حنوط الجنة
ثم طلبت السيدة فاطمة من أسماء بنت عميس الحنوط ، الذي جاء به جبرائيل من الجنة ، و قالت يا أسماء ، ائتني ببقية حنوط والدي من موضع كذا وكذا، فضعيه عند رأْسي) ، (1).
الحنوط ، و هو السدر و الكافور ، فقد روي عن علي (عليه السلام) أنه قال كان في الوصية ، أن يدفع إليَّ الحنوط ، فدعانيرسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل وفاته بقليل: ( فقال: يا علي و يا فاطمة ، هذا حنوطي من الجنة دفعه إليَّ جبرئيل ، و هو يقرئكما السلام ، و يقول لكما: أقسماه، و اعزلا منه لي و لكما ) . فقالت فاطمة(عليها السلام) يا أبتاه لك ثُلثه. وليكن الناظر في الباقي علي بن أبي طالب. فبكى رسول الله(صلى الله عليه وآله) وضمَّها إليه وقال: موفَّقة، رشيدة، مهدية، ملهَمة، يا علي قل لي في الباقي) . قال: ( نصف ما بقي لها، و النصف الآخر لمن ترى يا رسول الله!! ، قال(صلى الله عليه وآله): هو لك) ، (2).
ثم دعت السيدة فاطمة سلمى ، امرأة أبي رافع ، و قالت لها: ( هيئي لي ماءً ) ، وفي رواية: (اسكبي لي غسلاً) ، ثم دعت بثيابها الجدد ، فاغتسلت أحسن ما يكون، ثم قالت: (افرشي فراشي وسط البيت) ،(3).
أقول: لا أعرف السبب في اغتسال السيدة فاطمة ، و تبديل ثيابها ، و هي في أواخر ساعات الحياة، بل على أعتاب المنية.
و هكذا نزعت الثياب الملطخة بالدماء و القيح، و لعلها(عليها السلام) أرادت ، أن تخفي ذلك عن ذويها ، الذين يحضرون ساعة تغسيلها، و زعم البعض ، أنها اغتسلت عوضاً عن غسل الميت الواجب بعد الموت، و أنها أوصت ، لأن لا تغسل بعد الموت، و هذا عجيب من المحدِّثين ، كيف يذكرون هذه الأُسطورة أو الأُكذوبة؟ مع العلم ، أن غسل الميت ، إنما يجب بعد الموت لا قبل الموت.
نعم، بالنسبة للمحكوم عليهم بالقتل ، يغتسلون قبل تنفيذ حكم الإعدام عليهم، و ليس هذا المورد من تلك الموارد.
ثم أن الفقهاء ، إنما استدلوا على جواز تغسيل الزوج زوجته بعد الموت بتغسيل الإِمام أمير المؤمنين ، زوجته السيدة فاطمة(عليها السلام) بعد وفاتها ، بحيث صار هذا الأمر أوضح من الشمس، و أشهر من أمس، فما فائدة ذكر هذا القول الشاذ الذي لا يعبأْ به أحد؟
انتقلت السيدة فاطمة(عليها السلام) إلى فراشها المفروش في وسط البيت، و اضطجعت مستقبلة القبلة، واضعة يدها تحت خدِّها ، بعد أن هيأت طعاماً لأطفالها، و قيل، أنها أرسلت ابنتيها، زينب ، و أُم كلثوم إلى بيوت بعض الهاشميات لئلا تشاهدا موت أُمهما، كل ذلك من باب الشفقة و الرأْفة، و التحفّظ عليهما من صدمة مشاهدة المصيبة.
يستفاد من بعض الأحاديث أن الإِمام علياً ، و الحسن ، و الحسين(عليهم السلام) ، كانوا خارج البيت في تلك الساعة، ولعل خروجهم كان لأسباب قاهرة و ظروف معيّنة، و على كلٍّ لم يحضروا تلك الدقائق الأخيرة من حياة أُمِّهم، و إنما كانت أسماء حاضرة و ملازمة لها، و يُستفاد من بعض الأحاديث ، أن خادمتها فضة أيضاً حاضرة.
السلام على جبرائيل.
السلام على رسول الله.
اللهم مع رسولك، اللهم في رضوانك و جوارك و دارك ، دار السلام.
ثم قالت أترون ما أرى؟ ، فقيل لها: ما ترين؟ ، قالت: هذه مواكب أهل السماوات ، و هذا جبرئيل، و هذا رسول الله يقول: يا بنية اقدمي، فما أمامك خير لك) .
و فتحت عينيها.. ثم قالت و عليك السلام يا قابضْ الأرواح ، عجِّل بي ، و لا تعذبني، ثم قالت: إليك ربي لا إلى النار) .
ثم غمضت عينيها، و مدت يديها و رجليها ، و فارقت الحياة ، فشقّت أسماء جيبها، و وقعت عليها تقبِّلها ، و هي تقول يا فاطمة ، إذا أقدمت على أبيك رسول الله ، فأقرئيه عن أسماء بنت عميس السلام).
و دخل الحسن و الحسين ، فوجدوا أُمهما مسجّاة فقالا: يا أسماء ما يُنيم أُمَّنا في هذه الساعة؟ ، قالت: يا بني رسول الله ليست أُمُّكما نائمة، قد فارقت الدنيا.
فألقى الحسن نفسه عليها ، يقبِّل رجلها ، و يقول: يا أُماه كلّميني قبل تفارق روحي بدني.
و هكذا الحسين ، كان يقبل رجلها ، و يقول: يا أُماه! أنا ابنك الحسين!! كلِّميني قبل أن يتصدَّع قلبي فأموت.
قالت لهما أسماء: يا بنَي رسول الله ، انطلقا إلى أبيكما فأخبراه بموت أُمكما. فخرجا حتى إذا كانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء.
فابتدر إليهما جمع من الصحابة ،و سألوهما عن سبب بكائهما فقالا: أو ليس قد ماتت أُمنا فاطمة!
فوقع الإِمام علي على وجهه يقول: بمن العزاء يا بنت محمد؟ ، و أقبل إلى البيت.
و لها وصايا أُخرى لزوجها ، بأن يتعهد قبرها، و يقرأ القرآن عند مرقدها ، و غير ذلك مما ليست لها أهمية كالبنود السابقة من وصاياها.
ثم طلبت السيدة فاطمة من أسماء بنت عميس الحنوط ، الذي جاء به جبرائيل من الجنة ، و قالت يا أسماء ، ائتني ببقية حنوط والدي من موضع كذا وكذا، فضعيه عند رأْسي) ، (1).
الحنوط ، و هو السدر و الكافور ، فقد روي عن علي (عليه السلام) أنه قال كان في الوصية ، أن يدفع إليَّ الحنوط ، فدعانيرسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل وفاته بقليل: ( فقال: يا علي و يا فاطمة ، هذا حنوطي من الجنة دفعه إليَّ جبرئيل ، و هو يقرئكما السلام ، و يقول لكما: أقسماه، و اعزلا منه لي و لكما ) . فقالت فاطمة(عليها السلام) يا أبتاه لك ثُلثه. وليكن الناظر في الباقي علي بن أبي طالب. فبكى رسول الله(صلى الله عليه وآله) وضمَّها إليه وقال: موفَّقة، رشيدة، مهدية، ملهَمة، يا علي قل لي في الباقي) . قال: ( نصف ما بقي لها، و النصف الآخر لمن ترى يا رسول الله!! ، قال(صلى الله عليه وآله): هو لك) ، (2).
ثم دعت السيدة فاطمة سلمى ، امرأة أبي رافع ، و قالت لها: ( هيئي لي ماءً ) ، وفي رواية: (اسكبي لي غسلاً) ، ثم دعت بثيابها الجدد ، فاغتسلت أحسن ما يكون، ثم قالت: (افرشي فراشي وسط البيت) ،(3).
أقول: لا أعرف السبب في اغتسال السيدة فاطمة ، و تبديل ثيابها ، و هي في أواخر ساعات الحياة، بل على أعتاب المنية.
ولعل السبب في ذلك(و الله العالم) ، أنها (عليها السلام) ، أرادت أن تغسل آثار الجروح الموجودة على عضدها ، و على ضلعها، تلك الجروح التي حدثت لها عند باب بيتها من الضرب، كما تقدم الكلام عنه.
و هكذا نزعت الثياب الملطخة بالدماء و القيح، و لعلها(عليها السلام) أرادت ، أن تخفي ذلك عن ذويها ، الذين يحضرون ساعة تغسيلها، و زعم البعض ، أنها اغتسلت عوضاً عن غسل الميت الواجب بعد الموت، و أنها أوصت ، لأن لا تغسل بعد الموت، و هذا عجيب من المحدِّثين ، كيف يذكرون هذه الأُسطورة أو الأُكذوبة؟ مع العلم ، أن غسل الميت ، إنما يجب بعد الموت لا قبل الموت.
نعم، بالنسبة للمحكوم عليهم بالقتل ، يغتسلون قبل تنفيذ حكم الإعدام عليهم، و ليس هذا المورد من تلك الموارد.
ثم أن الفقهاء ، إنما استدلوا على جواز تغسيل الزوج زوجته بعد الموت بتغسيل الإِمام أمير المؤمنين ، زوجته السيدة فاطمة(عليها السلام) بعد وفاتها ، بحيث صار هذا الأمر أوضح من الشمس، و أشهر من أمس، فما فائدة ذكر هذا القول الشاذ الذي لا يعبأْ به أحد؟
انتقلت السيدة فاطمة(عليها السلام) إلى فراشها المفروش في وسط البيت، و اضطجعت مستقبلة القبلة، واضعة يدها تحت خدِّها ، بعد أن هيأت طعاماً لأطفالها، و قيل، أنها أرسلت ابنتيها، زينب ، و أُم كلثوم إلى بيوت بعض الهاشميات لئلا تشاهدا موت أُمهما، كل ذلك من باب الشفقة و الرأْفة، و التحفّظ عليهما من صدمة مشاهدة المصيبة.
يستفاد من بعض الأحاديث أن الإِمام علياً ، و الحسن ، و الحسين(عليهم السلام) ، كانوا خارج البيت في تلك الساعة، ولعل خروجهم كان لأسباب قاهرة و ظروف معيّنة، و على كلٍّ لم يحضروا تلك الدقائق الأخيرة من حياة أُمِّهم، و إنما كانت أسماء حاضرة و ملازمة لها، و يُستفاد من بعض الأحاديث ، أن خادمتها فضة أيضاً حاضرة.
حانت ساعة الاحتضار ، و حالة النزع، و انكشف الغطاء، و نظرت السيدة فاطمة نظراً حاداً ثم قالت:
السلام على جبرائيل.
السلام على رسول الله.
اللهم مع رسولك، اللهم في رضوانك و جوارك و دارك ، دار السلام.
ثم قالت أترون ما أرى؟ ، فقيل لها: ما ترين؟ ، قالت: هذه مواكب أهل السماوات ، و هذا جبرئيل، و هذا رسول الله يقول: يا بنية اقدمي، فما أمامك خير لك) .
و فتحت عينيها.. ثم قالت و عليك السلام يا قابضْ الأرواح ، عجِّل بي ، و لا تعذبني، ثم قالت: إليك ربي لا إلى النار) .
ثم غمضت عينيها، و مدت يديها و رجليها ، و فارقت الحياة ، فشقّت أسماء جيبها، و وقعت عليها تقبِّلها ، و هي تقول يا فاطمة ، إذا أقدمت على أبيك رسول الله ، فأقرئيه عن أسماء بنت عميس السلام).
و دخل الحسن و الحسين ، فوجدوا أُمهما مسجّاة فقالا: يا أسماء ما يُنيم أُمَّنا في هذه الساعة؟ ، قالت: يا بني رسول الله ليست أُمُّكما نائمة، قد فارقت الدنيا.
فألقى الحسن نفسه عليها ، يقبِّل رجلها ، و يقول: يا أُماه كلّميني قبل تفارق روحي بدني.
و هكذا الحسين ، كان يقبل رجلها ، و يقول: يا أُماه! أنا ابنك الحسين!! كلِّميني قبل أن يتصدَّع قلبي فأموت.
قالت لهما أسماء: يا بنَي رسول الله ، انطلقا إلى أبيكما فأخبراه بموت أُمكما. فخرجا حتى إذا كانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء.
فابتدر إليهما جمع من الصحابة ،و سألوهما عن سبب بكائهما فقالا: أو ليس قد ماتت أُمنا فاطمة!
فوقع الإِمام علي على وجهه يقول: بمن العزاء يا بنت محمد؟ ، و أقبل إلى البيت.
تعليق