الإلتـزام بتقـوى الله ( موعظـة لليقظـــة )
كم نحن بحاجة إلى موعظة مؤثرة لتوقظنا من غفلتنا ,,,
فكيف إذا كانت من مواعظ الشيخ التستري (قده)(1) !!
إنه يحثنا على اليقظة بقــوله :
أيقظ هذا الغارق في النوم , وقل له إن رفاقك قد رحلوا !
فهل مازلت نائماً !
قل لهذا المسرع , لاتعجل السير , لأنك قد تسقط !
إن عقلك يقول : اسكب الماء على هذا المغمى عليه كي يصحو , وقل له إن رفاقك في انتظارك .
هل تعرف هذا المسافر المسرع ؟!
إنه أنت .. نعم !
ها أنت تسرع في كل خطوة تخطوها !
قل لهذا المسافر الماضي في سفره , إن الطريق بعيدة ولايصح السفر دون زاد ومتاع !
وقل له : أرى الذين حملو معهم زاداً كثيراً , كانوا يكثرون من البكاء وهم يقولون " وزادي قليل " !
فقل له أيها الفقير يامن لاتملك زاداً للطريق كيف تخرج للسفر ؟!
قل لهذا الغلام الآبق الهارب من سيده , إن سيدك استأجر منادياً ويبحث عنك !
قل لهذا الهارب المشاكس , لقد جاء العديد من أمراء الغضب ليقبضوا عليك !
قل لهذا المريض , عالج أمراضك , طالما أن الطبيب والدواء بين يديك !
ولاتظن بأنك إن لم تعالج أمراضك ستكون نهايتك الموت فحسب !
بل ستبتلي بأمر عظيم , بحيث أنك مهما تستغيث وتطلب من الله تعالى أن يميتك , فلن يستجيب لك , وتبقى بذلك الإبتلاء الذي هو أسوأ من ألف ميتة !!
اعلم أني أذكرك هذه المواعظ , لكي يعظكم بها واعظُ من أنفسكم !
قل لهذا الذي لاحياء له , حتام هذه الوقاحة , وهذه الغفلة ؟!
ألا تستحي من الله الذي أمهلك ؟!!
" أنا الذي أمهلتني فما ارعويت , وسترت عليّ فما استحييت , وعملت بالمعاصي فتعديت ,
وأسقطتني من عينك فما باليت , فبحلمك أمهلتني وبسترك سترتني , حتى كأنك أغفلتني
ومن عقوبات المعاصي جنبتني , حتى كأنك استحييتني " (3)
إن الله تبارك وتعالى بعظمته وعلو شأنه يدعوك إليه فلا تُقبل عليه , وتُعرض عنه !
إن الله الرؤؤف يتحبب إليك وأنت تتبغض إليه !! .
" يارب إنك تدعوني فأولي عنك , وتتحبب إليّ فأتبغض إليك , وتتودد إليّ فلا أقبل منك ,
كأن لي التطول عليك " (4)
ولعل هذه الموعظة لم تخترق حجب قلوبنا المغلفة بالذنوب فتعالوا نصغ إلى موعظة أخرى .
يقول (قده) موجهاً الكلام لنا وإلى كل غافل في هذا العالم :
" إذا كان ظنك أن ذلكم العالم "عالم الآخرة" هو كهذه الدنيا , تستطيع أن تمرر فيه أمورك بالمجاملات الرسمية وبالأكاذيب فإنك والله على خطأ !
إن ذلكم العالم عالم الحقيقة , لايحتمل .. الكذب !
انظر الآن .. !!
أفيك سُنة من سنن أولياء الله ؟
أأنت مفارق حقاً لصفات أعداء الله ؟
أحملت معك زاد ليوم جزائك ؟
أأنت مُعرض واقعاً عن الدنيا , ومشغول بحمد الله وثنائه ؟!! (5)
علينا أن نفكر –على الأقل- ألا نخدع أنفسنا ,
فإنك لن تستطيع أن تعبرها على الله وعلى الملائكة بالحيلة والمزاح .. فلنكن منصفين ...
أتراه يجعلك تفكر في الأسفار التي أمامك ؟!
إن أمامك أسفاراً كثيرة ..
سفر تغلق فيه عينيك عن هذا العالم .. لتفتحهما في الآخرة .
أمامنا سفر من هذا العالم ... إلى عالم القبر .
وسفر من القبر ... إلى عالم البرزخ .
وسفر من البرزخ ... إلى عالم الحشر .
وسفر من الحشر ... إلى النشر .
وسفر من الموقف ... إلى الحساب .
سفر من الحساب ... إلى الميزان .
سفر من الميزان ... إلى عبور الصراط .
سفر من الصراط ... إلى حيث قُضي الأمر .
ولا أدري .. أين سيبلغ بنا الأمر منتهاه ؟!
عليك أن تنظر .. !
بأي زاد نذهب في تلكم الدروب البعيدة !
وبأي متاع !
ومع أي رفيق !
وفي أي طريق !
ما الذي يريده منا من سوف نمضي إليه ؟!
وماذا نحمل معنا له ؟!
لنفكر قليلاً في هذه الموعظة الآن قبل فوات الأوان !
لنكررها .. وبصوت مرتفع عسى أن تخترق قلوبنا القاسية !
ــــــــــــــــــــ
المراجــع ...
(1) ولد سنة1230هـ ,في مدينة تستر , تتلمذ على ثلة من أجلاء العلماء ,منهم الشيخ الأنصاري,والشيخ حسن النجفي صاحب جواهر الكلام ,
ولشخصية الشيخ جعفر مظاهر عديدة تجمعت فيه, فهو الفقيه من الطراز الأول ومدرس تتلمذ عليه العديدون منهم: الميرزا محمد الهمداني والشيخ علي بن الشيخ رضا كاشف الغطاء ,
كان خاطباً بارعاً وأخلاقياً ذو قوة في الدين يهيمن في نطقه على الجماهير وله أثر كبير في الهداية والجذب إلى الحق , وكان مربياً لكثير من العلماء والمتعلمين ومؤلفاً تشهد مؤلفاته
بوضوح المنهج وبالعمق والصدق وهو أيضاً رجل "حسيني" العقل والقلب والضمير تعيش " قصة كربلاء" من حياته في الصميم .ترك مؤلفات كثيرة منها:رسالة في أصول الدين
وفوائد المشاهد توفي في العشرين من صفر او الثامن والعشرين عام 1303هـ.
(2) مداد الروح , الحمود , محمد عبد الله , ط2, دار الولاء للطباعة والنشر والتوزيع , لبنان –بيروت ,
ص 173 , 174, 175, 176 , 177.
(3) من دعاء أبي حزة الثمالي
(4) من دعاء الإفتتاح
(5) الأيام الحسينية , التستري , الشيخ جعفر, ترجمة ابراهيم رفاعة , دار المرتضى , بيروت , ط2 , م2000 , ص50 .
كم نحن بحاجة إلى موعظة مؤثرة لتوقظنا من غفلتنا ,,,
فكيف إذا كانت من مواعظ الشيخ التستري (قده)(1) !!
إنه يحثنا على اليقظة بقــوله :
أيقظ هذا الغارق في النوم , وقل له إن رفاقك قد رحلوا !
فهل مازلت نائماً !
قل لهذا المسرع , لاتعجل السير , لأنك قد تسقط !
إن عقلك يقول : اسكب الماء على هذا المغمى عليه كي يصحو , وقل له إن رفاقك في انتظارك .
هل تعرف هذا المسافر المسرع ؟!
إنه أنت .. نعم !
ها أنت تسرع في كل خطوة تخطوها !
قل لهذا المسافر الماضي في سفره , إن الطريق بعيدة ولايصح السفر دون زاد ومتاع !
وقل له : أرى الذين حملو معهم زاداً كثيراً , كانوا يكثرون من البكاء وهم يقولون " وزادي قليل " !
فقل له أيها الفقير يامن لاتملك زاداً للطريق كيف تخرج للسفر ؟!
قل لهذا الغلام الآبق الهارب من سيده , إن سيدك استأجر منادياً ويبحث عنك !
قل لهذا الهارب المشاكس , لقد جاء العديد من أمراء الغضب ليقبضوا عليك !
قل لهذا المريض , عالج أمراضك , طالما أن الطبيب والدواء بين يديك !
ولاتظن بأنك إن لم تعالج أمراضك ستكون نهايتك الموت فحسب !
بل ستبتلي بأمر عظيم , بحيث أنك مهما تستغيث وتطلب من الله تعالى أن يميتك , فلن يستجيب لك , وتبقى بذلك الإبتلاء الذي هو أسوأ من ألف ميتة !!
اعلم أني أذكرك هذه المواعظ , لكي يعظكم بها واعظُ من أنفسكم !
قل لهذا الذي لاحياء له , حتام هذه الوقاحة , وهذه الغفلة ؟!
ألا تستحي من الله الذي أمهلك ؟!!
" أنا الذي أمهلتني فما ارعويت , وسترت عليّ فما استحييت , وعملت بالمعاصي فتعديت ,
وأسقطتني من عينك فما باليت , فبحلمك أمهلتني وبسترك سترتني , حتى كأنك أغفلتني
ومن عقوبات المعاصي جنبتني , حتى كأنك استحييتني " (3)
إن الله تبارك وتعالى بعظمته وعلو شأنه يدعوك إليه فلا تُقبل عليه , وتُعرض عنه !
إن الله الرؤؤف يتحبب إليك وأنت تتبغض إليه !! .
" يارب إنك تدعوني فأولي عنك , وتتحبب إليّ فأتبغض إليك , وتتودد إليّ فلا أقبل منك ,
كأن لي التطول عليك " (4)
ولعل هذه الموعظة لم تخترق حجب قلوبنا المغلفة بالذنوب فتعالوا نصغ إلى موعظة أخرى .
يقول (قده) موجهاً الكلام لنا وإلى كل غافل في هذا العالم :
" إذا كان ظنك أن ذلكم العالم "عالم الآخرة" هو كهذه الدنيا , تستطيع أن تمرر فيه أمورك بالمجاملات الرسمية وبالأكاذيب فإنك والله على خطأ !
إن ذلكم العالم عالم الحقيقة , لايحتمل .. الكذب !
انظر الآن .. !!
أفيك سُنة من سنن أولياء الله ؟
أأنت مفارق حقاً لصفات أعداء الله ؟
أحملت معك زاد ليوم جزائك ؟
أأنت مُعرض واقعاً عن الدنيا , ومشغول بحمد الله وثنائه ؟!! (5)
علينا أن نفكر –على الأقل- ألا نخدع أنفسنا ,
فإنك لن تستطيع أن تعبرها على الله وعلى الملائكة بالحيلة والمزاح .. فلنكن منصفين ...
أتراه يجعلك تفكر في الأسفار التي أمامك ؟!
إن أمامك أسفاراً كثيرة ..
سفر تغلق فيه عينيك عن هذا العالم .. لتفتحهما في الآخرة .
أمامنا سفر من هذا العالم ... إلى عالم القبر .
وسفر من القبر ... إلى عالم البرزخ .
وسفر من البرزخ ... إلى عالم الحشر .
وسفر من الحشر ... إلى النشر .
وسفر من الموقف ... إلى الحساب .
سفر من الحساب ... إلى الميزان .
سفر من الميزان ... إلى عبور الصراط .
سفر من الصراط ... إلى حيث قُضي الأمر .
ولا أدري .. أين سيبلغ بنا الأمر منتهاه ؟!
عليك أن تنظر .. !
بأي زاد نذهب في تلكم الدروب البعيدة !
وبأي متاع !
ومع أي رفيق !
وفي أي طريق !
ما الذي يريده منا من سوف نمضي إليه ؟!
وماذا نحمل معنا له ؟!
لنفكر قليلاً في هذه الموعظة الآن قبل فوات الأوان !
لنكررها .. وبصوت مرتفع عسى أن تخترق قلوبنا القاسية !
ــــــــــــــــــــ
المراجــع ...
(1) ولد سنة1230هـ ,في مدينة تستر , تتلمذ على ثلة من أجلاء العلماء ,منهم الشيخ الأنصاري,والشيخ حسن النجفي صاحب جواهر الكلام ,
ولشخصية الشيخ جعفر مظاهر عديدة تجمعت فيه, فهو الفقيه من الطراز الأول ومدرس تتلمذ عليه العديدون منهم: الميرزا محمد الهمداني والشيخ علي بن الشيخ رضا كاشف الغطاء ,
كان خاطباً بارعاً وأخلاقياً ذو قوة في الدين يهيمن في نطقه على الجماهير وله أثر كبير في الهداية والجذب إلى الحق , وكان مربياً لكثير من العلماء والمتعلمين ومؤلفاً تشهد مؤلفاته
بوضوح المنهج وبالعمق والصدق وهو أيضاً رجل "حسيني" العقل والقلب والضمير تعيش " قصة كربلاء" من حياته في الصميم .ترك مؤلفات كثيرة منها:رسالة في أصول الدين
وفوائد المشاهد توفي في العشرين من صفر او الثامن والعشرين عام 1303هـ.
(2) مداد الروح , الحمود , محمد عبد الله , ط2, دار الولاء للطباعة والنشر والتوزيع , لبنان –بيروت ,
ص 173 , 174, 175, 176 , 177.
(3) من دعاء أبي حزة الثمالي
(4) من دعاء الإفتتاح
(5) الأيام الحسينية , التستري , الشيخ جعفر, ترجمة ابراهيم رفاعة , دار المرتضى , بيروت , ط2 , م2000 , ص50 .
تعليق