يوسف الزهراء .. بين الحنين والدعاء
بقلم : رويده الدعمي
بقلم : رويده الدعمي
بنى يعقوب " عليه السلام " لنفسه بيتاً للأحزان ، كان يختلي فيه ليندب ولدهُ الضائع " يوسف " ولينتظر فيهِ رجوع ذلك الولد الغائب بعد أن أخذ منهُ الشوق كل مأخذ ، وبعد ان ابيضت عيناه من الحزنِ فهو كظيم ..
وهكذا حال الزهراء " عليها السلام " حينما بنى لها زوجها أمير المؤمنين علي " عليه السلام " بيتاً للأحزان تقضي فيه معظم وقتها بعد وفاة ابيها الرسول الأعظم " صلى الله عليه وآله " .
كانت لوعة يعقوب " عليه السلام " لوعةً واحدة .. لوعة ( الفراق ) الذي أسعر نار الشوق في قلبه ، أما لوعة مولاتنا الزهراء " عليها السلام " فلم تكن واحدة !!
كان قلبها سلام الله عليها يحمل لوعات ( الحزن ) و ( الألم ) و ( المظلومية ) و (الشوق ) و( الانتظار ) ..
فلوعة حزنها على فقد أبيها المصطفى " صلى الله عليه وآله " ذلك الأب الذي ليس لهُ مثيل في الوجود على الإطلاق !
ولوعة ألمها الروحي والجسدي بعد هجوم القوم على دارها وكسر ضلعها واسقاط جنينها الحبيب ..
ولوعة مظلوميتها بعد أن ظلم القوم زوجها علي بن ابي طالب " عليه السلام " وأبعدوه عن موقعه في الخلافة ، وبعد أن غصبوا حقها في أرضها " فدك " رغم مطالبتها بها وأمام الجميع ..
وبعد كل هذه اللوعات والآهات والأحزان فإنها سلام الله عليها تُشاطر نبي الله يعقوب " عليه السلام " لوعة الشوق والحنين والانتظار ، فكما انتظر هوَ ولدهُ الغائب عن بصرهِ وتطلّع لرؤيتهِ في يوم من الأيام ، فكذلك هي روحي فداها تتطلع الى ذلك اليوم الذي سيظهر فيهِ ولدها الموعود ، فهي تحنُّ وتشتاق لغائبها المرتقب وولدها الحبيب المهدي المنتظر " عليه السلام " .
كيف لا ؟! وهو الذي سيُنسيها كل الآلام واللوعات الأخرى ، كيف لا ؟! وهو الذي سيطالب بحقها وحق اهل بيتها ، كيف لا ؟! وهو الذي سيأخذ لها بثأر ولدها الحسين سيد الشهداء وسيد شباب اهل الجنة ، فكيف لا تنتظرهُ ولا تجعل الشوق اليه جزءاً من لوعاتها وآهاتها في بيت أحزانها ؟
ومما يمكن ان نستدل بهِ على حنينها ولهفتها لولدها الغائب " عليه السلام " بل ودعائها المستمر لهُ بالفرج هو ما ورد عن المعصومين " عليهم السلام " في فضل يوم التتويج المبارك لإمامنا الحجة عليه السلام وارتباط هذا اليوم بالزهراء روحي فداها ..
حيث ورد في البحار ج31ص122 عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام قال :
(( حدثني أبي عليه السلام ، ان حذيفة بن اليمان دخل في مثل هذا اليوم ، وهو التاسع من ربيع الاول .. على جدي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال حذيفة : رأيت سيدي أمير المؤمنين مع ولديه عليهم السلام يأكلون مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وهو يتبسم في وجوههم عليهم السلام ويقول لولديه ، الحسن والحسين عليهما السلام : كُلا هنيئاً لكما ببركة هذا اليوم .. فانه اليوم الذي يُهلك اللّه فيه عدوه .. وعدو جدكما .. ويستجيب فيه دعاء اُمكُما .. ))
وبهذا نعرف بل ونتأكد من ان الزهراء عليها السلام كانت تُخصص جزءاً من وقتها المبارك في الدعاء لولدها المهدي " عليه السلام " وان يُعجل الله في قرب اليوم الذي يُتوّج فيه عليه السلام إماماً وخليفةً وقائداً لهذه الأمة بل وللعالم أجمع ، اذاً لم يكن " بيت الأحزان " مكاناً لبكاء الزهراء واظهار حزنها فقط ، بل كان مكاناً لدعائها عليها السلام بتعجيل الفرج لبقية الله في أرضه ..
وأخيراً فلا نملك – ونحن نعيش ذكرى استشهادها سلام الله عليها – إلا أن نسأل الله سبحانه وتعالى بأن يُعجل فرج وليِّهِ يوسف آل محمد وحبيب قلب الزهراء عليها السلام ..
إلهي بحق الزهراء .. إشفِ صدر الزهراء
بظهور يوسُفِها ( الحجة بن الحسن ) عليه السلام .
بظهور يوسُفِها ( الحجة بن الحسن ) عليه السلام .
تعليق