((الزوجة الصالحة :::مفهومها و حقوقها وثقافة التعايش معها في قراءة شرعية وأخلاقية جديدة((
============================================
في البداية لابدّ من تحديد مفهوم الزوجة الصالحة شرعيا فقد حدد القرآن الكريم وكذا السنة النبوية الشريفة محددات وجودية حقيقية لكيانية الزوجة الصالحة
ونحن هنا سنذكر الصفات فقط ونترك ذكر الآيات الموضحة لذلك فإنها معلومة للجميع وبمراجعة سريعة للقرآن الكريم تتضح لك مواصفات المرأة والزوجة الصالحة .
فالزوجة الصالحة هي الإنسانة المؤمنة والعفيفة والكريمة النفس والجميلة الخَلق والخُلُق وطيبة التعاطي الحسن مع زوجها.
وهنا سأذكر رواية صحيحة ورائعة في توصيف الزوجة الصالحة .
فعن جابر ابن عبدالله الأنصاري قال/كُنّا عند النبي /ص/ فقال/ص/
(( إنّ خير نسائكم الولود الودود العفيفة العزيزة في أهلها الذليلة مع بعلها المتبرجة مع زوجها الحصان على غيره التي تسمع قوله وتطيع أمره وإذا خلا بها بذلت له ما يُريدُ منها ولم تبذل كتبذل الرجل))إنظر/ جامع أحاديث الشيعة /السيد البروجردي /ج20/ص36/
فلاحظوا أحبتي كيف جمعت هذه الرواية النبوية الشريفة صفات الزوجة الصالحة وركزت على ضرورة توافر أخلاقيات واقعية في شخصية المرأة الصالحة كزوجة وأولها أن تمتاز بالود والتواد وهذه الصفة النفسية والسلوكية قد جعلها الله تعالى في محكم كتابه الحكيم عنوانا رابطا مركزيا بين الزوجين معا بجعل منه تعالى وتوفيق
حيث قال تعالى
((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)){21}/الروم.
والغاية من التزاوج بين الرجل والمرأة هو لأجل تحقيق الإستقرار الذهني والروحي والجنسي للطرفين معاً فالآية الشريفة عبّرت عن الزواج بالسكن والسكن هو الإتزان الفعلي والأنس الروحي بالزوجة وهنا يجب الألتفات إلى نقطة التعايش الأثنيني المهمة بين الزوجين وهي التعالق الوجودي القائم على أساس المودة والرحمة من الطرفين معا فبإنخرام أحدهما تنحل عقدة وعلقة التعايش الصالح بين الزوجين معا
فالطرفان كلاهما مُطالَبان بتحقيق خاصية الود والرحمة والتآنس مع الآخر إدامة للحياة الطيبة والصالحة.
والنقطة الثانية المهمة في ثقافة التعايش الزوجي هو عفة الزوجة وصيانة ذاتها نفسيا وسلوكيا فعليها أن تحصر ذاتها لزوجها وحصرالزوجة لذاتها بزوجها هو صفة من صفات الحور العين في جنان الخلد
كما عبّرت الآية الشريفة عن ذلك فقالت
((حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ))الروم/{72}
بمعنى أن تحصر الزوجة جمالها وكيانها كله لزوجها في بيتها (الخيام) كما ستكون الحور العين محصورات مخدرات شريفات مختصات بأزواجهن من المؤمنين في الجنان غدا إن شاء الله تعالى.
والنقطة الثالثة في وصف الزوجة الصالحة وهي أنها كما كانت عزيزة في بيت أهلها قبل الزواج فعليها بالتواضع لبعلها أي زوجها ومعنى الذليلة مع بعلها لايُقصَد به الإمتهان والإهانة لا أبدا وإنما يقصد به التواضع وخفض مستوى العزة مع الزوج
أو أنّ المقصود قد يكون هو سهولة التعامل معها وترك الشدة في السلوك تجاه الزوج
والنقطة الرابعة والمهمة جدا والتي هي غالبا ما لم تلفت لها بعض النساء وهي ميزة التبرج للزوج داخل البيت والتزيّن الخارجي وتطييب البدن جذبا منها لزوجها أنيسها وشريكها الدائم فهذه الميزة إن تفعلت تحل إشكاليات النفرة من قبل الزوج تجاه زوجته فالزوج يطمح لما يراه عند الآخريات في الخارج وهو مفقود عنده في البيت فمن هنا تبدأ بادرة النفرة من الزوج إن فقد خاصية تبرج وتجمل زوجته له في بيته
فالمفروض بالزوجة الصالحة أن تلتزم بذلك وتفوت فرصة النفرة على زوجها بخلقها لجمال وزينة تتملك من خلالها قلب زوجها الشغوف بالجمال والزينة .
والنقطة الخامسة والمهمة جدا وخاصة في وقتنا هذا وقت الأنفتاح ووقت الأختلاط
على الزوجة الصالحة أن تكون محصنة لذاتها وتمنع الآخرين من إختراقها صيانة لحق زوجها وكرامتها كأنثى مطلوب منها شرعا وأخلاقا الحفاظ على شرفها وسمعتها الحياتية.
والنقطة السادسة وهي سماع قول الزوج وطاعة أمره طبعا في مرضاة الله وبالحدود الشرعية والأخلاقية وهذه نقطة مهمة جدا لأنّها تُشعر الزوج بقواميته على زوجته وتجعله يجعل لها إعتبارا خاصا لطالما سمعت قوله وأطاعة أمره وبخلاف ذلك يحصل لاسمح الله إنشقاق وإختلاف لايُحمد عقباه لأنّ عصيان الزوجة لزوجها في دائرة حدود الله تعالى يُحقق تمانعا في الأرادات لايمكن معه إستمرار التعايش إثنينيا معا فالأنسان بطبعه يبتعد عمن تباعد عنه وخالف أمره
والنقطة الأخيرة في متن الرواية المؤسسة لثقافة التعايش الجنسي بين الرجل وزوجته والتي تقول((وإذا خلا بها بذلت له ما يُريدُ منها ))
وهذه النقطة تكاد تكون هي المفصل الحيوي في الشعوربقيمة الزوجية فالمرأة شرعا وأخلاقا مُطالبة بتمكين نفسها من زوجها وتوفير عناصر الجذب الجنسي في شخصيتها لزوجها وإشباع رغبة الزوج في شتى صور التعالق الجنسي بينهما
من الكلام والفعل المُفهِم للتحاب بينهما إلى التطبيق .
إنّ الذي تقدّم أعلاه هو التحديد المفهومي للزوجة الصالحة وهذا التحديد يفرض على الزوج الصالح صيانة حقوق زوجته الصالحة عمليا
فالزوجان الصالحان لايمكن لها تحقيق الحياة الطيبة ما لم يُراعِ أحدهما حقوق الأخر ويلتزم كل منهما بواجباته تجاه الآخر.
طبقا لقانون(الأخذ والعطاء المتبادل)
فمن أهم حقوق الزوجة الصالحة المطلوب من زوجها الإلتزام بها تجاهها فعليا.
هي /أولاً/ ( وجوب النفقة عليها)/وهوواجب شرعي وأخلاقي حدده المشرع الأسلامي الحكيم فالزوجة الصالحة تستحق من زوجها المسكن والملبس والطعام وكل مستلزمات الحياة الطيبة
حتى وإن كانت المرأة ثرية فنفقتها واجبة شرعا لاتسقط عنها إلاّ بنشوزها أي بعدم طاعة زوجها وخرق حقوقه الخاصة به
وهذا الحق الرئيسي للزوجة يفتح باب التعايش الصالح بينهما فالزوجة متى ما شعرت بإهتمام زوجها بها فقطعا ومفروضا عليها معاشرته بالصورة الصالحة
ففي الحديث النبوي الصحيح
قال رسول الله /ص/(( عيال الرجل إسراؤه وأحب العباد إلى الله تعالى أحسنهم صنيعا إلى إسرائه))/ الوافي في شرح الكافي/ج12/ص117.
/ثانيا/(حسن المعاشرة مع الزوجة)/ فالزوجة الصالحة لباس الزوج الصالح وواجهته كما عبّر تعالى عن ذلك ((هُنّ لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهُن))
ياله من تعبير رائع ومميز
فالمرأة الصالحة بحق هي بمثابة لباس ساتر لعفة وشرف الزوج ظاهريا وباطنيا وكذا الزوج الصالح هو لباس ترتديه الزوجة الصالحة من خلاله تستر شرفها وعفتها وجمالها به
فالمطلوب من الزوج الأعتناء بزوجته كما يعتني بلباسه المادي أمام الناس والغير
وعليه أن يُراعي عاطفة زوجته ورهافة حسها فلا يؤذيها بالكلمات النابيات
ولايضربها فهذه سلوكيات تبغضها المرأة من زوجها
فالزوجة ريحانة لاخادمة فتستعبد من قبل الزوج لا
الزوجة هي نظيرة الزوج في إنسانيتها وعقلها وخلقها فلاضررولاضرار من الطرفين معا
فمثل ما لاتحب أيها الزوج من التعامل معك بالغلظة والجفاء من الغير فكذا لاتحب لنفسك أن تكون غليظا في قولك وفعلك مع زوجتك وهي لباسك الجميل
فالمجنون هو من يُمزق ثيابه بيديه عبثا أما العاقل فهو من يعرف كيف يُحافظ على نقاء وطهارة وجمالية لباسه .
ولاأجمل واطهر وانقى من زوجة صالحة توفق لها.
/ثالثا/(العناية بفكر وسلوك الزوجة )/
((ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ))//6/التحريم.
فهذه الآية الشريفة تطرح مسؤولية تتعلق بوظائف الزوج وهي صيانة النفس والزوجة وألأبناء من الإنحراف عن جادة الشريعة والعقيدة والتي توجب في نهاية المطاف الدخول إلى النار يقينا
ونحن اليوم نعيش عالم الإنفتاح الثقافي والعولمة للبشرية كافة وماتفرضة الحضارات المادية غالبا من ظواهر سيئة يجب مواجهتها سلوكيا وتقوائيا
فالزوج هنا مطالب بحماية زوجته من الغزو الفكري والثقافي وذلك يتم بتحصين الزوجة بالفكر الحق وبالثقافة المشرعنة والإبتعاد عن الظواهر السلبية التي لاتتفق وقيم الأسلام والأخلاق.
/مرتضى علي الحلي/ النجف الأشرف/
تعليق