المرأة و الاجتهاد
هل يمكن للمرأة أن تكون صاحبة رأي في مجال الفكر و التشريع الإسلامي؟ ، و هل يحق لها المشاركة في حركة الاجتهاد و استنباط الحكم الشرعي؟ ، أم أن أنوثتها تقصر بها عن بلوغ هذا المقام ، و تبقيها ضمن حدود الاتباع و التقليد للرجل ؟
من المعلوم أن مفاهيم الدين و أحكامه تؤخذ من الكتاب و السنة ، و هما خطاب مفتوح لكلِّ ذي عقل ، و موجه لكل إنسان، و وعيهما و التدبر فيهما مطلوب من كلِّ مكلف ، ذكراً كان أو أنثى ، فحينما يقول تعالى: ( هذا بيان للناس ) ، (آل عمران/138) ، و يقول تعالى: ( أفلا يتدبَّرون القرآن ) ، (النساء/82) ، و يقول تعالى: ( ولقد يسّرنا القرآن للذِّكر فهل من مدَّكر ) ، (القمر/17)، و حينما
يقول النبي (ص): « نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها » ، فهذه الخطابات و الأوامر لا تختص بالرجال دون النساء ، فكما يتفهّم الرجل آيات الكتاب العزيز، و أحاديث الرسول الكريم ، و يعرف منها واجبه و تكليفه ، فكذلك الحال بالنسبة للمرأة ، و هذا ما كان معمولاً به في عصر النبوّة و الإمامة.
و إذا كانت المسافة الزمنية التي تفصلنا عن عصر التشريع ، قد جعلت عملية فهم النص الشرعي ، و معرفة الوظيفة من خلاله، تحتاج إلى درجة من الخبرة في بعض العلوم كأرضية و مقدمات لتحصيل القدرة على استنباط الحكم الشرعي من مصادره المقررة ، كاللغة العربية ، وت فسير القرآن ، و علم الدراية ، و علم الأصول . فإن التوفّر على هذه الخبرة العلمية، إنما يستلزم حركة و قدرة ذهنية تمتلكها المرأة ، كما يمتلكها الرجل . و بالتالي ، فبإمكان المرأة أن تصل إلى مستوى الفقاهة و الاجتهاد، فتتعامل مع النص الشرعي مباشرة ، و تستنبط المفاهيم و الأحكام ، و حينئذ ليست المسألة أنه يصحُّ لها العمل بما يؤدي إليه رأيها و اجتهادها ، بل إنه يجب عليها ذلك. لأن المجتهد ( رجلاً كان أو امرأةً ) ، إذا استنبط الحكم بالفعل ، فلا يجوز له أن يترك ما اتّضح له أنه حكم الشرع ، و يعمل برأي آخر. فالمرأة يمكن أن تكون فقيهة مجتهدة ، وأن تعمل برأيها وحسب اجتهادها.
ناقش الفقهاء مسألة أهلية ال
مرأة في التصدي للمرجعية و التقليد ، بحيث يعتمد الآخرون على فتاواها ، و تصبح مرجعية دينية تؤخذ منها الأحكام الشرعية .
و الرأي السائد لدى الفقها ء، و الذي يذكرونه في رسائلهم العلمية ، هو عدم جواز تقليد المرأة ، و إن اجتمعت فيها كلَّ الشروط و المواصفات ، على أساس أن الذكورة شرط في المرجعية.
لكنَّ الملفت للنظر ، أن أغلب أولئك الفقهاء ، حينما يناقشون المسألة علمياً و على صعيد الاستدلال و البحث ، يعترفون بعدم وجود دليل مقنع للمنع من
تقليد المرأة ، و لسلبها أهلية المرجعية و الإفتاء . يقول السيد الحكيم في المستمسك: ( و أما اعتبار الرجولة في شرائط المجتهد المقلد ، فهو أيضاً كسابقه عند العقلاء ، غير ظاهر عند العقلاء ، و ليس عليه دليل ظاهر غير دعوى انصراف إطلاقات الأدلة إلى الرجل ، و اختصاص بعضها به. ولكن لو سلم، فليس بحيث يصلح رادعاً عن بناء العقلاء. و كأنه لذلك أفتى بعض المحققين بجواز تقليد الأنثى و الخنثى ) . و قد بحث هذه المسألة الفقيه الشيخ محمد مهدي شمس الدين ، و ناقش أدلة المانعين ، و خلص إلى أنه لا دليل على اشتراط الذكورة في مرجع التقليد ، كما أن جميع ما ذكر لا يصلح للردع عن بناء العقلاء ، و سيرتهم على عدم الفرق ، في رجوع الجاهل إلى العالم ، بين كون العالم رجلاً أو امرأة ، فيصحُّ تقليد المرأة المجتهدة الفقيهة إذا كانت واجدةً لبقية الشرائط المعتبرة في مرجع التقليد ، و على هذا اتفق الفقهاء و علماء الحديث في باب الرواية ، و العمدة في المسألة بناء العقلاء ، هذا مضافاً إلى أن أدلة حجية الرواية هي أدلة حجية الفتوى و مشروعية التقليد ، و لا يمكن تجزئة دلالة الأدلة إلا بدليل مقيد أو مخصّص ، و قد تبيَّن عدم وجود دليل من هذا القبيل.
قال
المحقق الأصفهاني ، فأما الذكورة فلا دليل عليها بالخصوص ، و ما ورد في باب القضاء من عدم تصدي المرأة له ، و كذلك في الإمامة للرجال ، فالحكمة فيهما ظاهرة ، و هل حال الفتوى إلا كحال الرواية ، و لذا يستدلُّ بأدلة حجية الخبر على حجية الفتوى ، من دون اختصاص لحجية الرواية بالرجال ، مع أنه لا ينبغي الريب في جواز العمل لها برأيها أيضاً).
أما عند فقهاء السنّة، فيبدو أنهم متفقون على أن الذكورة ليست من شروط الإفتاء والمفتي ، و بالتالي فهم يقبلون مرجعية المرأة في الأحكام الشرعية. جاء في الموسوعة الفقهية: ( لا يشترط في المفتي الحرية و الذكورية و النطق اتفاقاً ، فتصحُّ فتيا العبد و المرأة و الأخرس).
هل يمكن للمرأة أن تكون صاحبة رأي في مجال الفكر و التشريع الإسلامي؟ ، و هل يحق لها المشاركة في حركة الاجتهاد و استنباط الحكم الشرعي؟ ، أم أن أنوثتها تقصر بها عن بلوغ هذا المقام ، و تبقيها ضمن حدود الاتباع و التقليد للرجل ؟
من المعلوم أن مفاهيم الدين و أحكامه تؤخذ من الكتاب و السنة ، و هما خطاب مفتوح لكلِّ ذي عقل ، و موجه لكل إنسان، و وعيهما و التدبر فيهما مطلوب من كلِّ مكلف ، ذكراً كان أو أنثى ، فحينما يقول تعالى: ( هذا بيان للناس ) ، (آل عمران/138) ، و يقول تعالى: ( أفلا يتدبَّرون القرآن ) ، (النساء/82) ، و يقول تعالى: ( ولقد يسّرنا القرآن للذِّكر فهل من مدَّكر ) ، (القمر/17)، و حينما
يقول النبي (ص): « نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها » ، فهذه الخطابات و الأوامر لا تختص بالرجال دون النساء ، فكما يتفهّم الرجل آيات الكتاب العزيز، و أحاديث الرسول الكريم ، و يعرف منها واجبه و تكليفه ، فكذلك الحال بالنسبة للمرأة ، و هذا ما كان معمولاً به في عصر النبوّة و الإمامة.
و إذا كانت المسافة الزمنية التي تفصلنا عن عصر التشريع ، قد جعلت عملية فهم النص الشرعي ، و معرفة الوظيفة من خلاله، تحتاج إلى درجة من الخبرة في بعض العلوم كأرضية و مقدمات لتحصيل القدرة على استنباط الحكم الشرعي من مصادره المقررة ، كاللغة العربية ، وت فسير القرآن ، و علم الدراية ، و علم الأصول . فإن التوفّر على هذه الخبرة العلمية، إنما يستلزم حركة و قدرة ذهنية تمتلكها المرأة ، كما يمتلكها الرجل . و بالتالي ، فبإمكان المرأة أن تصل إلى مستوى الفقاهة و الاجتهاد، فتتعامل مع النص الشرعي مباشرة ، و تستنبط المفاهيم و الأحكام ، و حينئذ ليست المسألة أنه يصحُّ لها العمل بما يؤدي إليه رأيها و اجتهادها ، بل إنه يجب عليها ذلك. لأن المجتهد ( رجلاً كان أو امرأةً ) ، إذا استنبط الحكم بالفعل ، فلا يجوز له أن يترك ما اتّضح له أنه حكم الشرع ، و يعمل برأي آخر. فالمرأة يمكن أن تكون فقيهة مجتهدة ، وأن تعمل برأيها وحسب اجتهادها.
ناقش الفقهاء مسألة أهلية ال
مرأة في التصدي للمرجعية و التقليد ، بحيث يعتمد الآخرون على فتاواها ، و تصبح مرجعية دينية تؤخذ منها الأحكام الشرعية .
و الرأي السائد لدى الفقها ء، و الذي يذكرونه في رسائلهم العلمية ، هو عدم جواز تقليد المرأة ، و إن اجتمعت فيها كلَّ الشروط و المواصفات ، على أساس أن الذكورة شرط في المرجعية.
لكنَّ الملفت للنظر ، أن أغلب أولئك الفقهاء ، حينما يناقشون المسألة علمياً و على صعيد الاستدلال و البحث ، يعترفون بعدم وجود دليل مقنع للمنع من
تقليد المرأة ، و لسلبها أهلية المرجعية و الإفتاء . يقول السيد الحكيم في المستمسك: ( و أما اعتبار الرجولة في شرائط المجتهد المقلد ، فهو أيضاً كسابقه عند العقلاء ، غير ظاهر عند العقلاء ، و ليس عليه دليل ظاهر غير دعوى انصراف إطلاقات الأدلة إلى الرجل ، و اختصاص بعضها به. ولكن لو سلم، فليس بحيث يصلح رادعاً عن بناء العقلاء. و كأنه لذلك أفتى بعض المحققين بجواز تقليد الأنثى و الخنثى ) . و قد بحث هذه المسألة الفقيه الشيخ محمد مهدي شمس الدين ، و ناقش أدلة المانعين ، و خلص إلى أنه لا دليل على اشتراط الذكورة في مرجع التقليد ، كما أن جميع ما ذكر لا يصلح للردع عن بناء العقلاء ، و سيرتهم على عدم الفرق ، في رجوع الجاهل إلى العالم ، بين كون العالم رجلاً أو امرأة ، فيصحُّ تقليد المرأة المجتهدة الفقيهة إذا كانت واجدةً لبقية الشرائط المعتبرة في مرجع التقليد ، و على هذا اتفق الفقهاء و علماء الحديث في باب الرواية ، و العمدة في المسألة بناء العقلاء ، هذا مضافاً إلى أن أدلة حجية الرواية هي أدلة حجية الفتوى و مشروعية التقليد ، و لا يمكن تجزئة دلالة الأدلة إلا بدليل مقيد أو مخصّص ، و قد تبيَّن عدم وجود دليل من هذا القبيل.
قال
المحقق الأصفهاني ، فأما الذكورة فلا دليل عليها بالخصوص ، و ما ورد في باب القضاء من عدم تصدي المرأة له ، و كذلك في الإمامة للرجال ، فالحكمة فيهما ظاهرة ، و هل حال الفتوى إلا كحال الرواية ، و لذا يستدلُّ بأدلة حجية الخبر على حجية الفتوى ، من دون اختصاص لحجية الرواية بالرجال ، مع أنه لا ينبغي الريب في جواز العمل لها برأيها أيضاً).
أما عند فقهاء السنّة، فيبدو أنهم متفقون على أن الذكورة ليست من شروط الإفتاء والمفتي ، و بالتالي فهم يقبلون مرجعية المرأة في الأحكام الشرعية. جاء في الموسوعة الفقهية: ( لا يشترط في المفتي الحرية و الذكورية و النطق اتفاقاً ، فتصحُّ فتيا العبد و المرأة و الأخرس).
تعليق