تويت
الوقت الحالي الذي يمر به العراق كثرت الأمراض لأسباب عديدة، منها الصرع، حيث يتعرض بعض الأفراد الى نوبات تشنجية تؤثر في سلوكهم وتعرضهم الى الأخطار. تزيد نسبة الإصابة بهذا المرض بين الأطفال الذين تقل سنهم عن خمس سنوات عن نسبتها بين أولئك الذين تزيد سنهم على العشرين بمقدار ثلاثة أضعاف.
الأطفال معرضون الى تشنجات واهتزازات متنوعة قسم منها يظهر عليهم في السنوات الأولى من حياتهم، هي غير صرعية. فهي تمتنع عن الظهور تلقائيا عندما يبلغ الطفل عامه الثاني، الثالث، أو نتيجة العلاج المناسب كالتغذية، التعرض لأشعة الشمسن تعاطي زيت كبد الحوت.
أسباب المرض، تختلف هذه الأسباب باختلاف أنواع الصرع، هي:
1ـ الصرع التكويني
2ـ الصرع العرضي
هناك صعوبات بالغة في حالة معرفة الصرع التكويني، أما العرضي فيمكن تتبع علته حتى تصل الى التلف الذي يصيب المراكز المخية أثناء عملية الولادة أو قبلها أو بعدها. يجب ألا يغيب عن الذهن أن هذه الإصابات التي تلحق بالمخ تؤدي الى نوبات صرعية في حالة الأفراد ذوي القابلية الاستعدادية أو الميل الموروث للاضطراب العصبي.
الصرع الأكبر والصرع الأصغر:
التمييز بين نموذجين متميزين للصرع يختلف احدهما عن الآخر من حيث درجة الحدة ومدة النوبة والمظاهر العامة المصاحبة لها والحالة العامة للمصاب قبل النوبة وبعدها والأعمار التي يسود انتشار كل منهما فيها، هما:
1ـ الصرع الأكبر.
2ـ الصرع الأصغر.
يتميز الصرع الأكبر بأنه في نصف حالاته تقريبا تسبق النوبة بوادر منبئة بها، بينما لا تحدث هذه البوادر إلا في حالات نادرة من حالات الصرع الأصغر، تتلخص في الشعور بعدم الارتياح والكآبة وتغير المزاج و تنميل الأطراف ووخزها، تغير في لون الوجه وملامحه، اضطراب في الجهاز التنفسي، كما قد تصاحب هذه المظاهر حالة المصاب اثناء النوبة نفسها. كما تشمل هذه البوادر أعراضا حسية تتلخص في رؤية أضواء واجسام وهمية وسماع طنين غير عادي وتغير في مذاق اللسان. هناك أعراض حركية تشمل اضطرابا في بعض العضلات وارتجاف جفني العين والسعال، أما الأعراض النفسية فتتلخص في توارد أفكار مفاجئة وأوهام الهلوسة، ويصحب النوبة فقدان مفاجئ للشعور وهو من المظاهر الرئيسة المميزة لها، ويقع المصاب صريعا وتنقبض العضلات انقباضا شديدا وتتيبس الأطراف ويسقط الرأس وتنقلب مقلتا العين. قد تصيب التقلصات عضلات الصدر فتصدر عنها أصوات لا إرادية منها الهمهمة والأنين والمص، قد تقف عملية التنفس نتيجة ذلك فينشأ عنها تلون الجلد باللون الأزرق.
تستمر النوبة من عدة ثوان الى دقيقتين وتتبعها عادة موجة من الانقباض والانبساط العضلي لا توافق بين حركاتها قد تستمر ثلاث دقائق وتهتز الأطراف بحركة واسعة وتتخذ عضلات الوجه صورة انقباضية، ينطبق الفكان بشدة بحيث يحتمل قطع اللسان. كما تصحب عملية التنفس أصوات واضحة مع كل شهيق وزفير، مع تدفق الزبد من الشدقين.
يتصبب الجسم عرقا، وقد يفقد المصاب قدرة التحكم في عضلات المثانة والمستقيم. تأخذ الحركات في الهبوط تدريجيا حتى تصل الى حالة استرخاء مريحة وتأخذ عملية التنفس في الهدوء ويروح المصاب في سنة من النوم في بعض الأحيان.
بعد صحو المصاب من غفوته يشعر بالإجهاد العضلي والصداع والميل الى القئ، يستمر فترة تبدو عليه البلادة ويصعب عليه تقدير فترة غفوته. هذه المظاهر العامة التي تميز الصرع الأكبر تختلف اختلافا واضحا من مصاب الى آخر، من نوبة الى أخرى لدى نفس المصاب من حيث شدتها، ديمومتها، اثرها، لكنها نادرا ما تفضي الى الوفاة التي إن حدثت فمرجعها الى شدة الهبوط في القلب أو الاختناق أو إصابة المخ بسبب الصدمة أثناء السقوط على الأرض.
أما الصرع الأصغر فيتميز بأن البوادر المنبئة لا تسبق نوباته إلا في حالات نادرة، فالمصاب تفاجئه النوبة التي تستمر من 5 الى 30 ثانية، يتمكن في أغلب الحالات من أن يعصم نفسه من السقوط رغم فقدانه لوعيه وسقوط ما يحمله في يديه من الأشياء، يكتسب وجهه لونا شاحبا ويتخذ وضعا ثابتان وتبدو اهتزازات في الحاجبين أو الجفنين، كذلك في الأكتاف والأذرع، لكن بدرجة أقل حدة. قد يستمر في نشاطه، أو في العادة يتوقف ثم يستأنفه من جديد عندما يعود الى وعيه، يتمكن في أغلب الأحوال من تقدير ديمومة إغفاءته.
الإصابات بالصرع الأصغر أكثر شيوعا من الإصابة بالصرع الأكبروقد تحدث مئات من النوبات يوميا دون أن يلاحظها احد وذلك لخفة وطأتها وقلة مدتها. كذلك ينتشر هذا النوع من الصرع انتشارا كبيرا لدى الأطفال والمراهقين عن غيرهم، يميل الى الامتناع حالما يتخطى الفرد مرحلة المراهقة، لكنه قد يستمر مدى الحياة إن لم يكتشف أمره ويؤخذ العلاج.
الصرع والقدرة العقلية:
كان مما ناله اهتمام العلماء علاقة الإصابة بالصرع بالقدرة العقلية، هنا بدأت الأقوال تتضارب في اثر الإصابة الصرعية في الحد من المستوى العقلي، فمن قائل بأن العلاقة لا اساس لها من الحقيقة بدليل ان الكثير من عظماء التاريخ كانوا من ضحايا تلك الإصابة مثل باسكال، يوليوس قيصر، الإسكندر الأكبر، موباسان..وغيرهم ومن قائل بأن كثيرا من المصروعين لا يخلون من مظاهر الضعف العقلي خصوصا في الحالات الشديدة من الإصابة، مرد ذلك الى التلف الذي يصيب المراكز المخية وما يتعرض له المصاب من نوبات حادة.
المعالجة:
يجب أولا أن ندرس حالة المصاب من الناحية (النيورلوجية) بأن تؤخذ بالأشعة صورة لدماغه، كما يجب ان يفحص من الناحية الطبية العامة فحصا دقيقا بحيث يحلل دمه وبوله.
لقد اصبح علاج هذه النوبات الصرعية ميسورا بعد الوصول الى الكشف عن أسبابها وتحديد موضعها حسب النشريات الطبية، إذ أنه ثبت كثيرا من هذه النوبات مرده الى وجود اورام بالمخ أو التصاقات بأغشيتهن. فإذا ما كشف طبيب الأعصاب عن أسباب هذه النوبات وتمكن من تحديد موضعها تحديدا دقيقا بواسطة (رسام المخ الكهربائي) صار في استطاعة جراح الأعصاب استئصالها، في هذه الحالة يكون شفاء المريض مؤكدا.
هناك نوبات صرعية ناتجة من أسباب أخرى لا يمكن علاجها جراحيا، لكن ليس معنى ذلك أن يترك المريض دون علاج، إذ أصبح من الممكن علاج هذه الحالات أيضا، إلا أن علاجها يحتاج الى زمن طويل وعناية تامة من الطبيب كما يحتاج الى صبر وأناة من المريض نفسه. تعالج هذه الحالات بواسطة مستحضرات طبية خاصة يمنحها الأطباء للمرضى.
إليك بعض ما يمكن عمله عندما يشعر المصاب بالبوادر الممهدة لظهور النوبة الصرعية:
الإسراع بوضع المصاب على الأرض، وضع منديل ملفوف أو جسم صلب بين أسنانه حتى لا يعض لسانه، بعد أن تنتهي النوبة يجب أن نشجع المريض على الراحة والنوم، وإذا كان المريض ممن يدمنون المخدرات والخمور فلنعمل جاهدين على منعه من تعاطيها كما نعمل على تنظيم حياته الخاصة، وإذا كان المصاب ممن يقودون السيارات أو يميلون الى السباحة أو يعملون في مصنع بالقرب من الآلات الخطرة؛ فلنباعد بينه وبين ممارسة هذه الأشياء أو التعرض لها، من المستحسن كذلك ألا نشجعه على الزواج، إلا في الحالات التي تقبل الزوجة فيها أن تكون دائما على حذر من عواقب هذا المرض، أو أن تكون من الأشخاص الذين يميلون الى تحمل المسئوليات.
أما في الحالات التي يكون المصابون فيها من الأطفال، فيجب العمل على أن تكون البيئة المنزلية هادئة مستقرة، خالية من النقد والتقريع والتبكيت، ذلك لأن تجنب هذه الأشياء يعطي الطفل الفرصة للشعور بالمسئولية، يشجعه على أن يعيش عيشة ملائمة منسجمة، لا ضير من أن يحضر هؤلاء الأطفال المرضى في المدارس العادية، إذا كان للمسئولين بها خبرة تتصل بهذا المرض، وإلا كان من الضروري إرسالهم الى مدارس خاصة
الملفات المرفقة
تعليق