بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وال محمد
الانسان ذلك الطاقة المكنونة التي خلقها الله وسخر لها الارض والسماء ليعمرها ليستخرج كنوزها
وهذه الطاقة المكنونة تعمر الارض عن طريقين طريق عملي وطريق علمي
فالعلمي يسخر ليكون عملي
وهذا الطريق العلمي لايأتي من النوم واللهو والترفيه بل يكون بالجهد والمثابرة فالتعب لايكون عن عمل لان بعد الجهد يتبع راحة فالجهد والتعب يكون من الفراغ الذي يتركه الانسان دون استثماره
فعلماء النفس يسعون جاهدين ليحولوا ذلك الفراغ الى طاقات خلابة ينتفع منها بنو البشر فعرف العلماء الفراغ لكي يأتون بحل لمشكلات الفراغ التي نشأت وتراكمت من استغلال الخاطىء للحياة
فنتجت الجرائم والانحرافات الاخلاقية والسلوكية وتأثيرها على النشاط الاقتصادي والمالي وحتى الوضع السياسي
حدده (ستانلي باركر) في تعريفه للفراغ من خلال ثلاثة طرق هي: إخراج وقت الفراغ البحت بطرح كل نشاطات الإنسان خلال الساعات الأربع والعشرين كساعات العمل والنوم وتناول الطعام وقضاء الحاجات الفسيولوجية وورد هذا التعريف في قاموس علم الاجتماع بأنه (الوقت الفائض بعد خصم الوقت المخصص للعمل والنوم والضرورات الأخرى من الأربع والعشرين ساعة). وهناك مجموعة أخرى من التعريفات لا تهتم بفكرة الوقت، بل بنوع النشاط الذي يمارسه الإنسان أو الصفة الشخصية لممارسي هذا النشاط، فيعرّف (جوزف بابير) الفراغ بأنه اتجاه عقلي وروحي، غير نابع من ظروف خارجية وليس نتاجاً للوقت أو مرتبط بأوقات الإجازات والعلاقات والعطلات الدورية ويؤكد على أنه موقف عقلي وحالة تتعلق بالروح أساسا وربما نجد بعض المشتركات بين التعريف الأخير. والنظرة الإسلامية لو قورنت ببعض التطبيقات المستفاد منها كأهمية الوقت واغتنامه في العمل الذي يمكن أن يكون كسباً أو تأملاً أو عبادة وهناك نموذج ثالث من التعاريف يحاول الربط بين التعريفين السابقين فتكون صيغته (هو الوقت الذي يتحرر فيه المرء من العمل والواجبات الأخرى والذي يمكن أن يستغل في الاسترخاء والترويح والإنجاز الاجتماعي أو تنمية حاجات شخصية) أو انه (مجموعة من الأعمال التي يقوم بها الفرد والنابعة عن إرادته الشخصية بهدف الراحة أو التسلية أو زيادة المعرفة أو ترقية المواهب الخاصة، أو تنمية المشاركة الإرادية في المجتمع المحلي بعد الانتهاء من مهام المهنة، والأسرة، والواجبات الاجتماعية الأخرى
ومع هذه التعريفات يلقى الاسلام ثمره فيقول انه لاوقت للفراغ :
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب… (الدنيا ساعة) في مورد حديثه عن طاعة الله سبحانه وتعالى فيها، ولو اقتطعنا كل أوقات الإنسان الأخرى بعملية حسابية بسيطة لوجدنا أن فراغه لا يتعدى هذه الساعة الزمنية. فمعدل ساعات نوم الإنسان في حياته هي نصف سنوات عمره المفترض (بحساب سنوات طفولته) ومعدل ساعات عمل نهاره هي ثلثا نهاره أما الثلث الباقي فينقسم إلى قسمين، الأول لقضاء حاجاته الفسيولوجية والقسم الثاني هو الساعة المتبقية والتي يجب أن لا يبخل بها في طاعة الله تعالى، والذي خلقه فقال، ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه) فأين الفراغ
فالعبادة لم تتقصر على الصلاة فقط
فطلب العلم التشريعي عبادة صلة الرحم عبادة اماطة الاذى عن طريق المؤمنين عبادة ذكر اهل البيت عليهم السلام عبادة
فانت ايها الانسان هل حقا لاتملك وقت فراغ ؟؟ كي تطور نفسك وتسعى للتعبد بمختلف انواعه
عجبت للشاب الذي يقضي حياته بالنوم فلايستقيظ من النوم الابعد ان تحرق الشمس باشعتها الكون
كنت في الجامعة ووالطلاب الذين معي في نفس المرحلة البنات والشباب يتذمرون من قلة النوم وعدم وجود وقت فراغ لهم واعجب لهم حيث كنت قد قرأت اكثر من مئة كتب بمختلف الاداب من قص وشعر ودين وتراث في وقت جلوسي في السيارة الذي لايتجاوز الساعتان ذهابا وايابا من البيت الى الجامعة
يقول تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾( 1)، ويقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ): (( إن العمر محدود لن يتجاوز أحد ما قدر له، فبادروا قبل نفاد الأجل )) (2 ).
ويحذر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) من افتتان الإنسان بالصحة والفراغ، حيث يقول (صلى الله عليه وآله وسلم ): (( خلتان كثير من الناس فيهما مفتون: الصحة والفراغ )) (3 )، ويقول (صلى الله عليه وآله وسلم ) أيضاً: (( إن اللَّه يُبْغِضُ الصحيح الفارغ لا في شغل الدنيا ولا في شغل الآخرة )) (4 ).
والفراغ السلبي أحد أسباب الفساد، يقول الإمام علي (عليه السلام): (( إن يكن الشغل مجهدة فاتصال الفراغ مفسدة )) (5 )، وعنه (عليه السلام) قال: (( من الفراغ تكون الصَّبوة )) (6 )، وعنه (عليه السلام) أيضاً: (( اعلم أن الدنيا دار بلية لم يفرغ صاحبها فيها قط ساعة إلا كانت فَرْغَتُهُ عليه حسرة يوم القيامة )) (7 ).
وللأسف الشديد فالكثير من الشباب لا يتعامل مع الفراغ بصورة إيجابية، فلو ألقينا نظرة فاحصة على كيفية قضاء الشباب لأوقاتهم لاستنتجنا ما يلي: ثمان ساعات للنوم وربما أكثر، أربع ساعات لمشاهدة التليفزيون، ثلاث ساعات للأكل والشرب، ساعتان للتجوال والنزهة، ساعة واحدة للمكالمات الهاتفية، ست ساعات للعمل.. هذا هو المعدل المتوسط لقضاء يوم كامل.
ومعدل العمل الحقيقي في الدول النامية -كما تشير الدراسات- لا يتجاوز ساعة واحدة على أفضل تقدير! والمتبقي من وقت العمل يذهب في الأكل والشرب، وقراءة الصحف، والتحدث مع الزملاء، والاتصال بالهاتف، والخروج من دائرة العمل لسبب أو آخر!!
وقد أكدت العديد من الدراسات والاستطلاعات بأن مشاهدة برامج التلفاز ومتابعة الشؤون الرياضية والتجول بالسيارات يأخذ معظم أوقات الفراغ لدى الشباب، في حين أن عادة القراءة والكتابة، أو استثمار أوقات الفراغ في إنجاز الأعمال المفيدة والمنتجة لا تكاد تسجل إلا أرقاماً منخفضة جداً!
ومن هنا، فالشباب مدعوون لإعادة رسم خريطة أوقاتهم، وجدولة أوقات فراغهم فيما يفيد وينفع، بما يتناسب والتطلعات الحضارية، والقدرة على المنافسة في ظل فرص العولمة وتحدياتها.
ــــــــــــــ
الهوامش:
( 1) سورة الشرح، 7 - 8.
( 2) ميزان الحكمة، ج6، ص539، رقم 13893.
(3 ) ميزان الحكمة، ج7، ص458، رقم 15558.
(4 ) ميزان الحكمة، ج7، ص458، رقم 15557.
(5 ) ميزان الحكمة، ج7، ص459، رقم 15562.
( 6) ميزان الحكمة، ج7، ص458، رقم 15559.
(7 ) ميزان الحكمة، ج7، ص459، رقم 15561.
اللهم صلِ على محمد وال محمد
الانسان ذلك الطاقة المكنونة التي خلقها الله وسخر لها الارض والسماء ليعمرها ليستخرج كنوزها
وهذه الطاقة المكنونة تعمر الارض عن طريقين طريق عملي وطريق علمي
فالعلمي يسخر ليكون عملي
وهذا الطريق العلمي لايأتي من النوم واللهو والترفيه بل يكون بالجهد والمثابرة فالتعب لايكون عن عمل لان بعد الجهد يتبع راحة فالجهد والتعب يكون من الفراغ الذي يتركه الانسان دون استثماره
فعلماء النفس يسعون جاهدين ليحولوا ذلك الفراغ الى طاقات خلابة ينتفع منها بنو البشر فعرف العلماء الفراغ لكي يأتون بحل لمشكلات الفراغ التي نشأت وتراكمت من استغلال الخاطىء للحياة
فنتجت الجرائم والانحرافات الاخلاقية والسلوكية وتأثيرها على النشاط الاقتصادي والمالي وحتى الوضع السياسي
حدده (ستانلي باركر) في تعريفه للفراغ من خلال ثلاثة طرق هي: إخراج وقت الفراغ البحت بطرح كل نشاطات الإنسان خلال الساعات الأربع والعشرين كساعات العمل والنوم وتناول الطعام وقضاء الحاجات الفسيولوجية وورد هذا التعريف في قاموس علم الاجتماع بأنه (الوقت الفائض بعد خصم الوقت المخصص للعمل والنوم والضرورات الأخرى من الأربع والعشرين ساعة). وهناك مجموعة أخرى من التعريفات لا تهتم بفكرة الوقت، بل بنوع النشاط الذي يمارسه الإنسان أو الصفة الشخصية لممارسي هذا النشاط، فيعرّف (جوزف بابير) الفراغ بأنه اتجاه عقلي وروحي، غير نابع من ظروف خارجية وليس نتاجاً للوقت أو مرتبط بأوقات الإجازات والعلاقات والعطلات الدورية ويؤكد على أنه موقف عقلي وحالة تتعلق بالروح أساسا وربما نجد بعض المشتركات بين التعريف الأخير. والنظرة الإسلامية لو قورنت ببعض التطبيقات المستفاد منها كأهمية الوقت واغتنامه في العمل الذي يمكن أن يكون كسباً أو تأملاً أو عبادة وهناك نموذج ثالث من التعاريف يحاول الربط بين التعريفين السابقين فتكون صيغته (هو الوقت الذي يتحرر فيه المرء من العمل والواجبات الأخرى والذي يمكن أن يستغل في الاسترخاء والترويح والإنجاز الاجتماعي أو تنمية حاجات شخصية) أو انه (مجموعة من الأعمال التي يقوم بها الفرد والنابعة عن إرادته الشخصية بهدف الراحة أو التسلية أو زيادة المعرفة أو ترقية المواهب الخاصة، أو تنمية المشاركة الإرادية في المجتمع المحلي بعد الانتهاء من مهام المهنة، والأسرة، والواجبات الاجتماعية الأخرى
ومع هذه التعريفات يلقى الاسلام ثمره فيقول انه لاوقت للفراغ :
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب… (الدنيا ساعة) في مورد حديثه عن طاعة الله سبحانه وتعالى فيها، ولو اقتطعنا كل أوقات الإنسان الأخرى بعملية حسابية بسيطة لوجدنا أن فراغه لا يتعدى هذه الساعة الزمنية. فمعدل ساعات نوم الإنسان في حياته هي نصف سنوات عمره المفترض (بحساب سنوات طفولته) ومعدل ساعات عمل نهاره هي ثلثا نهاره أما الثلث الباقي فينقسم إلى قسمين، الأول لقضاء حاجاته الفسيولوجية والقسم الثاني هو الساعة المتبقية والتي يجب أن لا يبخل بها في طاعة الله تعالى، والذي خلقه فقال، ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه) فأين الفراغ
فالعبادة لم تتقصر على الصلاة فقط
فطلب العلم التشريعي عبادة صلة الرحم عبادة اماطة الاذى عن طريق المؤمنين عبادة ذكر اهل البيت عليهم السلام عبادة
فانت ايها الانسان هل حقا لاتملك وقت فراغ ؟؟ كي تطور نفسك وتسعى للتعبد بمختلف انواعه
عجبت للشاب الذي يقضي حياته بالنوم فلايستقيظ من النوم الابعد ان تحرق الشمس باشعتها الكون
كنت في الجامعة ووالطلاب الذين معي في نفس المرحلة البنات والشباب يتذمرون من قلة النوم وعدم وجود وقت فراغ لهم واعجب لهم حيث كنت قد قرأت اكثر من مئة كتب بمختلف الاداب من قص وشعر ودين وتراث في وقت جلوسي في السيارة الذي لايتجاوز الساعتان ذهابا وايابا من البيت الى الجامعة
يقول تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾( 1)، ويقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ): (( إن العمر محدود لن يتجاوز أحد ما قدر له، فبادروا قبل نفاد الأجل )) (2 ).
ويحذر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) من افتتان الإنسان بالصحة والفراغ، حيث يقول (صلى الله عليه وآله وسلم ): (( خلتان كثير من الناس فيهما مفتون: الصحة والفراغ )) (3 )، ويقول (صلى الله عليه وآله وسلم ) أيضاً: (( إن اللَّه يُبْغِضُ الصحيح الفارغ لا في شغل الدنيا ولا في شغل الآخرة )) (4 ).
والفراغ السلبي أحد أسباب الفساد، يقول الإمام علي (عليه السلام): (( إن يكن الشغل مجهدة فاتصال الفراغ مفسدة )) (5 )، وعنه (عليه السلام) قال: (( من الفراغ تكون الصَّبوة )) (6 )، وعنه (عليه السلام) أيضاً: (( اعلم أن الدنيا دار بلية لم يفرغ صاحبها فيها قط ساعة إلا كانت فَرْغَتُهُ عليه حسرة يوم القيامة )) (7 ).
وللأسف الشديد فالكثير من الشباب لا يتعامل مع الفراغ بصورة إيجابية، فلو ألقينا نظرة فاحصة على كيفية قضاء الشباب لأوقاتهم لاستنتجنا ما يلي: ثمان ساعات للنوم وربما أكثر، أربع ساعات لمشاهدة التليفزيون، ثلاث ساعات للأكل والشرب، ساعتان للتجوال والنزهة، ساعة واحدة للمكالمات الهاتفية، ست ساعات للعمل.. هذا هو المعدل المتوسط لقضاء يوم كامل.
ومعدل العمل الحقيقي في الدول النامية -كما تشير الدراسات- لا يتجاوز ساعة واحدة على أفضل تقدير! والمتبقي من وقت العمل يذهب في الأكل والشرب، وقراءة الصحف، والتحدث مع الزملاء، والاتصال بالهاتف، والخروج من دائرة العمل لسبب أو آخر!!
وقد أكدت العديد من الدراسات والاستطلاعات بأن مشاهدة برامج التلفاز ومتابعة الشؤون الرياضية والتجول بالسيارات يأخذ معظم أوقات الفراغ لدى الشباب، في حين أن عادة القراءة والكتابة، أو استثمار أوقات الفراغ في إنجاز الأعمال المفيدة والمنتجة لا تكاد تسجل إلا أرقاماً منخفضة جداً!
ومن هنا، فالشباب مدعوون لإعادة رسم خريطة أوقاتهم، وجدولة أوقات فراغهم فيما يفيد وينفع، بما يتناسب والتطلعات الحضارية، والقدرة على المنافسة في ظل فرص العولمة وتحدياتها.
ــــــــــــــ
الهوامش:
( 1) سورة الشرح، 7 - 8.
( 2) ميزان الحكمة، ج6، ص539، رقم 13893.
(3 ) ميزان الحكمة، ج7، ص458، رقم 15558.
(4 ) ميزان الحكمة، ج7، ص458، رقم 15557.
(5 ) ميزان الحكمة، ج7، ص459، رقم 15562.
( 6) ميزان الحكمة، ج7، ص458، رقم 15559.
(7 ) ميزان الحكمة، ج7، ص459، رقم 15561.
تعليق