بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الاستقامة..
الاستقامة هي الطريق الذي يكون على خط مستو، وبه شبه طريق المحق وهذا ما أشارت اليه آيات عديدة كقوله تعالى ((اهدنا الصراط المستقيم))، ((وانّ هذا صراطي مستقيماً)).. واستقامة الانسان هي لزومه المنهج المستقيم كما في قوله تعالى ((انّ الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا))..
من الآية السابقة يتبيّن لنا انّ مسألة الاستقامة لا تنفك عن الاقرار بوحدانية الله تعالى لمن يريد أن يصل الى ما وعد الرحمن من النعيم الأبدي فهما متلازمتان، وهذا ما يدلّ عليه العطف المباشر بثمّ والتي تدلّ أيضاً على الاستمرارية..
فالاستقامة هي الثبات على طريق الحق وإتباع للمنهج الالهي الذي رسمه الأولياء الصالحون من الأنبياء والرسل وأوصياؤهم صلوات الله عليهم أجمعين..
فالغاية من خلق البشر هو العبادة ولا يتم ذلك إلاّ من جهة إتخاذه الاستقامة منهجاً له، ولا يتأتى ذلك بسهولة ولكن بالصبر والثبات على أمور الدنيا ويمكن تلخيصها بأمور ثلاثة وهي الصبر على البلاء والصبر على المعصية والصبر على المصيبة، فمن يجتازها فقد وصل الى مرحلة الاستقامة، ولا يقف عند هذا الحد بل لابد من المحافظة على هذه المرتبة التي وصل اليها، فالوصول الى القمة أمر صعب ولكنّ المحافظة عليها أمر أصعب بكثير، وهذا ما أشار اليه الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله عندما تلا هذه الآية ((قد قالها الناس ثمّ كفر أكثرهم فمن قالها حتى يموت فهو ممن استقام عليها))..
ولو دقّقنا النظر لوجدنا انّه لا استقامة من غير الاعتراف والعمل وفق ما جاء به أئمة الهدى عليهم السلام، لأنّهم أساس الاستقامة، وعلى هذا الأساس كان قول الامام الرضا عليه السلام عندما سئل عن تفسير هذه الآية فقال ((هي والله ما أنتم عليه))، أي ما أنتم عليه من الولاية لآل البيت عليهم السلام..
فسيول المعارف والعلوم تجري من عندهم واليهم تنتهي، وما عند غيرهم ما هو إلاّ مجرد وهم بل سراب لا ينال طالبه إلاّ التعب والشقاء مهما تعبّد وتذلّل لربّ العزّة، لأنّه بكل بساطة ليس الطريق الذي يريده سبحانه وتعالى وهذا ما دلّ عليه كلام أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة ((وقد قلتم ربنا الله فاستقيموا على كتابه، وعلى منهاج أمره، وعلى الطريقة الصالحة من عبادته، ثمّ لا تمرقوا منها، ولاتبتدعوا فيها، ولا تخالفوا عنها))..
وهذا لا يعني انّ الولاية مجرد لفظ يتلفظ به اللافظ، بل لابد من العمل بما يوافق ذلك حتى يكون على طريق الاستقامة، وعندها يأتيه المدد الغيبي الالهي فيثبت فؤاده ويأخذ بيده ليصل به الى ساحة الرضا بعيداً عن الغضب الالهي ((تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا))فصلت: 30
تعليق