ، و قد كان له منزلة من رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آلِهِ و سَلَّمَ ) لم تكن لأحدٍ من الخلائق في هذا الخصوص .
و كان علي ( عَليهِ السَّلامُ ) آخر الناس عهداً برسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آلِهِ و سَلَّمَ ) [2] .
و كان ( عَليهِ السَّلامُ ) أول الناس به ( صَلّى اللهُ عليهِ و آلِهِ و سَلَّمَ ) لحوقاً و اشدهم به لزوقاً [3] .
و هو الذي آخاه رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) من بين جميع المهاجرين والأنصار [4] ، و هو الذي اختاره الله تعالى له ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) [5] .
و هو أعلم الناس بعد رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) ، كما تضافرت بذلك النصوص القاطعة الصريحة في مصادر ( مدرسة الصَّحابة ) [6] .
و قد رشَّحه رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) للمواقف الإسلامية الفاصلة ، و المهامّ الرسالية الكبرى من بين المسلمين قاطبةً .
فمن ذلك مبيته ( عَليهِ السَّلامُ ) على فراش النبي الخاتَم ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) ليلة الهجرة ليحميه من الأعداء ، و يذبُّ عنه بمهجته ، و يؤثره بالحياة ، حتى باهى الله تعالى به الملائكة [7] .
و منها أنه ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) هدد الكفار به ( عَليهِ السَّلامُ ) ، ليضرب رقابَهم على الدين و هم مجفلون إجفال النعم [8] .
ومنها أنَّه ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) دفع له ( عَليهِ السَّلامُ ) الراية يوم خيبر ، و وصفه بأنَّه يحبُّ اللهَ و رسولَه ، و يحبُّه اللهُ ورسولُه ، يفتح الله له ، ليس بفرّار ، و هو إذ ذاك أرمد العينين [9] .
و منها أنه ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) أسند إليه ( عَليهِ السَّلامُ ) تبليغ سورة براءة [10] . . . و غير ذلك من المهام الكبرى التي رقى إليها بطل الإسلام علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) .
إنَّ كل هذا يشير بمجموعه إلى عين الحقيقة التي وردت في حديث ( الخلفاء الإثنى عشر ) الذين افتُرض فيهم أن يكونوا حماةً للدين ، و روّاداً لمسيرة الرسالة الإسلامية ، و حفظة لتعاليمها المقدسة ، بحيث يبقى أمر الإسلام منيعاً ، عزيزاً ، قائماً ، صالحاً ، ماضياً ، مستقيماً ، ظاهراً ، منتصراً ، على حد تعبير الأحاديث المتقدمة .
و لا يفوتنا الإشارة في هذا المقام إلى أنَّ ما ذكرناه سابقاً لمعنى الحفظ الواقعي لمبادئ الإسلام و تعاليمه ، و أنَّه لا ينحصر في مسألة استلام السلطة ، و تقلّد مهام الحكم الإسلامي ظاهرياً .
و عند العودة إلى ما ذكرناه آنفا من تفسير الحفظ ، و الصيانة ، و المنعة ، و العزّة ، و القيمومة ، و الصلاح ، و المضي ، و الاستقامة ، و الظهور التي ورد ذكرها في روايات ( الخلفاء الإثنى عشر ) و أنَّه لا ينحصر في مسألة استلام السلطة ، و تقلّد مهام الحكم الإسلامي ظاهراً ، و إن كان ذلك ممكنا معه . . نجد أنَّ هذا التفسير يتجلى بكل وضوح في المواقف و المبادرات التي كان يتقدم فيها الإمام علي ( عَليهِ السَّلامُ ) ليصحح الأخطاء التي قد يقع فيها من استلم الخلافة الإسلامية الظاهرية قبله ، و تلافي كلّ ما يمكن له تلافيه من الإنحرافات التي تعترض مسيرة الشريعة الإسلامية ، و مراقبة التشريع و مبادئه عن كثب ، و معالجة كلّ حالة يمكن أن تخطو باتجاه التحريف ، و الخروج عن السنّة النبوية القاطعة .
و من الطبيعي أنَّ هذا السلوك المسؤول الذي يمارسه الإمام علي ( عَليهِ السَّلامُ ) تجاه التشريع الإسلامي على الرّغم من أنّه لم يكن متصدياً لشؤون الحكم لا يعني إلاّ تكريس الحقيقة التي أكّدها رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) في حديث ( الخلفاء الإثنى عشر ) من أنَّ هؤلاء الخلفاء سيقومون بهذا الدور طيلة مسيرة الرسالة ، و في مختلف الظروف التي تكتنف بها ، و في مختلف العصور و الأزمنة ، و إلى حين قيام الساعة .
إنَّ ممارسة ( الخلفاء الإثني عشر ) لدورهم الريادي هذا ، و أدائهم لمهام الخلافة التي أنيطت بهم كانت تمارس بغض النظر عن كونهم يجدون الطريق للإمساك بزمام الحكم الشرعي كما حدث في عهد الإمام علي ( عَليهِ السَّلامُ ) بعد مقتل عثمان ، فتجتمع بذلك الوظيفتان ، أو أنَّ الظرف تحول بينهم و بين ذلك ، فيبقى على عاتقهم الإضطلاع بالدور الحقيقي و الأساسي الموكل بهم ، كما حدث لعلي ( عَليهِ السَّلامُ ) في فترة استلام ( أبي بكر ) ، و ( عمر ) ، و ( عثمان ) للخلافة من قبله ، و كما حدث لبقيّة خلفاء الرسول إجمالاً .
ثالثاً : عليٌّ خليفة الرسول و وصيُّه
إنَّ الأحاديث المتقدمة قد نصّت جميعاً من خلال هياكلها اللفظية المتنوعة على كون هؤلاء ( الخلفاء الإثنى عشر ) هم خلفاء ، و أمراء ، و أوصياء لرسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) ، و قد تضافرت أحاديث أخرى عنه ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) تؤكد على كون علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) وصيّاً ، و خليفة على الأمّة من بعده ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) ، و تأمر المسلمين باتباعه ، و اقتفاء أثره ، و الأخذ عنه .
و بما أنَّ الأحاديث التي وردت عن رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) بهذا الصدد أحاديث غفيرة جداً ، و قد ذكرتها الكتب المتخصصة بهذا الشأن . . فنحن سوف نقتصر على ذكر الأهم منها في مصادر مدرسة الخلفاء على سبيل المثال .
فمن الأحاديث التي دلت علي كون علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) وصيّاً و خليفة لرسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) من بعده ما رواه ( الطبراني ) في ( المعجم الكبير ) عن ( عباية بن ربعي ) عن ( أبي أيوب الأنصاري ) من أنّ رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) قد قال لفاطمة ( عَليها السَّلامُ ) :
( أما علمتِ أنَّ الله عزَّ و جلَّ اطَّلع إلى أهل الأرض ، فاختار منهم أباكِ ، فبعثه نبيّاً ، ثمَّ اطَّلع الثانية ، فاختار بعلكِ ، فأوحى إليَّ ، فأنكحتُه ، و اتخذتُه وصيّاً ) [11] .
و روى ( الطبراني ) أيضاً عن ( أبي سعيد الخدري ) عن ( سلمان ) أنَّه قال :
( قلت : يا رسول الله ، لكلِّ نبيٍّ وصي ، فمن وصيُّك ؟ فسكت عني ، فلمّا بعد رآني فقال :
ـ يا سلمان!
فأسرعت إليه ، و قلت :
ـ لبيك! فقال ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) :
ـ تعلّم مَن وصيّ موسى ؟ قلت :
ـ نعم ، يوشع بن نون ، قال ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) :
ـ لم ؟ قلت :
ـ لأنَّه كان أعلمهم ، قال ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) :
ـ فانَّ وصيي ، و موضع سرّي ، و خير من اترك بعدي ، و ينجز عدتي ، و يقضي ديني ، علي بن أبي طالب ) [12] .
و جاء في ( مسند أحمد بن حنبل ) عن ( الأعمش ) عن ( المنهال ) عن ( عباد بن عبد الله الأسدي ) عن علي ( عَليهِ السَّلامُ ) أنه قال :
( لما نزلت هذه الآية ﴿ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [13] ، قال : جمع النبي ( صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم ) من أهل بيته ، فاجتمع ثلاثون ، فأكلوا ، و شربوا ، قال : فقال لهم :
ـ من يضمن عني ديني و مواعيدي ، و يكون معي في الجنة ، و يكون خليفتي في أهلي ؟
فقال رجل :
ـ يا رسول الله ! أنت كنت بحراً ، من يقوم بهذا ؟
قال : فعرض ذلك على أهل بيته ، فقال عليٌّ رضي الله عنه :
ـ أنا ) [14] .
و قد نقلت حادثة ( الدار ) هذه الكتب التأريخية المعتبرة لدى مدرسة الخلفاء ، و جاء في ( الكامل ) لـ ( ابن الأثير ) و ( تأريخ الطبري ) :
( إنَّ رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم ) أخذ بعد ذلك برقبة علي و قال :
ـ إنَّ هذا أخي ، و وصيي ، و خليفتي فيكم ، فاسمعوا له و أطيعوا .
فقام القوم يضحكون ، و يقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع ) [15] !
و ورد أيضا في ( المعجم الكبير ) بإسناده إلى ( ابن عمر ) أنّه قال :
( بينما أنا مع النبي ( صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم ) في ظل بالمدينة ، و هو يطلب علياً رضي الله عنه ، إذا انتهينا إلى حائط ، فنظرنا فيه ، فنظر إلى علي و هو نائم في الأرض ، و قد اغبرَّ فقال :
ـ لا ألوم الناس يكنّونك أبا تراب !
فلقد رأيت علياً تغيَّر وجهه ، و اشتد ذلك عليه ، فقال :
ـ ألا أرضيك يا علي ؟! قال :
ـ بلى يا رسول الله ! قال ( صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم ) :
ـ أنت أخي و وزيري ، تقضي ديني ، و تنجز موعدي ، و تبرئ ذمتي ، فمن أحبَّك في حياةٍ مني فقد قضي نحبه ، و من أحبَّك في حياة منك بعدي ختم الله له بالأمن و الإيمان ، و من أحبَّك بعدي ولم يركَ ختم الله له بالأمن و الإيمان ، و آمنه يوم الفزع الأكبر ، و من مات و هو يبغضك يا علي مات ميتة جاهلية ، يحاسبه الله بما عمل في الإسلام ) [16] .
و في ( مسند أحمد بن حنبل ) عن ( سعد ) أنَّه قال :
( لما خرج رسول الله في غزوة تبوك خلَّف علياً رضي الله عنه ، فقال :
ـ أتخلفني ؟ قال له :
ـ أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنَّه لا نبي بعدي ) [17] ؟!
و في ( حلية الأولياء ) ، و ( تأريخ ابن عساكر ) ، و ( شرح نهج البلاغة ) عن ( أنس ) :
( أنَّ الرسول توضأ ، و صلّى ركعتين ، و قال له :
ـ أول من يدخل عليك من هذا الباب إمام المتقين ، و سيد المسلمين ، و خاتم الوصيين .
فجاء علي ، فقال ( صَلّى اللهُ عليهِ و سلم ) :
ـ مَن جاء يا أنس ؟ فقلت :
ـ علي !
فقام إليه مستبشرا فاعتنقه . . ) [18] .
و في ( تأريخ دمشق ) و ( الرياض النضرة ) عن ( بريدة الأسلمي ) أنَّه قال :
( قال النبي صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم :
ـ لكلّ نبيٍّ وصي و وارث ، و إنَّ علياً وصيي و وارثي ) [19] .
و بنفس هذا المعنى وردت الأحاديث التي تعبّر عن علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) بأنَّه وليُّ كلِّ مؤمن و مؤمنة ، و تأمر المسلمين باتباعه ، و موالاته ، لتقلِّده هذا المنصب الرسالي العظيم ، و من أشهر هذه النصوص ( حديث الغدير ) المروي بتواتر في كتب المدرستين ، و كنموذج لهذا الحديث نورد ما روى في ( مسند أحمد بن حنبل ) باسناده إلى ( سعيد بن وهب ) و ( زيد بن يثيع ) أنَّهما قالا :
( نشدَ عليٌّ الناسَ في الرحبة :
ـ من سمع رسول الله يقول يوم غدير خُم إلاّ قام ؟
قال : فقام من قبل سعيد ستة ، و من قبل زيد ستة ، فشهدوا أنَّهم سمعوا رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم يقول لعلي رضي الله عنه يوم غدير خم :
ـ أليس الله أولى بالمؤمنين ؟ قالوا :
ـ بلى ، قال :
ـ اللهم مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ، اللهمَّ والِِ مَن والاه ، و عادِ مَن عاداه ، و انصر مَن نصره ، و اخذل مَن خذله ) [20] .
و ورد في ( سنن الترمذي ) بإسناده إلى ( عمران بن حصين ) أنَّه قال :
( بعث رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم جيشاً ، و استعمل عليهم علي بن أبي طالب ، فمضي في السرية ، فأصاب جارية فأنكروا عليه ، و تعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و واله سلم فقالوا :
ـ إذا لقينا رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم أخبرناه بما صنع علي . .
فأقبل رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم ، و الغضب يعرف في وجهه ، فقال :
ـ ما تريدون من علي ؟ ما تريدون من علي ؟ ما تريدون من علي ؟ إنَّ علي مني ، و أنا منه ، و هو ولي كل مؤمن بعدي ) [21] .
و في ( شواهد التنزيل ) لـ ( الحسكاني ) عن ( ابن عباس ) في قوله تعالى :
﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ [22] أنه قال :
ـ ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ ... ﴾ [23] : يعني ناصرُكم الله ، ﴿ ... وَرَسُولُهُ ... ﴾ [24] : يعني محمداً صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم ، ثمَّ قال : ﴿ ... وَالَّذِينَ آمَنُواْ ... ﴾ [25] فخصَّ من بين المؤمنين علي بن أبي طالب فقال : ﴿ ... الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ ... ﴾ [26] : يعني يتمّون وضوءها ، و قراءتها ، و ركوعها ، و سجودها ، ﴿ ... وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ [27] : و ذلك أنَّ رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ واله و سلم صلّى يوماً بأصحابه صلاة الظهر ، و انصرف هو و أصحابه ، فلم يبقَ في المسجد غير علي قائماً يصلّي بين الظهر و العصر ، إذ دخل عليه فقير من فقراء المسلمين ، فلم يرَ في المسجد أحداً خلا علياً ، فأقبل نحوه فقال : يا ولي الله ، بالذي تصلّى له أن تتصدق عليَّ بما أمكنك ، و له خاتم عقيق يماني أحمر ، كان يلبسه في الصلاة في يمينه ، فمدَّ يده فوضعها على ظهره ، و أشار إلى السائل بنزعه ، فنزعه و دعا له ، و مضى ، و هبط جبرئيل ، فقال النبي صَلّى اللهُ عليهِ و سلم لعلي :
ـ لقد باهى الله بك ملائكته اليوم ، اقرأ :
﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ... ﴾ [28][29] .
و روى ( أحمد بن حنبل ) بإسناده إلى ( بريدة ) أنَّه قال :
( بعث رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم بعثين إلى اليمن ، على أحدهما علي بن أبي طالب ، و على الآخر خالد بن الوليد ، فقال : إذا إلتقيتم فعليُّ على الناس ، و إن افترقتما فكلّ واحد منكما على جنده ، قال : فلقينا بني زيد من أهل اليمن ، فاقتتلنا فظفر المسلمون على المشركين ، فقتلنا المقاتلة ، و سبينا الذرية ، فاصطفى علي امرأة من السبي لنفسه ، قال بريدة : فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم يخبره بذلك ، فلما أتيت النبي صَلّى اللهُ عليهِ و سلم دفعتُ الكتاب ، فقرئ عليه ، فرأيت الغضب في وجه رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم ، فقلت :
ـ يا رسول الله ! هذا مكان العائذ ، بعثتني مع رجل و أمرتني أن أطيعه ، ففعلتُ ما أرست به .
فقال رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم :
ـ لا تقع في علي فإنَّه مني ، و أنا منه ، و هو وليُّكم بعدي ، و إنَّه مني ، و أنا منه ، و هو وليُّكم بعدي ) [30] .
ولنقرأ ما يرويه لنا ( ابن عباس ) حول منزلة علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) في الإسلام ، و رعاية الرسول الخاصة به ، و إعداده الإعداد النيابي الذي يمثِّل الخليفة ، و الوصي ، على أمور الدين من بعده ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) بكلّ ما لهذه الخلافة و الوصاية من معنى .
فقد جاء في ( المعجم الكبير ) لـ ( الطبراني ) بإسناده إلى ( عمرو بن ميمون ) أنَّه قال ما نصّه :
( كنّا عند ابن عباس ، فجاءه سبعة نفر ، و هو يومئذٍ صحيح قبل أن يعمى ، فقالوا : يا بن عباس ، قم معنا ، أو قال : أخلوا يا هؤلاء ، قال : بل أقوم معكم ، فقام معهم ، فما ندري ما قالوا ، فرجع ينفض ثوبه و يقول : أفٍ أفٍ ، وقعوا في رجلٍ قيل فيه ما أقول لكم الآن ، وقعوا في علي بن أبي طالب ، و قد قال نبي الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم :
ـ لأبعثن رجلاً لا يخزيه الله .
فبعث إلى علي و هو في الرحى يطحن ، و ما كان أحدكم يطحن ، فجاؤوا به أرمد ، فقال :
ـ يا نبي الله ! ما أكاد أبصر .
فنفث في عينه ، و هزَّ الراية ثلاث مرات ، ثم دفعها إليه ، ففتح له ، فجاء بصفية بنت حيي ، ثمَّ قال لبني عمه :
ـ أيُّكم يتولاني في الدنيا و الآخرة ؟ ـ ثلاثا ـ
حتى مرَّ على آخرهم ، فقال علي ( عَليهِ السَّلامُ ) :
ـ يا نبيَّ الله ! أنا وليُّك في الدنيا و الآخرة . فقال النبي صَلّى اللهُ عليهِ و سلم :
ـ أنت وليي في الدنيا و الآخرة .
قال : و بعث أبا بكر بسورة التوبة ، و بعث علياً على أثره ، فقال أبو بكر :
ـ يا علي ، لعل الله و نبيَّه سخطا عليَّ ! فقال علي :
ـ لا ، و لكنَّ نبيَّ الله قال :
ـ لا ينبغي أن يبلّغ عني إلاّ رجلٌ مني ، و أنا منه .
قال : و وضع نبي الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم ثوبه على علي ، و فاطمة ، و الحسن ، و الحسين ، و قال :
ـ ﴿ ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [31] .
و كان أول من أسلم بعد خديجة من الناس .
قال : و شرى علي نفسه ، لبس ثوب النبي صَلّى اللهُ عليهِ و سلم ، ثم قام مكانه ، قال : و كان المشركون يرمون رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم ، فجاء أبو بكر ، فقال :
ـ إليَّ يا رسول الله !
و أبو بكر يحسبه نبيَّ الله ، فقال علي :
ـ إنَّ نبي الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم انطلق نحو بئر ميمون فأدركه .
فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار ، و جعل علي يُرمى بالحجارة كما كان رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم يُرمى ، و هو يتضور ، قد لفَّ رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ، ثمَّ كشف رأسه حين أصبح ، فقالوا : إنك للئيم ، كان صاحبك نرميه بالحجارة فلا يتضور ، و أنت تتضور ، و قد استنكرنا ذلك .
قال : ثم خرج بالناس في غزاة تبوك ، فقال له علي :
ـ أخرج معك ؟
قال له النبي صَلّى اللهُ عليهِ و سلم :
ـ لا !
فبكى علي ، فقال له نبي الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم :
ـ أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون بن موسى ، إلاّ أنك لست بنبي ، إنَّه لا ينبغي أن أذهب إلاّ و أنت خليفتي .
قال : و قال له :
ـ أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي .
قال : و سدَّ رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ و سلم أبواب المسجد غير باب علي ، فيدخل المسجد جنباً ، و هو طريقه ، ليس له طريق غيره .
قال : و قال :
ـ مَن كنتُ مولاه فعلي مولاه . . ) [32] .
من خلال كلّ الذي تقدم يظهر لنا جلياً أنَّ هذه الأحاديث المرويّة عن رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) بخصوص تنصيب علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) خليفة و وصي من بعده ، و أمره للمسلمين بطاعته ، و اتباعه ، و موالاته ، تنسجم تماماً مع حديث ( الخلفاء الإثنى عشر ) ، من ناحية مضامينه ، و مداليله العامة ، كما ألمحنا إليه ، و من ناحية نصّ بعض ألفاظ هذا الحديث على أنَّ أول هؤلاء ( الخلفاء الإثنى عشر ) هو علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) ، و كونه من ( قريش ) و من ( بني هاشم ) كما تقدم [33] .
تعليق