السخرية بالمنظور الإسلامي
ماهي السخرية وما أسبابها؟
أنواع السخرية بالمؤمنين
نتائج السخرية
هل هناك مقياس تفاضل بين البشر ؟ وإذا كان هناك مقياس ما هو هذا المقياس ؟ ومن الذي يضعه ؟ هل الإنسان يمتلك المؤهلات والخبرة لمثل هذه المهمة ؟
للإجابة على هذا التساؤلات نقول إن إلقاء نظرة فاحصة على ما يعج به العالم اليوم من تصارع، ورؤى مختلفة تتفق أحياناً، وتتضارب أحياناً أخرى يقودنا إلى عدة فرضيات من أهمها التالي:
الفرضية الجاهلية والتي أبتدعها الإنسان العربي القديم، وهي تبني تقييمها للتمايز بين البشر على عامل القوة، والحسب والنسب، إذ القبيلة الشامخة، وصاحبة المكانة المرموقة تجد لها الصدى الواسع، والسمع والطاعة من كل ما حولها، وبالتالي يجري على كل من ينتمي لها . وبالعكس منها القبيلة الصغيرة ذات القدرات والإمكانيات المحدودة فهي مصب نقمة كل معتد وغاشم .
وهناك الفرضية الرأسمالية وهي من إفرازات الاحتكاك بالحضارة الغربية المعاصرة، والتي تبني أسسها على مقدار الربح و الخسارة ، ومن هنا تجد التفاوت الكبير بين طبقات المجتمع بين الثراء الفاحش والفقر الفاحش .
ثم تجسدت الفرضية العنصرية، والتي تقوم بالتمييز بين المجتمع على أساس لون البشرة بغض النظر عن عمل المرء بين الخير والشر ، وهناك النظرية العرقية ، وغيرها من الفرضيات مما لا يسع المجال لذكرها ، إلا أنها تتفق جميعاً على أمر واحد أنها من نتاج الإنسان وبنات أفكاره .
وأخيراً تأتي الفرضية الإسلامية وتنقض جميع تلك النظريات والفرضيات، وتستبدلها بأساس واحد للتفاضل هو التقوى (أن أكرمكم عند الله أتقاكم) [الحجرات: آية 13]، ليشيد مدرسة جديدة للتفاضل من صنع الله سبحانه وتعالى .
وقد جعل الله لهذا الإنسان المؤمن هالة من القدسية تصونه من الذل والمهانة، وتقلده لباس العزة والكرامة ، كما منحه وسام الحب الإلهي الذي لم يَحظَ برتبته حتى الملائكة المقربون ، فيقول تعالى في الحديث القدسي : ( وعزتي وجلالي ما خلقت من خلقي خلقاً احب إلي من عبدي المؤمن )وفي حديث آخر ( لمؤمن أكرم على الله من ملائكته المقربين ) وفي البحار عن الإمام الباقر عليه السلام ( أن الله أعطى المؤمن ثلاث خصال : العز في الدنيا والدين والفلاح في الآخرة ، والمهابة في صدور العالمين ) وعن الإمام الصادق عليه السلام ( لمؤمن أعظم حرمة من الكعبة ) فهذا هو الإنسان المؤمن وهذه هي مكانته عند الله لا يضاهيها شيء من الخلق مهما بلغ من درجة .
وبهذا يتجلى رفض الإسلام الصريح لأي نوع من أنواع التعاطي بكرامة و مكانة المؤمن، وإن الحط من قدره هو بمثابة التحدي والعناد لله سبحانه الذي كرمه، وفضله على جميع خلقه ، والتي من أبرزها السخرية بالمؤمنين فقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يَكُنَّ خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكونوا خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ) [الحجرات/11] .
ما هي السخرية وما أسبابها
السخرية هي حالة مرضية تكون عبر التصرف غير اللائق بالقول، أو بالفعل أمام الإنسان المؤمن، أو خلفه بقصد تحقيره والاستهزاء به، وإضحاك الناس عليه .
ولا يوجد سبب واحد للسخرية، ولكن الواضح أنها لا تنبع من فراغ وإنما هي عبارة عن الإفصاح عن عقدة الحقارة والنقص الكامنة لدى البعض، ومحاولة تغليفها والتستر عليها باستنقاص الآخرين والحط من مكانتهم ، وقد تأتي السخرية من الحسد فكما ورد في الحديث أنه ( كل ذي نعمة محسود ) وحيث أن الحاسد لا يستطيع أن يزيل نعمة المؤمن فيلجأ إلى السخرية منه لمحاربته ، وقد تكون السخرية ناتجة عن البيئة الفاسدة التي ينشأ فيها الإنسان فتغذيه على احتقار الآخرين، واستنقاص حقوقهم لا لشيء إلا إشباع الروح المريضة القابعة في نفسه .
أنواع السخرية بالمؤمنين
1 ـ السخرية باللقب :
قد يقترن أسم شخص باسم مضحك، أو صفة غريبة نتيجة لحادث، أو لموقف معين فيتحول ذلك الاسم إلى لقب له رغم تسببه لحرج شديد لشخصيته وهي ما عبر عنه القرآن ( ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ) [ الحجرات: 11] . فإن التلفظ بالألقاب بقصد الإساءة للآخرين، وجعلهم مثاراً للسخرية والضحك من أسوء العادات التي أبتلي بها المجتمع الإسلامي .
2 ـ السخرية بالفقر :
من السنن الإلهية في الخلق أن أعطى الله البعض نعمة وحرِم البعض الآخر منها، وجعلهم على مستويات متباينة ودرجات متفاوتة؛ ليمحص إيمانهم ويبتلي صبرهم وحمدهم ،وجعل من مظاهر هذا التفاوت الغنى والفقر، ولم يجعل ذلك مقياساً لتقوى المرء وإيمانه. فكم من فقير هو في قمة الإيمان والزهد ، وكم من غني هو في قمة الانحطاط والرذيلة؛ لذا رفض الإسلام أن نجعل الفقر مثارا للسخرية بالمؤمنين بسبب سوء الملبس، أو المسكن أو المأكل ، وشدد بالوعيد على من يفعل ذلك قال رسول الله (ص) : ( من أستذل مؤمناً، أو مؤمنة، أو حقره لفقره، أو قلة ذات يده شهره الله تعالى يوم القيامة ثم يفضحه ) [بحار الانوار ج72 ص44].
ومما قاله لقمان لأبنه وهو يعظه : ( يا بني لا تحقرن أحداً بخلقان ثيابه، فإن ربك وربه واحد ) [بحار الأنوار ج72 ص47].
3 ـ السخرية بالخلقة :
لما خلق الله الخلق جعل بينهم فوارق، وتمايز لحكمة لديه، فتجد هناك الأسود والأبيض ، والأعرج والصحيح ، والمبصر والبصير ، وهناك الهزيل والسمين ، والطويل والقصير وغيره من الصفات التي يتفاوت البشر بها إلا أنها لا تفصح عن مكنونات النفس، وخفايا القلب. ومن جعل ذلك النقص ذريعة لاستنقاص المؤمنين والسخرية منهم فهو بعيد كل البعد عن رابطة الإسلام، وغير مدرك بحقيقته ، وفي التاريخ الإسلامي عبرة بالغة بذلك وإليك بعض النماذج :
يقال رأى بعض الصحابة ساق عبد الله بن مسعود فضحكوا عليها . فبلغ ذلك رسول الله . فقال : أتهزؤون منه إنها في الميزان يوم القيامة أثقل من جبل اُحد .
ويذكر أبن المبارك إن المطر أنقطع عن أهل المدينة فكان الناس، يخرجون للاستسقاء، فلا يسقون ، يقول : فخرجت يوماً فإذا بعبد أسود نحيف بجواري رفع يده إلى السماء، وأقسم على رب العزة أن ينزل المطر فما استتم دعائه حتى سقط المطر من لحظته ، فتتبعته فرأيته يدخل سوق النخاسة ، فاشتريته فلما كنا في الطريق سألته عما بلغه من تلك المنزلة ، فارتعب وقال: ائذن لي أن أصلي ركعتين فصلى ثم رفع يده وقال : اللهم إن السر الذي بيني وبينك قد أنكشف فأقبض إليك روحي . فمات من ساعته .
نتائج السخرية
إن النتائج التي يخلفها هذا العمل كثيرة، ووخيمة لا يعلم مداها إلا الله سبحانه ، ولكن نذكر أهمها على سبيل المثال لا الحصر :
أولاً : غياب التقدير :
إن من أبرز مظاهر السخرية والاستهزاء بين الناس ،هو تفشي غياب التقدير وسيادة التعالي، والطبقية حيث يصبح المجتمع تقوده الأنانية والأهواء، وهي مقدمة الانحدار نحو الهاوية والتفكك الاجتماعي .
ثانياً : تفجير الأحقاد :
طبيعة النفس التي جبلت على العزة والكرمة، لا تميل إلى من ينال منها، ويحتقرها، بل العكس فإن السخرية تهيج الضغينة والكراهية، وتدفع المجتمع نحو هوة سحيقة من التصارع والأحقاد، وهي صفة يمقتها الإسلام .
ثالثاً : مفارقة الإيمان :
وهو ما نستشفه من خلال الأحاديث المتواترة عن الرسول الأكرم (ص)، والأئمة الأطهار (ع) في هذا الشأن وإليك قبس منها :
جاء في الحديث عن رسول الله (ص): ( إن المستهزئين يفتح لأحدهم باب الجنة ، فيقال : هلم فيجيء بكربه، وغمه فإذا جاء أغلق دونه ) [كنز العمال ح8328].
وعنه (ص) : ( لا تحقرن أحداً من المسلمين فإن صغيرهم عند الله كبير ) [تنبيه الخاطر ص25].
وعنه أيضاً : ( حسب أبن آدم من الشر أن يحقر أخاه المسلم ) [المصدر السابق ص362].
وعن الإمام الصادق (ع) : ( من حقر مسكيناً لم يزل الله حاقراً ماقتاً حتى يرجع عن محقرته إياه ) [بحار الأنوار ج72 ص52].
وفي الحديث القدسي : ( ليأذن بحرب مني من أذل عبدي المؤمن ) [المصدر السابق ج72 ص47].
رابعاً : الانشغال بالتوافه :
ولعلها من الصفات الجلية من خلال السيرة الاجتماعية ، فالبيئة التي تسود فيها السخرية هي بيئة فارغة المحتوى لا تحمل هدفاً ولا قضية ، بل هي أبعد ما تكون عن الواقع والهموم التي يعيشها المسلمون من حولها.
ماهي السخرية وما أسبابها؟
أنواع السخرية بالمؤمنين
نتائج السخرية
هل هناك مقياس تفاضل بين البشر ؟ وإذا كان هناك مقياس ما هو هذا المقياس ؟ ومن الذي يضعه ؟ هل الإنسان يمتلك المؤهلات والخبرة لمثل هذه المهمة ؟
للإجابة على هذا التساؤلات نقول إن إلقاء نظرة فاحصة على ما يعج به العالم اليوم من تصارع، ورؤى مختلفة تتفق أحياناً، وتتضارب أحياناً أخرى يقودنا إلى عدة فرضيات من أهمها التالي:
الفرضية الجاهلية والتي أبتدعها الإنسان العربي القديم، وهي تبني تقييمها للتمايز بين البشر على عامل القوة، والحسب والنسب، إذ القبيلة الشامخة، وصاحبة المكانة المرموقة تجد لها الصدى الواسع، والسمع والطاعة من كل ما حولها، وبالتالي يجري على كل من ينتمي لها . وبالعكس منها القبيلة الصغيرة ذات القدرات والإمكانيات المحدودة فهي مصب نقمة كل معتد وغاشم .
وهناك الفرضية الرأسمالية وهي من إفرازات الاحتكاك بالحضارة الغربية المعاصرة، والتي تبني أسسها على مقدار الربح و الخسارة ، ومن هنا تجد التفاوت الكبير بين طبقات المجتمع بين الثراء الفاحش والفقر الفاحش .
ثم تجسدت الفرضية العنصرية، والتي تقوم بالتمييز بين المجتمع على أساس لون البشرة بغض النظر عن عمل المرء بين الخير والشر ، وهناك النظرية العرقية ، وغيرها من الفرضيات مما لا يسع المجال لذكرها ، إلا أنها تتفق جميعاً على أمر واحد أنها من نتاج الإنسان وبنات أفكاره .
وأخيراً تأتي الفرضية الإسلامية وتنقض جميع تلك النظريات والفرضيات، وتستبدلها بأساس واحد للتفاضل هو التقوى (أن أكرمكم عند الله أتقاكم) [الحجرات: آية 13]، ليشيد مدرسة جديدة للتفاضل من صنع الله سبحانه وتعالى .
وقد جعل الله لهذا الإنسان المؤمن هالة من القدسية تصونه من الذل والمهانة، وتقلده لباس العزة والكرامة ، كما منحه وسام الحب الإلهي الذي لم يَحظَ برتبته حتى الملائكة المقربون ، فيقول تعالى في الحديث القدسي : ( وعزتي وجلالي ما خلقت من خلقي خلقاً احب إلي من عبدي المؤمن )وفي حديث آخر ( لمؤمن أكرم على الله من ملائكته المقربين ) وفي البحار عن الإمام الباقر عليه السلام ( أن الله أعطى المؤمن ثلاث خصال : العز في الدنيا والدين والفلاح في الآخرة ، والمهابة في صدور العالمين ) وعن الإمام الصادق عليه السلام ( لمؤمن أعظم حرمة من الكعبة ) فهذا هو الإنسان المؤمن وهذه هي مكانته عند الله لا يضاهيها شيء من الخلق مهما بلغ من درجة .
وبهذا يتجلى رفض الإسلام الصريح لأي نوع من أنواع التعاطي بكرامة و مكانة المؤمن، وإن الحط من قدره هو بمثابة التحدي والعناد لله سبحانه الذي كرمه، وفضله على جميع خلقه ، والتي من أبرزها السخرية بالمؤمنين فقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يَكُنَّ خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكونوا خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ) [الحجرات/11] .
ما هي السخرية وما أسبابها
السخرية هي حالة مرضية تكون عبر التصرف غير اللائق بالقول، أو بالفعل أمام الإنسان المؤمن، أو خلفه بقصد تحقيره والاستهزاء به، وإضحاك الناس عليه .
ولا يوجد سبب واحد للسخرية، ولكن الواضح أنها لا تنبع من فراغ وإنما هي عبارة عن الإفصاح عن عقدة الحقارة والنقص الكامنة لدى البعض، ومحاولة تغليفها والتستر عليها باستنقاص الآخرين والحط من مكانتهم ، وقد تأتي السخرية من الحسد فكما ورد في الحديث أنه ( كل ذي نعمة محسود ) وحيث أن الحاسد لا يستطيع أن يزيل نعمة المؤمن فيلجأ إلى السخرية منه لمحاربته ، وقد تكون السخرية ناتجة عن البيئة الفاسدة التي ينشأ فيها الإنسان فتغذيه على احتقار الآخرين، واستنقاص حقوقهم لا لشيء إلا إشباع الروح المريضة القابعة في نفسه .
أنواع السخرية بالمؤمنين
1 ـ السخرية باللقب :
قد يقترن أسم شخص باسم مضحك، أو صفة غريبة نتيجة لحادث، أو لموقف معين فيتحول ذلك الاسم إلى لقب له رغم تسببه لحرج شديد لشخصيته وهي ما عبر عنه القرآن ( ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ) [ الحجرات: 11] . فإن التلفظ بالألقاب بقصد الإساءة للآخرين، وجعلهم مثاراً للسخرية والضحك من أسوء العادات التي أبتلي بها المجتمع الإسلامي .
2 ـ السخرية بالفقر :
من السنن الإلهية في الخلق أن أعطى الله البعض نعمة وحرِم البعض الآخر منها، وجعلهم على مستويات متباينة ودرجات متفاوتة؛ ليمحص إيمانهم ويبتلي صبرهم وحمدهم ،وجعل من مظاهر هذا التفاوت الغنى والفقر، ولم يجعل ذلك مقياساً لتقوى المرء وإيمانه. فكم من فقير هو في قمة الإيمان والزهد ، وكم من غني هو في قمة الانحطاط والرذيلة؛ لذا رفض الإسلام أن نجعل الفقر مثارا للسخرية بالمؤمنين بسبب سوء الملبس، أو المسكن أو المأكل ، وشدد بالوعيد على من يفعل ذلك قال رسول الله (ص) : ( من أستذل مؤمناً، أو مؤمنة، أو حقره لفقره، أو قلة ذات يده شهره الله تعالى يوم القيامة ثم يفضحه ) [بحار الانوار ج72 ص44].
ومما قاله لقمان لأبنه وهو يعظه : ( يا بني لا تحقرن أحداً بخلقان ثيابه، فإن ربك وربه واحد ) [بحار الأنوار ج72 ص47].
3 ـ السخرية بالخلقة :
لما خلق الله الخلق جعل بينهم فوارق، وتمايز لحكمة لديه، فتجد هناك الأسود والأبيض ، والأعرج والصحيح ، والمبصر والبصير ، وهناك الهزيل والسمين ، والطويل والقصير وغيره من الصفات التي يتفاوت البشر بها إلا أنها لا تفصح عن مكنونات النفس، وخفايا القلب. ومن جعل ذلك النقص ذريعة لاستنقاص المؤمنين والسخرية منهم فهو بعيد كل البعد عن رابطة الإسلام، وغير مدرك بحقيقته ، وفي التاريخ الإسلامي عبرة بالغة بذلك وإليك بعض النماذج :
يقال رأى بعض الصحابة ساق عبد الله بن مسعود فضحكوا عليها . فبلغ ذلك رسول الله . فقال : أتهزؤون منه إنها في الميزان يوم القيامة أثقل من جبل اُحد .
ويذكر أبن المبارك إن المطر أنقطع عن أهل المدينة فكان الناس، يخرجون للاستسقاء، فلا يسقون ، يقول : فخرجت يوماً فإذا بعبد أسود نحيف بجواري رفع يده إلى السماء، وأقسم على رب العزة أن ينزل المطر فما استتم دعائه حتى سقط المطر من لحظته ، فتتبعته فرأيته يدخل سوق النخاسة ، فاشتريته فلما كنا في الطريق سألته عما بلغه من تلك المنزلة ، فارتعب وقال: ائذن لي أن أصلي ركعتين فصلى ثم رفع يده وقال : اللهم إن السر الذي بيني وبينك قد أنكشف فأقبض إليك روحي . فمات من ساعته .
نتائج السخرية
إن النتائج التي يخلفها هذا العمل كثيرة، ووخيمة لا يعلم مداها إلا الله سبحانه ، ولكن نذكر أهمها على سبيل المثال لا الحصر :
أولاً : غياب التقدير :
إن من أبرز مظاهر السخرية والاستهزاء بين الناس ،هو تفشي غياب التقدير وسيادة التعالي، والطبقية حيث يصبح المجتمع تقوده الأنانية والأهواء، وهي مقدمة الانحدار نحو الهاوية والتفكك الاجتماعي .
ثانياً : تفجير الأحقاد :
طبيعة النفس التي جبلت على العزة والكرمة، لا تميل إلى من ينال منها، ويحتقرها، بل العكس فإن السخرية تهيج الضغينة والكراهية، وتدفع المجتمع نحو هوة سحيقة من التصارع والأحقاد، وهي صفة يمقتها الإسلام .
ثالثاً : مفارقة الإيمان :
وهو ما نستشفه من خلال الأحاديث المتواترة عن الرسول الأكرم (ص)، والأئمة الأطهار (ع) في هذا الشأن وإليك قبس منها :
جاء في الحديث عن رسول الله (ص): ( إن المستهزئين يفتح لأحدهم باب الجنة ، فيقال : هلم فيجيء بكربه، وغمه فإذا جاء أغلق دونه ) [كنز العمال ح8328].
وعنه (ص) : ( لا تحقرن أحداً من المسلمين فإن صغيرهم عند الله كبير ) [تنبيه الخاطر ص25].
وعنه أيضاً : ( حسب أبن آدم من الشر أن يحقر أخاه المسلم ) [المصدر السابق ص362].
وعن الإمام الصادق (ع) : ( من حقر مسكيناً لم يزل الله حاقراً ماقتاً حتى يرجع عن محقرته إياه ) [بحار الأنوار ج72 ص52].
وفي الحديث القدسي : ( ليأذن بحرب مني من أذل عبدي المؤمن ) [المصدر السابق ج72 ص47].
رابعاً : الانشغال بالتوافه :
ولعلها من الصفات الجلية من خلال السيرة الاجتماعية ، فالبيئة التي تسود فيها السخرية هي بيئة فارغة المحتوى لا تحمل هدفاً ولا قضية ، بل هي أبعد ما تكون عن الواقع والهموم التي يعيشها المسلمون من حولها.
منقول من شبكة أهل البيت (ع)
تعليق