مناجاة الله عز وجل لموسى بن عمران (عليه السلام)
يا موسى لا تطل في الدنيا أملك فيقسو قلبك وقاسي القلب مني بعيد أمت قلبك بالخشية وكن خلق الثياب جديد القلب تخفى على أهل الأرض وتعرف بين أهل السماء وصح إلي من كثرة الذنوب صياح الهارب من عدوه واستعن بي على ذلك فإني نعم المستعان يا موسى إني أنا فوق العباد والعباد دوني وكل لي داخرون فاتهم نفسك على نفسك ولا تأتمن ولدك على دينك إلا أن يكون ولدك مثلك يحب الصالحين يا موسى اغسل واغتسل واقترب من عبادي الصالحين يا موسى كن إمامهم في صلاتهم وفيما يتشاجرون واحكم بينهم بالحق بما أنزلت عليك فقد أنزلته حكما بينا وبرهانا نيرا ونورا ينطق بما في الأولين وبما هو كائن في الآخرين يا موسى أوصيك وصية الشفيق المشفق بابن البتول عيسى ابن مريم صاحب الأتان والبرنس والزيت والزيتون والمحراب ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر الطيب الطاهر المطهر فمثله في كتابك أنه مؤمن مهيمن على الكتب وأنه راكع ساجد راغب راهب إخوانه المساكين وأنصاره قوم آخرون وسيكون في زمانه أزل وزلازل وقتل اسمه أحمد ومحمد الأمين من الباقين الأولين يؤمن بالكتب كلها ويصدق جميع المرسلين أمته مرحومة مباركة لهم ساعات موقتات يؤذنون فيها بالصلوات فبه صدق فإنه أخوك يا موسى إنه أميني وهو عبد صدق مبارك له فيما وضع يده نبارك عليه كذلك كان في علمي وكذلك خلقته به أفتح الساعة وبأمته أختم مفاتيح الدنيا فمر ظلمة بني إسرائيل أن لا يدرسوا اسمه ولا يخذلوه وإنهم لفاعلون وحبه لي حسنة وأنا معه وأنا من حزبه وهو من حزبي وحزبي هم الغالبون يا موسى أنت عبدي وأنا إلهك لا تستذل الحقير الفقير ولا تغبط الغني وكن عند ذكري خاشعا وعند تلاوته برحمتي طامعا فأسمعني لذاذة التوراة بصوت خاشع حزين اطمئن عند ذكري واعبدني ولا تشرك بي إني أنا السيد الكبير إني خلقتك من نطفة من ماء مهين من طينة أخرجتها من أرض ذليلة ممشوجة فكانت بشرا فأنا صانعها خلقا فتبارك وجهي وتقدس صنعي ليس كمثلي شيء وأنا الحي الدائم لا أزول يا موسى كن إذا دعوتني خائفا مشفقا وجلا وناجني حين تناجيني بخشية من قلب وجل وأحي بتوراتي أيام الحياة وعلم الجاهلين محامدي وذكرهم آلائي ونعمي وقل لهم لا يتمادون في غي ما هم فيه فإن أخذي لهم شديد يا موسى إن انقطع حبلك مني لم يتصل بحبل غيري فاعبدني وقم بين يدي مقام العبد الحقير ذم نفسك وهي أولى بالذم ولا تتطاول على بني إسرائيل بكتابي فكفى بهذا واعظا لقلبك منيرا وهو كلام رب العالمين جل وتعالى يا موسى متى ما دعوتني وجدتني فإني سأغفر لك على ما كان منك السماء تسبح لي وجلا والملائكة من مخافتي مشفقون والأرض تسبح لي طمعا وكل الخلق يسبحون لي داخرين ثم عليك بالصلاة فإنها مني بمكان ولها عندي عهد وثيق وألحق بها ما هو منها ذكاة القربان من طيب المال والطعام فإني لا أقبل إلا الطيب يراد به وجهي اقرن مع ذلك صلة الأرحام فإني أنا الرحمن الرحيم والرحم أنا خلقتها فضلا من رحمتي ليتعاطف بها العباد ولها عندي سلطان في معاد الآخرة وأنا قاطع من قطعها وواصل من وصلها وكذلك أفعل بمن ضيع أمري يا موسى أكرم السائل إذا أتاك برد جميل أو إعطاء يسير فإنه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ملائكة الرحمن يبلونك كيف أنت صانع فيما أوليتك وكيف مواساتك فيما خولتك فاخشع لي بالتضرع واهتف بولولة الكتاب واعلم أني أدعوك دعاء السيد مملوكه لتبلغ به شرف المنازل وذلك من فضلي عليك وعلى آبائك الأولين يا موسى لا تنسني على كل حال ولا تفرح بكثرة المال فإن نسياني يقسي القلوب ومع كثرة المال كثرة الذنوب الأرض مطيعة والسماء مطيعة والبحار مطيعة فمن عصاني شقي فأنا الرحمن الرحيم رحمان كل زمان آتي بالشدة بعد الرخاء وبالرخاء بعد الشدة وبالملوك بعد الملوك وملكي دائم قائم لا يزول ولا يخفى علي شيء في الأرض ولا في السماء وكيف يخفى علي ما مني مبتدؤه وكيف لا يكون همك فيما عندي وإلي ترجع لا محالة يا موسى اجعلني حرزك وضع عندي كنزك من الصالحات وخفني ولا تخف غيري إلي المصير يا موسى عجل التوبة وأخر الذنب وتأن في المكث بين يدي في الصلاة ولا ترج غيري اتخذني جنة للشدائد وحصنا لملمات الأمور يا موسى نافس في الخير أهله فإن الخير كاسمه ودع الشر لكل مفتون يا موسى اجعل لسانك من وراء قلبك تسلم وأكثر ذكري بالليل والنهار تغنم ولا تتبع الخطايا فتندم فإن الخطايا موعدها النار يا موسى أطب الكلام لأهل الترك للذنوب وكن لهم جليسا واتخذهم لغيبك إخوانا وجد معهم يجدون معك يا موسى ما أريد به وجهي فكثير قليله وما أريد به غيري فقليل كثيره وإن أصلح أيامك الذي أمامك فانظر أي يوم هو فأعد له الجواب فإنك موقوف ومسئول وخذ موعظتك من الدهر وأهله فإن الدهر طويله قصير وقصيره طويل وكل شيء فان فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لكي يكون أطمع لك في الآخرة لا محالة فإن ما بقي من الدنيا كما ولى منها وكل عامل يعمل على بصيرة ومثال فكن مرتادا لنفسك يا ابن عمران لعلك تفوز غدا يوم السؤال وهنالك يخسر المبطلون يا موسى طب نفسا عن الدنيا وانطو عنها فإنها ليست لك ولست لها ما لك ولدار الظالمين إلا لعامل فيها بالخير فإنها له نعم الدار يا موسى الدنيا وأهلها فتن بعضها لبعض فكل مزين له ما هو فيه والمؤمن زينت له الآخرة فهو ينظر إليها ما يفتر قد حالت شهوتها بينه وبين لذة العيش فأدلجته بالأسحار كفعل الراكب السابق إلى غايته يظل كئيبا ويمسي حزينا فطوبى له أما لو قد كشف الغطاء ما ذا يعاين من السرور يا موسى إذا رأيت الغنى مقبلا فقل ذنب عجلت عقوبته وإذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين ولا تكن جبارا ظلوما ولا تكن للظالمين قرينا يا موسى ما عمر وإن طال يذم آخره وما ضرك ما زوي عنك إذا حمدت مغبته يا موسى صرح الكتاب صراحا بما أنت إليه صائر فكيف ترقد على هذا العيون أم كيف يجد قوم لذة العيش لو لا التمادي في الغفلة والتتابع في الشهوات ومن دون هذا جزع الصديقون يا موسى مر عبادي يدعوني على ما كانوا بعد أن يقروا بي أني أرحم الراحمين أجيب المضطرين وأكشف السوء وأبدل الزمان وآتي بالرخاء وأشكر اليسير وأثيب بالكثير وأغني الفقير وأنا الدائم العزيز القدير فمن لجأ إليك وانضوى إليك من الخاطئين فقل أهلا وسهلا بأرحب الفناء نزلت بفناء رب العالمين واستغفر لهم وكن لهم كأحدهم ولا تستطل عليهم بما أنا أعطيتك فضله وقل لهم فيسألوني من فضلي ورحمتي فإنه لا يملكها أحد غيري وأنا ذو الفضل العظيم كهف الخاطئين وجليس المضطرين ومستغفر للمذنبين إنك مني بالمكان الرضي فادعني بالقلب النقي واللسان الصادق وكن كما أمرتك أطع أمري ولا تستطل على عبادي بما ليس منك مبتدؤه وتقرب إلي فإني منك قريب فإني لم أسألك ما يؤذيك ثقله ولا حمله إنما سألتك أن تدعوني فأجيبك وأن تسألني فأعطيك وأن تتقرب بما مني أخذت تأويله وعلي تمام تنزيله يا موسى انظر إلى الأرض فإنها عن قريب قبرك وارفع عينيك إلى السماء فإن فوقك فيها ملكا عظيما وابك على نفسك ما كنت في الدنيا وتخوف العطب والمهالك ولا تغرنك زينة الدنيا وزهرتها ولا ترض بالظلم ولا تكن ظالما فإني للظالم بمرصد حتى أديل منه المظلوم يا موسى إن الحسنة عشرة أضعاف ومن السيئة الواحدة الهلاك ولا تشرك بي لا يحل لك أن تشرك بي قارب وسدد ادع دعاء الراغب فيما عندي النادم على ما قدمت يداه فإن سواد الليل يمحوه النهار كذلك السيئة تمحوها الحسنة وعشوة الليل تأتي على ضوء النهار فكذلك السيئة تأتي على الحسنة فتسودها.
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
مناجاةالله عز وجل لموسى بن عمران {عليه السلام}
تقليص