التنمية النفسية للفرد المسلم:: قرآنياً ونبويا :: الخطاب:: والأدوات :تربويا ))
--------------------------------------------------
------------- ------------
أهتم القرآن الكريم منذُ نزوله الشريف من لدن الله تعالى على قلب محمد نبينا/ص/ بتربية وتنمية النفس الإنسانية تنمية لاتنسى معها ربها وتعاليمه سبحانه .
وصورإهتمام القرآن الكريم بالنفس الأنسانية له مجالاته المتعددة والتي قد لايسعها المقام ولكن نطرق إهتمامات القرآن الكريم بالنفس الإنسانية ولوإجمالاً للأختصار النافع.
تلك النفس المخلوق العجيب والمبهم في ماهيته الوجودية والتي عجزت العقول التجريدية والتحليلية وحتى التجريبية منها عن الوقوف على حقيقة وتكوين النفس الإنسانيةوبقت تدور مدار آثارها إذ أنّ النفس لاتُعرف إلاّ بآثارها الوجودية ولذا أهتم بها القرآن الكريم إهتماما بالغا وكبيرا .
بحيث طرح القرآن الكريم خطابه المعرفي التأسيسي بشأن النفس البشريةللناس
ومَنهَجَ ادواته الحكيمة في صور التعاطي معها .
فقال تعالى (( ونفسٍ وما سواها *فألهما فجورها وتقواها* قد أفلح من زكاها *وقد خاب من دساها)) الشمس.
وهنا يُصرّح الله تعالى لرسوله الكريم محمد/ص/ بحقيقة تربوية ونفسية مهمة جداً وهي أنّ الله تعالى جعل في كيانية الإنسان نفسا عارفة بسبل الخير والصلاح ومشخصة لطريق الضلالة والأنحراف وهو مايُسميه علماء النفس والإجتماع اليوم
(بالوجداني الأخلاقي) ويعني ذلك أنّ النفس الإنسانية لهامن القدرة على صياغة ذاتها وصاحبها بصورة إما زاكية أو مُندسّة ويبدو الخيار واضح بالنسبة لها.
فمن أهم وسائل التنمية النفسية قرآنيا هي تزكية الذات البشرية وفق برنامج تربوي وتعليمي إن طُبِقَ فعلا فإنه يأتي ثماره بالفلاح والفوز قطعا ((قد أفلح من زكاها ((وقد خاب من دسّاها )).
ومن هذه الوسائل التربوية للنفس الإنسانية هو العمل على إشعارها بالعزة والكرامة بدلا من إعتيادها على الإحساس بالغرور والتكبر والعجب وهذا ما إلتفت إليه الرسول/ص/ حيث كان يقول((إطلبوا الحوائج بعزة النفس فإنّ الأمور تجري بالمقادير))/
أي لاتذلوا يا مسلمين ويا متعلمين ولاتُحقروا أنفسكم أمام الأخرين حتى في طلب الحاجة أياً كانت هي؟
وحافظوا على عزتكم وكرامتكم الإنسانية.
ولقائل أن يقول فكيف ينسجم مفهوم العزة للنفس وضرورة الحفاظ عليها في ميدان التربية والتعليم مع وصايا النبي الكريم محمد/ص/في لزوم التواضع وتحقيقه عند المتعلم لمعلمه كي تسهل مهمة التربية والتعليم إجتماعيا وحياتيا؟
فنقول :: إنّ شعور الفرد المسلم بقيمة نفسه أو العزة الإيجابية هذاماأسسه القرآن الكريم تربويا ونفسيا عندما قال((ولله العزة ولرسولة وللمؤمنين))/8/ المنافقون.
لايتنافى وأخلاقية وتربوية التواضع بين المعلم ومتعلمه فالتواضع أصلا هو سبيل قويم لإستعداد الفرد المتلقي للتعلم وتمكينه من تربية ذاته .
فالعزة والعلو والكرامة شيء والتواضع واللين شيء آخر ففقرق واضح بينهما.
والمطلوب من الفرد المسلم حينما يربي ذاته ي يعني يُزكي أخلاقياتها وسلوكياتها
ويأخذ بها نحوالتكامل والأبتعاد عن الأنانية البغيضة والفردانية المعوقة لحركة التربية والتعليم.
فمساحة تربية وتهذيب النفس الإنسانية تتركز دائما في مجاهدة سلوكياتها السلبية
والسيئة ومن هنا ركزت أحاديث النبي محمد /ص/ على هذه الحقيقة التربوية والنفسية فقال/ص/ ((أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك))/
وهنا يجب اللألتفات إلى حقيقة وجدانية وهي أنه ليس كل النفس وقواها هي عدو لصاحبها كماتُصوّرالأحاديث النبوية الشريفة لا بل على العكس أنّ المقصود من الأحاديث الشريفة في توصيف النفس بأنها عدوة صاحبها وعليه الحذر منها فيما لوزاغت عن جادة الفضيلة الأخلاقية والتقوى النفسية والسلوكية إضافة إلى أنّ الأحاديث تُريدُ أن تبين جهة الإستعداد الكامن في النفس للزيغ عن الصراط المستقيم
ولذانجدُ أنّ القرآن الكريم في سورة القيامة أقسم (ولااُقسمُ بالنفس اللوامة))/2/ القيامة
وهذا القسم الألهي كاشفٌ عن مدى قدرات النفس الإنسانية في إستيعابها لمشروع الصلاح تربويا ونفسيا .
وهذا المقطع القرآني الرائع من سورة القيامة هو بحق مقطع سديد يرمز لنقد الذات لذاتها وتقيم سلوكياتها وتقويمها عمليا.
بقلم / مرتضى علي الحلي/النجف الأشرف/ من جوار الرامز المقدس /علي/ع/
تعليق